القرآن الكريم دواء لكل داء، علاج لكل الأمراض جسدية كانت أم نفسية، من الإعجاز الذي ينفرد به القرآن الكريم العطاء لكل ما يعجز عنه الأطباء، أو ما يستخدمونه بعد بحوث كبيرة بالرغم من وجوده أمامهم في كتاب رب العالمين، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما أصاب نبي من الأنبياء من مرض أعجزه عن الحركة، وجعله يعيش في آلام فأنزل الله تعالى إليه دواءً شافياً بكلمات بسيطة لمرض كبير.
فقد كان سيدنا أيوب عليه السلام لا يتحرك من آلام الدمامل وأصبح كالمشلول، فطلب من ربه رفع الضرر وعلاج ما أُصيب به من مرض جلدي، فقال: (أنّي مسني الضرّ وأنت أرحم الراحمين) الأنبياء 83؛ فأرشده تعالى إلى وصفة طبية في قوله تعالى: (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) أثبتت الآية اجتماع ثلاث كلمات للعلاج، أولها الركض، وهي حركة معتدلة لا ترهق الجسد، أي الهرولة التي يتدرج فيها الجسد ليصل إلى الحرارة المطلوبة؛ فالعديد من الأمراض سببها الخمول وعدم الحركة الذي يضعف الأعضاء الداخلية عن أداء وظائفها بشكل فعّال، وهو ما اكتشفه أهل الطب اليوم من أن الرقاد يسبب كسل وظائف الجسد، والحركة الخفيفة تساعد على زيادة المناعة والتئام الجروح.
ومع حركة الجسد أو الهرولة التي قام بها أيوب عليه السلام فتح الله تعالى له عيناً من الأرض تخرج منها مياه طاهرة ليغتسل بها، وهو مايمثل الخطوة الثانية من العلاج؛ فيغطس الجسم كله في المياه التي عالجت القرح والدمامل، ويقاس عليها الغَسول والمراهم التي يدهن بها الجلد ولا تتغلل فيه، ونلاحظ وصف الماء بأنه بارد، أي الفاتر فلا يصل إلى درجة التجميد، يقول العلامة والطبيب ابن سينا رحمه الله: (ان الماء الحار ينفذ قوى الجسم وطاقته). فالاغتسال بالماء الفاتر له دور كبير في زيادة مناعة الجسم ومقاومة المرض، والعلاج الثالث في كثرة شرب الماء؛ لأنه يعمل على تبريد الحرارة الداخلية للجسم، ويؤخذ أيضا من كلمة الشراب التي ذكرها القرآن الكريم الأدوية التي تؤخذ بالفم، وهي المستعملة اليوم... فمن رحمة الله تعالى بسيدنا أيوب استجابة دعائه بإنزال آية تضمنت حِكماً بالغة، وجمعت علاجاً شافياً، فهي قاعدة طبية في آية قرآنية.
aaalsenan @