محمد بن سلمان يُعلن عن «الممر الاقتصادي» بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا

بايدن يُطلق مشروعاً ضخماً للسكك الحديد والموانئ في مواجهة «مبادرة الحزام والطريق» الصينية


مصافحة جماعية بين بايدن ومحمد بن سلمان ومودي خلال قمة نيودلهي أمس 	(أ ف ب)
مصافحة جماعية بين بايدن ومحمد بن سلمان ومودي خلال قمة نيودلهي أمس (أ ف ب)
تصغير
تكبير

- فون ديرلايين... «جسر أخضر ورقمي بين القارات والحضارات»

دفعت الولايات المتحدة، خلال انعقاد قمة مجموعة العشرين، باتجاه مشروع «ممر» طموح من شأنه أن يربط الهند وأوروبا، عبر خطوط السكك الحديد والنقل البحري تمر بالشرق الأوسط، مع دور قيادي للمملكة العربية السعودية.

وتمّ التوقيع على اتفاق مبدئي أمس، في نيودلهي، بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وفقاً لبيان نشره البيت الأبيض.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن معلّقاً على هذا التوقيع «إنه أمر مهم حقاً»، متحدثاً عن اتفاق «تاريخي» خلال مشاركته في ندوة جمعت القادة المعنيين.

«جسر أخضر ورقمي»

من جهتها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلايين، أنّ المشروع «أكبر بكثير من مجرّد سكك حديد أو كابلات»، مشيرة إلى «جسر أخضر ورقمي بين القارات والحضارات».

وفي ختام اللقاء، اقترب بايدن من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، مضيف قمة مجموعة العشرين، وولي العهد رئيس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، من أجل مصافحة جماعية.

وجاء في وثيقة نشرتها إدارة بايدن في شأن إعلان «الممر» الكبير بين الهند وأوروبا، «نريد إطلاق حقبة جديدة متصلة عبر شبكة سكك حديد، وربط الموانئ في أوروبا بالشرق الأوسط وآسيا».

والهدف هو إنشاء «عقد تجاري»، مع «تشجيع تطوير وتصدير الطاقة النظيفة»، وفق الوثيقة. وسيشمل المشروع أيضاً مدّ كابلات بحرية.

وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جايك ساليفان، إنّ المشروع يجب أيضاً أن «يعزّز التكامل في الشرق الأوسط»، بما في ذلك بين «شركاء غير محتملين»، مشيراً في الوقت ذاته إلى إسرائيل والأردن من بين الدول المعنية.

وبهذا الإعلان، يحاول الرئيس الأميركي ملء المساحة التي تركها الرئيس الصيني شي جينبينغ شاغرة، عبر عدم توجهه إلى نيودلهي لحضور قمة مجموعة العشرين، على غرار نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

من جانبه، قال محمد بن سلمان: «يسعدني أن نجتمع في هذا البلد الصديق، لتوقيع مذكرة تفاهم في شأن مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا».

وأوضح أن المشروع يأتي «تتويجاً لما عملنا عليه معاً خلال الأشهر الماضية لبلورة الأسس التي بنيت عليها هذه المذكرة، بما يحقق مصالح مشتركة بين دولنا من خلال تعزيز الترابط الاقتصادي، بما ينعكس إيجاباً على شركائنا في الدول الأخرى».

وأشار إلى أن المشروع «سيسهم في تطوير وتأهيل البنى التحتية التي تشمل السكك الحديد، وربط الموانئ، وزيادة مرور السلع والخدمات، وتعزيز التبادل التجاري بين الأطراف المعنية».

وأضاف أن المشروع يتضمن «مد خطوط الأنابيب لتصدير واستيراد الكهرباء والهيدروجين، لتعزيز أمن إمدادات الطاقة العالمي، بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات من خلال شبكة عابرة للحدود ذات كفاءة وموثوقية عالية».

وشدّد على أن «مذكرة التفاهم في شأن مشروع الممر الاقتصادي تدعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، وتوليد فرص عمل جديدة، ومكاسب طويلة الأمد للأطراف جميعها».

أفريقيا

من جهة أخرى، أعلنت الولايات المتحدة وأوروبا، أنهما توحّدان جهودهما لدعم مشروع آخر للبنية التحتية، وهذه المرة في أفريقيا.

وهذا المشروع هو «ممر لوبيتو»، الذي يربط جمهورية الكونغو الديموقراطية وزامبيا عبر ميناء لوبيتو في أنغولا.

وقال مايكل كوغلمان، الخبير في شؤون جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن عبر منصة «إكس»، إنّه «إذا تحقّق ذلك، فإنّه سيغيّر قواعد اللعبة عبر تعزيز الروابط بين الهند والشرق الأوسط»، مضيفاً أنّ ذلك «يهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق».

وتقوم بكين من خلال «الحزام والطريق»، التي تأتي ضمن إطار برنامج «طرق الحرير الجديدة» باستثمارات ضخمة في عدد من الدول النامية لبناء البنية التحتية.

ويهدف هذا المشروع إلى تحسين العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا وحتى خارجها، من خلال بناء الموانئ وشبكات السكة الحديد والمطارات أو المجمّعات الصناعية، ممّا يسمح للعملاق الآسيوي بالوصول إلى المزيد من الأسواق وفتح منافذ جديدة أمام شركاته.

غير أنّ معارضيه يعتبرون أن بكين تهدف منه إلى تعزيز نفوذها السياسي، كما ينتقدون الديون الباهظة التي يرتّبها على الدول الفقيرة. وكان بايدن قد وصفه في يونيو الماضي بأنّه «برنامج الديون والمصادرة»، الذي «لن يذهب بعيداً جداً».

وأشار مصدر ديبلوماسي فرنسي إلى أنّه «ضمن هذه الفكرة (الممر اللوجستي الجديد)، هناك منافسة مع طرق الحرير»، معتبراً أنّ إعلان نيودلهي «مجرّد بداية لقصة طويلة».

ممرات عبور خضراء عابرةٍ للقارات

وقعت السعودية والولايات المتحدة، الجمعة، مذكرة تفاهم، تُحدد أطر التعاون بين البلدين لوضع بروتوكولٍ يسهم في تأسيس ممرات عبور خضراء عابرةٍ للقارات، من خلال الاستفادة من موقع المملكة الجغرافي الاستراتيجي، الذي يربط قارتي آسيا بأوروبا.

ويهدف هذا المشروع إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب وكذلك إنشاء خطوط للسكك الحديد.

كما يهدف المشروع إلى تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، وتعزيز التبادل التجاري وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديد والموانئ.

ورحبت السعودية بالدور الذي تقوم به الولايات المتحدة لدعم وتسهيل التفاوض لتأسيس وتنفيذ هذا البروتوكول ليشمل الدول المعنية بممرات العبور الخضراء.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي