ملاحظات أولية على بيان القمة

أود أن أشير إلى بعض الملاحظات على بعض الفقرات التي تضمنها بيان القمة العربية - الإسلامية والتي عقدت في الرياض يوم السبت الموافق 11/11.
- البيان في مجمله جيد وليس ممتازاً من حيث عبارات الصياغة العربية المتعارف عليها في مثل هذه المحافل، أي الاهتمام بالخروج ببيان توافقي أكثر منه اتخاذ مواقف حاسمة، كما أن صياغة البيان لم تأتِ على مستوى الأحداث التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزة من جرائم إبادة بشعة وخرق بكل صفاقة للقوانين الدولية والإنسانيه كافة التي أقرها المجتمع الدولي.
-جاء في البيان: مطالبة القمة المحكمة الجنائية باستكمال التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وبتكليف منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية بإنشاء وحدتي رصد قانونيتين لتوثيق هذه الجرائم.
وملاحظتي، هل باستطاعة منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية الضغط حقيقة على المحكمة باستكمال التحقيق دون موافقة إسرائيل ودول التحالف الأميركي الأوروبي الداعم لإسرائيل؟! وما هي إمكانات الضغط لإقناع أعضاء المحكمة للتحرك ذاتياً؟
كما جاء في البيان: تكليف وزراء خارجية السعودية والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين وأي دول أخرى مهتمة ببدء تحرك دولي فوري لوقف الحرب على غزة وإطلاق عملية سياسية جادة لتحقيق السلام الدائم والشامل.
ملاحظتي، هي عن أي عملية سياسية جادة يتحدث عنها البيان؟ وبأي صيغه ستكون خاصة وأن مبادرة السلام العربية قد تم وأدها منذ فترة طويلة، ذلك أن الوجدان الإسرائيلي يرفضها منذ أن طرحت كحل وسط. أما بالنسبة للفقرة الخاصة لبدء التحرك لوقف الحرب فأعتقد أن حسابات الإسرائيليين والأميركان لا تتفق مع هذا التوجه، فالهدف الإستراتيجي لهم هو استمرار الحرب إلى أن يتحقق الهدف المعلن الوصول إليه.
كما أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن ما هي الأدوات التي يمكن أن تستخدمها الدول العربية والإسلامية للضغط تجاه أميركا وإسرائيل لوقف هذه الحرب المجرمة؟ إضافة إلى أن البيان لم يشر أو يلمح إلى إمكانية تقديم دعم لوجستي غير عسكري لمساعدة أهالي غزة في الصمود في وجه المحتلين لتغيير دفة الحرب، مثلما قامت به الصين في دعمها للفيتكونغ خلال حربهم مع أميركا دون دخول الصين الحرب.
كما جاء في البيان: أن القمة العربية الإسلامية تدعو إلى كسر الحصار على غزة وفرض إدخال المساعدات الإنسانية.
سؤالنا، كيف سيتم كسر هذا الحصار؟ هل سيكون بالقوة الجبرية من قبل دول القمة وكيف ستكون هذه القوة؟ أم من خلال محاولة التحرك الديبلوماسي لإقناع الإسرائيليين والأميركان وهم حتى هذه اللحظة لم يوافقوا سوى على ساعات محددة. علماً بأن جميع مشاريع القرارات التي طرحت ومنها ما قدمته المجموعة العربية في مجلس الأمن حتى الآن فشل في تمريرها مع أن بعضها قرارات إنسانية بحتة.
كما جاء في البيان: إدانة إرهاب المستوطنين ومطالبة المجتمع الدولي بوضع جمعياتهم ومنظماتهم على قوائم الإرهاب الدولي وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والإجراءات التي تنتهك حرية العبادة.
غريب هذا التوجه في مطالبة المجتمع الدولي بإدراج إرهاب المستوطنين من خلال قوائمهم ومنظماتهم في قوائم الإرهاب الدولي، لأنه من المعلوم بأن إدراج أسماء هؤلاء المستوطنين في قوائم لجنة العقوبات الدولية يحتاج إلى إجماع كل أعضاء لجنة العقوبات المشكلة أساساً من الدول أعضاء مجلس الأمن، فكيف ستوافق دول التحالف الأميركي الأوروبي والذين هم أعضاء لجنة العقوبات، وهم من أسس لجنة العقوبات لتحقيق أهدافهم مثل ما أسسوا المحكمة الجنائية الدولية، علماً بأن أميركا وإسرائيل لم توقعا على بيان تأسيسها. بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية فإن اختصاصها الموضوعي واضح (لأن اسرائيل ارتكبت كل الجرائم المنصوص عليها في ميثاق روما) وأيضاً اختصاصها الشخصي منعقد لأن فلسطين إحدى الدول الأعضاء في ميثاق المحكمة الجنائية الدولية منذ 1-1-2015 وفعلاً هناك شكوى قدمت 3 يناير 2021 من فلسطين ضد إسرائيل، هل يمكن أن تقوم المنظمات العربية والإسلامية بأي دور، إن دورها لا يعدو أن يكون ضغطاً سياسياً كما هو الحال بالنسبة للضغط من الجانب الآخر؟
أما بالنسبة لبقية نصوص البيان فهو مجرد كلمات سبق وان تم ترديدها في السنوات الماضية في الكثير من البيانات فليس فيها شيء جديد.
أعتقد أن هذه القمة لم ولن تحقق شيئاً حقيقياً وملموساً في الأيام المقبلة، فالبيان مجرد إثبات رأي لا يسمن ولا يغني من جوع وإبراء ذمة، لن يستفيد منه المرابطون من أهل غزة المكلومين.
ختاماً، رحم الله المعتصم بالله عندما سمع شكوى امرأة مسلمة تحرّش بها يهودي أراد إهانتها.
هذا ما وددتُ إيراده بهذه العجالة.
وفقنا الله جميعاً لما فيه صالح قضايا المسلمين.