معلمات فلسطينيات يروين لـ «الراي» مأساة فقد عائلاتهن في القصف الصهيوني الوحشي

المصيبة في غزّة... وصداها في الكويت

تصغير
تكبير

- أريج قنن: استشهد جميع أهلي بالقصف... والأوضاع فوق أي تصوّر
- هبة أبو دان: الكويتيون بكوا معي بمصيبتي لدى تقديم العزاء
- إسلام أبو حجر: لا ندري ما أخبار أولادنا وعائلاتنا لانقطاع الاتصالات والإنترنت
- أسماء ذياب: قصف منزلنا وتشرد زوجي وأولادي الثلاثة

لم تكن تتوقع المعلمات الفلسطينينات اللاتي قدمن للكويت في التعاقدات الأخيرة، أن بعضهن عندما ودّعن عائلاتهن... كان الوداع الأخير.
فقد تسبب العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة، في الأيام الماضية، في فقد بعض المعلمات عائلاتهن كاملة، أو بعض أفراد عائلاتهن، في مأساة تتكرر مع كل عدوان همجي للمحتل الغاصب الذي يضرب بعرض الحائط كل القوانين الإنسانية.

المعلمات الفلسطينيات المفجوعات بفقد عوائلهن أو بعضها خلال القصف الإسرائيلي لقطاع غزة خلال الأيام الماضية، وجدن تعاطفاً كبيراً من الكويت، حكومة وشعباً، بمواساتهن بمصابهن الأليم، متقدمات بالشكر الجزيل للكويت على هذه المواقف الإنسانية العربية والإسلامية النبيلة التي كان لها الأثر الكبير في نفوسهن.

وذكرن أن معظمهن أتين في الدفعة الأخيرة من المعلمات الفلسطينيات للكويت قبل أشهر، وأن ما يحدث في غزة حالياً هو تدمير شامل وقتل وتهجير للجميع ولا أحد في أمن من الموت هناك.

«الراي» تواصلت مع مجموعة من المعلمات الفلسطينيات في الكويت، للتعرف على ما حدث مع عائلاتهن والأوضاع التي يعيشها أهاليهن هناك.

مصيبة أريج
في البداية، وبصوت يكسوه الحزن والإيمان، أكدت معلمة الرياضيات في ثانوية الطاهرة بنت الحارث، أريج محمد قنن أنها وزميلاتها كن يتابعن أخبار عملية طوفان الأقصى والقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، مشيرة إلى أن القصف الإجرامي تسبب في استشهاد عائلتها بالكامل، وهي مؤلفة من والدها ووالدتها وأختها وأخيها وزوجته وأولاد أخيها الخمسة.

وأوضحت قنن أنها قدمت من قطاع غزة للعمل في الكويت في الدفعة الأخيرة من المعلمين الفلسطينيين التي وصلت للكويت. وقالت «حاولت الاتصال بأختي الأولى للاطمئنان على أهلي فلم ترد عليّ، فاتصلت على أختي الثانية المتزوجة التي تسكن بعيداً عن منزل العائلة، فأخبرتني بأن هناك قصفاً إسرائيلياً على المنطقة، وبعدها أبلغتني بأن منزلنا قد تدمر وهناك إصابات، وبعدها أبلغتني باستشهاد الجميع داخل البيت».

وأشارت إلى أن «معبر رفح مغلق، وهو الطريق الوحيد للذهاب لقطاع غزة وكسب الشهادة معهم»، موضحة أن «الأوضاع في القطاع صعبة جداً فوق أي تصور ممكن».

وتوجهت بالشكر إلى ثانوية الطاهرة بنت الحارث وإدارتها ومعلماتها اللاتي وقفن معها وقدمن واجب التعازي، وكذلك لوزير التربية الذي اتصل بها معزياً، وللوزارة على ما نشرته عبر مواقعها، وكذلك على موقف السفارة الفلسطينية، وعلى رأسها السفير رامي طهبوب الذي حضر وأعضاء السفارة لتقديم واجب العزاء. كما خصت بالشكر الكويت، حكومة وشعباً، على تضامنهم الكبير مع القضية الفلسطينية، لافتة إلى أن «المصاب واحد وقلوبنا مفطورة وصابرون بإذن الله».

وذكرت أن زميلتها المعلمة هبة أبو دان مصابها كبير، حيث إن «القصف طال منزلهم المكون من 5 طوابق في القطاع، وكانت أخواتها المتزوجات هناك، حيث جئن ليحتمين من القصف ولكنهن أتين لحتفهن. نسأل الله أن يصبرها».

مأساة هبة
من جهتها، قالت المعلمة هبة أبو دان إنها فقدت خلال القصف والدها ووالدتها وأخواتها الثلاث وعمها وأبناء عمها الاثنين وجدها وأطفالهم، وعدد كبير من المصابين في منزلهم المكون من خمسة طوابق، حيث سواه القصف بالأرض.

وذكرت هبة أن المصابين من أفراد عائلتها يتمنون الموت من كثرة الإصابات والألم، وأنها تواصلت مع أهلها قبل الحادث بساعتين. وشكرت إدارة مدرستها على ما قدمته لها من مساندة معنوية، مضيفة أنها لم ترَ شعباً عربياً متعاطفاً مع الشعب الفلسطيني مثل الكويت والكويتيين، وقد شعرت بذلك من بكائهم لدى تعزيتها.

وتمنت أن تتمكن من إحضار من تبقى على قيد الحياة من أهلها للكويت حتى نهاية الحرب، لعدم وجود الأمان هناك، لافتة إلى أنه لم يتبق لها في غزة سوى أخت وأخوين.
شهداء وجرحى
من جهتها، قالت المعلمة آلاء نصار إنه تم قصف منزل أهل زوج أختها الذين استشهدوا جميعاً، وتم انتشال جثثهم من تحت أنقاض المنزل، لافتة إلى أنه لغاية الآن لم يتم العثور على جثة أختها داليا خالد نصار، أما بقية العائلة فهم مصابون ونقلوا للمستشفيات أكثر إصاباتهم خطيرة جداً.
وذكرت النصار أن «من كان يسكن المنزل أختي وزوجها وأولادهما، مع أشقاء زوجها وأولادهم في أربع شقق، والمنزل المكون من 3 طوابق هدم بالقصف ونزل إلى نحو 10 أمتار تحت الأرض، وهذا ما صعب الوصول لأختي لنقص المعدات اللازمة للجرف».

وأضافت «لدى خروجي من المدرسة سمعت بأخبار قصف بجوار منزل أختي الثانية، فاتصلت عليهم واطمأننت، وعندها أبلغوني أن منزل أختي داليا هو المستهدف، ولا أحد يعرف مصير من كان فيه في البداية»، مشيرة إلى أن «صاروخ الاحتلال أصاب مطبخ المنزل الذي يقع شمال قطاع غزة حيث كانت أختها تعد الطعام وحتى الآن لا أثر لجثتها». وأشادت بتعاون زميلاتها المعلمات معها، وتواصل السفارة الفلسطينية.

فقد الاتصال

من جهتها، قالت المعلمة إسلام أبو حجر إنها قدمت من قطاع غزة للعمل في شهر أبريل الماضي، متوجهة بالشكر للكويت قيادة وحكومة وشعباً على الدعم الذي يقدمونه للمعلم الفلسطيني، ولاحتضانهم لقضية فلسطين.

وأضافت أبو حجر«أتيت للكويت ضمن مجموعة معلمات وتركنا أزواجنا وأولادنا في القطاع، ونحن نستودعهم الله في كل لحظة، بسبب ما تمر به غزة من تدمير يفوق الوصف»، لافتة إلى أنهن لا يعلمن أي أخبار عن أولادهن وعوائلهن بسبب انقطاع الاتصالات والانترنت هناك.

وتمنت لو كانت حالياً بين أولادها لتموت أو تعيش معهم، راجية من«الجميع الدعاء على كل ظالم ومتكبر والدعاء لأهل غزة فهم بحاجة للدعاء حالياً، ولا نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل». وأشادت بالدعم المعنوي الذي تتلقاه من المعلمات والشعب الكويتي للاطمئنان على عوائلنا في غزة.

تشريد
وذكرت المعلمة أسماء ذياب أنها حضرت للعمل في الكويت في شهر يونيو الماضي، مشيرة إلى أنها تعاني يومياً بسبب بعد أبنائها عنها وعجزها عن استقدامهم ليكونوا بأمان معها.

وقالت«تلقيت بالأمس خبر قصف منزلنا وتشرد زوجي وأولادي الثلاثة، حيث لم يكونوا داخل المنزل عند القصف ولله الحمد، متمنية من وزارة التربية الإسراع في موضوع الالتحاق بعائل كون عقولهن حالياً مع عائلاتهن هناك»، مؤكدة أن الكويت من أكثر الدول وقوفاً مع الشعب الفلسطيني على الدوام. ووجهت رسالة لأبنائها أنها تشتاق لهم كثيراً وتتمنى رؤيتهم في القريب العاجل إن شاء الله.

استشهاد في الساعات الأولى

قال مدرس اللغة الإنكليزية في منطقة الفروانية التعليمية علي الغلبان إنه تلقى نبأ استشهاد أخيه عبدالله، خلال الساعات الأولى من صباح السبت الماضي.

وذكر الغلبان لـ«الراي» انهم 6 إخوة لكن من استشهد كان الأقرب إليه وعمره 32 عاماً، موضحاً أن زملاء أخيه اتصلوا عليه وأبلغوه باستشهاده، ولله الحمد فقد سعى إلى الشهادة ونالها.

وأشاد الغلبان الذي حضر للكويت في الدفعة الأخيرة من المعلمين الفلسطينيين في شهر مايو الماضي، بموقف إدارة المدرسة والمدرسين والسفارة الفلسطينية الذين لم يقصروا وقدموا واجب العزاء.

استثناء لاستقدام الأبناء

قالت المعلمة أبو حجر إنهم لدى وصولهم للكويت كانت عقودهم تتضمن إمكانية استقدام أبنائهم خلال 3 أشهر، «ولكن عند وصولنا وجدنا الاستقدام مغلقاً، وهذا قرار سيادي للدولة يحترمه الجميع، ونتمنى أن يحصل المعلمون والمعلمات الفلسطينيون على استثناء لجلب أبنائنا من غزة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي