بعد تَزايُد الغارات الإسرائيلية على سورية... وضد «أهداف» لـ «حزب الله»

«مطار الجبور» في جنوب لبنان مقابل مطاري دمشق وحلب

 هل يكون مطار «الجبور» حقل المعركة القادمة أم مجرد حرب نفسية؟
هل يكون مطار «الجبور» حقل المعركة القادمة أم مجرد حرب نفسية؟
تصغير
تكبير

تتحضّر سورية للردّ على الضربات الإسرائيلية المتكررة على مطاراتها وموانئها وقواعدها وأهداف أخرى دأبت تل أبيب على مرّ الحرب السورية، وما زالت، على استهدافها. ولذلك فإن دمشق تخزّن الأسلحة المُناسِبة والذخائر، لليوم الموعود.

من ناحية أخرى، يستعد «حزب الله» لإيجاد وتشغيل بديل عن المطارات السورية، إذا خرجتْ عن الخدمة كلياً في حال المواجهة العسكرية أو لسحْب الذرائع الإسرائيلية رغم عدم تعليق الحزب على أهداف المطار الذي أنشأه في جنوب لبنان.

وقالت مصادر سورية قيادية، إن «إسرائيل قصفت مراراً مطارات دمشق والمزة وحلب، ومطار الـ T4 ومرفأ اللاذقية، تحت ذرائع هبوط طائرات أو وصول شحنات أسلحة إلى «حزب الله» في لبنان.

وقد استهدفت مواقع سورية بأكثر من ألفي غارة وقصف صاروخي موجَّه على مدار السنوات.

وفي غالبية الأحيان كانت تستهدف شحنات تضم أيضاً مواد غذائية وأدوية ومواد غير عسكرية.

وقد استطاع «حزب الله» فرض معادلة الردع على إسرائيل، ما استدعى قدوم الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين إلى لبنان ليبلغ رئيس البرلمان نبيه بري، ان الجيش الإسرائيلي يتعرّض لإذلال بسبب خيمة أقيمت على الأراضي المتنازَع عليها، ولا يجرؤ على إزالتها.

لذلك يُعتقد أن «حزب الله» أقام مطاراً في معسكره التدريبي في الجنوب اللبناني يستطيع استيعاب طائرات كبيرة بهدف فرض معادلة جديدة تمنع إسرائيل من قصف الشحنات الإيرانية القادمة إليه - دون الأسلحة والذخيرة التي تأتي عن طريق البر عادةً كما ظهر في حادثة الكحالة - من المطارات السورية.

وتالياً، فإن معادلة مطار«الجبور مقابل (مطاري) دمشق وحلب» أصبحت شبه جاهزة ليومٍ يتقرر فيه إعلان ذلك، لأن التمادي الإسرائيلي والتغاضي الدولي عن قصف سورية المتواصل، يجب أن يتوقف، ويبدو أن «حزب الله» بمعادلته، يستطيع وقفه من دون الدخول في حرب.

وكان «حزب الله» أنشأ خيمتين جنوب «الخط الأزرق» المتنازَع عليه في مزارع شبعا المحتلة على مسافة أمتار قليلة من الحدود اللبنانية، ليزيل لاحقاً، خيمةً واحدة فقط في أواخر يونيو الماضي.

وأعلنت إسرائيل أن «الخيمة تقع داخل أراضيها»، لكن الجيش ردّ بأنه «لن يذهب إلى حرب من أجل خيمة»، ما أكد «معادلة الردع» التي فُرضت للمرة الأولى منذ عام 1948 على إسرائيل.

كما تدخلت أميركا والأمم المتحدة لإزالة الخيمة من دون جدوى.

من ناحيته، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أمام المؤتمر السنوي لمعهد «سياسة مكافحة الإرهاب» في جامعة رايخمان في هرتسيليا في سبتمبر الجاري، أن «حزب الله بنى مطاراً في منطقة قلعة الجبور التي تبعد 20 كيلومتراً عن الحدود الإسرائيلية».

وأكد أن المطار «يمكن استخدامه كمنصة لشن هجمات جوية على إسرائيل وهذا يشكل تهديداً مباشراً لها، ولقدرتها على الدفاع عن نفسها، بل وعلى المنطقة بأسرها».

من الواضح أن «حزب الله» لم يبن مطاراً بهذا الحجم على مسافة قريبة من الحدود ليحجبه عن نظر إسرائيل التي تملك طائرات استطلاع دائمة فوق لبنان، عدا عن المعلومات الاستخباراتية للقوات المشتركة الغربية من الأقمار الاصطناعية التي تتشارك فيها مع تل أبيب منذ عقود.

وقد بنى الحزب، مدرجاً بالطول الكافي ليستقبل طائرات محمَّلة بالدعم الذي يحتاجه لدعم بيئته الحاضنة، إذا تواصل قصف المطارات السورية. وقد بلغت تكلفة بنائه ما لا يقل عن 20 - 40 مليون دولار.

وجاء إعلان غالانت عن المطار، بمثابة هدف جديد في مرمى إسرائيل لأنه يضاف إلى هدف الخيمة، وكلاهما تقف تل ابيب عاجزة أمامهما، وهو بذلك أوقع بنفسه، كما بجيشه، خسارة معنوية كبيرة، إذ تحول خبر «مطار الجبور»، كما كشفه غالانت، مصدر سخرية على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما ظهّر هشاشة القوة التي طالما تغنّت بها تل أبيب في العقود الماضية.

مما لا شك فيه أن أي طائرة مستقبلية آتية من إيران إلى «مطار الجبور»، في حال استمرار إسرائيل بقصف المطارات السورية، ستدخل أجواء صديقة (العراق، سورية ولبنان) ولن تتعرّض للخطر أو تطلب موافقة العبور في أجواء معادية.

أما بالنسبة للبنان، فيعتقد المراقبون ان «معادلة الجيش والشعب والمقاومة»، في البيان الوزاري، هي ورقة يستطيع الحزب إبرازها أمام المعترضين على وجود المطار الجنوبي.

انها - كما تؤكد المصادر المطلعة - «ليست حرباً نفسية بتاتاً، ولا نية لإنشاء «دولة ضمن دولة» أو «مطاراً للشيعة» على الحدود الإسرائيلية. بل هي بديل لسحب الذرائع وتعميق نظرية أن إسرائيل «أوهن من بيت العنكبوت»، وان حجج قصف المطارات السورية بحجة دعم «حزب الله» ستُسحب من التداول إذا استمرت إسرائيل بخرق القوانين الدولية والسيادة السورية.

من الواضح ان «حزب الله» توصل إلى نظرية مفادها بأن تل أبيب لا تريد الحرب بسبب الانقسامات الداخلية فيها، وارتباطاتها الاقتصادية والغازية العالمية وتَعاظُم قدرات أعدائها وامتلاكهم صواريخ دقيقة ومسيَّرات متطورة.

وتالياً فإن تقييم الموقف من قبل الحزب، أدى إلى بناء مطار يقع ضمن مرمى الصواريخ الإسرائيلية القادرة على تدميره كلياً بدقائق، ولكن الحزب يعلم أن تل ابيب مردوعة بسبب النتائج التي لا تستطيع تحمُّلها والجروح المميتة التي سيصاب بها الطرفان في حال الحرب.

وهذا ما يؤكد المعادلة التي أرساها الحزب منذ مدة غير قريبة بردع إسرائيل عن قتْل أي عنصر ينتمي إليه، أو ضرْب أي سفينة نفط إيرانية متوجّهة إلى بيئته الحاضنة أو اغتيال أي قائد داخل او خارج لبنان (سورية، العراق واليمن) أو تدمير أي مطار أو منشأة للحزب.

انه واقع أكدت إسرائيل التعايش معه، يوم أَخْلَتْ الحدودَ لأشهر خوفاً من اصطياد الحزب لجنودها وقدّمت له «دمى» تمثّل الجنود، وعندما لم تستطع إزالة خيمة تدّعي أنها أقيمت على«أراضيها» أو تدمير مطار على مسافة قريبة من صواريخها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي