زيارتي للبصرة... استكشاف إيجابي!

تصغير
تكبير

بعد أن كانت سفراتي لسنوات طويلة لأوروبا وكندا وأميركا وحتى الشرق الآسيوي، إلّا أنني في الفترة الأخيرة لي رغبة بالتوجه لبعض الدول، وقد زرتُ من قبل مصر، سورية، لبنان، تونس، المغرب والخليج، لكن لي رغبة في زيارة إيران أو اليمن أو ليبيا أو الجزائر أو السودان، وكذلك العراق خاصة، لكن الغزو الآثم أوقف تلك الرغبة.

وسبب الرغبة في زيارة العراق وخاصة البصرة والزبير أن والدي - رحمه الله- في رحلاته التجارية يمر على الزبير والبصرة، بل إن لي أخاً اسمه محمد – رحمه الله- توفي في بداية الخمسينيات وهو فتى بحادث، وقد درس في الزبير، لهذا أردت تنفيذ تلك الرغبة مع إلحاح من دعوة صديق وأديب عراقي مُقيم بالبصرة، وهو الأستاذ محمد سهيل، وقد كان يعمل قبل الغزو في الكويت.

سألت ابن عم لي كان قد قدم من العراق أخيراً عن الوضع هناك، أفاد أن لا وجود لأيّ مخاطر، والأمور كلها سالكة وآمنة، وأنه قد عاد من رحلة قنص للتو من العراق، هنا توكلت على الله، وقرّرتُ السفر مع صديق خليجي.

الحروب لها آثار بعيدة المدى، ليس على الجماد إنما على العباد، وفي ذاكرتي ما انتبهت له في عام 1978م، عندما التحقت بمدرسة في إنكلترا لتعلم اللغة الإنكليزية، وسكنت في منزل عائلة راقية تؤجر غرفاً للطلبة، وكان معي على ما اذكر طالب ياباني والبقية أوروبيون احدهم إسباني وطالب ألماني، وكنت ألاحظ أن كل الطلبة لا يتحدثون مع الطالب الألماني ويعيش في عزلة، ولم أكن أعرف السبب، وسألت أحدهم «لماذا لا تتحدثون مع زميلنا الألماني؟» قالوا«إنه من جماعة هتلر !» وعرفت أن جروح الحرب العالمية الثانية لم تندمل، رغم أنه قد مضى عليها أكثر من ثلاثة عقود، لكن حالياً بعد أن مضى عليها أكثر من سبعة عقود تغير الحال واصبح هناك تعاون في كل المجالات بين ألمانيا المعتدية وبقية الشعوب الأوروبية.

نعود لزياراتي للبصرة دخلت بسيارتي الخاصة يوم الأربعاء 14 يونيو 2023 م. وكانت الحدود سلسة، وهناك تطوير لها، ودخلنا وتجولنا بالبصرة ووجدناها مدينة عامرة مزدهرة كبقية مدن الخليج، ولا عسكرة بالشوارع، ولا تعامل بالتومان كما يُشاع بل بالدينار العراقي، وكان لنا استقبال طيب في كل مكان نتواجد به، ولم نرَ من أهلها إلا كل خير وترحاب، ومنظر شط العرب منظر يُبهج الروح، ومعظم مَنْ التقينا معهم يذكرون أقارب لهم من الكويتيين في الكويت، وأخذنا صوراً أمام تمثال الشاعر بدر شاكر السياب، ولنا وجبة مع المسكوف في أحد المطاعم الراقية.

شكرنا مُضيفنا الأستاذ محمد سهيل، وأسرته على كرم الضيافة، واكتشفنا ان كثيراً من المُعلومات التي تُشاع عن المدينة غير صحيحة، وسمعنا أن كثيراً من دول الخليج توقع الكثير من المشاريع في العراق، وأن محافظ البصرة السيد أسعد العيداني، سعى لجلب استثمارات لمدينته من المحافظات الأخرى مما ساعد في ازدهارها.

ما نود قولة إن استقرار العراق هو استقرار للكويت وكل الخليج، وأن الأصوات التي تخرج أحياناً بحسابات وهمية وتخلق فجوة بين الشعبين ولا تخدم الأوضاع، وما سمعنا أخيراً من أن محكمة ما بالعراق ألغت التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة بين البلدين أمر مُقلق، وهكذا أخبار لا تخدم التقارب بين الشعوب، والعراق جزء من الجسد الخليجي يجب أن تتناغم معه ليعم الرخاء على المنطقة، عموماً زيارة ليوم واحد مفيدة، لكنه استكشاف إيجابي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي