أكد أن «مجموعة الخمس موحّدة تماماً ومنزعجة للغاية»
لودريان بـ «البريد العاجل»: الخيار الثالث رئاسياً أو وقف تمويل لبنان
رعد مستقبلاً سعود بن عبدالرحمن آل ثاني
- قائد الجيش «لن يرفض حمْل المشعل الإنقاذي وآنذاك لكل حادث حديث»
بـ «البريدِ الديبلوماسي العاجِل»، وجّه الموفدُ الفرنسي جان - ايف لودريان أمس رسالةً بالغةَ الأهمية كرّستْ «رسمياً» انتقال الملف الرئاسي في لبنان والمبادرات الخارجية التي تتمحور حوله إلى مرحلةِ «الخيار الثالث» الذي يُعتبر «الاسمَ الحَرَكي» لطيّ صفحة مرشح قوى «الممانعة» (بقيادة «حزب الله») سليمان فرنجية، والمرشّح الذي دعمتْه غالبية المعارضة بتقاطُعٍ مع «التيار الوطني الحر» جهاد أزعور.
ولم يكن عابراً أن يطلّ لودريان، بعد 11 يوماً من مغادرته بيروت وقبل أيام من عودةٍ مرتقبة الشهر المقبل لاستكمال مَهمته الرئاسية، داعياً المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد «خيار ثالث» لحلّ أزمة الرئاسة، معتبراً في مقابلة مع «فرانس برس» أن «من المهمّ أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث»، ومنبّهاً من أن «المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنها في دائرة الخطر الشديد»، ولافتاً إلى أن الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني «موحّدة تماماً ومنزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويل لبنان في وقت يتمادى المسؤولون السياسيون في عدم تَحَمُّل المسؤولية».
وبدا واضحاً وفق أوساط واسعة الاطلاع أنه بعد المناخات عن تبايناتٍ بين شركاء «مجموعة الخمس» حول لبنان (تضمّ الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر وقطر) عبّرتْ عن نفسها خلال اجتماعِ ممثليها الأسبوع الماضي في نيويورك، ولا سيما حيال «فائض المرونة» في موقف باريس وعدم وضع ضوابط زمنية لمبادرتها، أن فرنسا باتت على «الموجة نفسها» مع المجموعة وانخرطت تحت سقفها و«تحدّثت باسمها موحّدةً» في اتجاهين:
أولهما تعبير لودريان عن انزعاج المجموعة من استمرار المماطلة في الملف الرئاسي الذي يَدخل بعد 34 يوماً العام الثاني... فراغ.
وثانيهما التلويح ببدء تطبيق الإجراءات التي جرى التهديد بها في بيان اللقاء الخماسي عقب اجتماع الدوحة في يوليو الماضي، وذلك عبر تلميح لودريان لإمكان وقف المساعدات المالية كـ «أول الغيث». وهو قال رداً على سؤال حول هل لا يزال احتمالُ فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون إنهاء الأزمة مطروحاً «من الواضح أنها فرضية» مطروحة، وذلك في موازاة إصراره على أن «الاستفاقة لا تزال ممكنة».
وبهذا الموقف المتقدّم، الذي بدا معه أن الدورَ الفرنسي «استفاق من سبات» بعد الانطباع الذي ساد عقب الجولة الثالثة من مهمة لودريان (بين 12 و15 سبتمبر) بأنه بات في حُكْم المنتهي مع إحباط محاولته استدراج جميع الأطراف الى حوارٍ تحت عنوان «نقاش» جامع، يكون تأكد المؤكد لجهة أن الموفد الفرنسي أثار في لقاءاته الأخيرة في بيروت مسألة الخيار الثالث كمنطلق لحلّ الأزمة، وهو أكد لـ «فرانس برس» أمس في إشارة إلى كل من فرنجية وأزعور أن «ليس بإمكان أي منهما الفوز، ولا يمكن لأي من الخياريْن أن ينجح».
ويكتسب موقف لودريان أهمية كبرى أيضاً باعتبار أنه يتقاطع مع الحِراك الذي تضطلع به قطر حيال الأزمة الرئاسية عبر اللقاءات التي يعقدها موفدها في بيروت، وتتمحور بدورها حول «الخيار الثالث» الذي يتقدّمه اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، وسط انطباعٍ بأن المساريْن الفرنسي والقطري اللذين يصبّان في الهدف نفسه يركّزان على محاولة انتزاعِ إقرارٍ من جميع الأطراف اللبنانيين وفي مقدّمهم «الممانعة» بقبول مبدأ «الخيار الثالث»، على أن تكون زيارة لودريان الرابعة (تردد أنه ستعقبها زيارة لوزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي) مفصلية في هذا الإطار كون «عصا الإجراءات» التي رَفَعها أمس تظلّلها وتَجْعَلها بمثابة «المهلة الأخيرة».
ولم يكن ممكناً الجزم بوقْع موقف لودريان، الذي جاء على طريقة «آتٍ وبعدي العقوبات»، على قوى «الممانعة» التي باتت منذ فترة في أجواء أن الخارج صارَ يحمل راية «الخيار الثالث» كحلّ واقعي، ولا سيما أن «التهديدَ بمسارٍ زاجِر» قد يحتّم المرورَ بـ «مرحلةٍ انتقالية» تجعل حزب الله «يعيد التوازن» ولو شكلياً عبر آليةٍ ما لحوارٍ لطالما تمسكّ به فريقه، هذا إذا كان سلّم بالإفراج عن الاستحقاق في «توقيتٍ» لا يحدده هو وعبر اسمٍ يحظى بقبولِ الآخرين والخارج وكان الحزب لمّح إلى أنه لا يمانعه (قائد الجيش).
وكان بارزاً أمس ما نقلته «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر مطلعة على أجواء العماد جوزف عون «أن رفضه الحديث في الاستحقاق وتحديداً ما يتصل بترشيحه ينطلق من رغبته في عدم زجّه بزواريب السياسة الضيقة ومناكفاتها ما دام همّه الأوحد الحفاظ على المؤسسة التي يتولى قيادتها. أما اذا انتهت الامور الى الاتفاق على شخصه ورست بورصة الرئاسة عليه، فإنه لن يرفض حمْل المشعل الانقاذي وآنذاك لكل حادث حديث. فالرئاسة بالنسبة اليه ليست طَمَعاً بلقب، بل هدف وطني سامٍ. ذلك ان المطلوب للمرحلة رئيس انقاذي يعمل على مدار الساعة لانتشال لبنان من قعر الهوية وإعادته الى دوره الرائد والمميز في المنطقة».
وختمت المصادر: «طموح العماد جوزف عون أن يكون قائداً ناجحاً للمؤسسة العسكرية وليس رئيساً فاشلا للحصول على اللقب».
وفي موازاة ذلك، وفيما كان الداخل مشغولاً بإعلان رئيس البرلمان نبيه بري أنّ مبادرته الحوارية (7 ايام تمهيداً لجلسات انتخاب مفتوحة) «باتت غير موجودة، وقد أديتُ قسطي للعُلى، وطرحتُ مبادرة الحوار ورفضوها، ولم يعد لديّ شيء، وليتفضّل مًن رفضوها ان يقدموا لنا بديلاً»، أعلنت سفارة قطر عبر حسابها على منصة «إكس» أن السفير الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني، زار أول من أمس رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد حيث «تم خلال الاجتماع عرض العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة».
ووصفت مصادر واسعة الإطلاع في بيروت لـ «الراي» حركة موفدي الخارج الاستطلاعية على ضفاف مأزق الشغور الرئاسي بأنها أشبه بـ «سباق البدَل»... موفدٌ يسلّم آخَر ليبدأ من حيث انتهى مَن سَبَقَه، وكأن في الأمر محاولة لتوسيع أي كوة يمكن العثور عليها لإمرار مرشح يحظى بنصاب سياسي وبرلماني كفيل بانتخابه.
وكشفت هذه المصادر لـ «الراي» عن أن هذا هو الاستنتاج الذي خَرَجَ به أحد ركنيْ الثنائية الشيعية الرئيس بري من خلال مداولاته مع الموفدين، لا سيما الفرنسي لودريان والقطري أبو فهد جاسم آل ثاني، فالثاني يبني على ما راكَمَهُ الأول في الرسم التشبيهي للمأزق ويعمل على تجنُّب أخطائه.
وتوقّعت المصادر الوثيقة الصلة بأطراف مؤثرة في مجرى الاستحقاق الرئاسي أن يستمرّ حِراكُ الموفدين تحت مظلة مجموعة «الدول الخمس» إلى حين نضوجِ مناخاتٍ إقليمية مُساعِدة قد تهبّ من اليمن وتُفْضي إلى تحريك أحجار اللعبة الداخلية في بيروت على النحو الذي يُفْرِجُ عن الرئاسة المخطوفة.
ورأت تلك المصادر ان تَصاعُد الدخان الأبيض من المأزق الرئاسي في لبنان يحتاج بالضرورة إلى صيغةِ تفاهمٍ ما بين مجموعة الخمس +1 أي إيران التي ترعى «الأوعية المتصلة» بين الساحات التي تتمتّع بنفوذ مؤشر فيها.
وعلمتْ «الراي» انه في انتظار انفراجاتٍ إقليمية سيَمْضي الموفد القطري في عملية استطلاعٍ لمواقف أطراف الداخل على طريقة «جس النبض» حيال بعض الأسماء وفُرَصِها، وهو طَرَحَ بعضَها أمام الرئيس بري والأطراف المسيحية من دون أن يخوض في الأسماء مع «حزب الله»، على أن يشكل موقف لودريان الأقرب الى «طَفَحَ الكيل» عاملاً ضاغطاً ولو على طريقة «العصا والجزرة».
ارتياح أميركي لتوقيف الفاعل
إطلاق النار على السفارة الأميركية... «رسالة ديليفري»؟
أوقفت قوى الأمن اللبنانية بعد عمليةٍ نوعيةٍ لشعبة المعلومات مُطْلق النار على مقر السفارة الأميركية في عوكر (شمال بيروت) في 20 الجاري.
وفي حين أكدت قوى الأمن الداخلي أن المدعو م.خ (لبناني مواليد 1997) «أوقف (اول من أمس) في محلة الكفاءات (الضاحية الجنوبية لبيروت) واعترف بقيامه باطلاق النار على السفارة الأميركية وتم ضبط السلاح المستعمل في العمليّة، والتحقيق جار باشراف القضاء المختص»، أوضح مصدر أمني «أن الموقوف يخضع للتحقيق بإشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، لكشف خلفيات فعله ومَن يقف وراءه وإذا كان لديه شركاء في العملية».
وكان لافتاً بروز تسريباتٍ في وسائل إعلام لبنانية شكّك فيها ناشطون سياسيون من المعارضة، ولا سيما أن هذه التسريبات ربطت العملية - التي استُخدم فيها سلاح كلاشنيكوف وتَطَلَّبَتْ رصْداً وتأمين «إخلاء آمِن» للمنفّذ من منطقة أمنية بامتياز - بخلفياتٍ غير سياسية.
وبحسب التسريبات فإن خلافاً وَقَعَ قبل فترة بين مطلق النار محمد مهدي حسين خليل (قالت إن له سوابق في إطلاق النار على مقرّ أمني) وحراس السفارة على خلفية عمل الأول كسائق دراجة نارية في شركة «Toters» لتوصيل الطلبيات وينشط في محيط السفارة، وأنه قال أمام المحققين أنه «لو أردت لارتكبت مجزرة، ولكن جل ما في الأمر أنني حاولت إثبات نفسي نتيجة التصرف معي بطريقة دونية كسائق ديليفري».
ونقلت صحيفة «الأخبار»، أن خليل أطلق النار بعد خلاف سابق مع أحد عناصر الأمن الذي تعرّض له بالإهانة أثناء توصيله «طلبية» إلى السفارة، وأنه لم يتمكن من «بلع» الإهانة، فقرر الانتقام.
