تسير على «خيط رفيع»... والأولوية القصوى «بقاء» الجمهورية الإسلامية
معضلة إيران... كيف تبقى بعيدة عن تدمير إسرائيل لـ «حماس»؟
الغارات الإسرائيلية لم تتوقف عن تدمير غزة منذ 7 أكتوبر (أ ف ب)
- «لا غزة ولا لبنان... أضحي بحياتي من أجل إيران»... شعار الاحتجاجات المناهضة للحكومة
- موقف إيران المعقّد يؤكد على التوازن الدقيق الذي يجب أن تحافظ عليه بين مصالحها في المنطقة والاستقرار الداخلي
أصدرت إيران في 15 أكتوبر الجاري، تحذيراً علنياً وحاداً لعدوها اللدود إسرائيل عندما قال وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان: أوقفوا هجومكم على غزة وإلا سنضطر إلى اتخاذ إجراء.
وبعد ساعات فقط، خففت بعثة الجمهورية الإسلامية لدى الأمم المتحدة لهجتها المتشددة، وطمأنت العالم بأن قواتها المسلحة لن تتدخل في الصراع ما لم تهاجم إسرائيل مصالح إيران أو مواطنيها.
ووفقاً لتسعة مسؤولين إيرانيين، على اطلاع مباشر على طريقة التفكير داخل المؤسسة الدينية الحاكمة، فإن إيران، الداعمة منذ فترة طويلة لحركة «حماس» التي تدير قطاع غزة، تجد نفسها أمام معضلة بينما تحاول إدارة الأزمة المتفاقمة.
وأوضح المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المناقشات في طهران، أن الوقوف موقف المتفرج خلال أي اجتياح بري إسرائيلي واسع لقطاع غزة، من شأنه أن يقوض بشكل كبير الاستراتيجية التي تتبعها إيران منذ أكثر من أربعة عقود والمتعلقة ببسط نفوذهاً وتعزيزه إقليمياً.
لكن أيضا من الممكن أن يكبد أي هجوم كبير ضد إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة، إيران خسائر فادحة ويثير غضباً شعبياً ضد المؤسسة الدينية الحاكمة، في دولة تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية، حسب ما قال المسؤولون الذين استعرضوا مختلف الأولويات العسكرية والديبلوماسية والداخلية التي تعمل المؤسسة على الموازنة بينها.
وأعلن ثلاثة مسؤولين أمنيين، أنه تم التوصل إلى توافق في الآراء بين كبار صناع القرار في إيران في الوقت الحالي على إعطاء مباركتهم للضربات المحدودة التي يشنها «حزب الله» عبر الحدود ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، على بعد أكثر من 200 كيلومتر من غزة، فضلاً عن هجمات ضيقة النطاق تشنها جماعات أخرى حليفة في المنطقة على أهداف أميركية، مع تفادي أي تصعيد كبير من شأنه أن يجر طهران نفسها إلى الصراع.
ونقلت وسائل إعلام رسمية، عن وحيد جلال زاده رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى، يوم الأربعاء، «إننا على اتصال مع أصدقائنا حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله... وموقفهم هو أنهم لا يتوقعون منا تنفيذ عمليات عسكرية».
ولم ترد وزارة الخارجية على طلب للتعليق على طريقة تعامل طهران مع الأزمة، كما رفضت السلطات العسكرية الإسرائيلية، التعليق.
ويبدو الأمر لإيران أشبه بالسير على خيط رفيع.
فقد أوضحت المصادر أن خسارة قاعدة قوة أسستها إيران في القطاع الفلسطيني عبر «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي» على مدى ثلاثة عقود، من شأنها أن تحدث صدعاً في خطط طهران، التي قامت ببناء شبكة جماعات مسلحة تعمل بالوكالة في أنحاء الشرق الأوسط، من «حزب الله» في لبنان إلى الحوثيين في اليمن.
وقال ثلاثة من المصادر إنه يمكن أن يُنظر إلى التقاعس الإيراني على الأرض على أنه علامة ضعف من جانب تلك الجماعات الحليفة، التي تمثل سلاح نفوذ طهران الرئيسي في المنطقة منذ عقود.
وتابعوا أن هذا قد يؤثر أيضا على مكانة إيران التي طالما دافعت عن القضية الفلسطينية وترفض الاعتراف بإسرائيل وتعتبرها «محتلاً خسيساً».
وقال آفي ميلاميد، المسؤول السابق في الاستخبارات الإسرائيلية والمفاوض خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، «يواجه الإيرانيون معضلة ما إذا كانوا سيرسلون حزب الله إلى القتال من أجل محاولة إنقاذ ذراعهم في قطاع غزة أو ربما سيتركون هذه الذراع ويتخلون عنها».
وتابع «الإيرانيون في هذه النقطة... حساب المخاطر».
«البقاء... الأولوية القصوى»
تواجه الأهداف الاستراتيجية الإيرانية اعتبارات عسكرية آنية، إذ تقوم إسرائيل منذ الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر وأسفر عن مقتل 1400 في إسرائيل بشن ضربات جوية غير مسبوقة على قطاع غزة أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 4300 حتى الآن.
ويعتقد على نطاق واسع، أن إسرائيل صاحبة القوة العسكرية الكبرى لديها ترسانة نووية، رغم أنها لا تؤكد هذا أو تنفيه، كما أنها تتمتع بدعم من الولايات المتحدة التي نشرت حاملتي طائرات وطائرات مقاتلة في شرق البحر المتوسط لأسباب من بينها توجيه تحذير لإيران.
وقال ديبلوماسي إيراني رفيع المستوى «بالنسبة لكبار القادة في إيران، خصوصاً الزعيم الأعلى (السيد علي خامنئي)، فإن الأولوية القصوى هي بقاء الجمهورية الإسلامية».
وأضاف «ولهذا السبب تستخدم السلطات الإيرانية لهجة قوية ضد إسرائيل منذ بداية الهجوم، لكنها تمتنع عن التدخل العسكري المباشر، على الأقل حتى الآن».
ومنذ السابع من أكتوبر، تبادل «حزب الله» إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية في اشتباكات أسفرت عن سقوط 14 من مقاتلي الحزب.
وقال مصدران مطلعان على تفكير الحزب، إن هذه الدرجة المنخفضة من العنف تهدف إلى إبقاء القوات الإسرائيلية منشغلة من دون فتح جبهة جديدة كبيرة، ووصف أحدهما هذا التكتيك بأنه كشنّ «حروب صغيرة».
ولم يلق الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، الذي عادة ما يطلق تهديدات ضد إسرائيل في خطاباته، أي كلمة علنية منذ اندلاع الأزمة.
وأبلغت ثلاثة مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى ومصدر أمني غربي، «رويترز»، ان إسرائيل لا تريد مواجهة مباشرة مع طهران، وأنه رغم قيام الإيرانيين بتدريب «حماس» وتسليحها، فإنه لا يوجد مؤشر على أن الجمهورية الإسلامية كانت على علم مسبق بهجوم السابع من أكتوبر.
كما نفى خامنئي تورط إيران في الهجوم، لكنه أشاد بما تسبب فيه من أضرار لإسرائيل.
وقالت المصادر الأمنية الإسرائيلية والغربية، إن إسرائيل لن تهاجم إيران إلا إذا تعرضت لهجوم مباشر من قبل قوات إيرانية، لكنها حذرت من أن الوضع قابل للاشتعال، وأن أي هجوم عليها يتسبب في خسائر فادحة من جانب «حزب الله» أو وكلاء لطهران في سورية أو العراق، يمكن أن يقلب هذه المعادلة.
وأضاف أحد المصادر الإسرائيلية، أن أي سوء تقدير من جانب إيران أو أي من الجماعات المتحالفة معها لنطاق أي هجوم بالوكالة، سيكون كفيلاً بتغيير نهج إسرائيل.
لا قوات أميركية على الأرض!
وأوضح مسؤولون أميركيون أن هدفهم هو منع تفاقم الصراع وردع الآخرين عن مهاجمة المصالح الأميركية مع إبقاء الخيارات متاحة أمام واشنطن.
وفي طريق عودته من زيارة إلى إسرائيل يوم الأربعاء، نفى الرئيس جو بايدن بشكل قاطع تقريراً إعلامياً إسرائيلياً ذكر أن مساعدي الرئيس الأميركي أوضحوا لإسرائيل أنه إذا بدأ «حزب الله»، حرباً، فإن الجيش الأميركي سينضم إلى نظيره الإسرائيلي في القتال.
وقال بايدن للصحافيين في أثناء توقفه للتزود بالوقود في قاعدة رامشتاين الجوية الألمانية بخصوص التقرير الإسرائيلي «هذا غير صحيح... لم يُصرح بذلك قط».
وأكد الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي مجدداً أن واشنطن تريد احتواء الصراع.
وصرح كيربي للصحافيين في أثناء التزود بالوقود «لا توجد نية لنشر قوات أميركية على الأرض في القتال».
وقال جون ألترمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، والذي يرأس الآن برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن القادة الإيرانيين سيشعرون بالضغط لإظهار دعم ملموس لـ «حماس» وليس مجرد إطلاق خطابات رنانة، لكنه حذر من احتمال تطور الأحداث وخروجها عن السيطرة.
وأضاف «بمجرد دخولك هذه البيئة، تحدث أشياء وتكون هناك عواقب لم يكن أحد يريدها... الجميع في حالة تحفز».
وزادت الأزمة أيضاً من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية في الولايات المتحدة وخارجها، ما عزز الطلب على أصول «الملاذ الآمن»، مثل الذهب والسندات الحكومية الأميركية والفرنك السويسري.
ولا يزال رد فعل السوق ضعيفاً حتى الآن، لكن بعض المستثمرين يحذرون من أن ذلك قد يتغير تغيراً جذرياً إذا تصاعدت حرب غزة وتحولت إلى صراع أوسع في المنطقة.
وأدى اتفاق المصالحة، الذي توسطت فيها الصين بين إيران والسعودية إلى تعقيد الأمور بالنسبة لقادة طهران، الذين يريدون تجنب تعريض هذا التقدم للخطر، وفقاً لمسؤول رفيع المستوى سابق، مقرب من كبار صناع القرار في إيران.
وفي الوقت نفسه، يمكن للشعب نفسه أن يلعب دوراً في الأحداث التي تتكشف في أنحاء المنطقة.
وقال مسؤولان في تصريحات منفصلة، إن حكام إيران لا يستطيعون تحمل تبعات التدخل المباشر في الصراع، بينما يواجهون صعوبة في تهدئة وكبح معارضة متصاعدة في الداخل بسبب المشكلات الاقتصادية والقيود الاجتماعية.
وشهدت لإيران اضطرابات لأشهر عدة في أعقاب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني، أثناء احتجاز «شرطة الأخلاق» لها العام الماضي وبسبب حملة القمع المستمرة التي تشنها الدولة على المعارضة.
وقد دفعت المشكلات الاقتصادية الناجمة بشكل رئيسي عن العقوبات الأميركية وسوء الإدارة، عدداً كبيراً من الإيرانيين إلى انتقاد السياسة المستمرة منذ عقود والمتمثلة في إرسال أموال إلى وكلاء طهران لتوسيع نفوذ الجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط.
«لا غزة ولا لبنان»
ولسنوات، أصبح شعار «لا غزة ولا لبنان... أضحي بحياتي من أجل إيران»، شعاراً رائجاً في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، ما يسلط الضوء على شعور الناس بالإحباط من نهج المؤسسة الدينية الحاكمة في تخصيص موارد البلاد.
وتابع المسؤول السابق «يؤكد موقف إيران المعقد على التوازن الدقيق الذي يجب أن تحافظ عليه بين المصالح في المنطقة والاستقرار الداخلي».
وبعد ساعات فقط، خففت بعثة الجمهورية الإسلامية لدى الأمم المتحدة لهجتها المتشددة، وطمأنت العالم بأن قواتها المسلحة لن تتدخل في الصراع ما لم تهاجم إسرائيل مصالح إيران أو مواطنيها.
ووفقاً لتسعة مسؤولين إيرانيين، على اطلاع مباشر على طريقة التفكير داخل المؤسسة الدينية الحاكمة، فإن إيران، الداعمة منذ فترة طويلة لحركة «حماس» التي تدير قطاع غزة، تجد نفسها أمام معضلة بينما تحاول إدارة الأزمة المتفاقمة.
وأوضح المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المناقشات في طهران، أن الوقوف موقف المتفرج خلال أي اجتياح بري إسرائيلي واسع لقطاع غزة، من شأنه أن يقوض بشكل كبير الاستراتيجية التي تتبعها إيران منذ أكثر من أربعة عقود والمتعلقة ببسط نفوذهاً وتعزيزه إقليمياً.
لكن أيضا من الممكن أن يكبد أي هجوم كبير ضد إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة، إيران خسائر فادحة ويثير غضباً شعبياً ضد المؤسسة الدينية الحاكمة، في دولة تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية، حسب ما قال المسؤولون الذين استعرضوا مختلف الأولويات العسكرية والديبلوماسية والداخلية التي تعمل المؤسسة على الموازنة بينها.
وأعلن ثلاثة مسؤولين أمنيين، أنه تم التوصل إلى توافق في الآراء بين كبار صناع القرار في إيران في الوقت الحالي على إعطاء مباركتهم للضربات المحدودة التي يشنها «حزب الله» عبر الحدود ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، على بعد أكثر من 200 كيلومتر من غزة، فضلاً عن هجمات ضيقة النطاق تشنها جماعات أخرى حليفة في المنطقة على أهداف أميركية، مع تفادي أي تصعيد كبير من شأنه أن يجر طهران نفسها إلى الصراع.
ونقلت وسائل إعلام رسمية، عن وحيد جلال زاده رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى، يوم الأربعاء، «إننا على اتصال مع أصدقائنا حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله... وموقفهم هو أنهم لا يتوقعون منا تنفيذ عمليات عسكرية».
ولم ترد وزارة الخارجية على طلب للتعليق على طريقة تعامل طهران مع الأزمة، كما رفضت السلطات العسكرية الإسرائيلية، التعليق.
ويبدو الأمر لإيران أشبه بالسير على خيط رفيع.
فقد أوضحت المصادر أن خسارة قاعدة قوة أسستها إيران في القطاع الفلسطيني عبر «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي» على مدى ثلاثة عقود، من شأنها أن تحدث صدعاً في خطط طهران، التي قامت ببناء شبكة جماعات مسلحة تعمل بالوكالة في أنحاء الشرق الأوسط، من «حزب الله» في لبنان إلى الحوثيين في اليمن.
وقال ثلاثة من المصادر إنه يمكن أن يُنظر إلى التقاعس الإيراني على الأرض على أنه علامة ضعف من جانب تلك الجماعات الحليفة، التي تمثل سلاح نفوذ طهران الرئيسي في المنطقة منذ عقود.
وتابعوا أن هذا قد يؤثر أيضا على مكانة إيران التي طالما دافعت عن القضية الفلسطينية وترفض الاعتراف بإسرائيل وتعتبرها «محتلاً خسيساً».
وقال آفي ميلاميد، المسؤول السابق في الاستخبارات الإسرائيلية والمفاوض خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، «يواجه الإيرانيون معضلة ما إذا كانوا سيرسلون حزب الله إلى القتال من أجل محاولة إنقاذ ذراعهم في قطاع غزة أو ربما سيتركون هذه الذراع ويتخلون عنها».
وتابع «الإيرانيون في هذه النقطة... حساب المخاطر».
«البقاء... الأولوية القصوى»
تواجه الأهداف الاستراتيجية الإيرانية اعتبارات عسكرية آنية، إذ تقوم إسرائيل منذ الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر وأسفر عن مقتل 1400 في إسرائيل بشن ضربات جوية غير مسبوقة على قطاع غزة أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 4300 حتى الآن.
ويعتقد على نطاق واسع، أن إسرائيل صاحبة القوة العسكرية الكبرى لديها ترسانة نووية، رغم أنها لا تؤكد هذا أو تنفيه، كما أنها تتمتع بدعم من الولايات المتحدة التي نشرت حاملتي طائرات وطائرات مقاتلة في شرق البحر المتوسط لأسباب من بينها توجيه تحذير لإيران.
وقال ديبلوماسي إيراني رفيع المستوى «بالنسبة لكبار القادة في إيران، خصوصاً الزعيم الأعلى (السيد علي خامنئي)، فإن الأولوية القصوى هي بقاء الجمهورية الإسلامية».
وأضاف «ولهذا السبب تستخدم السلطات الإيرانية لهجة قوية ضد إسرائيل منذ بداية الهجوم، لكنها تمتنع عن التدخل العسكري المباشر، على الأقل حتى الآن».
ومنذ السابع من أكتوبر، تبادل «حزب الله» إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية في اشتباكات أسفرت عن سقوط 14 من مقاتلي الحزب.
وقال مصدران مطلعان على تفكير الحزب، إن هذه الدرجة المنخفضة من العنف تهدف إلى إبقاء القوات الإسرائيلية منشغلة من دون فتح جبهة جديدة كبيرة، ووصف أحدهما هذا التكتيك بأنه كشنّ «حروب صغيرة».
ولم يلق الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، الذي عادة ما يطلق تهديدات ضد إسرائيل في خطاباته، أي كلمة علنية منذ اندلاع الأزمة.
وأبلغت ثلاثة مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى ومصدر أمني غربي، «رويترز»، ان إسرائيل لا تريد مواجهة مباشرة مع طهران، وأنه رغم قيام الإيرانيين بتدريب «حماس» وتسليحها، فإنه لا يوجد مؤشر على أن الجمهورية الإسلامية كانت على علم مسبق بهجوم السابع من أكتوبر.
كما نفى خامنئي تورط إيران في الهجوم، لكنه أشاد بما تسبب فيه من أضرار لإسرائيل.
وقالت المصادر الأمنية الإسرائيلية والغربية، إن إسرائيل لن تهاجم إيران إلا إذا تعرضت لهجوم مباشر من قبل قوات إيرانية، لكنها حذرت من أن الوضع قابل للاشتعال، وأن أي هجوم عليها يتسبب في خسائر فادحة من جانب «حزب الله» أو وكلاء لطهران في سورية أو العراق، يمكن أن يقلب هذه المعادلة.
وأضاف أحد المصادر الإسرائيلية، أن أي سوء تقدير من جانب إيران أو أي من الجماعات المتحالفة معها لنطاق أي هجوم بالوكالة، سيكون كفيلاً بتغيير نهج إسرائيل.
لا قوات أميركية على الأرض!
وأوضح مسؤولون أميركيون أن هدفهم هو منع تفاقم الصراع وردع الآخرين عن مهاجمة المصالح الأميركية مع إبقاء الخيارات متاحة أمام واشنطن.
وفي طريق عودته من زيارة إلى إسرائيل يوم الأربعاء، نفى الرئيس جو بايدن بشكل قاطع تقريراً إعلامياً إسرائيلياً ذكر أن مساعدي الرئيس الأميركي أوضحوا لإسرائيل أنه إذا بدأ «حزب الله»، حرباً، فإن الجيش الأميركي سينضم إلى نظيره الإسرائيلي في القتال.
وقال بايدن للصحافيين في أثناء توقفه للتزود بالوقود في قاعدة رامشتاين الجوية الألمانية بخصوص التقرير الإسرائيلي «هذا غير صحيح... لم يُصرح بذلك قط».
وأكد الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي مجدداً أن واشنطن تريد احتواء الصراع.
وصرح كيربي للصحافيين في أثناء التزود بالوقود «لا توجد نية لنشر قوات أميركية على الأرض في القتال».
وقال جون ألترمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، والذي يرأس الآن برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن القادة الإيرانيين سيشعرون بالضغط لإظهار دعم ملموس لـ «حماس» وليس مجرد إطلاق خطابات رنانة، لكنه حذر من احتمال تطور الأحداث وخروجها عن السيطرة.
وأضاف «بمجرد دخولك هذه البيئة، تحدث أشياء وتكون هناك عواقب لم يكن أحد يريدها... الجميع في حالة تحفز».
وزادت الأزمة أيضاً من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية في الولايات المتحدة وخارجها، ما عزز الطلب على أصول «الملاذ الآمن»، مثل الذهب والسندات الحكومية الأميركية والفرنك السويسري.
ولا يزال رد فعل السوق ضعيفاً حتى الآن، لكن بعض المستثمرين يحذرون من أن ذلك قد يتغير تغيراً جذرياً إذا تصاعدت حرب غزة وتحولت إلى صراع أوسع في المنطقة.
وأدى اتفاق المصالحة، الذي توسطت فيها الصين بين إيران والسعودية إلى تعقيد الأمور بالنسبة لقادة طهران، الذين يريدون تجنب تعريض هذا التقدم للخطر، وفقاً لمسؤول رفيع المستوى سابق، مقرب من كبار صناع القرار في إيران.
وفي الوقت نفسه، يمكن للشعب نفسه أن يلعب دوراً في الأحداث التي تتكشف في أنحاء المنطقة.
وقال مسؤولان في تصريحات منفصلة، إن حكام إيران لا يستطيعون تحمل تبعات التدخل المباشر في الصراع، بينما يواجهون صعوبة في تهدئة وكبح معارضة متصاعدة في الداخل بسبب المشكلات الاقتصادية والقيود الاجتماعية.
وشهدت لإيران اضطرابات لأشهر عدة في أعقاب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني، أثناء احتجاز «شرطة الأخلاق» لها العام الماضي وبسبب حملة القمع المستمرة التي تشنها الدولة على المعارضة.
وقد دفعت المشكلات الاقتصادية الناجمة بشكل رئيسي عن العقوبات الأميركية وسوء الإدارة، عدداً كبيراً من الإيرانيين إلى انتقاد السياسة المستمرة منذ عقود والمتمثلة في إرسال أموال إلى وكلاء طهران لتوسيع نفوذ الجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط.
«لا غزة ولا لبنان»
ولسنوات، أصبح شعار «لا غزة ولا لبنان... أضحي بحياتي من أجل إيران»، شعاراً رائجاً في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، ما يسلط الضوء على شعور الناس بالإحباط من نهج المؤسسة الدينية الحاكمة في تخصيص موارد البلاد.
وتابع المسؤول السابق «يؤكد موقف إيران المعقد على التوازن الدقيق الذي يجب أن تحافظ عليه بين المصالح في المنطقة والاستقرار الداخلي».