بعد مُرور 10 أشهر على انتهاء الموعد الذي حدّده «المركزي» نهاية 2022 لإعلان الفائزين

لماذا تأخّر ترخيص البنوك الرقمية؟

تصغير
تكبير

- 75 مليون دينار رأسمال كبير يُضعف شهية المستثمرين
- ترجيحات بوجود ضعف طلب مدفوع بعدم القدرة على حلحلة التحديات القانونية
- هل السوق المحلية لم تعد في حاجة لتأسيس بنك رقمي؟... سؤال برسم «المركزي»
- تزايد حاجة المستثمرين لتبنّي سياسة رقابية أكثر شفافية تحدّد مستقبل القطاع
- 4 بنوك رقمية مرخّصة في السعودية و5 بالإمارات و2 في البحرين

يتذكّر البعض جيداً إعلان بنك الكويت المركزي قبل نحو 20 شهراً فتح الباب لاستلام طلبات تأسيس بنوك رقمية في الكويت وفقاً لنماذج محددة بحد أقصى 30 يونيو 2022، مع تحديد موعد إعلان الجهات المؤهلة بنهاية العام الماضي.
ورغم ما صاحب هذا الإعلان من حماس استثماري ورقابي كبير للدرجة التي ترتب عليها تقدم أكثر من بنك وشركة اتصال واستثمار وخدمات بطلبات ترخيص بنوك رقمية، وتجاوز الموعد المحدد رقابياً لإعلان الشركات الفائزة بالترخيص بأكثر من 10 أشهر، إلا أن أياً من المتقدمين لم يحصل على الترخيص ولم يطلب إعادة التقدم مجدداً، فما الذي يعطل «المركزي» عن إصدار تراخيص البنوك الرقمية عن الموعد الذي حدده كل هذه الفترة؟

وعيّن «المركزي» المستشار العالمي شركة «ماكينزي أند كومباني» لوضع الأطر الفنية والتشغيلية اللازمة لتأسيس بنوك رقمية في الكويت، بما يؤدي لفتح المجال أمام شركات جديدة لتقديم الخدمات المالية، استقامة مع أهداف برنامج تطوير القطاع المالي، إلا أن ذلك على ما يبدو ليس كافياً بالنسبة لـ«المركزي» لتجاوز التحديات القانونية والاستثمارية التي تعرقل قدرته على إصدار أول ترخيص لبنك رقمي.
وما يستحق الإشارة هنا أن بنكي «وياي» و«تم» التابعين لبنكي الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي لا يحتاجان لترخيص بنك رقمي مثلما هو مقرر رقابياً للبنوك المستقلة والبنك القائم على تقديم الخدمة عن طريق طرف ثالث، حيث تم إطلاق «وياي» و«تم» وفقاً لنموذج الوحدات الرقمية المستقلة ضمن «الوطني» و«بيتك».
وعملياً هناك أكثر من رواية تحليلية تفسر سبب تأخر خطط «المركزي» لإطلاق البنوك الرقمية، يتقاطع جميعها على استفهام أكبر يتعلق بأسباب عدم تجاوز «المركزي» التحديات التي تقلل شهية المستثمرين حتى الآن.
وما يغذي الحيرة أكثر نجاح التجربة في أكثر من سوق خليجية وبمعايير واضحة، والشاهد ترخيص 4 بنوك رقمية في السعودية و5 بالإمارات و2 في البحرين.
ولعل أم التحديات التي تضعف شهية المستثمرين من وجهة نظر استثمارية تتعلق بالإطار التنظيمي، الذي يلزم بتأسيس البنك الرقمي كشركة مساهمة لا يقل رأسمالها عن 75 مليون دينار، أخذاً بالاعتبار أن الشركة المساهمة تحمل عبئاً في أن طرح أسهمها يكون عبر اكتتاب عام بحصة لا تقل عن 50 في المئة للمواطنين.
وبوجهة نظر استثمارية لا يتعين أن يكون الاكتتاب مبكراً بل يتعين تأجيل الخطوة إلى مرحلة بلوغ الربحية أو التعادل التي تستغرق وفقاً للتجربة العالمية بين 3 إلى 4 سنوات، مع مراعاة للمخاطر التشغيلية والحاجة لزيادة الصرف على الجوانب التقنية والأمن السيبراني.
ولذلك يمكن القول إنه وفقاً للاشتراطات المحددة قانونياً واستثمارياً لإطلاق بنك رقمي يرجح ميلان الرافعة الاستثمارية لصالح زيادة تكلفة الأعمال على الربحية أقله أول 4 سنوات، ورغم معالجة هذا التحدي خليجياً إلا أن أزمة رأس المال الكبير والاكتتاب العام المبكر لا تزال تطل برأسها محلياً.
وأشارت مصادر إلى أنه منذ البداية هناك تفاهم رقابي استثماري على أهمية إعادة النظر في اللوائح المحددة التي تنظم عمل البنوك الرقمية، إلا أن ذلك لم تقابله تحركات رقابية تكفي لتجاوز هذه التحديات حتى الآن، لافتة إلى أن استمرار تأخر منح التراخيص لبنوك رقمية، يضعف التوجهات نحو استكمال إجراءات النضوج المالي، وفتح المجال أمام شركات جديدة تقدم الخدمات المالية رقمياً، سواء للمواطنين أو للشركات.
وبينت المصادر أن هناك فارقاً كبيراً بين البنوك التقليدية والرقمية، فالأولى تَعتمد بشكلٍ أساسي في تقديمها لخدماتها إلى عملائها على الفروع أو كما يسميها البعض البنوك الأرضية، وهي تعتمد بشكل أكبر في تقديم خدماتها المصرفية لعملائها على الأقل منذ بدايات نشأتها على مستوى العالم على شبكة الفروع، وبالذات بنوك التجزئة.
أما الرقمية فهي البنوك التقنية المرتبطة بالمنصات الإلكترونية والتطبيقات الذكية، أو بشكل أوضح وأدق على الشبكة العنكبوتية بما في ذلك التواصل مع عملائها، ومن ثم لا يفترض إلزام مستثمريها بالشروط نفسها الحاكمة لأعمال البنوك التقليدية، خصوصاً ما يتعلق بحجم رأس المال.
ولعل ما يزيد المفارقة أنه لا يوجد إفصاح رسمي يفسر تأخر إطلاق بنك رقمي محلي، رغم أن تفاصيل الملف في هذه الحال مشتركة مع أطراف أخرى تحتاج تحديث معلوماتها باستمرار وليس ذاتياً مثل قرارات تحديد اتجاهات الفائدة.
فالأهم لدى المستثمرين والسوق الحفاظ على الاستقامة مع الحوكمة وتعزيز التوقعات العالية استثمارياً التي طرحها الناظم الرقابي بداية طرح الفكرة ونجاحها، ومن ثم ولتفادي أي غموض ينفر المستثمرين من تأسيس بنك رقمي يتعين أن تكون هناك شفافية رقابية أكثر بتقديم تفسيرات رسمية لهذا التأخير وما إذا كان ذلك يرجع لضعف الطلبات المقدمة أو عدم القدرة رقابياً على حلحلة التحديات القانونية والإجرائية، أو ما إذا كانت السوق المحلية لم تعد في حاجة لتأسيس بنك رقمي؟
وما يؤكد أهمية زيادة جرعة الشفافية في هذه المرحلة عدم وجود أي إشارات طريق تشير إلى مستقبل هذا الاستثمار رغم مرور أكثر من 10 أشهر على الموعد المحدد للإطلاق، مع الإشارة إلى حجم الزخم الاستثماري الكبير الذي صاحب إعلان «المركزي» لتأسيس بنك رقمي.
ومن ثم هناك حاجة إستراتيجية لتبني سياسة أكثر شفافية في تحديد مستقبل البنوك الرقمية، حتى لو شمل ذلك الإفصاح عن وجود تحديات والحاجة لتمديد موعد الترخيص لفترة لاحقة لاستكمال المعالجات المطلوبة حيث سيعكس ذلك وجود إصرار رقابي لإنجاح المشروع.
5.796 تريليون دولار سوق الخدمات المصرفية الرقمية العالمية بحلول 2027
يتوقع تقرير لشركة «تشالنجر إنسايدر»، أن يبلغ حجم سوق الخدمات المصرفية الرقمية العالمية 5.796 تريليون دولار بحلول 2027، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8.9 في المئة خلال الفترة المتوقعة، فيما يوجد حالياً أكثر من 400 بنك رقمي في جميع أنحاء العالم.
ولفت التقرير إلى أن معظم إن لم يكن جميع المؤسسات المالية وغير المالية، بما في ذلك الحكومية، وبالذات الخدمية تتجه بقوة إلى استخدام التقنيات الحديثة في الاتصالات اللاسلكية لتقديم خدماتها لعملائها والمتعاملين معها، في ظل انتشار الشبكات الرقمية المتاحة على نطاق واسع وبأسعار زهيدة.
وهناك توافق عالمي على أن التوسع في البنوك الرقمية سيحقق إيجابيات عدة، أبرزها توفير الجهد والوقت على العميل، ويعول على أن يخفض التعامل مع البنوك الرقمية بفاعلية من التكاليف التشغيلية بسبب توظيف وتسخير التقنية وعدم الاعتماد على شبكة الفروع كالبنوك التقليدية، الأمر الذي سينعكس بدوره على العميل انخفاضاً في أسعار الخدمات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي