تحيي في 29 أكتوبر المئوية الأولى لقيام الجمهورية
تركيا أتاتورك على انقاض السلطنة العثمانية... اعتماد العلمانية والحرف اللاتيني... وأنقرة العاصمة
أتراك يحتفلون بقيام جمهورية أتاتورك (أرشيفية)
تحيي تركيا في 29 أكتوبر، المئوية الأولى لقيام الجمهورية التي أسسها كمال أتاتورك على انقاض السلطنة العثمانية. وأدخل مؤسس تركيا الحديثة إصلاحات واسعة أبرزها اعتماد العلمانية والحرف اللاتيني.
- اللغة
في الأول من نوفمبر 1928، أقر البرلمان التركي اعتماد الحرف اللاتيني والتخلي عن الحرف العربي المستخدم في ظل السلطنة العثمانية، وهي فكرة تبنتها بعض الأوساط منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وترافق هذا الإصلاح الجذري مع تجديد كامل للغة سمح بـ«تتريك» اللغة من خلال حذف قسم كبير من التعابير الموروثة من اللغتين العربية والفارسية.
بموازاة ذلك، أخذت كلمات كثيرة من اللغة الفرنسية تجسيداً لرغبة مصطفى كمال أتاتورك باضفاء طابع غربي على البلاد.
وكانت غالبية الشعب التركي يومها أمية فيما الكثير من أعضاء النخبة يتقنون لغة أوروبية خصوصاً الفرنسية، لذا طبق هذا الإصلاح من دون أي صعوبات كبيرة.
بعد قرن على ذلك، تقرأ اليوم قلة قليلة من الأتراك، اللغة العثمانية.
- العلمانية
في العاشر من أبريل 1928، حذفت تركيا كل الإشارات إلى الدين الإسلامي في دستورها وأصبحت بذلك أول دولة علمانية في العالم الإسلامي.
والعلمانية المعتمدة في تركيا ليست «علمانية فصل» على غرار القانون الفرنسي بالفصل بين الدين والدولة العام 1905 بل هي «علمانية إشراف» مع وصاية من الدولة على الدين الإسلامي.
وتشرف رئاسة الشؤون الدينية المعروفة باسم «ديانت» على المساجد والأئمة.
إلا أن الإسلام الذي يدين به القسم الأكبر من الأتراك، يبقى عنصراً مؤسساً للهوية الوطنية التركية.
- حقوق النساء
أحدثت الجمهورية التركية تحولاً في العمق في وضع المرأة من خلال إلغاء تعدد الزوجات ومنحها الحقوق المدنية والسياسة ومنها حق المشاركة في الانتخابات تصويتاً وترشحاً اعتباراً من 1930 في الانتخابات المحلية ومن 1934 في الانتخابات الوطنية.
في عهد أتاتورك الذي امتد من 1923 إلى 1938 وبعده كذلك، بقي المجتمع التركي أبوياً بشكل واسع.
فبعد قرن على ذلك تقريباً لايزال تمثيل التركيات ضعيفاً في المناصب المنتخبة. وتشكل النساء نحو 20 في المئة من نواب في البرلمان.
ويستمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باعتبار النساء «أمهات في المقام الأول».
- اللباس
وطالت الإجراءات الجذرية التي اعتمدت في السنوات الأولى من عمر الجمهورية، لباس الأتراك مع حظر اعتمار الطربوش الذي استبدل بقبعة عادية.
وفرض أتاتورك كذلك قيوداً على ارتداء الملابس الدينية وسعى إلى الثني عن وضع الحجاب.
إلا أن هذا الإصلاح «أثار استياءً كبيراً وقُمع معارضوه بقسوة مع اعدام أكثر من مئة شخص» على ما يفيد المؤرخ حميد بوزارسلان.
- أنقرة العاصمة
أعلنت أنقرة عاصمة لتركيا في أكتوبر 1923. إثر ذلك، شهدت المدينة الواقعة في قلب الأناضول خلافاً لاسطنبول، تطوراً لافتاً وانتقل عدد سكانها من 25 ألف نسمة إلى ملايين عدة راهناً، من دون أن تتمكن من أن تتفوق على اسطنبول في المكانة.
واحتفظت العاصمة التركية باسم أنكورا حتى العام 1930 عندما تحولت إلى انقرة فيما سُميت القسطنطينية رسمياً اسطنبول.
كمالية... الوفية لمصطفى كمال أتاتورك
ويقول حاجي عمر يالتشينكايالار، وهو صاحب فندق متقاعد يبلغ 73 عاماً ومن محبي مؤسّس الجمهورية التركية التي نشأت على أنقاض الإمبراطورية العثمانية «كانت البلاد برمّتها ترغب في أن يُطلق عليها اسم مصطفى كمال، لكنّه ما كان ليقبل بذلك قط!».
تحتفل تركيا في 29 أكتوبر بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية.
بدءاً من العام 1919، واجه الجنرال مصطفى كمال، بطل حرب الدردنيل ضد الحلفاء، الغربيين الذين سيطروا على امبراطورية مفككة، من أجل تأسيس الدولة المستقلة التي يطمح إليها.
ووجدت قواته نفسها في وضع حرج على أبواب أنقرة عام 1921، عندما تلقى برقية من وجهاء إيجين، وهي بلدة تجارية نصف سكانها من الأرمن وتقع عند تقاطع الأناضول والقوقاز، يقولون له فيها «الباشا العزيز، لدينا 500 جندي جاهزون للتحرّك بناء على أوامرك»، على ما يروي جاحي عمر.
كانت البلدة المزدهرة على طريق القوافل المتجهة إلى بغداد وإيران وجورجيا، وتدل على ذلك منازلها الحجرية والخشبية المشيّدة على سفح الجبل، وهو ما جعل منظمة «اليونيسكو» تدرجها عام 2021 على قائمة التراث العالمي.
كان عدد سكان المنطقة يبلغ حينها نحو 20 ألف نسمة، بينهم نحو 6 آلاف يقطنون كمالية التي لايزال فيها راهناً 1500 مقيم.
ويقول يالتشينكايالار «في النهاية، لم يضطروا لإرسال الجنود». لكن مصطفى كمال لم ينس مبادرتهم هذه، وأبلغ بلدية إيجين بعد عام، أنّه سيمنح البلدة اسمه.
ويتابع صاحب الفندق الذي كرّس وقته بعد تقاعده لتاريخ بلدته «كان شرفاً لنا. ومع تأسيس الجمهورية، انضممنا إلى العالم المتحضّر».
«محبة مميزة جداً»
كُتب على لوحة موضوعة أسفل تمثال مصطفى كمال أتاتورك «عرفاناً للدعم الذي وفّرته للنضال الوطني، جرى تغيير اسم المنطقة من إيجين إلى كمالية».
ومُذّاك، يُحتفل في 29 أكتوبر بذكرى إعلان الجمهورية عام 1923، فيما تُقام احتفالات كبيرة في كمالية، تتضمّن حفلات موسيقية وبطولات في كرة القدم ومؤتمرات وولائم...
لدى عائلة غوزيدة توفيقتشي (60 عاماً)، تتناقل الأجيال هذه الرواية بشغف... وتستذكر هذه الأستاذة السابقة في الأدب والفخورة كونها متحدرة من كمالية، ما تدين به النساء لمصطفى كمال والجمهورية.
وتقول «ساهم مصطفى كمال في بروز النساء التركيات المستنيرات والمثقفات، وأتاح لهنّ إمكانية التعلّم وممارسة العمل. نحن فخورون به».
ومقابل محطة القطار الصغيرة التي تخدم كمالية منذ العام 1938، يبدو مقهى متواضع وكأنّه متحف للزعيم التركي، إذ علّق صاحبه إردال إردورك (59 عاماً) على جدرانه صوراً لأتاتورك منها ما هو بالأبيض والأسود أو بالألوان، ومنها ما يظهره مرتدياً زي جندي أو بزة رسمية أو معتمراً قبعة أستراخان. وعُلّق فوق مدخل المقهى علم أحمر ضخم يحمل صورته.
وبعدما أزال إردورك الغبار عن إطار صورة قبّلها قبل تعليقها، تحدّث عن «المحبة المميزة التي يكنّها سكان المنطقة لأتاتورك».
وقال دامعاً «إنّه حامينا. لقد أسس بلدنا، جمهوريتنا... كل الصور التي ترونها هنا هي دليل على محبة السكان لمصطفى كمال. هذا مؤثّر».
إلا أنّ كمالية تُحجم عن عرض تاريخها، فشوارعها بالكاد مزينة بصور الزعيم التركي فيما تظهر صوره على عدد محدود من واجهاتها.
لكن شوكت غولتكين (62 عاماً)، وهو سائق سيارة أجرة ومغنّ، يملك مفتاح متحف صغير مزيّن بالعدد الأكبر من صور مصطفى كمال.
أما السياح الذين يزورون المنطقة، فيرتادونها بصورة خاصة للاستمتاع بمنظر الوادي المظلم السحيق، وهو أحد أعمق خمسة وديان في العالم بحسب اليونيسكو. وغالباً ما لا يستكشف السيّاح ماضي كمالية إلا عند زيارتها.
ويقول هالوك موتلواي (58 عاماً) الذي يزور المنطقة آتياً من مدينة مرسين الساحلية الجنوبية «عندما أخبرنا المُرشد السياحي بهذه التفاصيل، غمرتنا السعادة... أتاتورك يعني لنا الكثير. إنه باني الأمة».
- اللغة
في الأول من نوفمبر 1928، أقر البرلمان التركي اعتماد الحرف اللاتيني والتخلي عن الحرف العربي المستخدم في ظل السلطنة العثمانية، وهي فكرة تبنتها بعض الأوساط منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وترافق هذا الإصلاح الجذري مع تجديد كامل للغة سمح بـ«تتريك» اللغة من خلال حذف قسم كبير من التعابير الموروثة من اللغتين العربية والفارسية.
بموازاة ذلك، أخذت كلمات كثيرة من اللغة الفرنسية تجسيداً لرغبة مصطفى كمال أتاتورك باضفاء طابع غربي على البلاد.
وكانت غالبية الشعب التركي يومها أمية فيما الكثير من أعضاء النخبة يتقنون لغة أوروبية خصوصاً الفرنسية، لذا طبق هذا الإصلاح من دون أي صعوبات كبيرة.
بعد قرن على ذلك، تقرأ اليوم قلة قليلة من الأتراك، اللغة العثمانية.
- العلمانية
في العاشر من أبريل 1928، حذفت تركيا كل الإشارات إلى الدين الإسلامي في دستورها وأصبحت بذلك أول دولة علمانية في العالم الإسلامي.
والعلمانية المعتمدة في تركيا ليست «علمانية فصل» على غرار القانون الفرنسي بالفصل بين الدين والدولة العام 1905 بل هي «علمانية إشراف» مع وصاية من الدولة على الدين الإسلامي.
وتشرف رئاسة الشؤون الدينية المعروفة باسم «ديانت» على المساجد والأئمة.
إلا أن الإسلام الذي يدين به القسم الأكبر من الأتراك، يبقى عنصراً مؤسساً للهوية الوطنية التركية.
- حقوق النساء
أحدثت الجمهورية التركية تحولاً في العمق في وضع المرأة من خلال إلغاء تعدد الزوجات ومنحها الحقوق المدنية والسياسة ومنها حق المشاركة في الانتخابات تصويتاً وترشحاً اعتباراً من 1930 في الانتخابات المحلية ومن 1934 في الانتخابات الوطنية.
في عهد أتاتورك الذي امتد من 1923 إلى 1938 وبعده كذلك، بقي المجتمع التركي أبوياً بشكل واسع.
فبعد قرن على ذلك تقريباً لايزال تمثيل التركيات ضعيفاً في المناصب المنتخبة. وتشكل النساء نحو 20 في المئة من نواب في البرلمان.
ويستمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باعتبار النساء «أمهات في المقام الأول».
- اللباس
وطالت الإجراءات الجذرية التي اعتمدت في السنوات الأولى من عمر الجمهورية، لباس الأتراك مع حظر اعتمار الطربوش الذي استبدل بقبعة عادية.
وفرض أتاتورك كذلك قيوداً على ارتداء الملابس الدينية وسعى إلى الثني عن وضع الحجاب.
إلا أن هذا الإصلاح «أثار استياءً كبيراً وقُمع معارضوه بقسوة مع اعدام أكثر من مئة شخص» على ما يفيد المؤرخ حميد بوزارسلان.
- أنقرة العاصمة
أعلنت أنقرة عاصمة لتركيا في أكتوبر 1923. إثر ذلك، شهدت المدينة الواقعة في قلب الأناضول خلافاً لاسطنبول، تطوراً لافتاً وانتقل عدد سكانها من 25 ألف نسمة إلى ملايين عدة راهناً، من دون أن تتمكن من أن تتفوق على اسطنبول في المكانة.
واحتفظت العاصمة التركية باسم أنكورا حتى العام 1930 عندما تحولت إلى انقرة فيما سُميت القسطنطينية رسمياً اسطنبول.
... من الإمبراطورية العثمانية إلى الجمهورية
ولدت الجمهورية التركية من رحم الإمبراطورية العثمانية في أعقاب نهاية الحرب العالمية الأولى.
وفي ما يأتي أبرز المحطات في مسار التحوّل التركي:
- 1918: تفكك الامبراطورية
تفككت الامبراطورية العثمانية التي امتدت من منطقة البلقان الى أراضي اليمن، على يد الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى (إيطاليا، فرنسا والمملكة المتحدة)، بعدما تحالفت خلال الحرب مع المعسكر الخاسر (ألمانيا، النمسا، المجر وبلغاريا). وتقاسم المنتصرون أراضي الامبراطورية السابقة باستثناء اسطنبول، ومنحوا أنفسهم «مناطق نفوذ».
- 1919: الحركة القومية
تنامت الحركة القومية بقيادة الضابط الشاب مصطفى كمال أتاتورك الذي أطلق حرب الاستقلال ضد المحتلين.
- 1920: معاهدة سيفر
رسمت المعاهدة حدود تركيا المتنازع عليها بين قوميين رغبوا في استعادة أراضِ سابقة كانت تحت سيطرة الامبراطورية العثمانية، منها تراقيا ومناطق غرب بحر ايجه تم التنازل عنها لصالح اليونان.
- 1922: إلغاء السلطنة في الأول من نوفمبر 1922
ألغيت السلطنة التي أقيمت عند انتهاء الأمبراطورية.
- 1923: معاهدة لوزان
وقّعت المعاهدة في 24 يوليو 1923 من جانب الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان واليونان ويوغوسلافيا وألغت مفاعيل معاهدة سيفر وأعادت رسم حدود تركيا.
وتخلت عن إقامة إقليم كردستان في جنوب شرقي الأناضول.
- 29 أكتوبر 1923: إعلان الجمهورية
أعلنت جمهورية تركيا رسمياً وانتخب مصطفى كمال رئيساً.
وفي 1934 منحه البرلمان لقب «أتاتورك» أي «أبو الأتراك».
وفي ما يأتي أبرز المحطات في مسار التحوّل التركي:
- 1918: تفكك الامبراطورية
تفككت الامبراطورية العثمانية التي امتدت من منطقة البلقان الى أراضي اليمن، على يد الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى (إيطاليا، فرنسا والمملكة المتحدة)، بعدما تحالفت خلال الحرب مع المعسكر الخاسر (ألمانيا، النمسا، المجر وبلغاريا). وتقاسم المنتصرون أراضي الامبراطورية السابقة باستثناء اسطنبول، ومنحوا أنفسهم «مناطق نفوذ».
- 1919: الحركة القومية
تنامت الحركة القومية بقيادة الضابط الشاب مصطفى كمال أتاتورك الذي أطلق حرب الاستقلال ضد المحتلين.
- 1920: معاهدة سيفر
رسمت المعاهدة حدود تركيا المتنازع عليها بين قوميين رغبوا في استعادة أراضِ سابقة كانت تحت سيطرة الامبراطورية العثمانية، منها تراقيا ومناطق غرب بحر ايجه تم التنازل عنها لصالح اليونان.
- 1922: إلغاء السلطنة في الأول من نوفمبر 1922
ألغيت السلطنة التي أقيمت عند انتهاء الأمبراطورية.
- 1923: معاهدة لوزان
وقّعت المعاهدة في 24 يوليو 1923 من جانب الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان واليونان ويوغوسلافيا وألغت مفاعيل معاهدة سيفر وأعادت رسم حدود تركيا.
وتخلت عن إقامة إقليم كردستان في جنوب شرقي الأناضول.
- 29 أكتوبر 1923: إعلان الجمهورية
أعلنت جمهورية تركيا رسمياً وانتخب مصطفى كمال رئيساً.
وفي 1934 منحه البرلمان لقب «أتاتورك» أي «أبو الأتراك».
كمالية... الوفية لمصطفى كمال أتاتورك
يشهد تمثال مصطفى كمال أتاتورك الذهبي المشيّد عند سفح منحدر والمطلّ على كمالية في شرق تركيا، على ماضي هذه المدينة الصغيرة المجيد.
أطلق مؤسس تركيا الحديثة اسمه على هذه البلدة الواقعة بين الجبال ومنابع نهر الفرات ضمن منطقة الأناضول الشرقية على بعد 1200 كيلومتر شرق اسطنبول، تعبيراً عن امتنانه على وفائها له.ويقول حاجي عمر يالتشينكايالار، وهو صاحب فندق متقاعد يبلغ 73 عاماً ومن محبي مؤسّس الجمهورية التركية التي نشأت على أنقاض الإمبراطورية العثمانية «كانت البلاد برمّتها ترغب في أن يُطلق عليها اسم مصطفى كمال، لكنّه ما كان ليقبل بذلك قط!».
تحتفل تركيا في 29 أكتوبر بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية.
بدءاً من العام 1919، واجه الجنرال مصطفى كمال، بطل حرب الدردنيل ضد الحلفاء، الغربيين الذين سيطروا على امبراطورية مفككة، من أجل تأسيس الدولة المستقلة التي يطمح إليها.
ووجدت قواته نفسها في وضع حرج على أبواب أنقرة عام 1921، عندما تلقى برقية من وجهاء إيجين، وهي بلدة تجارية نصف سكانها من الأرمن وتقع عند تقاطع الأناضول والقوقاز، يقولون له فيها «الباشا العزيز، لدينا 500 جندي جاهزون للتحرّك بناء على أوامرك»، على ما يروي جاحي عمر.
كانت البلدة المزدهرة على طريق القوافل المتجهة إلى بغداد وإيران وجورجيا، وتدل على ذلك منازلها الحجرية والخشبية المشيّدة على سفح الجبل، وهو ما جعل منظمة «اليونيسكو» تدرجها عام 2021 على قائمة التراث العالمي.
كان عدد سكان المنطقة يبلغ حينها نحو 20 ألف نسمة، بينهم نحو 6 آلاف يقطنون كمالية التي لايزال فيها راهناً 1500 مقيم.
ويقول يالتشينكايالار «في النهاية، لم يضطروا لإرسال الجنود». لكن مصطفى كمال لم ينس مبادرتهم هذه، وأبلغ بلدية إيجين بعد عام، أنّه سيمنح البلدة اسمه.
ويتابع صاحب الفندق الذي كرّس وقته بعد تقاعده لتاريخ بلدته «كان شرفاً لنا. ومع تأسيس الجمهورية، انضممنا إلى العالم المتحضّر».
«محبة مميزة جداً»
كُتب على لوحة موضوعة أسفل تمثال مصطفى كمال أتاتورك «عرفاناً للدعم الذي وفّرته للنضال الوطني، جرى تغيير اسم المنطقة من إيجين إلى كمالية».
ومُذّاك، يُحتفل في 29 أكتوبر بذكرى إعلان الجمهورية عام 1923، فيما تُقام احتفالات كبيرة في كمالية، تتضمّن حفلات موسيقية وبطولات في كرة القدم ومؤتمرات وولائم...
لدى عائلة غوزيدة توفيقتشي (60 عاماً)، تتناقل الأجيال هذه الرواية بشغف... وتستذكر هذه الأستاذة السابقة في الأدب والفخورة كونها متحدرة من كمالية، ما تدين به النساء لمصطفى كمال والجمهورية.
وتقول «ساهم مصطفى كمال في بروز النساء التركيات المستنيرات والمثقفات، وأتاح لهنّ إمكانية التعلّم وممارسة العمل. نحن فخورون به».
ومقابل محطة القطار الصغيرة التي تخدم كمالية منذ العام 1938، يبدو مقهى متواضع وكأنّه متحف للزعيم التركي، إذ علّق صاحبه إردال إردورك (59 عاماً) على جدرانه صوراً لأتاتورك منها ما هو بالأبيض والأسود أو بالألوان، ومنها ما يظهره مرتدياً زي جندي أو بزة رسمية أو معتمراً قبعة أستراخان. وعُلّق فوق مدخل المقهى علم أحمر ضخم يحمل صورته.
وبعدما أزال إردورك الغبار عن إطار صورة قبّلها قبل تعليقها، تحدّث عن «المحبة المميزة التي يكنّها سكان المنطقة لأتاتورك».
وقال دامعاً «إنّه حامينا. لقد أسس بلدنا، جمهوريتنا... كل الصور التي ترونها هنا هي دليل على محبة السكان لمصطفى كمال. هذا مؤثّر».
إلا أنّ كمالية تُحجم عن عرض تاريخها، فشوارعها بالكاد مزينة بصور الزعيم التركي فيما تظهر صوره على عدد محدود من واجهاتها.
لكن شوكت غولتكين (62 عاماً)، وهو سائق سيارة أجرة ومغنّ، يملك مفتاح متحف صغير مزيّن بالعدد الأكبر من صور مصطفى كمال.
أما السياح الذين يزورون المنطقة، فيرتادونها بصورة خاصة للاستمتاع بمنظر الوادي المظلم السحيق، وهو أحد أعمق خمسة وديان في العالم بحسب اليونيسكو. وغالباً ما لا يستكشف السيّاح ماضي كمالية إلا عند زيارتها.
ويقول هالوك موتلواي (58 عاماً) الذي يزور المنطقة آتياً من مدينة مرسين الساحلية الجنوبية «عندما أخبرنا المُرشد السياحي بهذه التفاصيل، غمرتنا السعادة... أتاتورك يعني لنا الكثير. إنه باني الأمة».