استشهاد 22 إعلامياً منذ 7 أكتوبر

حرب غزة... مئات الصحافيين الفلسطينيين يجازفون بحياتهم في ظروف مروّعة

الدحدوح يحمل جثمان ابنه في المستشفى أمس
الدحدوح يحمل جثمان ابنه في المستشفى أمس
تصغير
تكبير
بعدما اضطروا للفرار من الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة، يقوم مئات الصحافيين الفلسطينيين بتغطية الحرب مجازفين بحياتهم في ظروف مروعة.
نصبت خيم في باحة مستشفى لتشكل قاعة التحرير نهاراً ومأوى ليلاً.
يعمل بعضهم لوسائل إعلام محلية وآخرون لدى الصحافة الدولية لكنهم يعيشون المعاناة نفسها لاداء عملهم منذ بداية الحرب بين إسرائيل و«حماس».

بحسب نقابتهم فإن 22 صحافياً قتلوا في قطاع غزة منذ بدء الحرب بعد الهجوم الدامي غير المسبوق الذي شنته «حماس» على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر.
عند بدء الحرب كانت وسائل الإعلام الموجودة في الأراضي الفلسطينية تعمل من مكاتبها في مدينة غزة. وأجبرهم القصف الإسرائيلي الكثيف الذي دمر عدة أبراج، إلى المغادرة مع فرقهم إلى الجنوب رغم أن الضربات الإسرائيلية لا توافر أي منطقة.
واستقر مئات منهم بينهم فريق «فرانس برس» في مدينة خان يونس في خيم نصبت في باحة مستشفى ناصر.
حين لا يكون لديهم تقارير لإعدادها، تستخدم الخيم «كقاعة تحرير» وينامون فيها ليلاً إذا كان صوت القنابل يوفر لهم فترة هدوء ليغمضوا عيونهم.
- «لا أشرب إلا حد قليل»
تعج باحة المستشفى باستمرار بنساء ورجال يرتدون سترات واقية من الرصاص كتب عليها «صحافة» بالانكليزية، ويضعون خوذات على رؤوسهم فيما تتكرر عمليات القصف بالقرب من المستشفى وتكون دامية في معظم الأحيان.
واذا كانوا تمكنوا بفضل مولدات الكهرباء في المستشفى من شحن الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والكاميرات وغيرها من المعدات، فإن ظروف النظافة الشخصية صعبة.
وغالباً ما تُقطع المياه الجارية وبسبب عدم وجود قاعات استحمام، يغتسل كثيرون في المراحيض.
وفي الخيم، ينام البعض على فرش أو على الأرض، ويغطون أنفسهم بسترة أو كنزات. وللحصول على بعض الخصوصية، ينام آخرون خصوصا النساء في سياراتهم المتوقفة في باحة المستشفى.
وقالت وسام ياسين، مراسلة قناة «الحرة» الأميركية الناطقة باللغة العربية لـ «فرانس برس»، «أكثر من أسبوعين ونحن نعمل في مستشفى ناصر، ننام في السيارة، لا أشرب إلا حد قليل جداً حتى لا اضطر للذهاب للحمام».
تضيف «نتعرض لقصف حولنا في كل مكان، أكثر من مرة نغادر كاميراتنا ولا نستطيع ان نطلع في رسائلنا».
وتوضح «لقد غطيت جميع الحروب والتصعيدات الإسرائيلية في غزة، لم يمر عليّ أصعب من هذا الظروف، غادرت بيتي السابعة صباح السبت 7 أكتوبر ولم أعد إليه حتى الآن».
تتابع «أتردد أحياناً بالرد على اتصالات ابنتي الصغيرة بانا البالغة من العمر تسع سنوات، لأنني لا أحتمل بكاءها وأشعر بالعجز لتهدئتها».
- «مواصلة عملي»
هدى حجازي (25 عاماً) تحمل الجنسية الإسبانية هي وعائلتها وتعمل مراسلة للتلفزيون الإسباني منذ عام 2018، قضت حياتها في إسبانيا قبل أن تعود مع عائلتها إلى غزة قبل خمسة أعوام.
تعمل من داخل مستشفى ناصر بينما بقيت عائلتها في غزة لعدم توافر منزل يلجؤون إليه.
تقول هدى «هذه أول حرب أغطيها بهذا الحجم، الوضع مأسوي لم أرَ عائلتي منذ أسبوعين»، مضيفة «حين طلبت إسرائيل التوجه إلى الجنوب، قررت أن أبقى مع عائلتي لأنهم أهم من العمل. بعد يومين اطمأننت عليهم وجئت هنا، لكنني أفكر بهم طيلة الوقت وهذا يزيد الضغط عليّ».
توضح أن «الوضع صعب في المستشفى. أنام في السيارة والجو حار بالكاد أتدبر الاستحمام كل يومين أو ثلاثة في أحد حمامات بعض الأقسام داخل المستشفى».
رغم انها تحمل الجنسية الإسبانية ويمكنها نظرياً مغادرة غزة إذا فتح معبر رفح الحدودي مع مصر، تقول «أحاول اقناع عائلتي بالسفر إذا فتح المعبر لكنني سأبقى لمواصلة عملي».
من جهته، يقول محمد ضاهر (34 عاماً) مراسل تلفزيون «رؤيا» الأردني «كان علي تغطية النزوح وإخلاء عائلتي أيضا. كان في بيتي نحو 30 شخصاً، ذهبت الى المنزل وأخليت جميع العائلة لمخيم النصيرات وسط القطاع واتيت للعمل من المستشفى».
يضيف ضاهر الذي باتت لحيته طويلة «بالكاد نتدبر دخول الحمام والحفاظ على نظافتنا الشخصية. سأحلق حين تنتهي الحرب إن شاء الله».
إلى جانب نقص مستلزمات النظافة الشخصية يشير مراسل قناة «تي ار تي وورلد» التركية نزار سعداوي (36 عاماً) الى «صعوبة الاتصالات» التي تسببها الغارات على الشبكة.
ويقول «التواصل مع زملائنا وعائلاتنا ومصادرنا يصبح إشكاليا».
ويتابع انه في البداية كان ينام بالسترة الواقية من الرصاص في الموقف بين السيارات لكنه تمكن قبل يومين من الحصول على فراش ونصب ما يشبه خيمة.
من جهته، قال حازم البنا مراسل «سكاي نيوز» العربية «نعمل في ظروف شديدة الخطورة، ليس هناك مكان آمن، نأخذ كل وسائل السلامة لكن عنف الغارات لا يستثني أحداً».
ويعمل الصحافيون مع المخاوف نفسها على عائلاتهم مثل كل سكان غزة، فالأربعاء أعلنت قناة «الجزيرة» القطرية مقتل عدد من أفراد عائلة مراسلها في غزة وائل الدحدوح، بينهم زوجته وابنته وابنه، جراء «غارة جوية إسرائيلية» طالت منزلاً نزحوا إليه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي