أبعاد السطور

الحق هو «اللي يمشي»!

تصغير
تكبير

هناك مشاهد وحوارات في بعض الأفلام تلتصق في ذاكرتنا لزمن طويل، لأنها لامست في قلوبنا ونفوسنا وأمزجتنا ما توافق معنا فكرياً أو روحياً أو مع تلك المبادئ التي نؤمن بها.
ومن تلك المشاهد والحوارات التي لصقت في ذاكرتي ما جاء في الفيلم المصري (الفرن) للمؤلف أحمد عبدالسلام، الذي تم عرضه في 23 يناير 1984، وهو من إخراج إبراهيم عفيفي، ومن بطولة عادل أدهم، ويونس شلبي، رحمهما الله. ويُصنف الفيلم بالدراما، وعلى الرغم من مرور 39 عاماً على عرض فيلم الفرن إلا أن ذلك المشهد الساخر المؤلم لايزال حاضراً بقوة في ذاكرة «السوشيال ميديا» العربية ويتعاطاه الناس بشكل لافت.

والمشهد هو الدخول المفاجئ لـ(عوض) الشخص الغلبان الذي يقوم بتأدية دوره الفنان يونس شلبي، على المُعلّم المتسلّط (داغر)، الذي يقوم بتأدية دوره الفنان عادل أدهم، في إحدى الليالي وهو مع مجموعة من ندمائه في جلسة تحشيش خاصة، فيطلب عوض من داغر أن يقوم بتصفية الحساب بينهما ويعطيه حقه من فرن أبيه الذي استولى عليه داغر، وعلى إنتاجه وأرباحه لسنوات طويلة. فيتعجب المعلّم داغر، من جرأة عوض الغلبان ومن طلبه الذي فاجأه به!، فيسأل داغر، عوض، عن سبب جرأته ومطالبته تلك؟! فيرد عوض بأنه صاحب حق وأن داغر هو صاحب الزور. فيقول متسائلاً المعلّم داغر لعوض الغلبان: «طيّب، الزور اللي يمشي ولا الحق اللي يمشي»؟! فيجيب عوض: «الحق هو اللي يمشي يا معلّم لأن صوته عالي».
فيتجه داغر لتوجيه السؤال ذاته لجلسائه في تلك اللحظة: «الزور هو اللي يمشي ولاّ الحق اللي يمشي»؟ فيجيب الجُلساء بأن «الحق هو اللي يمشي». فيصيح عوض وهو مسرور قائلاً: «الله أكبر، ظهر الحق، سمعت يا معلّم يا كبير»؟! فيتساءل المعلّم داغر: «سمعت إيه ياد»؟! فيقول الغلبان عوض: «اللي قالوه رجالتك».
فيسأله داغر: «قالوا إيه ياد»؟! فيرد عوض: «الحق اللي يمشي». فيقول المعلّم عوض بكل عنجهية وتهكم وطغيان لعوض: «طَبَ ما تمشي ياد»!
فيدخل داغر وندمائه في حالة ضحك شديدة وعوض واقف بينهم وهم جالسون وهو مُصاب بالخيبة والذهول. فيهدد عوض قبل أن يغادر المكان المعلّم داغر بأنه لن ينسى أو يتنازل عن حقه وحق أبيه وجده في الفرن مهما طال الزمن، وأن الحق فعلاً هو الذي لا بد أن يمشي ويغادر مثل تلك الأماكن التي يضيع فيها الحق ويجتمع فيها أهل الباطل.
هذا المشهد الرائع يذكّرني بالكيان الصهيوني إسرائيل واستيلائها على الحق الفلسطيني منذ سنوات طويلة، وكيف أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقف متفرجة لا تفعل شيئاً ضد إسرائيل، على الرغم من أن هناك مئات القرارات الدولية القديمة والحديثة التي تُدين إسرائيل بشدة! لكن دون أن تتخذ الأمم المتحدة أي خطوة حقيقية ضد إسرائيل لصالح أهل فلسطين المحتلة، وكأن إسرائيل تقول لكل مواطن فلسطيني: «امشي ياد». وذلك لأن «الحق هو اللي يمشي». في جلسات الأمم المتحدة!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي