هل تنجح «غوغل» في حماية جدار الكويت ومؤسساتها من الجرائم الإلكترونية
«هاكر المالية»... سيرة وانفتحت عن استعدادات الحكومة لمواجهة غزوات القراصنة
- «المالية»: منفّذو الهجمة نسخوا مستندات لـ «أملاك الدولة» مثل عقود إيجار الشاليهات وصور بطاقات مدنية
- موظفو الوزارة لجأوا لاستخدام الورقة والقلم لإنجاز أعمالهم تحوطاً من فخ الثغرات
- الاختراق ليس حدثاً خاصاً بالكويت... فـ «الهاكرز» ضربوا مواقع عالمية مُحصّنة لحكومات وشركات كبرى
- العالم السيبراني يتضمن حقيقة مفادها أن الاختراقات تحدث دائماً وتزداد وتيرتها وشدتها بمرور الزمن
- 10.5 تريليون دولار سنوياً فاتورة أضرار الجرائم الإلكترونية العالمية بحلول 2025
- 8.4 تريليون قُرصنت عالمياً في 2022 دون أن تتمكن أي جهة من ردع المخترقين
قبل 10 أيام كانت كل سيرة تُفتح عن وزارة المالية لا تخرج عن نطاق ملفات تقليدية محددة، يأتي في مقدمتها العجز المالي المقدّر عن السنة المالية الحالية بنحو 6.8 مليار دينار رغم تبوؤ الصندوق السيادي المرتبة الثانية خليحياً بحجم أصول تقارب 800 مليار دولار، وبلوغ أسعار النفط مستوى 100 دولار للمرة الأولى منذ أكثر من عام.
وبالطبع، لا يمكن تجاهل «أم الملفات» التي فجرها نائب رئيس الوزراء وزير النفط الدكتور سعد البراك عندما أعرب عن أسفه «لعدم تنفيذ شيء من رؤية الكويت 2035»، وأنه «سيتم العمل لتطوير هذا الرؤية خلال السنوات المقبلة وقد تمتد إلى 2040».
لكن منذ يوم 18 الشهر الجاري شيء ما تغير في «المالية»، حيث لم تعد مثل هذه المحاور مادة دسمة للنقاش وتحظى بالزخم نفسه، رغم استمرار جوهر أهميتها مالياً واقتصادياً.
فبعد أن عكّر «الهاكر» صفو النقاش الكلاسيكي الذي عادة ما يرتبط بملفات «المالية» من خلال توجيه هجمة سيبرانية لم تنكرها الوزارة، ونسج في سردها إشاعات وقصصاً مرنة تتغير يومياً عن قدرة الوزارة للتصدي للاختراق، بات الحديث عن قرصنة موقع «المالية» أكثر سخونة بعد الإعلان المنسوب أخيراً لـ«هاكر» يعرض خلاله بيانات يدعي أنه نجح في الحصول عليها بعد اختراق أحد أنظمة الوزارة للبيع، وحدد مبلغ «الفدية» المطلوبة بـ15 «بيتكوين» أي نحو 400 ألف دولار، فيما أعطى الوزارة 7 أيام مهلة إذا أرادت استرجاع بياناتها مقابل دفع «الفدية» أو البيع... لمن يدفع.
وفي بيان لـ«المالية» أمس، أفادت الوزارة بأن منفّذي الهجمة السيبرانية قاموا بنسخ بعض مستندات إدارة عقود أملاك الدولة مثل عقود إيجار الشاليهات وبعض الأراضي، إضافة إلى بعض صور البطاقات المدنية سارية المفعول ومنتهية الصلاحية، موضحة أن هذه المستندات لم تُتلف من قبل منفّذي الهجمة وأن الوزارة لا تزال تحتفظ بنسخ إضافية من هذه المستندات.
حديث شعبي
ونتيجة حتمية لما سبق تحوّل الحديث عن الهجمة السيبرانية على موقع الوزارة إلى نقاش أوسع تطرق لآثارها من وجهات نظر مختلفة، وبأسئلة تفصيلية متصلة، يتقدمها مصير رواتب الشهر الجاري والتي طمأنت الوزارة أكثر من مرة إلى عدم تأثرها إطلاقاً بالهجوم الفيروسي الذي تعرضت له.
ومن نظرة أكثر شمولية يبرز السؤال عن مدى قدرة بنية الحكومة تكنولوجياً واحترازياً على مواجهة هجمات القراصنة مستقبلاً من مواقعها المختلفة، خصوصاً النقدية وذات الأوعية الاستثمارية، ومراكز الحوسبة السحابية التي تعتزم الكويت إنشاءها ضمن شراكتها الإستراتيجية التي وقّعتها أخيراً مع شركة غوغل لتنفيذ برنامج تحول رقمي شامل في الهيئات الحكومية والشركات الرئيسية المملوكة للدولة؟
التحول الرقمي
بالطبع، يُعوَّل كثيراً على تحالف الحكومة مع «غوغل» للاستفادة من تكنولوجيا «Google Cloud» المبتكرة وخبرتها في مجال البيانات والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، للوفاء بالتزامها في تنفيذ التحول الرقمي كإحدى أولوياتها الوطنية الرئيسية في السنوات المقبلة مع تقوية جداراتها التقنية في مواجهة غزوات القراصنة التي ستتجدد مستقبلاً سواء على الكويت أو عالمياً.
وفي هذا الخصوص، قالت مصادر مسؤولة لـ«الراي» إن الشراكة المرتقبة بين الكويت و«غوغل» تضمن للبلاد عدم تعرض بياناتها لأي اختراقات، وإنه لو كانت هذه الشراكة مفعّلة منذ فترة وبنت الشركة منطقة الحوسبة المستهدفة محلياً لما نجح «الهاكر» في اختراق موقع «المالية»، وذلك استناداً إلى قدرة «غوغل» العملاقة تقنياً وصرفها الضخم واستثماراتها الكبيرة على برامج الحماية وتقوية مصدّاتها تجاه الهجمات الإلكترونية، ما يجعل من الصعب جداً اختراق بيانات عملائها من الدول.
أنظمة الوزارة
أما بالنسبة لمخاوف تأثر الرواتب بالقرصنة، فأكدت «المالية» أن جميع البيانات الخاصة برواتب العاملين في الجهات الحكومية لا تُخزّن في أنظمة الوزارة، وأن المعاملات المالية لجميع هذه الجهات مستمرة وتسير بشكلها الطبيعي.
واحترازياً اتبعت «المالية» على مدى الأيام الـ10 الماضية حسب إعلانها الرسمي بروتوكولاً حمائياً ضد الهجمة السيبرانية التي تعرّضت لها، تخلّت خلاله عن العمل الآلي في غالبية أعمالها اليومية، وذلك ضمن إطار عمل صارم ومنهجي للتعافي من آثار الهجمة السيبرانية ولمتابعة كل ما يستجد وكل ما يتعلق بهذا الهجوم والتعامل معه بكل مهنية.
وأشارت مصادر إلى أن شريحة من موظفي الوزارة لجأوا إلى استخدام الورقة والقلم لإنجاز أعمالهم تحوطاً من الوقوع في فخ الثغرات الأمنية.
تحدّ عالمي
ومن باب الموضوعية، يتعين الإشارة إلى أن تعرض موقع وزارة المالية لمحاولة اختراق ليس حدثاً خاصاً بالكويت، ولكنه تحدّ عالمي، فمعلوم أن «الهاكرز» نجحوا عالمياً في اختراق مواقع محصّنة بينها استهداف روسيا لمرافق أوكرانية، وفيروسات الفدية ضد المستشفيات والجامعات في أميركا، بجانب اختراقات ضخمة لشركات تقنية عملاقة، كلها كانت مكلفة للغاية، سواء من ناحية الأموال أو البيانات التي أصبحت الكنز الجديد في عالمنا المعاصر.
وتكفي الإشارة هنا إلى التقرير السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2023 المنعقد في شهر يناير الماضي، والذي توقع فيه 91 في المئة من قادة الأعمال والمختصين في القطاع السيبراني احتمالية وقوع حدث أمني إلكتروني كارثي واسع النطاق خلال العامين المقبلين.
مضاعفة الكلفة
يتوقع تقرير لشركة «سايبر سيكيورتي فينشرز» تضاعف تكاليف أضرار الجرائم الإلكترونية العالمية 15 في المئة سنوياً على مدار السنوات المقبلة، لتصل نحو 10.5 تريليون دولار سنوياً بحلول 2025، بعد أن وصلت 3 تريليونات في 2015.
ومن باب الموضوعية أيضاً القول إنه في عالم الأمن السيبراني، هناك حقيقة مؤكدة، مفادها أن الاختراقات تحدث دائماً، وتزداد وتيرتها وشدتها بمرور الزمن في صناعة كلّفت عالمياً العام الماضي نحو 8.4 تريليون دولار دون أن تتمكن جهة ما من ردع المخترقين الذين يطوّرون أساليبهم دائماً.
وهنا قد يكون مفيداً الإشارة إلى أشهر عمليات الاختراق عالمياً والتي رصد بعضها موقع «بلوج باركلى» الأميركى، وشملت حكومات وشركات كبرى تعرضت للاختراق، وفي ما يلى أبرزها:
هجمات أوكرانيا:
شكّلت أوكرانيا الحدث الأهم في مجال الأمن السيبراني العام الماضي، حيث عانت من هجمات سيبرانية عدة على يد مجموعات مخترقين، شملت شنّ نحو 6 هجمات من النوع الذي يمحو البيانات، عبر برمجيات خبيثة صُممت لهدف واحد وهو تدمير البيانات بالكامل.
قرصنة كوستاريكا:
في أبريل الماضي، أعلنت حكومة كوستاريكا حالة الطوارئ بعد وقوعها فريسة لهجمات إلكترونية بفيروسات الفدية، أصابت مصالح وخدمات حكومية حساسة بالشلل، وخسائر بملايين الدولارات، ونفذت الهجوم عصابة «كونتي»، التي طلبت 20 مليون دولار مقابل استعادة البيانات، لكن كوستاريكا رفضت الدفع.
اختراق الهند:
في 2018، شهدت قاعدة بيانات الهوية الحكومية الهندية «أدهار» التى يتم تخزين بيانات المواطنين فيها تسريب بيانات 1.1 مليار مواطن من النظام، ما أدى لإعطاء أي شخص حق الوصول للمعلومات.
وكالة ناسا:
في 1999، اضطرت وكالة ناسا لإغلاق أنظمتها بعدما تعرّضت لعملية اختراق، إذ اعتقدت السلطات في البداية أن قوة أجنبية نفّذت الهجوم الذي استهدف 13 نظاماً، واتضح بعد ذلك أن منفذ الهجوم مراهق يشعر بالملل. واضطرت «ناسا» إلى إغلاق شبكتها 3 أسابيع كاملة للتحقيق في الانتهاك، وبلغت تكلفة الإغلاق 41 ألف دولار إضافية.
ومن الحكومات إلى حوادث اختراق شركات تقنية عملاقة، ربما أشهرها:
شركة «Viasat»:
«Viasat» شركة أميركية للاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، كان يستخدمها الجيش الأوكراني والمدنيون، عُرف الهجوم عليها باسم «أسيد رين»، واستهدف أجهزة المودم الخاصة بالشركة، وسبّب خسائر ضخمة بالاتصالات بداية الحرب، فيما تسبب الهجوم في قطع الاتصالات عن المواطنين الذين يستخدمون اتصالات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في معظم أرجاء أوروبا.
حادثة «أوبر»:
هناك حادثة مشهورة لمراهق صغير، يبلغ من العمر 18 عاماً، اخترق أنظمة شركة أوبر، حيث تفاجأ موظفو الشركة برسالة على تطبيق التواصل الداخلي الخاص بهم «سلاك» من شخص يدّعي أنه «مخترق» وأنه استولى على بيانات الشركة.
خوادم «إنفيديا»:
في فبراير 2022، ادعت مجموعة «هاكرز» تُعرف باسم «لابسوس$» نجاحها في اختراق خوادم «إنفيديا»، وسرقة نحو 1 تيرابايت من بيانات الشركة، بما في ذلك بيانات أكثر من 70 ألف موظف، وطالبت الشركة حينها بإزالة خاصية في بطاقاتها الرسومية تقلل عمليات تعدين العملات المشفرة، وهددت بتسريب البيانات المسروقة إذا لم تنفذ الشركة مطالبها، وبعدها بشهر، أعلنت شركة مايكروسوفت تعرُّضها لاختراق محدود من المجموعة نفسها.
بيانات «فيسبوك»:
في 17 مارس 2018، تعرضت شركة فيسبوك، لاختراق بيانات ما لا يقل عن 87 مليون مستخدم، وحينها ظهرت تقارير عن كيفية قيام شركة بيانات سياسية تدعى «كامبريدج أناليتيكا» بجمع المعلومات الشخصية لـ50 مليون مستخدم في «فيسبوك»عبر تطبيق يزيل تفاصيل عن الشخصيات، والشبكات الاجتماعية، والمشاركة على المنصة.
«غوغل بلس»:
فى ديسمبر 2018، أعلنت «ألفابت» الشركة الأم لـ«غوغل» أنها ستغلق شبكة التواصل الاجتماعى التابعة لها «غوغل بلس» فى أبريل 2019، وذلك قبل 4 أشهر من الموعد المقرر لها، بعد العثور على خلل فى البرامج للمرة الثانية سمح لتطبيقات الشركاء بالوصول إلى بيانات المستخدمين الخاصة، إذ أثّر الخطأ على 52.5 مليون حساب.
حدث كارثي العامين المقبلين
في التقرير السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2023 المنعقد في يناير الماضي، توقع 91 في المئة من قادة الأعمال والمختصين بالقطاع السيبراني احتمالية وقوع حدث أمني إلكتروني كارثي واسع النطاق خلال العامين المقبلين.
وأرجعوا السبب لعدم استقرار الوضع الجيوسياسي الناتج عن الحرب الروسية-الأوكرانية، والخلافات التجارية بين أميركا والصين.
وبالطبع، لا يمكن تجاهل «أم الملفات» التي فجرها نائب رئيس الوزراء وزير النفط الدكتور سعد البراك عندما أعرب عن أسفه «لعدم تنفيذ شيء من رؤية الكويت 2035»، وأنه «سيتم العمل لتطوير هذا الرؤية خلال السنوات المقبلة وقد تمتد إلى 2040».
لكن منذ يوم 18 الشهر الجاري شيء ما تغير في «المالية»، حيث لم تعد مثل هذه المحاور مادة دسمة للنقاش وتحظى بالزخم نفسه، رغم استمرار جوهر أهميتها مالياً واقتصادياً.
فبعد أن عكّر «الهاكر» صفو النقاش الكلاسيكي الذي عادة ما يرتبط بملفات «المالية» من خلال توجيه هجمة سيبرانية لم تنكرها الوزارة، ونسج في سردها إشاعات وقصصاً مرنة تتغير يومياً عن قدرة الوزارة للتصدي للاختراق، بات الحديث عن قرصنة موقع «المالية» أكثر سخونة بعد الإعلان المنسوب أخيراً لـ«هاكر» يعرض خلاله بيانات يدعي أنه نجح في الحصول عليها بعد اختراق أحد أنظمة الوزارة للبيع، وحدد مبلغ «الفدية» المطلوبة بـ15 «بيتكوين» أي نحو 400 ألف دولار، فيما أعطى الوزارة 7 أيام مهلة إذا أرادت استرجاع بياناتها مقابل دفع «الفدية» أو البيع... لمن يدفع.
وفي بيان لـ«المالية» أمس، أفادت الوزارة بأن منفّذي الهجمة السيبرانية قاموا بنسخ بعض مستندات إدارة عقود أملاك الدولة مثل عقود إيجار الشاليهات وبعض الأراضي، إضافة إلى بعض صور البطاقات المدنية سارية المفعول ومنتهية الصلاحية، موضحة أن هذه المستندات لم تُتلف من قبل منفّذي الهجمة وأن الوزارة لا تزال تحتفظ بنسخ إضافية من هذه المستندات.
حديث شعبي
ونتيجة حتمية لما سبق تحوّل الحديث عن الهجمة السيبرانية على موقع الوزارة إلى نقاش أوسع تطرق لآثارها من وجهات نظر مختلفة، وبأسئلة تفصيلية متصلة، يتقدمها مصير رواتب الشهر الجاري والتي طمأنت الوزارة أكثر من مرة إلى عدم تأثرها إطلاقاً بالهجوم الفيروسي الذي تعرضت له.
ومن نظرة أكثر شمولية يبرز السؤال عن مدى قدرة بنية الحكومة تكنولوجياً واحترازياً على مواجهة هجمات القراصنة مستقبلاً من مواقعها المختلفة، خصوصاً النقدية وذات الأوعية الاستثمارية، ومراكز الحوسبة السحابية التي تعتزم الكويت إنشاءها ضمن شراكتها الإستراتيجية التي وقّعتها أخيراً مع شركة غوغل لتنفيذ برنامج تحول رقمي شامل في الهيئات الحكومية والشركات الرئيسية المملوكة للدولة؟
التحول الرقمي
بالطبع، يُعوَّل كثيراً على تحالف الحكومة مع «غوغل» للاستفادة من تكنولوجيا «Google Cloud» المبتكرة وخبرتها في مجال البيانات والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، للوفاء بالتزامها في تنفيذ التحول الرقمي كإحدى أولوياتها الوطنية الرئيسية في السنوات المقبلة مع تقوية جداراتها التقنية في مواجهة غزوات القراصنة التي ستتجدد مستقبلاً سواء على الكويت أو عالمياً.
وفي هذا الخصوص، قالت مصادر مسؤولة لـ«الراي» إن الشراكة المرتقبة بين الكويت و«غوغل» تضمن للبلاد عدم تعرض بياناتها لأي اختراقات، وإنه لو كانت هذه الشراكة مفعّلة منذ فترة وبنت الشركة منطقة الحوسبة المستهدفة محلياً لما نجح «الهاكر» في اختراق موقع «المالية»، وذلك استناداً إلى قدرة «غوغل» العملاقة تقنياً وصرفها الضخم واستثماراتها الكبيرة على برامج الحماية وتقوية مصدّاتها تجاه الهجمات الإلكترونية، ما يجعل من الصعب جداً اختراق بيانات عملائها من الدول.
أنظمة الوزارة
أما بالنسبة لمخاوف تأثر الرواتب بالقرصنة، فأكدت «المالية» أن جميع البيانات الخاصة برواتب العاملين في الجهات الحكومية لا تُخزّن في أنظمة الوزارة، وأن المعاملات المالية لجميع هذه الجهات مستمرة وتسير بشكلها الطبيعي.
واحترازياً اتبعت «المالية» على مدى الأيام الـ10 الماضية حسب إعلانها الرسمي بروتوكولاً حمائياً ضد الهجمة السيبرانية التي تعرّضت لها، تخلّت خلاله عن العمل الآلي في غالبية أعمالها اليومية، وذلك ضمن إطار عمل صارم ومنهجي للتعافي من آثار الهجمة السيبرانية ولمتابعة كل ما يستجد وكل ما يتعلق بهذا الهجوم والتعامل معه بكل مهنية.
وأشارت مصادر إلى أن شريحة من موظفي الوزارة لجأوا إلى استخدام الورقة والقلم لإنجاز أعمالهم تحوطاً من الوقوع في فخ الثغرات الأمنية.
تحدّ عالمي
ومن باب الموضوعية، يتعين الإشارة إلى أن تعرض موقع وزارة المالية لمحاولة اختراق ليس حدثاً خاصاً بالكويت، ولكنه تحدّ عالمي، فمعلوم أن «الهاكرز» نجحوا عالمياً في اختراق مواقع محصّنة بينها استهداف روسيا لمرافق أوكرانية، وفيروسات الفدية ضد المستشفيات والجامعات في أميركا، بجانب اختراقات ضخمة لشركات تقنية عملاقة، كلها كانت مكلفة للغاية، سواء من ناحية الأموال أو البيانات التي أصبحت الكنز الجديد في عالمنا المعاصر.
وتكفي الإشارة هنا إلى التقرير السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2023 المنعقد في شهر يناير الماضي، والذي توقع فيه 91 في المئة من قادة الأعمال والمختصين في القطاع السيبراني احتمالية وقوع حدث أمني إلكتروني كارثي واسع النطاق خلال العامين المقبلين.
مضاعفة الكلفة
يتوقع تقرير لشركة «سايبر سيكيورتي فينشرز» تضاعف تكاليف أضرار الجرائم الإلكترونية العالمية 15 في المئة سنوياً على مدار السنوات المقبلة، لتصل نحو 10.5 تريليون دولار سنوياً بحلول 2025، بعد أن وصلت 3 تريليونات في 2015.
ومن باب الموضوعية أيضاً القول إنه في عالم الأمن السيبراني، هناك حقيقة مؤكدة، مفادها أن الاختراقات تحدث دائماً، وتزداد وتيرتها وشدتها بمرور الزمن في صناعة كلّفت عالمياً العام الماضي نحو 8.4 تريليون دولار دون أن تتمكن جهة ما من ردع المخترقين الذين يطوّرون أساليبهم دائماً.
وهنا قد يكون مفيداً الإشارة إلى أشهر عمليات الاختراق عالمياً والتي رصد بعضها موقع «بلوج باركلى» الأميركى، وشملت حكومات وشركات كبرى تعرضت للاختراق، وفي ما يلى أبرزها:
هجمات أوكرانيا:
شكّلت أوكرانيا الحدث الأهم في مجال الأمن السيبراني العام الماضي، حيث عانت من هجمات سيبرانية عدة على يد مجموعات مخترقين، شملت شنّ نحو 6 هجمات من النوع الذي يمحو البيانات، عبر برمجيات خبيثة صُممت لهدف واحد وهو تدمير البيانات بالكامل.
قرصنة كوستاريكا:
في أبريل الماضي، أعلنت حكومة كوستاريكا حالة الطوارئ بعد وقوعها فريسة لهجمات إلكترونية بفيروسات الفدية، أصابت مصالح وخدمات حكومية حساسة بالشلل، وخسائر بملايين الدولارات، ونفذت الهجوم عصابة «كونتي»، التي طلبت 20 مليون دولار مقابل استعادة البيانات، لكن كوستاريكا رفضت الدفع.
اختراق الهند:
في 2018، شهدت قاعدة بيانات الهوية الحكومية الهندية «أدهار» التى يتم تخزين بيانات المواطنين فيها تسريب بيانات 1.1 مليار مواطن من النظام، ما أدى لإعطاء أي شخص حق الوصول للمعلومات.
وكالة ناسا:
في 1999، اضطرت وكالة ناسا لإغلاق أنظمتها بعدما تعرّضت لعملية اختراق، إذ اعتقدت السلطات في البداية أن قوة أجنبية نفّذت الهجوم الذي استهدف 13 نظاماً، واتضح بعد ذلك أن منفذ الهجوم مراهق يشعر بالملل. واضطرت «ناسا» إلى إغلاق شبكتها 3 أسابيع كاملة للتحقيق في الانتهاك، وبلغت تكلفة الإغلاق 41 ألف دولار إضافية.
ومن الحكومات إلى حوادث اختراق شركات تقنية عملاقة، ربما أشهرها:
شركة «Viasat»:
«Viasat» شركة أميركية للاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، كان يستخدمها الجيش الأوكراني والمدنيون، عُرف الهجوم عليها باسم «أسيد رين»، واستهدف أجهزة المودم الخاصة بالشركة، وسبّب خسائر ضخمة بالاتصالات بداية الحرب، فيما تسبب الهجوم في قطع الاتصالات عن المواطنين الذين يستخدمون اتصالات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في معظم أرجاء أوروبا.
حادثة «أوبر»:
هناك حادثة مشهورة لمراهق صغير، يبلغ من العمر 18 عاماً، اخترق أنظمة شركة أوبر، حيث تفاجأ موظفو الشركة برسالة على تطبيق التواصل الداخلي الخاص بهم «سلاك» من شخص يدّعي أنه «مخترق» وأنه استولى على بيانات الشركة.
خوادم «إنفيديا»:
في فبراير 2022، ادعت مجموعة «هاكرز» تُعرف باسم «لابسوس$» نجاحها في اختراق خوادم «إنفيديا»، وسرقة نحو 1 تيرابايت من بيانات الشركة، بما في ذلك بيانات أكثر من 70 ألف موظف، وطالبت الشركة حينها بإزالة خاصية في بطاقاتها الرسومية تقلل عمليات تعدين العملات المشفرة، وهددت بتسريب البيانات المسروقة إذا لم تنفذ الشركة مطالبها، وبعدها بشهر، أعلنت شركة مايكروسوفت تعرُّضها لاختراق محدود من المجموعة نفسها.
بيانات «فيسبوك»:
في 17 مارس 2018، تعرضت شركة فيسبوك، لاختراق بيانات ما لا يقل عن 87 مليون مستخدم، وحينها ظهرت تقارير عن كيفية قيام شركة بيانات سياسية تدعى «كامبريدج أناليتيكا» بجمع المعلومات الشخصية لـ50 مليون مستخدم في «فيسبوك»عبر تطبيق يزيل تفاصيل عن الشخصيات، والشبكات الاجتماعية، والمشاركة على المنصة.
«غوغل بلس»:
فى ديسمبر 2018، أعلنت «ألفابت» الشركة الأم لـ«غوغل» أنها ستغلق شبكة التواصل الاجتماعى التابعة لها «غوغل بلس» فى أبريل 2019، وذلك قبل 4 أشهر من الموعد المقرر لها، بعد العثور على خلل فى البرامج للمرة الثانية سمح لتطبيقات الشركاء بالوصول إلى بيانات المستخدمين الخاصة، إذ أثّر الخطأ على 52.5 مليون حساب.
حدث كارثي العامين المقبلين
في التقرير السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2023 المنعقد في يناير الماضي، توقع 91 في المئة من قادة الأعمال والمختصين بالقطاع السيبراني احتمالية وقوع حدث أمني إلكتروني كارثي واسع النطاق خلال العامين المقبلين.
وأرجعوا السبب لعدم استقرار الوضع الجيوسياسي الناتج عن الحرب الروسية-الأوكرانية، والخلافات التجارية بين أميركا والصين.