من الخميس إلى الخميس

الكويت والصحة والمنافسة على القمة

تصغير
تكبير

المكتب الإقليمي لشرق المتوسط الذي يتبع منظمة الصحة العالمية، هذا المكتب عقد اجتماعه للدورة (70) بالمقر في القاهرة، تم الاجتماع من تاريخ 9 إلى 12 أكتوبر الجاري، في يوم الاثنين 9 أكتوبر عُقدت جلسة نقاش لكيفية مساعدة دول الإقليم لتطبيق أهداف التنمية المستدامة، ولعل من أهم عناصر خطة التنمية المستدامة هي الأمراض المزمنة، تلك الأمراض التي يزداد وقوعها لدينا في دول مجلس التعاون الخليجي.
الأمراض المزمنة أو الأمراض غير السارية لقب يُطلق على أربعة أمراض تنمو على فترات طويلة وتتطور لتفتك بالإنسان وهي تشمل (الأمراض القلبية الوعائية، السرطان، الأمراض التنفسية المزمنة وأخيراً السكري).

هذه الأمراض أصبحت تُشكّل أكثر من 60 في المئة من مجموع الوفيات في العالم، فهي تقتل نحو 36 مليون نسمة ربعهم دون الستين عاماً من العمر.
ولخطورة تلك الأمراض وغيرها اجتمع في نيويورك في سبتمبر 2011، زعماء العالم وخرجوا بإعلان سياسي من أجل تشجيع الدول الأعضاء لتبني إستراتيجية التنمية المستدامة وأهمها ما يتعلق بصحة الإنسان.
لقد وضعت منظمة الصحة العالمية إستراتيجيتها بين عامي 2013 و2020، لمتابعة وتنفيذ هذا الإعلان، ثم أصبحت كل دولة تحت مظلة الأمم المتحدة مُلزمة بهذا الإعلان السياسي، وسوف تتم متابعة الدول ورفع تقرير عن مدى التزامها به.
دول العالم تفاعلت مع هذا الالتزام وفق احترامها لشعبها وتقديرها للإنسان، هناك دول بدأت في العمل الجاد ورصدت الأموال والقوى البشرية لتنفيذ الالتزامات الأربعة المنوطة بكل دولة، وهناك دول ستحقق جزءاً من تلك التوصيات على اعتبار أنّ ما لا يُدرك كله لا يُترك جُلّه، وهناك دول ستقوم باستخدام الكثير من الأحبار لسرد إنجازاتها على الورق، على الورق فقط، وهناك دول ستبقى خارج السرب لا تهتم بما يدور من حولها، تلك هي الزوايا الأربع لدول العالم كما نعرفها.
خطة التصدي للأمراض المزمنة في إعلان الكويت التي اتفق عليها وزراء مجلس التعاون ستكون فرصة كبيرة لدولنا للدخول إلى بوابة الأمم المتقدمة من باب الصحة، لقد أضعنا، في دول المجلس، الكثير من الفرص ولا يصح أن ندع هذه الفرصة تفلت من أيدينا لنثبت لأنفسنا أولاً وأخيراً أننا نهتم بالإنسان ونحترم المواطن.
في الكويت، كانت لدينا لجنة عليا للأمراض المزمنة، واليوم لدينا إدارة نشيطة للأمراض المزمنة، ولدينا أيضاً في الكويت شبكة (ايمان) التي تُحقق لنا جزءاً مهماً من الالتزام الثالث في الخطة الدولية في مجال الترصد والمراقبة والتقييم، لكن هل تأخذ حكومتنا الرشيدة التزام الكويت محمل الجدّ؟، أتمنى ذلك ولكن ما أرصدُهُ من تقدم في مجال تفعيل أهداف التنمية المستدامة، هو تقدم محدود نحتاج فعلاً إلى إطلاق يد إدارة الأمراض المزمنة وتزويدها بقوى بشرية مجتهدة وميزانية قادرة على تفعيل تلك الأهداف.
لدينا تقاعس في مجال الحكومة لاسيما في إشراك القطاعات الأخرى غير القطاع الصحي في عملية مكافحة الأمراض المزمنة ومسبباتها، لكن في المقابل لدينا إنجاز في الالتزام الثاني في مجال الوقاية لاسيما في تقليص الملح الذي قامت به مشكورة إدارة التغذية سابقاً، وأيضاً لدينا الحملات التوعوية من السرطان التي تقوم بها حملة (كان)، وفي مجال تشجيع الرضاعة الطبيعية الذي تقوم بها إدارة التوعية مع رعاية الأمومة والطفولة. ولدينا مكتب إعلامي نشيط يحتاج إلى مزيد من التشجيع.
لدينا أيضاً تقدم كبير في الالتزام الرابع في مجال الرعاية الصحية وهو التقدم الذي أنجزته الكويت بافتتاح مركز الرعاية التلطيفية، في المقابل لدينا تعاون إيجابي بين إدارة الرعاية الأولية وإدارة طب الأسنان والهيئة التمريضية وبين حملة (كان) للتدريب على التقصي والكشف المبكر لأمراض السرطان، في تفعيل دور المنظمات غير الحكومية لدعم خطة أهداف التنمية المستدامة، وهناك أيضاً تحرك قوي من جمعيات أهلية للمشاركة في مكافحة الأمراض المزمنة وعلى رأسها جمعية صندوق إعانة المرضى والجمعية الكويتية التطوعية النسائية للتنمية المجتمعية وجمعية السدرة للرعاية النفسية لمرضى السرطان وغيرهم ممن أعطوا قيمة للعمل التطوعي يستحق من الحكومة أن تفتخر به وتدعمه.
إذاً لدينا مؤشرات، بعضها يمكن البناء عليه ولدينا نواقص لابد من سرعة التحرك لسدّها، الخطط لا تسير بحبرها، الخطة تحتاج إلى ميزانية تُرصد؛ وفرق عمل مجتهدة تنطلق من تلك الإدارة؛ ومؤشرات لمتابعة الإنجازات.
العمل الجاد يحتاج إلى استراتيجية بهدف خلق أجواء عمل إيجابية تنتهي بالتزام وتنفيذ المؤشرات وفق الجدول الزمني المرسوم.
إذا حقق الجهاز الإداري في الكويت المطلوب منه فستكون الكويت ومن يعمل مثلها من دول الخليج عام 2030، دولاً متقدمة صحياً، أما إذا لم نأخذ المسألة بصورة جادة فلن نكون أسوأ دول العالم فهناك دائماً دول أسوأ منا.
المسؤولون الذين ينظرون إلى من هم أسوأ منهم، هؤلاء، يُحسنون الحركة في محلك سر، أما المسؤولون الذين يُحبّون أوطانهم فهم يسعون دائماً إلى المنافسة على القمة، وسنكون جميعاً مع هؤلاء.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي