قد يُشكل تحدّياً للدفاع الصاروخي الأميركي

«الشيطان 2» إلى الواجهة مجدداً... روسيا تعلن دخول «سارمات» الخدمة القتالية

«سارمات» قادر على حمل 10 رؤوس حربية نووية أو أكثر (أرشيفية)
«سارمات» قادر على حمل 10 رؤوس حربية نووية أو أكثر (أرشيفية)
تصغير
تكبير

أكدت موسكو أن صاروخ «سارمات» الباليستي العابر للقارات «أصبح جاهزاً للعمل الآن»، بينما كشف خبراء عن مدلول التصريحات الروسية.

والجمعة، قال رئيس وكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس»، يوري بوريسوف، إن سارمات تم وضعه في «الخدمة القتالية»، وفقاً لـ«وكالة تاس للأنباء».

ولم يقدم مدير وكالة الفضاء الروسية تفاصيل إضافية، ولم يذكر عدد الصواريخ التي تم نشرها أو مكانها.

و«سارمات» الذي أطلق عليه محللون غربيون اسم «ساتان 2» (الشيطان 2) قادر على حمل رؤوس نووية متعددة، وهو من صواريخ الجيل المقبل الروسية التي وصفها الرئيس فلاديمير بوتين، بأنها «لا تقهر».

وتؤكد موسكو أن «سارمات» قادر على حمل 10 رؤوس حربية نووية أو أكثر والتحرك بسرعات تفوق سرعة الصوت للتغلب على الدفاعات.

إشارة سياسية؟

في عام 2018، أعلنت روسيا للمرة الأولى أنها تعمل على تطوير «سارمات»، وخططت في الأصل لنشر الصاروخ في أواخر العام الماضي، لكنها لم تحقق هذا الهدف.

وفي أبريل 2022، أعلنت روسيا أنها أطلقت بنجاح «سارمات»، وفي ذلك الوقت، قال بوتين إن الصاروخ سيُظهر لخصوم روسيا أنهم بحاجة إلى «التفكير مرتين» قبل تهديد بلاده.

في ذلك الوقت، قال محللون غربيون لشبكة «سي إن إن»، إن التهديد الذي يواجه الولايات المتحدة وحلفائها من «الشيطان 2»، كان «منخفضاً للغاية»، وإن اختبار بوتين البارز للسلاح ربما كان يهدف إلى إخفاء الاخفاقات العسكرية الروسية في حربها في أوكرانيا.

وأعلن المحلل العسكري بافيل لوزين، أن الإعلان الروسي يعني أن الصاروخ تم نشره وأنه جاهز للاستخدام، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

وأضاف أن هذا الاستعداد قد يكون «على الورق» أكثر مما هو عليه في الواقع، نظراً لمحدودية اختبارات «سارمات».

وقال خبراء لـ«نيويورك تايمز»، إن الإعلان الروسي بمثابة محاولة لإرسال «إشارة سياسية» أخرى إلى الغرب، حيث تحذر موسكو من أن زيادة المساعدات الغربية لأوكرانيا قد تكون لها عواقب خطيرة على العالم، حتى لو لم تكن صواريخ «سارمات» نفسها متجهة إلى ساحة المعركة هناك.

وقال لوزين: «يشعر الكرملين بالقلق من أن تهديداته النووية لم تعد فعالة، ويحاول إحياء الخوف من السلاح النووي الروسي في الولايات المتحدة وأوروبا».

من جانبه، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون، ماثيو كرونيغ، إلى أن المخاوف من احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية كانت تعتبر في السابق من بقايا الحرب الباردة، لكن عوامل عدة أعادت إحياءها كمسألة «عسكرية وديبلوماسية».

وتشمل هذه العوامل تهديدات روسيا المتكررة باستخدام الأسلحة النووية منذ غزوها أوكرانيا العام الماضي، والعلاقات العدائية بين الصين والولايات المتحدة، وتطوير كوريا الشمالية لصواريخها الخاصة.

وقال كروينغ إنه يتعين على الولايات المتحدة الآن تطوير سياسة للتعامل مع ثلاث قوى نووية في الوقت نفسه.

مخاوف لدى الغرب؟

ويقول خبراء إن الترسانة النووية الروسية، وهي الأكبر في العالم، مهمة للحصول على مكانة كقوة عظمى، وكان الهدف من الإعلان (الخدمة القتالية) التأكيد على ذلك للجمهور الأجنبي والمحلي.

وفي واشنطن، صرح الناطق باسم البيت الأبيض، جون كيربي، للصحافيين بأنه لا يستطيع تأكيد التقارير الروسية التي تفيد بأن «سارمات» جاهز للقتال.

وتحدث مسؤول أميركي لـ«نيويورك تايمز»، شرط عدم الكشف عن هويته، ان نشر القوات لم يثر مخاوف الولايات المتحدة من تصعيد نووي ويبدو أنه «موقف منخفض المستوى»، حسب «نيويورك تايمز».

ويتفق مع هذا الرأي الزميل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، توماس كاراكو، الذي قال «لقد قامت روسيا بإعادة رسملة ترسانتها النووية لمدة خمس أو عشر سنوات، ونحن نرى الآن ثمرة هذا الاستثمار».

وفي سياق متصل قال كرونيغ إن «سارمات» يمثل تتويجاً لجهود التحديث الروسية، في حين أن الجهود الأميركية للتحديث كانت قد بدأت للتو.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تعتمد على صواريخ «مينيتمان» التي تم تحديثها آخر مرة في السبعينيات.

وأضاف أنه على النقيض من ادعاءات روسيا بأن «سارمات» يمكنه حمل 10 رؤوس حربية نووية، فإن «مينيتمان» يمكنه حمل ثلاثة.

ويزن «سارمات» 200 طن ويفترض أن يتفوق في الأداء على صاروخ «فويفودا» الذي يبلغ مداه 11 ألف كيلومتر، وفقاً لوكالة «فرانس برس».

وتؤكد روسيا أن «سارمات» سيكون قادرا على التهرب من الأنظمة الدفاعية التي تحاول الولايات المتحدة تطويرها، لإسقاط الصواريخ العابرة للقارات.

وقال محلل الأسلحة السابق في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية فان ديبن، «من المؤكد أن بوتين لديه مصلحة في تضخيم الأمر».

وأضاف أن تطوير مثل هذا النظام يعني التغلب على تحديات تقنية خطيرة، لكن إذا نجح كما هو معلن عنه، فإنه «قد يشكل تحدياً للدفاع الصاروخي الأميركي».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي