جاسم النبهان ونجف جمال شاركا في ندوة مصاحبة لمعرض «الكتاب الصيفي 6»
الرقابة والإحباط... السبب في اختفاء المسرح السياسي الكويتي!
«أين اختفى المسرح السياسي الكويتي؟».... سؤال طرحته ندوة ضمن فعاليات معرض «الكتاب الصيفي 6» الذي تُنظمه «جمعية الخريجين»، وأتت الإجابة على لساني الفنان جاسم النبهان والمخرج نجف جمال، بأن الرقابة والإحباطات ساهمتا في ذلك.
وفيما أشار النبهان إلى أن سقف الحرية في الكويت قلّ، أكد جمال أن الكثير من الإحباطات أتى من الجمهور الذي أصبح يفضل الذهاب لمشاهدة العروض المسرحية للتسلية أكثر من ذهابه لمشاهدة مسرحية بقضية مجتمعية أو سياسية ويناقشها.
وقال النبهان، في الندوة التي أقيمت مساء الأحد في مقر الجمعية وأدارها الزميل مفرح الشمري وسط حضور عدد من المهتمين بالشأن المسرحي «أذكر في منتصف السبعينات من القرن الماضي، قدمت فرقة المسرح الشعبي مسرحية تحمل عنوان (مغامرة رأس المملوك) للمؤلف السوري سعدالله ونوس عروضاً داخل الكويت من دون أن تقول الرقابة شيئاً، ثم سافرنا بالعرض إلى القاهرة وتونس ولقينا قبولاً كبيراً، في حين أن المسرحية منعت من العرض في دمشق. وقبل أربع سنوات، رغبنا في إعادة تقديم المسرحية ذاتها في الكويت، لكن تفاجأنا بالرفض والمنع من الجهات المعنية!».
ولفت إلى أن «المسرح الذي يتعرّض لقضايا مهمة جداً في حياتنا هو السياسي، وأعتقد لا يوجد عمل مسرحي يخلو من السياسة، حتى وإن كان كوميدياً أو جاداً. ما نعرفه أن هناك سياسة اجتماع واقتصاد وسياسة تعاون بين الدول، لكن عندما أكون مواطناً أنتهج المسرح وسيلة لأداء دوري، حينها يجب أن تكون هناك شفافية لإيصال ما أفكر فيه كوني أمثّل طيفاً معيّناً في هذا المجتمع. كل أعمالنا المسرحية التي قدمناها على أنها أعمال سياسية، هي في الواقع اجتماعية يحمل الفنان أو الكاتب فيها همّ المجتمع ثم يطرحه فوق خشبة المسرح بأشكال متعددة».
«أعمال حملت هموماً»
وأكمل: «الكتّاب عبدالأمير التركي وعبدالرحمن الضويحي وعبدالعزيز السريع ومحمد السريع وصالح موسى الجمعان، كلهم قدموا أعمالاً سياسية، وقبلهم محمد النشمي، ولو أن تلك الأعمال في ذلك الوقت كانت ركيكة قليلاً، لكنها حملت همّاً سياسياً تقتصر على ما يمر به المجتمع من تطور. فماذا يريد كل هؤلاء المؤلفين من ذلك الطرح، وتحديداً عبدالأمير التركي؟ يريدون أن يقدموا قضية الوحدة الوطنية بالتعرض لأطياف هذا المجتمع بكل أشكاله من سلبيات وإيجابيات».
تخطينا المسارح العربية
وأردف: «لقد فقدنا اليوم ذلك الجمهور الذي صنعناه خلال الأربعين سنة الأخيرة منذ بداية المسرح داخل الكويت إلى أواخر حقبة الثمانينات، إذ إنه كان حريصاً على حضور أعمالنا ومناقشتها. كان جمهوراً من جميع أطياف المجتمع مهتماً بالمسرح، فمنهم الساسة كأعضاء مجلس أمة ووزراء ووكلاء والتربوييين كالمعلمين، وهذا النقاش أثمر بأن المسرح الكويتي أصبح بمصاف المسارح العربية وقد يكون تخطاها. بكل فخر، أقول لدينا سليمان البسام، هذا المخرج والمؤلف العالمي الذي يطمح إلى إيجاد المسرح الجاد الملتزم بقضايا هذا المجتمع».
بداية المسرح... سياسي
من جانبه، أكد المخرج نجف جمال أننا «في الكويت نشرب السياسة منذ الصباح بكل نشاطنا وحركتنا وأعمالنا، وربما الوضع الحالي من انتشار (السوشيال الميديا) أثّر كثيراً على المسرح السياسي، وهذا سبب تخفيف الرؤية التي ينتظرها المشاهد، عدا عن كثير من الإحباطات التي أتت من الجمهور الذي أصبح يفضل الذهاب لمشاهدة العروض المسرحية للتسلية أكثر من ذهابه لمشاهدة مسرحية بقضية مجتمعية أو سياسية ويناقشها».
وأضاف «إذا عدنا للمسرح منذ بداياته كالمسرح الإغريقي إلى الإليزابيثي، ثم المسرح الحديث والمسرح العربي، فنجد أنه كان سياسياً حتى لو كانت به كوميديا ساخرة. أما بالنسبة إلى المسرح العربي، فهناك أعمال كثيرة تم إيقافها عن العرض لأنها كانت مناهضة للسلطة تتكلم عن القهر الموجود لدى المجتمع».
وتابع: «مسرحنا في الكويت يميل إلى المسرح الاجتماعي، لكن يتخلله العنصر السياسي في أغلب الأعمال، وربما هناك أعمال معينة كانت تتكلم عن وضع سياسي منعكس على الوضع الاجتماعي مثل المسرحيات التي قدمها الراحل عبدالأمير التركي، وأعمال أخرى مثل التي قدمتها مع الراحل محمد الرشود (انتخبوا أم علي) التي كانت قراءة للمستقبل».
رسالة للمجلس الوطني
أوضح النبهان أن الفنان الحقيقي يمتلك رقابة ذاتية، وهي التي تقود إلى تقديم العمل الجيد الذي يتم من خلالها إيصال ما يريد قوله بأسلوب سهل، مثلما كان يفعل الرواد. كما أرغب بتوجيه رسالة إلى المعنيين في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بضرورة إحياء المسارح الأربعة أعمدة المسرح الكويتي (المسرح الشعبي، المسرح الكويتي، مسرح الخليج، المسرح العربي)، وأن يكون لهم موسم مسرحي كي يرتقوا بالمسرح والجمهور معهم، لأن الجمهور يحتاح فعلاً لأعمال تحمل همّه.
رموز وإسقاطات
رأى نجف جمال أنه «ربما بعض الأعمال بدأت قليلاً تميل إلى أن تكون فيها من السياسية، لكن يبقى الجزء الطاغي يميل إلى الترفيه والتسلية لأجل الإضحاك. لهذا نتمنى مع تطور الأوضاع واستمرار وضعنا، أن يعود سقف الحرية كما كان في حقبة الستينات، وصولاً إلى الثمانينات يناقش فيه مسائل الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية مع الجمهور، لأنه فعلياً انخفض اليوم، مع زيادة الرقابة، لهذا تم اللجوء إلى الرموز والإسقاطات وغيرها».
وأضاف «المسرح هو نبض حيّ ويبقى مختلفاً عن أيّ وسيلة أخرى، سواء الصحافة أو التلفزيون أو السينما، التي تخلو من التواصل المباشر مع الجمهور».