رسالة من تحت أنقاض غزة

تصغير
تكبير

على العهدِ نبقى.. وهذا قسمْ
لنجعلَ وجهَ السما يبتسمْ

أتينا لنمسحَ دمعَ الحياةِ
وننسجَ رايةَ خيرِ الأممْ
نذيبُ الجليدَ عنِ البَسَماتِ
ونسقي الكرامَةَ ماءً شَبِمْ
ونرفضُ شربَ مياهِ الهوانِ
وللمكرماتِ نقولُ نَعمْ
وإنَّ الشريفَ طليقٌ وحرٌّ
فإن كان عبدًا فهمٌّ وغمّْ
ومن كان عبدًا فذيلٌ ذليلٌ
ومن كان حرًّا فرأسُ الهرمْ
وجُرحُ الكرامةِ وهمُ السرابِ
وجُرحُ المهانةِ لا يلتئمْ
وما من أذى من عدوٍّ ولكن
خنوعَ الشقيقِ صحارى ألمْ
وبين الذئاب يرى إخوةً
فما كان كيفاً ولا كان كمّْ
فلا نخوةٌ من ذليلٍ مُهانٍ
وما ذاقَ مجدًا ولا عزَّ شمّْ
سيهتزُّ يومًا لأشلاءِ طفلٍ
بريءٍ إذا اهتزَّ يوماً صنمْ
فإن الجبانَ يعادي الجريءَ
وإن البخيلَ يسُبُّ الكرمْ
لئامٌ نيامٌ سهامٌ علينا
فتعساً وسُحقاً وتباً لكمْ
هوانٌ وخوفٌ وضعفٌ.. فهمنا
فما سرُّ كيدِكُمو لابنِ عمّ
فذاكَ لأعمى يُسمِّي النجومَ
وهذا يغنِّي لحشدٍ أصمّْ
وأبكمُ صارَ خطيباً بليغاً
وأثنى عليهِ ثُغاءُ الغنمْ
وإخوةُ يوسفَ لما ذُبِحنا
تشمَّتَ بعضٌ وبعضٌ شتمْ
وقدّوا القميصَ بكيدٍ ومكرِ
وسالَ الرياءُ كسيلِ العَرِمْ
ونِسوةُ كنا نظنُّ رجالاً
شحذنَ السكاكينَ عطشى لدمّْ
وداروا كإعصارِ يرمي شظايا
لسحقِ السجايا وطعنِ الذممْ
ودوّوا كرعدٍ وهاجوا كموجٍ
وثاروا براكينَ ترمي حممْ
وصاروا عواصفَ تهذي هراءً
شياطينَ تنفُثُ مرًّا وسمّْ
وفوَّضَ يعقوبُ للربِّ أمراً
فحققَ ما كان قبلاً حُلُمْ
وعادَ برَوْح المعزِّ المذلِّ
بصيراً وشملُ الشتاتِ التأمْ
ويوسفُ عادَ عزيزاً كريماً
من البئرِ والحبسِ أعلى أشمّْ
بقلبٍ نقيٍّ وطبعٍ سخِيٍّ
وخُلقٍ علا شهوةَ المنتقمْ
وقنَّنَ أن الصِّعابَ تلاشى
بعزمٍ وحزمٍ ونبلِ القِيمْ
وللحقِّ نصرٌ ولليلِ بدرٌ
إذا السيفُ كان رفيقَ القلمْ
وإنَّ الشدائدَ تولدُ فجراً
وتنضجُ عصراً وتُمسي عدمْ
وداءُ المصاعبِ يُشفى يقيناً
بصبرِ النفوسِ وعزمِ الهممْ
فأيوبُ بالصبرِ نال العطايا
وجادتْ عليهِ رياحُ النِّعمْ
ويونسُ نادى.. أجيبَ النداءُ
ولا يخذلُ اللهُ عبدًا ظُلِمْ
سُنونٌ عِجافٌ مضتْ مظلماتٍ
وطعمُ السنابلِ طعمُ السقمْ
فما اهتزَّ عرشُ الرجالِ الكرامِ
وصرحُ العزيمةِ لم ينهدمْ
وإنَّ الجبالَ تسامتْ شُموخاً
وما انهدَّ سفْحٌ إذا التلُّ ذمّْ
بلوغُ صِغارِ النفوسِ المعالي
مُحالٌ ولن يدركوها ولمْ
ونعجبُ كيفَ النهارُ يعاني
وكيفَ تطالُ الضياءَ التُّهَمْ
عمادُ الدسائسِ هشُّ البناءِ
ويهوى كذاتِ العمادِ إرَمْ
وإنّا على الربِّ نمضي كباراً
فلا العربَ نرجو ولا للعجمْ
وماذا تَرجّى من الخانعينَ
ومن شدَّ ظهراً بضبعٍ ندِمْ
ولا ثورَ أبيضَ فينا وإنَّا
حمينا الحظيرةَ من مُلتهمْ
سنمضي ولا سدَّ يثني خطانا
كسيلٍ سيجرفُ تلك الرممْ
ونعرفُ أن الطريقَ طويلٌ
وشوكٌ وجوعٌ وليلُ أضَمْ
فلا الذلُّ يعرفُ باباً إلينا
ولا يجهلُ اليأسُ أنّا قممْ
ولا النهرُ يقبلُ ألاّ يسيرَ
ولا يرتضي النَّسرُ عيشَ الرَّخَمْ
وتأبى الطيورُ بألاّ تطيرَ
وتأبى الأسودُ بأن تنهزمْ
وبدرُ السماءِ وإن غابَ يوماً
يطلُّ بشوشاً يزيحُ الظُّلَمْ
وإن العنادِلَ بعد غيابٍ
تعودُ بلحنٍ شجيِّ النغمْ
وتبقى الجيادُ مدارسَ عزٍّ
تعيشُ أصائلَ منذُ القِدَمْ
وتجري السفائنُ رغمَ العُبابِ
تشقُّ طريقاً على الملتطمْ
من البحرِ للنهرِ أرضٌ تنادي
أما من رجالٍ ألا مُعتصِمْ
سئمتُ خطاباتِ قومٍ حَيارى
هوانَ المجالسِ.. ذلَّ القممْ
فلبيكِ يا أرضُ إنتِ حياةٌ
ونبضٌ وحضنٌ وحِصنٌ وأمّْ
أتينا لنفرشَ بحركِ ورداً
ونروي الصحارى بعذبِ الدِيمْ
نزيلُ تجاعيدَ هذا الزمانِ
ونحيي الشبابَ بنجمٍ هرِمْ
نُعيدُ كتابةَ عصرٍ جديدٍ
وننقشُ نوراً بصدقِ الكَلِمْ
ونزرعُ شمساً بصدرِ الليالي
ونشعلُ فجراً إذا العُتمُ عمّْ
ونسكبُ قطراً بسفْحِ السحابِ
ونغرسُ نجماً برأسِ العَلمْ
ونطلو الحياةَ بلونِ الفَراشِ
ونكسو النهارَ بنبلِ الشِّيمّْ
وننسجُ للدربِ ثوبَ حريرٍ
ونبني غداً من بحارِ الحِكمْ
ونكشفُ صدقَ وزيفَ النفوسِ
ومن كان فعلاً ومن كان فمْ
ونمحو ترابَ قناعِ الوجوهِ
نُعرّي ونظهرُ ما قد كُتِمْ
نطهرُ ما دنَّسَ الغاصبونَ
ونملأُ بالدَّمِ نهرًا ويمّْ
ونكسو فلسطينَ ثوبَ أمانٍ
ومَسرى الرسولِ سيبقى حرمْ
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي