التمديد لـ «اليونيفيل» خلف «الأسلاك الشائكة» الديبلوماسية و... الميدانية

مَنْ «ورّط» لودريان... مهمّته لحلّ «رئاسية لبنان» تحوّلت «مشكلة»

دورية أمنية لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان
دورية أمنية لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان
تصغير
تكبير

- الراعي «لجلسات انتخاب رئاسية متتالية» ويعتبر استمرار الشغور «انتهاكاً للميثاق الوطنيّ»
- باسيل: حوارنا مع «حزب الله» هو فقط حول اللامركزية والصندوق الائتماني ومشروع بناء الدولة ولن نقبل برئيس لا يُجسّد فكرة الدولة

... إلى 31 أغسطس دُر. هكذا بدت بيروت أمس مع العدّ التنازلي ليوم الخميس الذي سيُحسم فيه مسارُ التمديد الشائك في مجلس الأمن الدولي لقوة «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان، ويُفترض أن يكون انقشع بحلوله مصير الأجوبة التي طالب الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان من رؤساء الكتل في البرلمان ونواب غير منضوين ضمن تكتلات إيداعَها سفارة بلاده على سؤاليْن يتعلقان بأولويات برنامج عمل الرئيس العتيد للجمهورية وتالياً مواصفاته توطئةً للقاءِ عملٍ بهدف توفير الظروف المؤاتية لـ «انتخاباتٍ مفتوحة» على أن تسبقه «مشاوراتٌ ثنائية» مع المعنيين بهذا اللقاء.

وإذا كانت خريطة طريق ما ستشهده جلسة مجلس الأمن باتت شبه مرسومة على أن تُفْضي إلى تثبيت التعديل الذي أُدخل العام الماضي على قواعد عمل «اليونيفيل» وقضى بنزْع شرط التنسيق في عملياتها ضمن منطقة القرار 1701 (جنوب الليطاني) مع الجيش اللبناني، فإن الرصد بقي على أشدّه لإمكان بروز «مفاجآت» أخرى بين سطور تجديد التفويض للقوة الدولية في ضوء «قطب مخفية» أضاء عليها وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الذي حذّر من تعزيز الـ 1701 بـ «أنياب الفصل السابع»، وارتفاع «أسلاك» زنّرتْ هذا الاستحقاق:

* بعضها وليد موقف غالبية عواصم القرار الغربي والعربي المعلَنة من وضعية «حزب الله» وسلاحه خارج الشرعية اللبنانية، والذي بات له ناظم دولي هو القرارات 1559 و1680 و1701، وكانت أحْدث نسخةٍ تَرَجَمَتْه العقوباتُ التي فرضتْها الولايات المتحدة على جمعية «أخضر بلا حدود» بوصفْها واجهة لعمليات الحزب في جنوب لبنان.

* وبعضها الآخر ولّدتْه وقائع ميدانية حصلت في الأشهر الـ 12 الماضية وطاولت اليونيفيل في ذاتها مثل الاعتداء على دورية ايرلندية في بلدة العاقبية (خارج نطاق عمل القوة الدولية) ومقتل أحد عناصرها وجرح 3 آخرين، والهجوم الصاروخي من الجنوب على شمال إسرائيل (ابريل) إبان أحداث غزة، وليس انتهاء بشاحنة الذخائر التابعة لـ «حزب الله» التي انقلبت في الكحالة قبل أقل من 20 يوماً وتَسَبَّبَتْ بصِدام دموي مع أهالي البلدة.

ولا يقلّ وطأةً ترقُّبُ ما ستؤول إليه مهمة لودريان في جولتها الثالثة المفترضة منتصف الشهر المقبل، وذلك في ضوء الانقسام الذي سبّبته أسئلة الموفد الفرنسي التي اعتُبرت في الشكل بمثابةِ «اختبار مسيء» للبنان وبرلمانه:

* إذ لم تُمانع «قوى الممانعة» (يقودها حزب الله) الردّ عليها باعتبارها «جسر عبور» إلى حوارٍ جامع لطالما نادت به كـ «ممر خلفي» لانتخابات «معلَّبة» على قياس مرشّحها سليمان فرنجية، ولو بعد أن تكتمل فصول لعبة «الإنهاك» الداخلي.

* أما غالبية المعارضة فقابلتْها باعتراضاتٍ بأعلى صوت على «انتهاك السيادة» ولكن مع احتمال أن يقوم بعض أطرافها بتقديم أجوبة خطية (مثل الحزب التقدمي الاشتراكي) حرصاً على «عدم القطع» مع باريس وحفْظ «خط الحوار» الذي يوافق على مبدئه «التقدمي»، في حين يُتوقَّع أن تعمد الأطراف الأخرى (مثل القوات اللبنانية والكتائب ونواب تغييريون ومستقلون يناهز عددهم نحو 40) لإصدار موقف موحّد «يملأ فراغات رسالة الأسئلة» بالنصّ الحرفي للمواصفات التي حدّدتها «مجموعة الخمس» حول لبنان التي تضم الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة العربية السعودية، مصر وقطر في ما خص الرئيس وأولويات المرحلة المقبلة.

وكان لافتاً عشية انتهاء «مهلة الردّ» المناخُ الذي شاع عن تَمايُزٍ مشوب بتباين بين لودريان وممثلي الدول الأربعة الآخرين في مجموعة الخمس الذين كانوا رسموا «إطار حلّ» للأزمة الرئاسية بعد اجتماع اللجنة في الدوحة في 17 يوليو الماضي في ما خص مواصفات الرئيس المطلوبة وآلية الانتخاب إذ أكدوا أنه «يجدر بالنواب اللبنانيين تحمل المسؤولية بموجب الدستور وانتخاب رئيس»، ملوّحين بـ «تطبيق إجراءات بحق الذين يعرقلون إحراز أيّ وجه من أوجه التقدم على هذا الصعيد»، مع تأكيد أنه «لا بد للبرلمان اللبناني أن ينتخب رئيساً قادراً على تجسيد نزاهة لبنان وتوحيد الشعب اللبناني ووضع مصلحة البلاد أولًا وجعل رفاه الشعب أولوية وتأليف كتلة واسعة تنفع أكبر عدد ممكن بغية تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية الجوهرية».

وتساءلت أوساط سياسية هل أن لودريان، الذين كان تبلّغ من قوى معارضة إبّان محطته الثانية في بيروت الشهر الماضي رفْض أي حوار خارج اللقاءات الثنائية وأن لا حاجة لحوار جامع حول مواصفات الرئيس «المعروفة والمحدَّدة بوضوح من مجموعة الخمس كما أولوياته»، يسعى لتكرار محاولة الفريق الفرنسي الذي سبقه في إدارة الأزمة الرئاسية اللبنانية لجهة ترْك الواقعية تحدّد مصير هذا الاستحقاق وهوية الرئيس على قاعدة «لا إمكان لإمرار اسم لا يوافق عليه حزب الله وتالياً أقصر الطرق وصول مرشحه بضمانات للآخرين»، ولكن مع تمويهٍ يقوم على:

إعطاء فرصةِ أكثر من شهر لحوار «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» علّه يحقق اختراقاً فينتقل الأخير إلى «خندق» دعم فرنجية ليكون ذلك عاملاً يقلب الموازين ويجعل زعيم «تيار المردة» حائزاً على غطاء مسيحي يفتقده حتى الساعة، يضاف الى الشيعي ومع دعْم من بعض النواب السُنّة، ما قد يسهّل «جرّ» التقدمي – وفق اعتقاد حزب الله – إلى «الإجماع» (ببُعد التلوين الطائفي وليس العددي) عليه، وتالياً يضع معطّلي أي جلسة لانتخابه في مرمى العقوبات والاتهام بمنْع انتخاب مرشح صار رئيساً «مع وقف التنفيذ».

وفي أيّ حال، فإن تحوّل مهمة لودريان في ذاتها عنصراً إشكالياً في الأزمة اللبنانية، بات يطرح علامات استفهام حول مصيرها في ذاتها، وهل يمكن للموفد الفرنسي أن يدعو إلى حوار «بمَن حضر» كما سأل البعض، وماذا لو تعثّرت مساعيه «رسمياً» في ظلّ اقتناعٍ يسود الدوائر العليمة بأن أيّ اختراقٍ في الملف الرئاسي ليس قريباً وقد تحل 2024 ولبنان جمهورية «مقطوعة الرأس».

الراعي

وفي موازاة ذلك، برز أمس موقف للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أكد وجوب الانتخاب وفق الآلية الدستورية، وتوجّه فيه لمَن «في قبضة يدهم فتح البرلمان اللبنانيّ، ودعوة المجلس لعقد جلسات انتخابيّة متتالية لرئيس الجمهوريّة، وفقاً لمنطوق المادة 49 من الدستور».

وسأل الراعي في عظة الأحد «لمصلحة مَنْ تُحرم دولة لبنان من رئيس لها، من دونه تنشلّ المؤسّسات؟ ولماذا يُنتهك منذ عشرة أشهر الميثاق الوطنيّ لسنة 1943 الذي كرّسه اتّفاق الطائف سنة 1989، وينصّ على أن يكون رئيس الجمهوريّة مسيحيّاً مارونياً، ورئيس مجلس النوّاب مسلماً شيعيّاً، ورئيس الحكومة مسلماً سُنيّاً، كتعبير فعليّ للعيش المشترك؟ ونسأل بالتالي النافذين المُمْعِنين في انتهاك هذا الميثاق الوطنيّ: كيف توفّقون بين هذا الإنتهاك السافر والمتمادي ومقدّمة الدستور التي تنصّ على أن«لا شرعيّة لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك (ي)؟»ألا يطول هذا النصّ شرعيّة ممارسة المجلس النيابيّ والحكومة؟ طرحنا هذه الأسئلة لأنّنا متمسّكون بالثوابت الوطنيّة: المؤسّسات الدستوريّة، ميثاق العيش المشترك بالتكامل والمساواة والاحترام المتبادل، لبنان وطن لكلّ أبنائه مع الولاء الكامل له دون سواه، سيادة لبنان الداخليّة على كامل أراضيه».

«فكرة الدولة»

وفي سياق متصل، أشار رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أن «التيار يرى في انتخاب رئيس الجمهورية فرصة، ولكن ليس هو الحل الوحيد، ولذا طرحنا اللامركزية الادارية والصندوق الائتماني ورأينا أنه إذا أردْنا أن يكون عهد الرئيس المقبل ناجحاً، علينا أن نقوم بتغيير حقيقي في البلد على الأقل على مستوى حياة الناس، وأدرك أن هذين الامرين لا يمكّناننا من إيجاد الحلول لمشكلة السلاح ولا لمشكلة الاستراتيجية الدفاعية وعلاقتنا مع أيّ من الدول، ولكن يسمحان للبنانيين بالعيش بكرامتهم وأن تصل إليهم الخدمات كما يجب».

وشدّد على أن «حوارنا مع حزب الله هو فقط حول اللامركزية والصندوق الائتماني ومشروع بناء الدولة ليُنتخب على أساسها رئيس للجمهورية يتوافق مع هذا المشروع لبناء الدولة، لأننا لن نقبل برئيس لا يُجسّد للبنانيين فكرة الدولة ونأمل أن يتوسع هذا الحوار ليطول جميع الأفرقاء».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي