طلب مشركو مكة، من بني هاشم، تسليمهم النبي، عليه الصلاة والسلام، ليتخلّصوا منه ومن دعوته، إلا أن عمه أبا طالب، رفض ذلك.
فاتخذت قريش قراراً بمقاطعة بني هاشم، فلا يبايعونهم أو يشترون منهم، وأن يمنعوا التجار من الوصول إليهم.
ولما خاف أبو طالب، على الرسول، عليه الصلاة والسلام، جمعه وأهله في شِعْب له، وانحازت لهم بنو هاشم وبنو عبدالمطلب مُؤمنهم وكافرهم.
كتب المشركون بنود المقاطعة على صحيفة وعلّقوها داخل الكعبة، ليضفوا القداسة على جريمتهم!
استمر الحصار لمدة 3 سنوات اشتد فيه الوضع على المحاصرين حتى أكلوا ورق الشجر، وكان يُسمع صراخ الأطفال والنساء من الجوع.
تحرّكت الحميّة عند هشام بن عمرو، وهو أحد سادات قريش، فقال: كيف نأكل ونشرب وهؤلاء لا يأكلون ولا يشربون، وكيف ينام أطفالنا شباعاً وأطفالهم ينامون على الجوع؟
فتوجه إلى بعض سادات قريش، ومنهم زهير بن أبي أمية، ومطعم بن عدي وآخرون وأخبرهم بما يجول في نفسه من مشاعر، وأقنعهم بأهمية نقض الصحيفة الظالمة فوافقوه الرأي.
الأمر لم يكن سهلاً، لأنهم سيواجهون زعماء قريش، من أجل رجل خرج عن دينهم وكفر بآلهتهم.
لكن النخوة العربية حتمت عليهم اتخاذ مثل هذا الموقف، فطرحوا الموضوع أمام قريش ووجدوا اعتراضاً شديداً، لكنهم أصروا على نقض الصحيفة، ففتحوا الكعبة ولما أتوا للصحيفة وجدوا أن دودة الأرضة قد أكلتها ولم يبق منها إلّا «باسمك اللهم».
فأيقنت قريش بأنها كانت ظالمة في حصارها، ففك الحصار عن الرسول، عليه الصلاة والسلام، والذين معه.
اليوم، نرى الحصار الظالم الذي يعانيه إخواننا في غزة، مُنع عنهم الطعام والشراب والدواء والوقود، حُوصرت المستشفيات، ومات العديد من المرضى والجرحى، جثث الشهداء في الشوارع، لا تجد من يدفنها حتى نهشتها الكلاب الضالة!
إن كان العدو الصهيوني لا يرحم، فأين النخوة العربية والأُخوة الإسلامية؟
لقد أدخل الله تعالى امرأةً النار بسبب قطة حبستها لم تُطعمها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض، فكيف بمن يشارك أو يصمت عن حصار الملايين من إخواننا في غزة؟
إنّ الجزاء من جنس العمل، فمن نصر مسلمي غزة سينصره الله، ومن خذلهم أو تخلّى عنهم، فقد كتب على نفسه الخُذلان.
Twitter:@abdulaziz2002