احتجاجات حالت دون زيارة السفيرة الأميركية لدار الفتوى

لبنان... عيْنه على قمة الرياض وقلْبه على «النجاة بأعجوبة» من الحرب

تظاهرة ضد الأميركيين ودعماً لغزة في محيط دار الفتوى في بيروت أمس
تظاهرة ضد الأميركيين ودعماً لغزة في محيط دار الفتوى في بيروت أمس
تصغير
تكبير

- نصرالله يكمل في إطلالته غداً تهديداته متعددة الاتجاه
- «حزب الله» يمتلك صواريخ مضادة للسفن ضمن ترسانته العسكرية!
- قيادة الجيش في لبنان... بين تمديد شائك وتعيين محفوف بـ «الأشواك»
بعد 34 يوماً على «طوفان الأقصى»، تترسّخ معادلةٌ قديمة - جديدة عن لبنان الرسمي غير القادر على التأثير في مجرياتِ الأحداث الكبرى التي يُقتاد إلى فوهتها، والذي يجلس في مَقاعد انتظارِ محطاتٍ بارزة علّها تُبْعِدُ عن «بلاد الأرز» وليمةَ نارٍ مثل التي «تلتهم» غزة وأبناءها المتروكين فريسةً لـ «موائد دم» اجتذبت قروش الإقليم و... والعالم.
فلبنان الذي بات «صندوقة بريدٍ» لتحذيراتٍ غربيةٍ تتوالى من مغبة ارتكاب «الخطأ المميت» بالانجرارِ الى الحرب في غزة عبر جبهة الجنوب، والذي تتطاير من فوق رأسه صواريخ «حزب الله» وأيضاً «كتائب القسام» و«الجهاد الإسلامي» تحت عنوانٍ جوهره لن نقف مكتوفين أمام أي محاولةٍ لـ «قطع رأس» حماس، لم يَعُد أمامَه في ظلّ قرار الحرب والسلم «الجوّال» والذي تموّه الحكومة عن وجودِه خارج سلطتها بتكرارٍ «خشبي» للالتزام بالقرار 1701، إلا ترقُّب مساراتٍ سياسيةٍ يراهن على أن توقف الحرب قبل أن تتمدّد «بقعة الدم والدمار» إلى الوطن المأزوم والمهزوم بانكساراته السياسية والمالية والاقتصادية، ولا سيما في ظل الخشية من ألّا يَصمد التقاطع الحالي بين مصلحة «حزب الله» والمصلحة اللبنانية على عدم زجّ البلاد في الأتون الغزاوي وذلك بحال اقتضتْ اعتبارات محور الممانعة تغيير قواعد «اللعب بالنار» ومسارحه.
وهكذا تترقب بيروت، 3 مواعيد في «ويك اند» حافل بالمحطات:

- القمة العربية الطارئة التي تستضيفها الرياض غداً ويمثّل لبنان فيها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وما يمكن أن يصدر عنها من خريطة طريق متكاملة على مستوى ما ترتكبه إسرائيل في غزة وسط رصْدٍ لِما إذا كانت ستنطوي على تحديد أفقٍ سياسي موحّد لحل مستدام، وبعدها القمة الإسلامية بعد غد (في الرياض) والتي ستنطبع بأول زيارة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للمملكة العربية السعودية.
- الإطلالة الثانية للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله (غداً) في غضون 8 أيام، والتي يُنتظر أن يكمل فيها من حيث انتهى في خطابه يوم الجمعة الماضي، وإبقائه على الضوابط التي تَحْكُمُ الجبهةَ الجنوبية «وجرعات التصعيد المدوْزن» منذ 8 أكتوبر، وتلويحه بالخياراتِ المفتوحة من باب إبقاء «توازن الردع» بحال اختارتْ إسرائيل التمادي في اعتداءاتها على لبنان، مع توجيهه تحذيراتٍ يُنتظر أن تتكرر للأساطيل الأميركية (دخلت عليها منذ الجمعة غواصتان نوويّتان وصلتا المتوسط والخليج) التي توعّدها «بأننا أعددنا لها العدة»، وكذلك للقواعد الأميركية التي يستمرّ ضربها في العراق وسورية.
ويجري رصْدُ هل سيتناول الأمين العام بدء واشنطن الردّ على هذه الضربات وفق ما عبّرت عنه الغارة التي نفّذتها طائرتان طراز «إف - 15» مساء الأربعاء في شرق سورية «ضدّ منشأة لتخزين أسلحة يستخدمها الحرس الثوري الإيراني وجماعات تابعة له»، معلنةً أن العملية كانت «دفاعاً عن النفس، والولايات المتحدة على أتمّ استعداد لاتّخاذ إجراءات ضرورية أخرى» لحماية عسكرييها ومنشآتها.
كذلك يُفترض أن يتطرّق نصرالله إلى معادلةِ «المدني بالمدني» التي كان أكد أنه سيتمّ «تفعيلها» بحال كسرت تل أبيب قواعد الاشتباك لجهة تحييد المدنيين وهو ما فعلتْه بعد أيام باستهدافها سيارة كانت تقلّ أماً وفتياتها الثلاث وجدّتهن، وقد سقط الأربعة الأخيرون لتبقى الوالدة المفجوعة مع إصابتها البليغة وجرح في القلب لن يندمل مدى الحياة، وقد ردّ «حزب الله» باستهداف كريات شمونة من دون أن يُعلم إذا كان هذا «الرد النهائي».
صواريخ مضادة للسفن
ولم يكن عابراً ما نقلته «رويترز» أمس، عن مصادر مُطّلعة، حول أنّ «امتلاك حزب الله لصواريخ مضادة للسفن ضمن ترسانته العسكرية، يعزّز تهديد الحزب للبحرية الأميركية»، معتبرة أنّ «الصواريخ الروسية القوية المضادة للسفن التي حصل عليها حزب الله، تمنحه الوسائل لتنفيذ التهديد الضمني الذي أطلقه نصرالله، ضد السفن الحربية الأميركية»، ومُشيرةً إلى أنّها «تسلّط الضوء أيضاً على المخاطر الجسيمة لأي حربٍ إقليمية».
ولفتت المصادر إلى أنّ «نصرالله كان يشير في حديثه إلى قدرات حزب الله الصاروخية المضادة للسفن والمعزّزة بشكل كبير»، موضحةً أنه «بما في ذلك صاروخ ياخونت الروسي الصنع، والذي يصل مداه إلى 300 كيلومتر»، ومشيرة إلى أنّه «بالطبع هناك أشياء أخرى إلى جانبه».
ونقلت عن ثلاثة مسؤولين أميركيين حاليين، ومسؤول سابق، «أنّ حزب الله بنى مجموعة مذهلة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ المضادة للسفن».
وأكد أحد المسؤولين «من الواضح أننا نولي اهتماماً كبيراً لذلك، ونأخذ القدرات التي لديهم على محمل الجد«، من دون التعليق مباشرةً على ما إذا كانت المجموعة التي يمتلكها الحزب تضمّ صواريخ»ياخونت».
التظاهر ضد شيا
في موازاة ذلك، برز أمس، إرجاء سفيرة الولايات المتحدة في لبنان دوروثي شيا زيارة كانت مقررة قبل ظهر أمس لدار الفتوى للقاء مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، قبل أن تبرز دعوات من مجموعات ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر وقطع الطرق رفضاً للزيارة.
وتُرجمت هذه الدعوات باعتصام لعدد من المواطنين أمام دار الفتوى حيث أغلقوا مدخله رافعين علم فلسطين ومنتقدين بشدة الولايات المتحدة وموقفها الداعم لإسرائيل في «حرب الإبادة» ضد غزة وشعبها.
ورفع البعض اللافتات وحرقوا العلمين الإسرائيلي والأميركي. وقال أحد المتظاهرين «نحن هنا لمنع السفيرة الأميركية ويجب ألّا تُكرَّم وتُستقبل»، وأكد آخَر «لن تدخل إلا على جثثنا».
وفيما أعلن المكتب الإعلامي لدار الفتوى أن «تأجيل زيارة سفيرة الولايات المتحدة جاء بناء على طلب من مكتب السفيرة شيا»، شدد دريان في تصريح على «ضرورة وقف الدعم الأميركي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والطلب من الإدارة الأميركية الضغط على الكيان الصهيوني بوقف عدوانه على غزة والشعب الفلسطيني وفرض وقف لإطلاق النار وإقامة هدنة إنسانية وتمرير المساعدات الإغاثية لأهالي غزة المنكوبين والعمل على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف بعد وضع حد نهائي للاحتلال الصهيوني».
وأكد «أن لبنان وشعبه متضامنان مع الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 والذي مازال يحاول تشريده وتهجيره من أرضه وقتل أطفاله ونسائه وشيوخه وإبادة شعبه دون أي رادعٍ دولي وإنساني واخلاقي».
وقال إن «التهديد والوعيد بإلقاء قنابل زلزالية أو قنبلة نووية على قطاع غزة لن يخيف الأمة العربية والإسلامية بل يزيدها إيماناً بحقها وإصراراً على رفض الاحتلال لأراضيها العربية».
وأوضح أن لا «حل لمشاكل المنطقة إلا بإنصاف الشعب الفلسطيني المظلوم والعدالة لا تتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس بمساجدها وكنائسها لتبقى فلسطين أرض السلام والعيش الواحد في المنطقة»، آملاً «أن تثمر القمة العربية والإسلامية التي ستعقد في المملكة العربية السعودية نتائج إيجابية في توحيد الموقف واتخاذ الإجراءات الدولية من خلال مجلس الأمن من هذا العدوان وضرورة المحافظة على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على أرضه».
مصير قيادة الجيش
ورغم حراجة اللحظة الإقليمية والدولية، تحوّل في بيروت ملفٌ حساس بحجم مصير قيادة الجيش بعد 10 يناير المقبل وهو تاريخ إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون على التقاعد محورَ تجاذب سياسي نافر، بعدما برزت ملامح محاولة من «التيار الوطني الحر» (يقاطع وزراؤه جلسات حكومة تصريف الأعمال منذ بدء الشغور الرئاسي في 1 نوفمبر 2022) استخدام هذا الاستحقاق لـ «حرق ورقة» رأس المؤسسة العسكرية رئاسياً، هو الذي يُطرح اسمه في الكواليس كخيارٍ ثالث، وذلك عبر قطع الطريق على أي تمديد له يُبْقي على حظوظه لدخول قصر بعبدا، متوسلاً: إما السعي لتعيين قائد جديد، وإما عرْقلة مسار تأجيل التسريح لتنتقل القيادة بالوكالة إلى العميد الركن بيار صعب على قاعدة أنه الأعلى رتبة في الجيش.
وفي حين برزت تسريبات عن أن وزير الدفاع موريس سليم (محسوب على التيار الحر) قدّم الى رئيس الحكومة لائحة بأسماء ضباط في الجيش لتعيينهم في المجلس العسكري في وزارة الدفاع الوطني بما في ذلك قائد الجيش، وهو ما نفاه سليم في بيان له، فإن الكواليسَ تضجّ بأن رئيس التيار جبران باسيل فاتَح مسؤولين بهذا الأمر وأنه أبدى حتى الاستعدادَ لعودة وزارئه للمشاركة في جلسات الحكومة، من دون الجزم إذا كان متمسكاً بشرط أن يوقّع وزراء الحكومة الـ 24 على مراسيم التعيين، وهو ما سبق لميقاتي أن وقف في وجهه بحزم.
وفيما نُقل أن رئيس البرلمان نبيه بري لا يؤيد تعيين قائد جديد للجيش قبل انتخاب رئيس، ولا سيما أن العُرف يقضي بأن تكون هناك كلمة لرئيس الجمهورية في من يتولى رأس المؤسسة العسكرية (الماروني) ولا يجوز فرض هذا الأمر مسبقاً على مَن سيُنتخب، ناهيك عن اعتباراتٍ تتصل بعدم الرغبة في تقديم «هدية» لباسيل لجهة وصول قائدٍ للتيار الحر الكلمة الأولى في اختياره، فإن ميقاتي يبدو بدوره متأنياً جداً في مثل هذا التعيين الذي أعلنت الكنيسة المارونية بشدّة رفضها له، وهو الذي سبق أن قال حين تمت المطالبة بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان قبل انتهاء ولاية رياض سلامة «لا يمكن تغيير القائد خلال المعركة»، فكيف بالحري قائد الجيش الذي تقع على عاتقة مهمات استثنائية في مرحلةٍ هي الأخطر ويتعاطى معها عون بحكمة عالية وفق ما كان رئيس الحكومة أشاد به قبل أيام.
وإذا كان تعيين قائد جديد مشوب بمعوقات جمة تجعل مساره شائكاً، فإن طريق التمديد لعون لا تقلّ «أشواكاً» في ضوء معطيات عن أن «حزب الله» يرفض حشر باسيل في هذه اللحظة، والتعقيدات الدستورية لجهة ضرورة مرور مثل هذا التمديد عبر وزير الدفاع سواء بقرار أو بمرسوم في مجلس الوزراء، في حين أن اقتراح قانون «القوات اللبنانية» بـ«تعديل سنّ التسريح الحكمي من الخدمة العائد لرتبة عماد في الجيش بحيث يصبح 61 سنة بدل 60»، أي بما يتيح التمديد لعون، يصطدم بدوره - إضافة الى التعقيدات السياسية - بتحفظ بري على اشتراط «القوات» حصر جدول أعمال الجلسة التشريعية بهذا البند، وهو ما نُقل عن رئيس البرلمان أنه يرفضه فـ «أنا لا أشرّع a la carte».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي