طوفان الأقصى والمستعبدون أميركياً وصهيونياً
7 أكتوبر 2023
10:00 م
351
عرضت قبل فترة إحدى الفضائيات فيلم ولادة أمة The Birth of a nation، والذي يحكي قصة حقيقية من قصص العبودية في الولايات المتحدة الأميركية، وكان بطلها المناضل الثائر نات تيرنر (1800-1831). ثورة نات، ضد العبودية وطغيانها وظلمها، لربما انتهت إلى إعدامه ورفاقه والكثير من الأبرياء؛ من المواطنين الأميركيين من أصل أفريقي والذين يصطلح عليهم بـ«السود»، الذين قتلوا من غير ذنب حيث لم يشاركوا في الثورة.
تلك الثورة فتحت الباب أمام التحرر من العبودية وأدت إلى العديد من حركات التمرد، وقد انتهت بإقرار الرجل الأبيض بحرية «السود المستعبدين قسرياً»، وذلك بعد التعديل الـ 13 للدستور الأميركي والذي أقرّ منع العبودية في عام 1865، وكذلك بعد التعديلين الـ 14 و15 عامي 1868 و1877 على التوالي، واللذين منحا حق المساواة والحق في التصويت.
قام نات ورفقاؤه بقتل بعض البيض الظلمة ولكن يشاع بأنهم قتلوا أطفالاً وأناساً أبرياء أثناء ثورتهم لنيل حريتهم ورفع الظلم عنهم.
نات تيرنر، اليوم خلّده التاريخ بطلاً لدى السود والبيض على السواء، هذا التخليد قد أتى في ضوء الحكم الكلي على ردة الفعل التي تمثلت في ثورة نات ورفاقه ضد الظلم الأبيض الذي افترس كراماتهم وانتهك حرماتهم ودنّس أعراضهم وسحق كل ما هو إنساني لديهم.
لذا فلا مجال لعقد المقارنة بين الطرفين في ضوء ميزان العدل الذي تمتلئ إحدى دفتيه ظلماً وقتلاً وسحقاً وانتهاك أعراض وتشريداً واستعباداً وسخرة، بينما في الكفة الثانية يكون خضوع وتبعية وشيء من كلمة «لا» أتت أحياناً على شكل ردة فعل قاسية محمولة على غريزة الانتقام والإحساس بالظلم والغبن.
وهكذا لم يكن تمرد نات تيرنر، منقطعاً البتة عن تمرد «ستونو» الذي تم في مدينة شارلستون في ولاية كارولاينا الجنوبية في عام 1739، حينما تجمع عدد قليل من العبيد واقتحموا مخزن أسلحة ورفعوا شعار «ليبرتي» وتعني الحرية، ضد البطش الأبيض المتمثل في الميليشيا الاستيطانية والمدعومة من المستعمر البريطاني، والذي نجح أخيراً في إجهاض ذلك التمرد.
لربما نجح قاتلو نات، بشنقه وتمزيق جثته واستخدام بعض أعضاء جسمه لأغراض تشحيم العربات وأمور أخرى أكثر خسة، لكنهم لم يستطيعوا أن يخفوا الحقيقة وآثارها التي حرّرت ملايين البشر من بعده.
قبل وبعد ثورة نات وقع أكثر من 250 ثورة وتمرد قام بها الأفارقة المستعبدون قسراً في أميركا. شخصيات مثل غابرييل بروسر كأول ثائر ضد العبودية في ولاية فرجينيا والذي تم إعدامه في عام 1800، دون شك قد ألهم ثورة نات.
وكذلك قد ألهمت قضية كازور جون، الذي كان بمثابة أول أفريقي تم استعباده قانونياً بحكم صادر من المحكمة في عام 1654، وهكذا هو الحال في قصة السيدة المناضلة إليزابيث كي جرينيستيد كأول امرأة نالت حريتها بفعل القانون الإنكليزي لترسم معالم طريق تحرر جديد في عام 1662.
كما أن حكاية المناضل دنمارك فيسي، الذي اشترى حريته بورقة يانصيب فاز بها ومن ثم أبدى تحركاً لتحرير زوجته وأبنائه ولكن ذلك كلّفه تهمة الدعوة إلى ثورة ضد الاسياد والتي أعدم بسببها في عام 1822، قد كانت الطاقة المتوهجة التي ألهمت سيلمون نورثبوب، عازف الكمان الذي اختطف في عام 1841، ثم استعبد لمدة اثني عشر عاماً وكافح بمرارة وجلد حتى استعاد حريته أخيراً.
إن كل تلك الشخصيات والحوادث هي التي ألهمت مناضلي الأفارقة الأميركيين الذين ظهروا في القرن العشرين من أمثال مالكوم إكس ومارتن لوثر، وقادوا معركة التحرير إلى نهايتها المعروفة الآن... فلولا التضحيات التي قدمها أسلافهم الذين علقوا على أحبال المشانق وتم حرق جثثهم وبتر أعضاء من أجسادهم وتشريد أسرهم وتعذيبهم شر العذاب لم يصل هؤلاء إلى حريتهم، هكذا هو تاريخ الحرية لا بد وأن يبدأ بتضحيات عظيمة لنيل قيمة إنسانية أعظم.
ومن جهة أخرى، ففي كل قصة لهؤلاء كان هنالك نفر من المثبطين والمنافقين. ولقد خرج أثناء تلك الأحداث من كان يقول ما هي الفائدة، ويجب التسليم للأمر الواقع، والأفضل أن نهادن لأننا الأضعف، ولنكن «عقلانيين» ونرضى بما يقدم إلينا، وخلاف ذلك من شعور الرضوخ والخوف.
هؤلاء بقوا حتى اليوم عبيداً ولم يتحرّروا، بينما من حرّروا أنفسهم هم الذين تحرّروا. على أي حال، في كل قصة من تلك القصص تكمن حلقة تتصل بالأخرى لتمثل جميعها سلسلة طويلة للنضال تراكم بعضها على بعض على شكل موروث إنساني يحمل مآسي الماضي لكي تكون وقود الطاقة للحاضر والمستقبل.
بعض العرب في الجانب الآخر يعانون من هذا الاستعباد بلونه الجديد. إزاء محاولات للاستعباد الأميركي – الصهيوني، يقف الأغلب من العرب والمسلمين في خانة الضد، بينما يقف آخرون في صفوف الرضا الطوعي لذلك الاستعباد المذل.
في فلسطين المحتلة ومنذ عام 1948، يتم سحق وقتل وتشريد الملايين وبشكل علني وسافر أمام أنظار العالم الذي تحاول معظم وسائل إعلامه المتصهينة تقديم صورة مزيّفة عن الواقع لا يتعامل معها إلا الذين في قلوبهم مرض التعصب أو الذل.
ومهما بلغ ذلك الطغيان عنفوانه، فالحتمية التاريخية تفرض حقيقة واحدة لا شك فيها وهي: «إن استمرار النضال سيؤتي ثمار الحرية».
وما هو مؤسف هو أن بعض العرب خصوصاً في المحيط الخارجي لفلسطين يعتقدون بخلاف ذلك! هؤلاء الصنف من البشر الذين يريدون للحرية أن تأتي إليهم ويرونها مجاناً.
إن ما يجري حالياً على أرض فلسطين هو عمل متصل بثورة الشيخ فرحان السعدي في عام 1936، التي أطلقت الثورة الفلسطينية الكبرى ضد المستعمر البريطاني، وتولد عنها حركات الكفاح الفلسطيني في ما بعد.
كما أن ما يتم حالياً على أرض الواقع لا يمكن أن ينقطع عن ذاكرة أول مذبحة ارتكبت في بلدة الشيخ في 31 ديسمبر 1947، على أيدي عصابات الهاغاناه التي أودت بحوالي 600 شهيد من المدنيين العزل.
وعليه، فالنضال سيستمر والحرية ستصل في يوم من الأيام لا محال دون ذلك ولو كره عبيد المال والمستعبدون تطوعاً للصهاينة... هذه هي سُنة التاريخ ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنته تحويلاً، عندها سيذكر التاريخ المآثر الجزية والسخية لهؤلاء الرجال والنساء والأطفال والشيوخ الذين ذهبوا ضحية لتلك المجازر... ولربما سيتم ترجمة بعض من تلك القصص الرائعة برواية عظيمة عنوانها «طوفان الأقصى واستعادة كرامة أمة».
تلك الثورة فتحت الباب أمام التحرر من العبودية وأدت إلى العديد من حركات التمرد، وقد انتهت بإقرار الرجل الأبيض بحرية «السود المستعبدين قسرياً»، وذلك بعد التعديل الـ 13 للدستور الأميركي والذي أقرّ منع العبودية في عام 1865، وكذلك بعد التعديلين الـ 14 و15 عامي 1868 و1877 على التوالي، واللذين منحا حق المساواة والحق في التصويت.
قام نات ورفقاؤه بقتل بعض البيض الظلمة ولكن يشاع بأنهم قتلوا أطفالاً وأناساً أبرياء أثناء ثورتهم لنيل حريتهم ورفع الظلم عنهم.
منذ 9 ساعات
نات تيرنر، اليوم خلّده التاريخ بطلاً لدى السود والبيض على السواء، هذا التخليد قد أتى في ضوء الحكم الكلي على ردة الفعل التي تمثلت في ثورة نات ورفاقه ضد الظلم الأبيض الذي افترس كراماتهم وانتهك حرماتهم ودنّس أعراضهم وسحق كل ما هو إنساني لديهم.
لذا فلا مجال لعقد المقارنة بين الطرفين في ضوء ميزان العدل الذي تمتلئ إحدى دفتيه ظلماً وقتلاً وسحقاً وانتهاك أعراض وتشريداً واستعباداً وسخرة، بينما في الكفة الثانية يكون خضوع وتبعية وشيء من كلمة «لا» أتت أحياناً على شكل ردة فعل قاسية محمولة على غريزة الانتقام والإحساس بالظلم والغبن.
وهكذا لم يكن تمرد نات تيرنر، منقطعاً البتة عن تمرد «ستونو» الذي تم في مدينة شارلستون في ولاية كارولاينا الجنوبية في عام 1739، حينما تجمع عدد قليل من العبيد واقتحموا مخزن أسلحة ورفعوا شعار «ليبرتي» وتعني الحرية، ضد البطش الأبيض المتمثل في الميليشيا الاستيطانية والمدعومة من المستعمر البريطاني، والذي نجح أخيراً في إجهاض ذلك التمرد.
لربما نجح قاتلو نات، بشنقه وتمزيق جثته واستخدام بعض أعضاء جسمه لأغراض تشحيم العربات وأمور أخرى أكثر خسة، لكنهم لم يستطيعوا أن يخفوا الحقيقة وآثارها التي حرّرت ملايين البشر من بعده.
قبل وبعد ثورة نات وقع أكثر من 250 ثورة وتمرد قام بها الأفارقة المستعبدون قسراً في أميركا. شخصيات مثل غابرييل بروسر كأول ثائر ضد العبودية في ولاية فرجينيا والذي تم إعدامه في عام 1800، دون شك قد ألهم ثورة نات.
وكذلك قد ألهمت قضية كازور جون، الذي كان بمثابة أول أفريقي تم استعباده قانونياً بحكم صادر من المحكمة في عام 1654، وهكذا هو الحال في قصة السيدة المناضلة إليزابيث كي جرينيستيد كأول امرأة نالت حريتها بفعل القانون الإنكليزي لترسم معالم طريق تحرر جديد في عام 1662.
كما أن حكاية المناضل دنمارك فيسي، الذي اشترى حريته بورقة يانصيب فاز بها ومن ثم أبدى تحركاً لتحرير زوجته وأبنائه ولكن ذلك كلّفه تهمة الدعوة إلى ثورة ضد الاسياد والتي أعدم بسببها في عام 1822، قد كانت الطاقة المتوهجة التي ألهمت سيلمون نورثبوب، عازف الكمان الذي اختطف في عام 1841، ثم استعبد لمدة اثني عشر عاماً وكافح بمرارة وجلد حتى استعاد حريته أخيراً.
إن كل تلك الشخصيات والحوادث هي التي ألهمت مناضلي الأفارقة الأميركيين الذين ظهروا في القرن العشرين من أمثال مالكوم إكس ومارتن لوثر، وقادوا معركة التحرير إلى نهايتها المعروفة الآن... فلولا التضحيات التي قدمها أسلافهم الذين علقوا على أحبال المشانق وتم حرق جثثهم وبتر أعضاء من أجسادهم وتشريد أسرهم وتعذيبهم شر العذاب لم يصل هؤلاء إلى حريتهم، هكذا هو تاريخ الحرية لا بد وأن يبدأ بتضحيات عظيمة لنيل قيمة إنسانية أعظم.
ومن جهة أخرى، ففي كل قصة لهؤلاء كان هنالك نفر من المثبطين والمنافقين. ولقد خرج أثناء تلك الأحداث من كان يقول ما هي الفائدة، ويجب التسليم للأمر الواقع، والأفضل أن نهادن لأننا الأضعف، ولنكن «عقلانيين» ونرضى بما يقدم إلينا، وخلاف ذلك من شعور الرضوخ والخوف.
هؤلاء بقوا حتى اليوم عبيداً ولم يتحرّروا، بينما من حرّروا أنفسهم هم الذين تحرّروا. على أي حال، في كل قصة من تلك القصص تكمن حلقة تتصل بالأخرى لتمثل جميعها سلسلة طويلة للنضال تراكم بعضها على بعض على شكل موروث إنساني يحمل مآسي الماضي لكي تكون وقود الطاقة للحاضر والمستقبل.
بعض العرب في الجانب الآخر يعانون من هذا الاستعباد بلونه الجديد. إزاء محاولات للاستعباد الأميركي – الصهيوني، يقف الأغلب من العرب والمسلمين في خانة الضد، بينما يقف آخرون في صفوف الرضا الطوعي لذلك الاستعباد المذل.
في فلسطين المحتلة ومنذ عام 1948، يتم سحق وقتل وتشريد الملايين وبشكل علني وسافر أمام أنظار العالم الذي تحاول معظم وسائل إعلامه المتصهينة تقديم صورة مزيّفة عن الواقع لا يتعامل معها إلا الذين في قلوبهم مرض التعصب أو الذل.
ومهما بلغ ذلك الطغيان عنفوانه، فالحتمية التاريخية تفرض حقيقة واحدة لا شك فيها وهي: «إن استمرار النضال سيؤتي ثمار الحرية».
وما هو مؤسف هو أن بعض العرب خصوصاً في المحيط الخارجي لفلسطين يعتقدون بخلاف ذلك! هؤلاء الصنف من البشر الذين يريدون للحرية أن تأتي إليهم ويرونها مجاناً.
إن ما يجري حالياً على أرض فلسطين هو عمل متصل بثورة الشيخ فرحان السعدي في عام 1936، التي أطلقت الثورة الفلسطينية الكبرى ضد المستعمر البريطاني، وتولد عنها حركات الكفاح الفلسطيني في ما بعد.
كما أن ما يتم حالياً على أرض الواقع لا يمكن أن ينقطع عن ذاكرة أول مذبحة ارتكبت في بلدة الشيخ في 31 ديسمبر 1947، على أيدي عصابات الهاغاناه التي أودت بحوالي 600 شهيد من المدنيين العزل.
وعليه، فالنضال سيستمر والحرية ستصل في يوم من الأيام لا محال دون ذلك ولو كره عبيد المال والمستعبدون تطوعاً للصهاينة... هذه هي سُنة التاريخ ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنته تحويلاً، عندها سيذكر التاريخ المآثر الجزية والسخية لهؤلاء الرجال والنساء والأطفال والشيوخ الذين ذهبوا ضحية لتلك المجازر... ولربما سيتم ترجمة بعض من تلك القصص الرائعة برواية عظيمة عنوانها «طوفان الأقصى واستعادة كرامة أمة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي