حادث حريق محطة الضاحية ألقى الضوء على المشكلات المتراكمة والحلول الغائبة
«الكهرباء»... الأزمة تلوح في الأفق والخيارات محدودة
- مصادر مطلعة لـ«الراي»:
- ضرورة تكثيف أعمال الصيانة نظراً لخطورة الوضع المتوقع الصيف المقبل
- تقارب معدلات الإنتاج مع الاستهلاك... ولا مشاريع جديدة قريباً
- الحلول التقليدية لن تُجدي نفعاً مع مشكلة النقص المتوقعة
- الترشيد و600 ميغاواط من الشبكة الخليجية لـ 3 أشهر... خطوتان غير كافيتين
- استهلاك الصيف المقبل 17600 ميغاواط إضافة إلى ضرورة وجود 1000 احتياط... والإنتاج لا يتجاوز 18 ألفاً
- 4 مشاريع عالقة لدى «الشراكة» والوزارة... ومشروع الصبية الوحيد المُعوّل عليه لن يدخل الخدمة في موعده
- ضرورة تحقق الجهات الرقابية من القدرة على التنفيذ في ظل أزمة نقص المواد الأولية عالمياً
- أهمية إيجاد حلول جذرية وعملية... وعدم الاكتفاء بالتعويل على الغرامات في حال التأخير
وضع حادث حريق محطة ضاحية عبدالله السالم M مساء أول من أمس، الذي تزامن معه خروج محطة حولي A عن الخدمة، وزارة الكهرباء في موقف لا تُحسد عليه، مع انقطاع التيار عن أجزاء في 7 مناطق داخلية، الأمر الذي دعا النائب جراح الفوزان إلى تصعيد الموقف وتهديد وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة الدكتور جاسم الاستاد باستجوابه في حال تأخر الوزارة في إرجاع التيار إلى المناطق المقطوع عنها.
ويُلقي الحادث الضوء على حجم التحديات التي تواجه الوزارة، سواء على المستوى الداخلي في ظل البيروقراطية والتعقيدات المرافقة لمشاريع زيادة الإنتاج، أو على المستوى الخارجي مع النقص الحاصل عالمياً في مكوّنات إنتاج ونقل الطاقة، في ظل شُح بعض المواد الخام الداخلة في عمليات التصنيع، وهو ما أشارت إليه «الراي» في تقرير بتاريخ 13 أغسطس الماضي، وتحوّل إلى سؤال برلماني وجهه النائب خالد الطمار إلى وزير الكهرباء ونشرته «الراي» في 7 سبتمبر الجاري.
الصيانة
وفيما تستعد الوزارة للبدء في موسم صيانة مكوّنات شبكة الكهرباء من محطات قوى ونقل وتوزيع، في إطار الاستعدادات لموسم صيف 2024، بعد تجاوزها الصيف الحالي بشق الأنفس، دعت مصادر مطلعة في الوزارة مسؤولي القطاعات الفنية إلى تكثيف أعمال الصيانة، نظراً لخطورة الوضع الكهربائي المتوقع أن تعيشه البلاد الصيف المقبل، في ظل تقارب معدلات الإنتاج مع الاستهلاك، وتحسباً للحوادث الطارئة.
خيارات محدودة
وإذ نبّهت مجدداً إلى «مشكلة عدم دخول مشاريع كهربائية جديدة للشبكة تعزز من قدرتها الانتاجية»، أوضحت المصادر أن «الخيارات التي يبحثها أعضاء اللجنة التي تم تشكيلها أخيراً بهدف إيجاد حلول لمواسم الصيف المقبلة محدودة جداً لاقتصارها على حلول تقليدية لن تجدي نفعاً مع مشكلة نقص الطاقة المتوقعة»، مبيّنة أن «من ضمن الحلول المطروحة العمل على ترشيد الاستهلاك، واستيراد 600 ميغاواط من الشبكة الخليجية لمدة 3 أشهر».
لكن هذه الحلول، وفق المصادر، «لن تكون كفيلة بضمان استقرار الشبكة في ظل الاستهلاك السنوي المتزايد، حيث يتوقع أن تصل معدلات الاستهلاك لموسم الصيف المقبل إلى 17600 ميغاواط، وربما أكثر في ظل إيصال التيار لقسائم المناطق الجديدة، في حين أن الإنتاج الفعلي لدى الوزارة لا يتجاوز 18 ألف ميغاواط».
مكمن الخطر
وأوضحت المصادر مكمن الخطر في هذا السياق، مشيرة إلى أنه «يفترض أن يكون لدى الوزارة فائض في الاحتياطي لا يقل عن 1000 ميغاواط لضمان استقرار عمليات تشغيل وحدات الإنتاج».
وحذّرت من خطورة الوضع في موسم صيف 2024، مؤكدة أنه «سيكون ثقيلاً على الوزارة، فيما سيكون صيف 2025 أثقل بكثير».
المشاريع
وعدّدت المشاريع المطروحة لزيادة الإنتاج وهي مشروع الزور الشمالية (المرحلة الثانية) ومشروع الخيران (المرحلة الأولى) ومشروع الشقايا، وكلها لدى هيئة مشروعات الشراكة ولم تطرح بعد، وهناك مشروع النويصيب لدى وزارة الكهرباء والماء ولم يُطرح بعد أيضاً.
وكشفت المصادر أن «مشروع محطة الصبية (المرحلة الرابعة) الذي تعوّل عليه الوزارة لإنتاج 900 ميغاواط في مرحلته الأولى لن يدخل الخدمة في موعده المقرر، نتيجة تأخر سلسلة التوريد للتوربينات الغازية من قبل الشركات المصنعة على المستوى العالمي، وفقاً لما أكده خبراء مختصون في مجال الطاقة، الأمر الذي من شأنه أن يُفاقم الأزمة».
القدرة على التنفيذ
وشدّدت المصادر على ضرورة قيام مسؤولي الجهات الرقابية، وعلى رأسها ديوان المحاسبة، بالاستفسار والتحقق من قدرة المقاولين المنفذين لمثل هذه المشاريع على الالتزام بمواعيد التنفيذ، وفق ما هو مقرر، حتى لو استدعى الأمر مخاطبة المصنعين العالميين بشكل مباشر في ظل أزمة النقص الحاصل في المواد الأولية، منبهة إلى أنه في حال عدم ضمان زيادة الإنتاج فلن يكون هناك خيار سوى القطع المبرمج للتيار في صيف 2025.
وأكدت أن «تأمين الكهرباء والماء للمستهلكين تندرج ضمن الأمن القومي، ولا بد من حلول جذرية وجادة ومستعجلة من دون أي محاباة أو تهاون»، مشيرة إلى ضرورة الذهاب إلى خيارات عملية لتوفير الطاقة الكهربائية في الموعد المقرر، وعدم الاكتفاء بالتعويل على الغرامات في حال التأخير، لأنه يتم الالتفاف عليها في العادة عن طريق أوامر التمديد، فضلاً عن أن المطلوب هو تحقيق النتيجة المرجوة.
لجنة تحقيق في الحادث
وجّه وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة الدكتور جاسم الاستاد، بتشكيل لجنة تحقيق للوقوف على أسباب حادث حريق محطة ضاحية عبدالله السالم، ليل أول من أمس.
وأشاد الاستاد، خلال تواجده في موقع الحادث، بجهود قوة الاطفاء العام ووزارة الداخلية وفرق الطوارئ الطبية وجميع العاملين في الوزارة، وتحديداً في القطاعات ذات الصلة، على جهودهم في إعادة التيار إلى عملاء الوزارة الذين غاب عنهم لبعض الوقت.
وكانت الوزارة قد أفادت في وقت سابق بأنه في تمام السابعة والنصف مساء الجمعة الماضية خرجت محطة التحويل الرئيسية حولي A عن الخدمة، تزامناً مع اندلاع حريق محدود في محطة التحويل الرئيسية عبدالله السالم M بسبب عطب في أحد الخلايا، ما أدى إلى انقطاع التيار عن أجزاء من مناطق (الدعية، النزهة، الروضة، حولي، المنصورية، ضاحية عبدالله السالم، القادسية).
وأوضحت الوزارة، في بيان، أنه «بمجرد وقوع الحادث توجهت فرق الإطفاء وفرق الطوارئ التابعة للوزارة وقامت بعمل اللازم وتم إخماد الحريق بعد نصف ساعة من وقوعه، حيث اقتصر الحريق على بعض الأضرار المادية البسيطة فقط، وتمت إعادة التيار الكهربائي لجميع المناطق تدريجياً».
لا خوف من الحوادث الطارئة
قال مصدر مطلع في الوزارة إن «الحوادث الطارئة التي تقع في مكونات شبكة الكهرباء يُمكن السيطرة والتغلّب عليها من خلال حلول عدة، أهمها تزويد المناطق المقطوع عنها التيار بمولدات ديزل احتياطية، ولكن ما تخشاه الوزارة هو العجز المتوقع في الطاقة الكهربائية خلال السنوات المقبلة، حيث لن ينفع معه أيّ حلول ترقيعية».
«قطاع النقل» يدرس استبدال المحطات القديمة
كشفت مصادر مطلعة في الوزارة عن تشكيل قطاع شبكات النقل الكهربائية لجنة لدراسة إحلال المحطات جهد 33/11 كيلوفولت، كون معظم مشاكل محطات التحويل الرئيسية تقع في المحطات القديمة جهد 11/ 33 كيلو فولت المنتشر معظمها في المناطق القديمة.
وقالت المصادر إن «أعمال الدراسة التي يقوم بها أعضاء اللجنة ستأخذ مزيداً من الوقت والعمل، كون هذه المحطات ترتبط بكيبلات أرضية ومسارات مُعيّنة، الأمر الذي من شأنه أن يستغرق بعض الوقت للوصول إلى نتائج تمكن اللجنة من استبدال تلك المحطات القديمة بأخرى حديثة».
وفي ما يتعلق بالمحطة المحترقة، أشارت المصادر إلى تمكن فريق الطوارئ من عزل الجزء المحترق (الجهد العالي) وإعادة تشغيل المحطة لتغذية الأجزاء التي غاب عنها التيار، لافتة إلى ان القطاع يدرس بشكل جدي عملية إلغاء هذه المحطة القديمة وتغذية الأجزاء التي تقوم بتغذيتها عبر المحطات الحديثة لحين إتمام عملية استبدالها بشكل كلي.
ولفتت إلى أن عمليات إصلاح تلك المحطات باتت مكلفة على الوزارة، مشيرة إلى أن الأعطال تتكرر كثيراً لانتهاء عمر تلك المحطات الافتراضي، علماً أن تاريخ إنشاء محطة الضاحية يعود إلى العام 1966.