«الثلاثاء الكبير» يُعد تاريخاً حاسماً في تقويم الاقتراع الرئاسي الأميركي
«ورطة» الحزب الجمهوري... محاكمات متشابكة تزيد قوة ترامب السياسية
تبدأ محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بقضية جهوده المفترضة لإحباط نقل السلطة بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2020، في الرابع من مارس المقبل.
وأثار اختيار التوقيت، الذي يأتي قبل يوم واحد من «الثلاثاء الكبير» الكثير من الاهتمام في الأوساط السياسية الأميركية، خصوصاً أن القضية الفيديرالية قد تكون الوحيدة التي ينظر فيها أمام قاضٍ قبل الانتخابات، وفقاً لمحللين أميركيين تحدثوا لموقع «الحرة».
ما هو الثلاثاء الكبير؟
الثلاثاء الأول من مارس في سنة الانتخابات، يعد تاريخاً حاسماً في تقويم الاقتراع الرئاسي الأميركي، إذ تعقد فيه أكثر من عشر ولايات انتخابات تمهيدية رئاسية، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
والانتخابات التمهيدية الحزبية هي الطريقة التي يختار فيها ممثلو الحزبين الرئيسيين، الديموقراطي والجمهوري، مرشحهم للرئاسة.
وفي الثلاثاء الكبير (Super Tuesday) يحصل المرشح الفائز في نهاية اليوم على ثلث الأصوات التي يحتاجها للفوز بالترشيح الحزبي، وهو حجم أصوات أكبر مما يمكن أن يحصل عليه المرشح في أي اقتراع آخر.
كما أن نحو 70 في المئة من أصوات الحزب الجمهوري ستحدد خلال الأسابيع الستة الأولى بعد المحاكمة.
هل سيؤثر الموعد على ترامب؟
وفقاً للزميل الأقدم في مؤسسة أميركا أولاً، ذات الميول الجمهورية، فريد فلايتز، فإن الموعد سيؤثر فعلاً، ولكن إيجاباً.
وحتى الآن، زادت الاتهامات الموجهة لترامب من قوته بدلاً من أن تضعفها، وفقاً لاستطلاعات الرأي وبيانات التبرعات.
وبعد كل قائمة اتهام، تقفز شعبية الرئيس السابق بين مؤيديه الجمهوريين، لأنهم «لن يتركوا ترامب وحيداً أمام النظام الذي يريدون تحديه»، بحسب فلايتز.
ويقول لموقع «الحرة» إن «الطريقة التي يُعامل بها ترامب، وسوء المعاملة التي يتلقاها من النظام القضائي تجعل حتى الأقليات، التي مرت بسوء معاملة مماثلة، تتعاطف معه».
ووفق فلايتز، فإن «محاولة الديموقراطيين لتسليح نظام العدالة الأميركي ضد ترامب، انقلبت ضدهم».
ويرى أن «من المستبعد جداً أن يحاكم ترامب في قضية ويحصل على إدانة قبل الانتخابات، لكن هذا قد يفيد الديموقراطيين الذين قد يستخدمون المخاوف من صعود رئيس مدان للتأثير على الناخبين في الانتخابات».
ويحاول فريق ترامب القانوني تأجيل النظر في القضايا التي يتهم فيها ترامب، وهي أربع حتى الآن، إلى ما بعد الانتخابات.
وستنظر المحكمة في أربع تهم خلال محاكمة مارس المقبل، تتعلق كلها بمخطط مزعوم لمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 والبقاء في السلطة.
وترى «نيويورك تايمز»، أن كل هذا يصب في زيادة التعقيدات أمام سعي ترامب للعودة إلى البيت الأبيض.
وتضيف إن ترامب لا يزال قوياً سياسياً، حيث لا يبدو حتى الآن أن الاتهامات تؤثر على مكانته لدى الناخبين الجمهوريين.
ولا يزال ترامب المرشح الأوفر حظاً بالفوز في الانتخابات التمهيدية الرئاسية والحصول على ترشيح حزبه.
واقترح فريق الرئيس السابق القانوني، أن تجرى المحاكمة في أبريل من العام 2026، لكن القاضية تانيا تشوتكان، رفضت، وأكدت أن على ترامب أن «يعدل جدوله بما يتلاءم مع المحاكمة».
ويقول فلايتز إن كمية الوثائق التي ستطرح في القضية وعدد الشهود يجعل طلب محامي ترامب منطقياً، لكن القاضية تشوتكان، أعلنت أنها تأخذ على محمل الجد طلب الدفاع بمعاملة الرئيس السابق مثل أي متهم آخر يمثل أمام هذه المحكمة.
وأكدت القاضية أن «الالتزامات الأخرى للرئيس السابق يجب ألا تؤثر على توقيت محاكمته في واشنطن».
ووجهت ولاية جورجيا أخيراً 13 تهمة جنائية إلى الرئيس السابق تتعلق كلها بمحاولة قلب نتائج الانتخابات، واقترحت مدعي عام الولاية جورجيا فاني ويليس، أن تبدأ المحاكمة فيها في 23 أكتوبر.
ورفع المدعي العام الأميركي، قضية اتحادية منفصلة ضد ترامب بسبب تعامله مع الوثائق السرية بعد مغادرته البيت الأبيض، ومن المقرر أن تحال هذه القضية على المحاكمة في مايو المقبل.
ويواجه ترامب أيضاً، 34 تهمة جنائية في نيويورك، ومن المقرر أن تبدأ المحاكمة في هذه القضية في أواخر مارس.
وجادل فريق ترامب بأن الجدول الزمني الذي اقترحه سميث للمحاكمة سيتعارض مع القضايا الجنائية والمدنية الأخرى التي يواجهها الرئيس السابق.
وترى «نيويورك تايمز»، أن محاكمة مارس يمكن أن تصبح بسهولة «محرك الثقل» في موسم الانتخابات التمهيدي.
ويضيف محللون للصحيفة، أن «احتمال انهيار ترامب تحت وطأة الطعون القانونية يمثل إحدى الطرق الأكثر احتمالاً لخسارة ترشيح حزبه»، لكنها «قد تكون الطريقة الوحيدة».
ويعني هذا، وفقاً للمحللين، أن يقر ترامب بالذنب في إحدى المحاكمات - وهو ما لم يحصل حتى الآن - أو أن ينسحب من السباق ببساطة للتركيز على مواجهة الاتهامات الكثيرة، ومواعيد الجلسات المتشابكة، التي يقابلها.
ورطة الحزب الجمهوري
لكن قوة ترامب هذه قد لا تعني بالضرورة شيئاً جيداً للحزب الجمهوري.
ويقول فلايتز إنّ «لا أحد يريد رؤية رئيسه يحكم من السجن».
ولم يبد الرئيس السابق حتى الآن أي مؤشر على نيته الانسحاب من الحملة، بل إنه «يجري الحملة مستفيداً من المحاكمات للترويج لملفه الانتخابي»، كما تشير الصحيفة.
وتضيف أن الإدانة قد تكون الطريقة الأخرى الوحيدة المحتملة لتقويض الدعم الذي يمتلكه ترامب بين الجمهوريين، لكن بشرط أن يتضرر جماهيريا من المحاكمة.
لكن في حال نجا ترامب سياسياً أثناء المحاكمة، فيمكنه بناء قاعدة أصوات لا يمكن التغلب عليها حتى في حال الإدانة، أي أنه سيكون مرشح قواعد الحزب الجمهوري حتى في هذه الحالة.
ويعني ذلك، أن «الكرة ستكون بملعب مؤتمر الحزب الجمهوري»، الذي إما أن يوافق على ترشيح رئيس مدان، وهو ما قد يعني خسارة الحزب للانتخابات الرئاسية، أو يطلق جهداً غير مسبوق لإزاحة ترامب من الترشيح «وهو جهد سيكون مضراً جداً بالحزب على المستوى الجماهيري»، وقد يعني الخسارة كذلك.