إعصار «دانيال» خلّف عشرات آلاف القتلى والمفقودين... والشوارع تفيض بالجثث
شرق ليبيا يستغيث... والبحر «ابتلع» نصف درنة
- الأمطار التي سقطت في يوم واحد تعادل أمطار عام كامل
- كل دقيقة تمر من دون دعم جوي للبحث عن المفقودين تؤدي إلى وفاة جديدة
- هيئة الأرصاد الجوية حذّرت قبل وقوع الكارثة بـ5 أيام
استفاقت درنة الليبية، أمس، على وضع مأسوي يفوق التصوّر، حيث «ابتلع» البحر، ما بين 25 و45 في المئة من المدينة، بعد ما أدت قوة الإعصار «دانيال» إلى انهيار سدين، جرفت سيولهما، أحياء كاملة ودمّرت الطرق، وأدت إلى تناثر الجثث في الشوارع.
ونقلت وسائل الإعلام الليبية عن وزير الصحة في الحكومة المكلفة من البرلمان، عثمان عبدالجليل، أنه يتوقع ارتفاع عدد الضحايا إلى 10 آلاف والمفقودين إلى نحو 100 ألف.
كما نقل الإعلام الليبي عن مسؤولين أن القتلى في درنة تجاوز الخمسة آلاف، مشيراً إلى أن الأمطار التي شهدتها المدينة في يوم واحد، تعادل معدل تساقطها في عام كامل.
وشاهد صحافي من «رويترز»، وهو في طريقه إلى درنة، وهي مدينة ساحلية يقطنها نحو 125 ألف نسمة، سيارات مقلوبة على جوانب الطرق وأشجاراً اقتُلعت من جذورها ومنازل مهجورة تغمرها المياه.
وقال هشام أبوشكيوات، وزير الطيران المدني عضو لجنة الطوارئ في حكومة شرق ليبيا لـ «رويترز» عبر الهاتف، «عُدت من هناك (درنة)... الأمر كارثي للغاية... الجثث ملقاة في كل مكان، في البحر، في الأودية، تحت المباني».
وتابع «لا أبالغ عندما أقول إن 25 في المئة من المدينة اختفى».
من جانبه، أعلن الجيش أن ما بين 25 و45 في المئة من المدينة «اختفى في البحر».
وحذّر ناطق باسم جهاز الإسعاف، في حديث لـ «الجزيرة»، من أن كل دقيقة تمر من دون دعم جوي للبحث عن المفقودين «تؤدي إلى وفاة جديدة».
وأظهرت مقاطع مصوّرة سيلاً جارفاً يشق طريقه عبر وسط درنة بعد انهيار سدين، بينما اصطفت مبان مُهدمة على جانبي الطريق.
ولفتت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إلى اختفاء «أحياء بأكملها» حيث «جرفت المياه سكانها بعد انهيار سدين قديمين، ما جعل الوضع كارثياً وخارجاً عن السيطرة».
كما أظهر مقطع مصوّر على «فيسبوك»، عشرات الجثث مغطاة على الأرصفة.
مشهد مروّع
وتم تداول صور نشرها سكان على الشبكات الاجتماعية، يبدو فيها عناصر الإنقاذ مذهولين من حجم الكارثة وتظهر مشهداً مروعاً.
وحالت طرق مقطوعة وانهيارات أرضية وفيضانات دون وصول المساعدة إلى السكان الذين اضطروا لاستخدام وسائل بدائية لانتشال الجثث والناجين الذين كانوا على وشك الغرق.
ومازالت درنة ومدن أخرى مقطوعة عن بقية العالم رغم الجهود التي تبذلها السلطات لاستعادة شبكات الاتصالات والإنترنت.
مساعدات
وقد أرسلت قوافل مساعدات من طرابلس في الغرب إلى درنة.
كما وصلت فرق إنقاذ تركية إلى الشرق، بينما أبدت العديد من الدول استعدادها لإرسال مساعدات.
ووصفت الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس الوضع في ليبيا بأنه «كارثة مأسوية».
ظاهرة نادرة
وأظهرت لقطات بثتها قناة «المسار» التلفزيونية أشخاصاً يبحثون عن جثث ورجالاً آخرين في قارب مطاطي ينتشلون جثة من البحر.
وقال خليفة الطويل، أحد عمال الإسعاف، «ليس لدينا ما ننقذ به الناس... لا توجد آلات. نطلب المساعدة العاجلة».
ويقسِّم مدينة درنة نهر موسمي يتدفق من المناطق المرتفعة في اتجاه الجنوب، ونادراً ما تضرب السيول المدينة بسبب السدود الموجودة بها.
وأظهر مقطع مصوّر أجزاء متبقية من أحد السدود المنهارة على بعد 11.5 كيلومتر من المنبع في المدينة، حيث يلتقي واديان نهريان وتحيط بهما الآن برك ضخمة من المياه المختلطة بالطين.
وأمكن سماع صوت في المقطع المصوّر يقول «كان هناك سد».
والإعصار الذي ضرب اليونان أولاً، ثم تحرك من هناك عابراً البحر الأبيض المتوسط ليصل إلى ليبيا، يُعد ظاهرة نادرة من حيث غزارة المياه المتساقطة خلال 24 ساعة، وفق الخبراء.
وقد ضرب مدن الساحل الشرقي الليبي بسرعة رياح بلغت 70 كيلومتراً في الساعة، ومن أبرزها، درنة والبيضاء وتكنس والمرج وأجزاء من بنغازي، وما يحيط بهذه المدن من قرى ومناطق.
وتقع درنة الجبلية على ساحل البحر المتوسط (شمال شرق)، يحدها من الشمال البحر المتوسط، ومن الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر، ويشقها وادٍ يسمى «وادي درنة» المدينة.
وعندما ضرب الإعصار المدينة، تجمعت الأمطار الغزيرة في الوادي، الذي يبلغ طوله 50 كيلومتراً، وارتفع منسوب مياهه، مما شكّل ضغطاً على السدين المائيين اللذين يحجزان المياه في الوادي، فانهارا ليجرف الطوفان الأحياء الواقعة بين الوادي والبحر.
وصرّح ناطق باسم جهاز الإسعاف الليبي بأن عدم صيانة السدود «كان له تأثير واضح في حدوث الفيضانات».
من جانبها، ذكرت هيئة الأرصاد الجوية أنها حذّرت السلطات من العاصفة قبل وقوع الكارثة بـ5 أيام، لكنها لم تأخذها على محمل الجد.