قانون إنشاء المدن السكنية: قفزة إلى الوراء

تصغير
تكبير

تعاني الكويت من أزمة إسكانية خانقة، حيث تنتظر 91 ألف أسرة دورها في طابور الرعاية السكنية، وذلك في ظل غلاء كبير في العقار السكني والإيجارات، نظراً لعدم توافر عدد كافٍ من الوحدات السكنية في البلاد، تزامناً مع إضافة ما لا يقل عن 7 آلاف طلب إسكاني سنوياً، لقائمة الانتظار.

سرد تاريخي

وقد قامت المؤسسة العامة للرعاية السكنية بجهود كبيرة لحلحلة الأزمة، خلال السنوات التسع الماضية. فقد قامت منذ سنة 2014 بتوزيع ما لا يقل عن 12 ألف وحدة سكنية على المخطط سنوياً، لتغطية الطلبات الجديدة وجزء من قائمة الانتظار، مما أدى لبناء مدن عملاقة أبرزها مدينة المطلاع السكنية.

ورغم الملاحظات الكثيرة على بطء التوزيع الفعلي، بسبب تأخر المقاولين في إنجاز البنى التحتية للمدن، إلا أن الكثير من المواطنين قد تسلم وحدته السكنية على أرض الواقع. وقد أدى استمرار التوزيعات الى استقرار الأسعار نسبياً، مقارنة مع الزيادات السريعة، ما قبل خطط التوزيعات. ويعاني النهج الحالي من مشاكل أبرزها، تحديات استدامة التمويل لبناء المدن السكنية والقروض الحكومية، والتي تمنحها الدولة للمواطنين والبطء بتنفيذ المشاريع، نظراً للدورة المستندية لطرح وتصميم وإنشاء وتسليم الوحدات السكنية للمستفيدين.

وقد قام مجلس الأمة أخيراً بإقرار قانون إنشاء المدن الإسكانية والذي رغم الغايات النبيلة للنواب، فقد ولد بلا فاعلية حقيقية تجاه الأزمة الحالية. فإنشاء شركات جديدة يحتاج وقتاً ودورة مستندية إضافية، أما الأسهم والتي يروج على أنها مفيدة للمواطنين، فكلنا يعلم ما يحدث لها من تجميع بالنهاية، كما هو الحال في جميع الاكتتابات السابقة.

المواطن يحتاج سكناً بأسرع وقت، حيث إن كل شهر يمر، فإنه يدفع من حر ماله مبالغ كبيرة من الإيجارات، لا يعوضها الاكتتاب بحفنة من الأسهم.

وتبدو بوادر هذا التوجه في برنامج عمل الحكومة للسنوات الأربع المقبلة، حيث تم خفض التوزيعات الإسكانية من معدل 12 ألف وحدة إلى معدل 3750 وحدة سنوياً، ما يعني الاعتماد على القانون الجديد، من دون وضع تصور لعدد الوحدات السكنية، والتي يحتاجها المواطنون خلال السنوات الأربع المقبلة.

وجدير بالذكر أن 42932 إذن بناء، والتي وعدت الحكومة بتسليمها للمواطنين خلال السنوات الأربع المقبلة، معظمها للتوزيعات السابقة في مدن جنوب صباح الأحمد وجنوب سعد العبدالله، ويجب عدم الخلط بينها وبين توفير وحدات اضافية للمواطنين، والتي لا تتعدى 15094، وفقاً لبرنامج عمل الحكومة للسنوات الأربع المقبلة.

الحل

ورغم تعقيد الأزمة الإسكانية، فإن المنطق الأساسي للحل، هو استمرار توفير الوحدات السكنية برتم مناسب، حتى نصل الى اعتدال مستويات العرض والطلب، وهنا يجب على المدى القصير استمرار التوزيعات الاسكانية بشكلها التقليدي، بما لا يقل عن 12 ألف وحدة سنوياً.

أما الحل المستدام فهو عن طريق تعديل قانون الرعاية السكنية، لتمكين المطورين العقاريين من تعمير الأراضي المحتكرة من الدولة، وبيعها بهامش ربح محدد على منتظري الرعاية السكنية، تزامناً مع إقرار قانون الرهن العقاري لحل مشكلة التمويل.

إن تمكين شركات تطوير عقاري قائمة، سواء كانت محلية أو عالمية، من العمل بفعالية في الكويت، هو أسهل من إنشاء شركات جديدة، ويضمن توفير العدد المناسب من الوحدات السكنية بسرعة وجودة وتكلفة تناسب المواطنين.

كذلك، فإنه في ظل وجود 25 ألف أرض فضاء محتكرة ضمن المنطقة الحضرية، يجب إقرار رسوم تصاعدية على من يمتلك عدداً كبيراً من الأراضي السكنية، للدفع باتجاه بيع أو تعمير الأراضي، ما يساعد في تحرير الوحدات السكنية.

بالنهاية يجب التشديد على عدم زيادة القرض الاسكاني أو قيمة بدل الايجار، حيث إن ذلك ينعكس بشكل مباشر على تضخم الأسعار، وتفاقم الأزمة الإسكانية أكثر مما هي عليه الآن.

* متطوع في حملة «ناطر بيت»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي