بكين ترفض بشدة الاتهامات بالتجسس على بريطانيا
أميركي مُدان بالتجسس في الصين استدرج المسؤولين بالتنصت والابتزاز الجنسي
كشفت بكين، أمس، أن الأميركي الذي حكمت عليه بالسجن مدى الحياة لإدانته بالتجسس، استدرج المسؤولين الصينيين من خلال الابتزاز الجنسي والتنصت عليهم بهدف دفعهم الى توفير معلومات لصالح واشنطن. ورفضت في المقابل، الاتهامات بالتجسس في بريطانيا.
وحكم القضاء على جون شينغ-وان ليونغ (78 عاماً) المولود في هونغ كونغ ويحمل جواز سفر أميركياً، بالسجن مدى الحياة في حكم مشدد يعدّ نادراً بالنسبة للمواطنين الأجانب في الصين.
وكان ليونغ مقيماً بصفة دائمة في هونغ كونغ وحكم عليه «بالسجن مدى الحياة والحرمان من الحقوق السياسية مدى الحياة» من قبل محكمة في سوتشو بشرق الصين في مايو.
ولم يتضح مكان إقامته عند توقيفه.
وذكرت وزارة أمن الدولة، وهي من أبرز هيئات الاستخبارات الصينية، في منشور على منصات التواصل الاجتماعي، أمس، أن الولايات المتحدة جنّدت جون شينغ-وان ليونغ في الثمانينات، ليبدأ بذلك «مسيرة في التجسس امتدت 30 عاما».
وأشارت الى أن مشغّليه دفعوه للتجسس على الجالية الصينية ونصب أفخاخاً لمسؤولين يزورون الولايات المتحدة.
وأوضحت أن ليونغ «نفّذ عمليات تجسس ضد بلادنا على نطاق واسع... إذا علم بأن موظفين صينيين يعتزمون الذهاب الى الولايات المتحدة لنشاط رسمي، كان يبلغ الاستخبارات الأميركية عنهم».
وأكدت أنه كان يقوم «بناء على أمر من الجانب الأميركي، بأخذهم الى المطاعم أو الفنادق حيث تكون وكالات الاستخبارات الأميركية قد نصبت أجهزة مراقبة»، ليعمل «على انتزاع المعلومات أو حتى اللجوء الى الابتزاز الجنسي في محاولة لإكراه موظفينا أو تجنيدهم».
وتفرض القوانين الصينية عقوبات صارمة على المدانين بالتجسس قد تصل الى الإعدام. وشدد الرئيس شي حينبينغ في الأشهر الماضية على الحملة المناهضة للنشاطات السرية، مع إقرار قانون جديد في يوليو يوسّع تعريف التجسس.
ونفت بكين على الدوام الاتهامات الموجهة إليها من دول غربية بالتجسس.
وحذّر مديرا مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (إف بي آي) وجهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية (إم آي 5) في يوليو 2022 من تزايد أنشطة التجسّس التجاري الصيني في الغرب.
ورفضت بكين في حينه هذه الاتهامات، معتبرة أن «لا أساس لها».
وأمس، أعلنت الحكومة الصينية أنها «ترفض بشدة» الاتهامات بالتجسس في بريطانيا بعد توقيف رجل في ادنبره يشتبه انه كان يجمع معلومات لحساب بكين.
والأحد، أعرب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن قلقه من «التدخلات» المحتملة للصين غداة الاعلان عن هذا التوقيف في الصحافة البريطانية.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ إن «الزعم بأن الصين تقوم بالتجسس على المملكة المتحدة لا أساس له وترفضه الصين بشكل حازم».
وأضافت «نطالب الجانب البريطاني بوقف نشر معلومات خاطئة ووقف مناوراته السياسية المناهضة للصين وتشويه السمعة الخبيث».
وندّد ناطق باسم السفارة الصينية في لندن بهذه الاتهامات، واصفاً اياها بانها «مهزلة سياسية».
وأضاف في بيان ليل الأحد «الزعم بالاشتباه بأن الصين تقوم بسرقة المعلومات الاستخبارية البريطانية، هو أمر مختلق بالكامل وافتراء خبيث».
وكانت الشرطة البريطانية أعلنت السبت توقيف شخص في العشرينات من العمر في منزله في ادنبره بتهمة التجسس.
وذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أنه باحث كان على اتصال بنواب من حزب المحافظين الحاكم أثناء عمله مساعدا في البرلمان.
وقد أوقفه عناصر من الشرطة في مارس مع رجل آخر في الثلاثينات بشبهة مخالفة القانون المتعلق بالاسرار الرسمية.
وأوضحت شرطة لندن انه تم الافراج عن الشخصين في انتظار مرحلة جديدة من الاجراء في مطلع اكتوبر المقبل.
لكن الباحث الذي لم يكشف اسمه نفى امس، ان يكون «جاسوسا للصين» ودفع ببراءته، بحسب بيان أصدره محاموه.
- مواقف متباينة
ويأتي الكشف عن القضية في ما أبدت لندن أخيرا رغبة في الحوار مع بكين بعد سنوات من العلاقات الصعبة.
دفعت هذه التوقيفات بسوناك الى التعبير الأحد، لنظيره الصيني لي تشيانغ خلال اجتماع بينهما على هامش قمة مجموعة العشرين التي استضافتها نيودلهي، عن قلقه الشديد إزاء موضوع«تدخلات بكين فيالديموقراطية البرلمانية البريطانية».
ووفقا لـ«وكالة شينخوا للأنباء»الصينية، قال لي تشيانغ إنه يتعين على الصين وبريطانيا إدارة خلافاتهما واحترام المصالح الأساسية ومصادر القلق الرئيسية لكل بلد.
وبعد«العصر الذهبي»الذي أراده رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون في العام 2015، تدهورت العلاقات بين لندن وبكين بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وتتباين مواقف البلدين لا سيما في شأن قمع الحركة المؤيدة للديموقراطية في هونغ كونغ، المستعمرة البريطانية السابقة، وكذلك في شأن مصير أقلية الأويغور المسلمة في منطقة كسينجيانغ أو اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان في التيبت.
وكان وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قام بزيارة رسمية الى الصين في أواخر أغسطس، وأشار إلى أنه أثار قضية حقوق الإنسان مع جميع المسؤولين الصينيين الذين التقى بهم.
وتزامنت زيارة كليفرلي للصين، وهي الأولى لوزير خارجية بريطاني منذ 2018، مع نشر تقرير برلماني في لندن ينتقد بكين بشدّة، بوصفها «تهديد للمملكة المتحدة ومصالحها»، داعياً الحكومة إلى تطوير«ديبلوماسية ردع».