قد تكون كلمة عوار متعلّقة بالعين التي تشتكي من القذى، ولكن عوار القلب أصبحت تستخدم بين الناس لمن تلمه أعراض في القلب من ضيق بالتنفس أو ضغط في منطقة الصدر، أو خفقان في القلب.
أما مصطلح عوار قلب فارتبط بعصير حلو المذاق، على اعتبار المجاز وهو ربط الشيء الجميل بعوار القلب، وكما يقول الشاعر امرؤ القيس مخاطباً ومعاتباً محبوبته:
أغرّك مني أنّ حبك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي
بسهميك في أعشار قلب مُقتل
وهكذا ارتبط أحياناً مصطلح عوار قلب بالشيء الجميل الذي يخفق القلب بشدة متفاعلاً من جماله أو لذته.
والظاهر أن البعض يعتبر ما هو عواراً ووجعاً للقلب بمثابة شرب عصير عوار قلب، بل من الممكن يكون أكثر لذة منه!
فحقيقة أنه عوار ووجع حقيقي للقلب عندما يتم طرح أمور تبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد المتحابين، والذين يشهد لهم التاريخ من أيام فرح وأيام حزن وتحدٍ وغزو وحروب وانتصارات وإخفاقات، إنهم أبناء وطن واحد متلاحمين لا تفرقهم أمواج الفتن التي تعصف بالعالم.
لكن، إنه حقاً وجع للقلب حقيقي حين تطرح هذه الأمور في أحوج ما تكون الكويت فيه لجهود وتضافر جميع أبنائها لتصحيح مسارات كثيرة في الكويت جعلتها في تراجع عن بعض الدول على النطاق المحلي والعالمي.
الشعب بالكويت ينتظر تنظيم أكبر بالبلاد مهما قامت «المرور» و«التربية» ووزارات الدولة الأخرى ومؤسساتها من تنظيم ودوام مرن، يبقى الزحام في الشوارع سمة مزعجة لكل من يرتاد الشوارع بالكويت في العقدين الأخيرين تقريباً. وذلك انعكاس لقرارات كثيرة غير مدروسة أدت إلى اختلال كبير وسريع في التركيبة السكانية بطريقة شكّلت ضغطاً رهيباً على البنية التحتية وتجاوزاً على قدرتها الاستيعابية.
التعليم يعاني وهناك حاجة لتطوير التعليم من المستويات المدرسية حتى الجامعية، وآخر تراجع هو التراجع في تصنيف جامعة الكويت.
الرياضة، حدث ولا حرج، تراجع كبير في تصنيف الكويت في كثير من الألعاب الرياضية على رأسها كرة القدم، والمشاكل التي يعاني منها الشباب الرياضي في الأندية والمدربون والعاملون فيها خصوصاً في كرة القدم الأكثر شعبية.
لقد كانت الكويت الأولى في الخليج وفي آسيا أما الآن فلا يحتاج المرء إلى قراءة، كم تراجعت مرتبة الكويت في العالم بكرة القدم، فيكفي رؤية هزيمة منتخب الكويت أمام كوريا الجنوبية، التي كانت الكويت لها خصماً لدوداً في الكرة في السابق.
خارجياً تواجه الكويت تحديات، فدول الخليج الأخرى ودول العالم تقوم بتوقيع اتفاقيات التجارة المختلفة مع الصين وغيرها ليكون لها نصيب في طريق الحرير الجديد، أو أن يكون لها دور في الحزام والطريق، والكويت مازالت ليست مستعدة لاجتذاب المستثمرين والتجار والمستهلكين من الشرق في إيران وما خلفها، وهو دور كانت الكويت تلعبه عبر تاريخها، في الوقت نفسه انفتحت دول خليجية أخرى في علاقاتها الخارجية بما يحفظ مصالحها التجارية والاقتصادية، والاستفادة من الطرق التجارية المستقبلية. ومن التحديات التي تواجه الكويت الادعاءات التي تقوم بها بعض الجهات في العراق، حول تنظيم الملاحة في خور عبدالله، وتحرك هذه الجهات المخالف للاتفاقيات السابقة مع الكويت تحرك غريب ومشبوه ولا يخدم أحداً، خصوصاً أن البلدين وقّعا وصدّقا على اتفاقية تنظيم الملاحة في الخور في 2012.
تأتي هذه الادعاءات المؤسفة، في وقت قد حان ليكون التعاون في أعلى درجاته بين البلدين الجارين، وطي صفحة الادعاءات التاريخية السابقة، التي جلبت الويل على البلدين والمنطقة وأدت في نهايتها إلى غزو العراق للكويت في عهد النظام العراقي السابق.
في هذا الوقت، وأمام التحديات التي تواجهها الكويت، والأمنيات التي يعيشها أبناؤها بغد أفضل للبلاد، يأتي من يطرح أموراً تفرق أبناء الوطن، أموراً تهدم ولا تبني، أموراً تقود أي دولة لتصبح دولة فاشلة، وما بعد فشل الدول قد يأتي الخراب، وهذا ما لا تستحقه الكويت، وما لا يرضاه شعبها.
يجب ألا يسمح أحد لنفسه أن يقول أي كلمة قد تؤدي إلى الفرقة بين أبناء الوطن المتحابين في أغلبيتهم الساحقة، يجب ألا تسمح الحكومة لأي كان أن يعبث تحت أي مسمى كان بالأمن الاجتماعي الذي يعيشه أبناء البلد الواحد، الشوارع ممكن تنصلح بالاسفلت، الإدارة ممكن تنصلح بالنظام والالتزام، لكن العبث في أمن الناس والمواطن وبث أفكار تثير التفرقة، أمر غير مقبول، لأن رأب صدعه أصعب من إصلاح الحائط المصدوع، وفي دول العالم التي استسلمت للفتن خير دليل.
خير رد على أطروحات التفرقة بين أبناء الوطن، هو الإنجازات في كل الصعد، والإنجازات والنهوض في البلاد لا يأتي عبر الفولكلورات وكلمات الأغاني الوطنية وما أكثرها هنا، بل يأتي عبر المعاني الوطنية المتمثلة بالإنجازات الحقيقية بالإدارة والتنظيم العمراني، والصناعة وإنشاء المؤسسات التعليمية المتميزة، ودعم الشباب عبر دعم الأندية الرياضة التي تراوح مكانها في مراتب متأخرة بسبب الشلليات والمحسوبيات والمصالح الضيقة.
تحتاج الكويت إلى صناعة تفتخر بها، وتجارة تجول العالم فيها، ورياضة تحصد الميدليات عبرها، وعلم سنا نوره يخطف الأبصار.
هذا ما تحتاجه الكويت، هي تحتاج إلى إنجازات ونهضة يقوم بها الشباب ويفتخرون بها، وآخر شيء تحتاجه أو لا تحتاجه الكويت بالمرة هو الفتن والعصبيات وأصحابها.