وقد أعرب الناطق باسم السفارة الأميركية في بيروت جيك نيلسون عن تقديره لتمكّن القوى الأمنية من توقيف المُتورّط بإطلاق النار على السفارة، وقال: «ممتنون للتحقيق السريع والشامل الذي أجرته السلطات المحلية بشأن حادثة استهداف السفارة».
وكان وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسَّام المولوي أجرى اتصالاً بالسفيرة الأميركية دوروثي شيا، وأبلغها أن شعبة المعلومات تمكّنتْ من توقيف مُطْلِقَ النار.
ولم يكن عابراً أن يطلّ لودريان، بعد 11 يوماً من مغادرته بيروت وقبل أيام من عودةٍ مرتقبة الشهر المقبل لاستكمال مَهمته الرئاسية، داعياً المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد «خيار ثالث» لحلّ أزمة الرئاسة، معتبراً في مقابلة مع «فرانس برس» أن «من المهمّ أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث»، ومنبّهاً من أن «المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنها في دائرة الخطر الشديد»، ولافتاً إلى أن الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني «موحّدة تماماً ومنزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويل لبنان في وقت يتمادى المسؤولون السياسيون في عدم تَحَمُّل المسؤولية».
وبدا واضحاً وفق أوساط واسعة الاطلاع أنه بعد المناخات عن تبايناتٍ بين شركاء «مجموعة الخمس» حول لبنان (تضمّ الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر وقطر) عبّرتْ عن نفسها خلال اجتماعِ ممثليها الأسبوع الماضي في نيويورك، ولا سيما حيال «فائض المرونة» في موقف باريس وعدم وضع ضوابط زمنية لمبادرتها، أن فرنسا باتت على «الموجة نفسها» مع المجموعة وانخرطت تحت سقفها و«تحدّثت باسمها موحّدةً» في اتجاهين:
أولهما تعبير لودريان عن انزعاج المجموعة من استمرار المماطلة في الملف الرئاسي الذي يَدخل بعد 34 يوماً العام الثاني... فراغ.
وثانيهما التلويح ببدء تطبيق الإجراءات التي جرى التهديد بها في بيان اللقاء الخماسي عقب اجتماع الدوحة في يوليو الماضي، وذلك عبر تلميح لودريان لإمكان وقف المساعدات المالية كـ «أول الغيث». وهو قال رداً على سؤال حول هل لا يزال احتمالُ فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون إنهاء الأزمة مطروحاً «من الواضح أنها فرضية» مطروحة، وذلك في موازاة إصراره على أن «الاستفاقة لا تزال ممكنة».
وبهذا الموقف المتقدّم، الذي بدا معه أن الدورَ الفرنسي «استفاق من سبات» بعد الانطباع الذي ساد عقب الجولة الثالثة من مهمة لودريان (بين 12 و15 سبتمبر) بأنه بات في حُكْم المنتهي مع إحباط محاولته استدراج جميع الأطراف الى حوارٍ تحت عنوان «نقاش» جامع، يكون تأكد المؤكد لجهة أن الموفد الفرنسي أثار في لقاءاته الأخيرة في بيروت مسألة الخيار الثالث كمنطلق لحلّ الأزمة، وهو أكد لـ «فرانس برس» أمس في إشارة إلى كل من فرنجية وأزعور أن «ليس بإمكان أي منهما الفوز، ولا يمكن لأي من الخياريْن أن ينجح».
ويكتسب موقف لودريان أهمية كبرى أيضاً باعتبار أنه يتقاطع مع الحِراك الذي تضطلع به قطر حيال الأزمة الرئاسية عبر اللقاءات التي يعقدها موفدها في بيروت، وتتمحور بدورها حول «الخيار الثالث» الذي يتقدّمه اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، وسط انطباعٍ بأن المساريْن الفرنسي والقطري اللذين يصبّان في الهدف نفسه يركّزان على محاولة انتزاعِ إقرارٍ من جميع الأطراف اللبنانيين وفي مقدّمهم «الممانعة» بقبول مبدأ «الخيار الثالث»، على أن تكون زيارة لودريان الرابعة (تردد أنه ستعقبها زيارة لوزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي) مفصلية في هذا الإطار كون «عصا الإجراءات» التي رَفَعها أمس تظلّلها وتَجْعَلها بمثابة «المهلة الأخيرة».
ولم يكن ممكناً الجزم بوقْع موقف لودريان، الذي جاء على طريقة «آتٍ وبعدي العقوبات»، على قوى «الممانعة» التي باتت منذ فترة في أجواء أن الخارج صارَ يحمل راية «الخيار الثالث» كحلّ واقعي، ولا سيما أن «التهديدَ بمسارٍ زاجِر» قد يحتّم المرورَ بـ «مرحلةٍ انتقالية» تجعل حزب الله «يعيد التوازن» ولو شكلياً عبر آليةٍ ما لحوارٍ لطالما تمسكّ به فريقه، هذا إذا كان سلّم بالإفراج عن الاستحقاق في «توقيتٍ» لا يحدده هو وعبر اسمٍ يحظى بقبولِ الآخرين والخارج وكان الحزب لمّح إلى أنه لا يمانعه (قائد الجيش).
وكان بارزاً أمس ما نقلته «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر مطلعة على أجواء العماد جوزف عون «أن رفضه الحديث في الاستحقاق وتحديداً ما يتصل بترشيحه ينطلق من رغبته في عدم زجّه بزواريب السياسة الضيقة ومناكفاتها ما دام همّه الأوحد الحفاظ على المؤسسة التي يتولى قيادتها. أما اذا انتهت الامور الى الاتفاق على شخصه ورست بورصة الرئاسة عليه، فإنه لن يرفض حمْل المشعل الانقاذي وآنذاك لكل حادث حديث. فالرئاسة بالنسبة اليه ليست طَمَعاً بلقب، بل هدف وطني سامٍ. ذلك ان المطلوب للمرحلة رئيس انقاذي يعمل على مدار الساعة لانتشال لبنان من قعر الهوية وإعادته الى دوره الرائد والمميز في المنطقة».
وختمت المصادر: «طموح العماد جوزف عون أن يكون قائداً ناجحاً للمؤسسة العسكرية وليس رئيساً فاشلا للحصول على اللقب».
وفي موازاة ذلك، وفيما كان الداخل مشغولاً بإعلان رئيس البرلمان نبيه بري أنّ مبادرته الحوارية (7 ايام تمهيداً لجلسات انتخاب مفتوحة) «باتت غير موجودة، وقد أديتُ قسطي للعُلى، وطرحتُ مبادرة الحوار ورفضوها، ولم يعد لديّ شيء، وليتفضّل مًن رفضوها ان يقدموا لنا بديلاً»، أعلنت سفارة قطر عبر حسابها على منصة «إكس» أن السفير الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني، زار أول من أمس رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد حيث «تم خلال الاجتماع عرض العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة».
ووصفت مصادر واسعة الإطلاع في بيروت لـ «الراي» حركة موفدي الخارج الاستطلاعية على ضفاف مأزق الشغور الرئاسي بأنها أشبه بـ «سباق البدَل»... موفدٌ يسلّم آخَر ليبدأ من حيث انتهى مَن سَبَقَه، وكأن في الأمر محاولة لتوسيع أي كوة يمكن العثور عليها لإمرار مرشح يحظى بنصاب سياسي وبرلماني كفيل بانتخابه.
وكشفت هذه المصادر لـ «الراي» عن أن هذا هو الاستنتاج الذي خَرَجَ به أحد ركنيْ الثنائية الشيعية الرئيس بري من خلال مداولاته مع الموفدين، لا سيما الفرنسي لودريان والقطري أبو فهد جاسم آل ثاني، فالثاني يبني على ما راكَمَهُ الأول في الرسم التشبيهي للمأزق ويعمل على تجنُّب أخطائه.
وتوقّعت المصادر الوثيقة الصلة بأطراف مؤثرة في مجرى الاستحقاق الرئاسي أن يستمرّ حِراكُ الموفدين تحت مظلة مجموعة «الدول الخمس» إلى حين نضوجِ مناخاتٍ إقليمية مُساعِدة قد تهبّ من اليمن وتُفْضي إلى تحريك أحجار اللعبة الداخلية في بيروت على النحو الذي يُفْرِجُ عن الرئاسة المخطوفة.
ورأت تلك المصادر ان تَصاعُد الدخان الأبيض من المأزق الرئاسي في لبنان يحتاج بالضرورة إلى صيغةِ تفاهمٍ ما بين مجموعة الخمس +1 أي إيران التي ترعى «الأوعية المتصلة» بين الساحات التي تتمتّع بنفوذ مؤشر فيها.
وعلمتْ «الراي» انه في انتظار انفراجاتٍ إقليمية سيَمْضي الموفد القطري في عملية استطلاعٍ لمواقف أطراف الداخل على طريقة «جس النبض» حيال بعض الأسماء وفُرَصِها، وهو طَرَحَ بعضَها أمام الرئيس بري والأطراف المسيحية من دون أن يخوض في الأسماء مع «حزب الله»، على أن يشكل موقف لودريان الأقرب الى «طَفَحَ الكيل» عاملاً ضاغطاً ولو على طريقة «العصا والجزرة».
ارتياح أميركي لتوقيف الفاعل
إطلاق النار على السفارة الأميركية... «رسالة ديليفري»؟
أوقفت قوى الأمن اللبنانية بعد عمليةٍ نوعيةٍ لشعبة المعلومات مُطْلق النار على مقر السفارة الأميركية في عوكر (شمال بيروت) في 20 الجاري.
وفي حين أكدت قوى الأمن الداخلي أن المدعو م.خ (لبناني مواليد 1997) «أوقف (اول من أمس) في محلة الكفاءات (الضاحية الجنوبية لبيروت) واعترف بقيامه باطلاق النار على السفارة الأميركية وتم ضبط السلاح المستعمل في العمليّة، والتحقيق جار باشراف القضاء المختص»، أوضح مصدر أمني «أن الموقوف يخضع للتحقيق بإشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، لكشف خلفيات فعله ومَن يقف وراءه وإذا كان لديه شركاء في العملية».
وكان لافتاً بروز تسريباتٍ في وسائل إعلام لبنانية شكّك فيها ناشطون سياسيون من المعارضة، ولا سيما أن هذه التسريبات ربطت العملية - التي استُخدم فيها سلاح كلاشنيكوف وتَطَلَّبَتْ رصْداً وتأمين «إخلاء آمِن» للمنفّذ من منطقة أمنية بامتياز - بخلفياتٍ غير سياسية.
وبحسب التسريبات فإن خلافاً وَقَعَ قبل فترة بين مطلق النار محمد مهدي حسين خليل (قالت إن له سوابق في إطلاق النار على مقرّ أمني) وحراس السفارة على خلفية عمل الأول كسائق دراجة نارية في شركة «Toters» لتوصيل الطلبيات وينشط في محيط السفارة، وأنه قال أمام المحققين أنه «لو أردت لارتكبت مجزرة، ولكن جل ما في الأمر أنني حاولت إثبات نفسي نتيجة التصرف معي بطريقة دونية كسائق ديليفري».
ونقلت صحيفة «الأخبار»، أن خليل أطلق النار بعد خلاف سابق مع أحد عناصر الأمن الذي تعرّض له بالإهانة أثناء توصيله «طلبية» إلى السفارة، وأنه لم يتمكن من «بلع» الإهانة، فقرر الانتقام.
وقد أعرب الناطق باسم السفارة الأميركية في بيروت جيك نيلسون عن تقديره لتمكّن القوى الأمنية من توقيف المُتورّط بإطلاق النار على السفارة، وقال: «ممتنون للتحقيق السريع والشامل الذي أجرته السلطات المحلية بشأن حادثة استهداف السفارة».
وكان وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسَّام المولوي أجرى اتصالاً بالسفيرة الأميركية دوروثي شيا، وأبلغها أن شعبة المعلومات تمكّنتْ من توقيف مُطْلِقَ النار.