حذر من التداعيات الكبيرة لعدم تحمّل الحكومة مسؤوليتها تجاه رواد الأعمال
معرفي: إنقاذ المشاريع الصغيرة... أولوية
- برنامج عمل الحكومة لم يتضمن قوانين مرتبطة بريادة الأعمال وبدعم الشباب
- المشاريع الصغيرة والمتوسطة أساس كل الاقتصادات... لكن في الكويت «الهرم مقلوب»
- لا يوجد على أرض الواقع أي تنويع لمصادر الدخل... والدليل على ذلك محاربة الصناعيين
- الحكومة يجب أن تتحمل من خلال صناديقها تعويض أصحاب المشاريع كما عوّضت الآخرين
- رواد الأعمال في الباب الخامس هم «أكثر الناس مظلومين» ونريد مساواتهم بالبابين الثالث والأول
- «آخ» على صندوق المشروعات الصغيرة... أكبر المصاعب أن الأجهزة الحكومية لا تتعاون مع بعضها
- في حقبة من الزمن جاء وزير وغيَّرَ قانون الصندوق وحلاوته... ونسف استقلاليته
- الموافقة على المشاريع كانت بيد مجلس الإدارة أما الآن فأصبحت بيد مدير عام وهذا أمر خطير
- في حال عدم إيجاد حلول... بعض الشباب قد يذهبون إلى السجون والناس ستخاف من المبادرات
- أنا لست مُمَوَلاً وماعندي مصلحة شخصية لكن أرى الآلام الموجودة في الشارع ورأيت الناس غرقانة
أكد عضو لجنة تحسين بيئة الأعمال والمشروعات الصغيرة البرلمانية النائب داود معرفي أهمية التعديل المقدم على قانون الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لحماية المبادرين إلى جانب المقترحات لتحسين بيئة الأعمال، مشدداً على أنه ليس ممولاً من الصندوق وليس لديه أي مصلحة شخصية لكنه رأى «الآلام الموجودة في الشارع و(الناس غرقانة)»، محذراً من أن «أسراً سوف تتشتت إذا لم يُعدّل القانون».
وخلال استضافته في برنامج «على جدول الأعمال» الذي يبث على منصات «الراي» الرقمية وينشر في الجريدة الورقية، تطرق معرفي إلى سبب رفضه للميزانية العامة للدولة وبرنامج عمل الحكومة، موضحاً أن الرفض مرده للطريقة التي عُرض بها البرنامج حيث كان المتوقع أن يُقدّم تصور مغاير قبل عرض الميزانيات.
وقال: «للأسف جاءت الحكومة في فرض الميزانية بهذه الطريقة من دون ربطها بخطة عمل الحكومة».
الرفض ليس للرفض... نريد أن نصلح
أشار معرفي إلى أنه في حال محاسبة الحكومة يفترض أن يكون بناء على خطة العمل التي وعدت بها خلال 4 سنوات، ولذلك «من الطبيعي أن أكون رافضاً لهذه الميزانية».
وأضاف: «دوري ليس مجرد الرفض بل تصحيح المسار، إذ إن برنامج عمل الحكومة يجب أن يكون مرتبطاً ارتباطاً كلياً في الميزانية وما تحمله من أبعاد، وهذا ما لم أره ولم أرَ العديد من القضايا موجودة في خطة الحكومة، لذا جاء الرفض من هذا الباب»، مشدداً على أن «الرفض ليس لمجرد الرفض، نحن نريد أن نصلح، ووجودي في المجلس يتطلب عليّ أن أكون مصلحاً لأي أمر أراه خطأ».
البرنامج لا يحمل الهموم الأساسية للمواطن
اعتبر معرفي أن «برنامج عمل الحكومة لا يحمل الهموم الأساسية للمواطن اليوم، خصوصاً أن رؤيتنا قبل الانتخابات وتحركنا خلال فترة الترشح، كان يتضمن التركيز على قضية مهمة هي ثقافة المجتمع التي تعتمد على معايير عديدة، إذ لم نرَ في الخطة أي شيء يتعلق في هذا الموضوع».
ولفت إلى ضرورة وجود قوانين في البرنامج مثل بيئة ريادة الأعمال ونظرة الحكومة للفترة المقبلة لمعالجة ما سبق من أمور خاصة بسوء الإدارة في الحكومات السابقة، وتشجيع الشباب للانخراط في العمل في ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وغيرها من الأنشطة التجارية التي يفترض على الدولة أن تدفع الشباب في اتجاهها.
وأضاف: «دعم الشباب واجب، ويجب أن تكون هناك قوانين مواءمة للبرنامج، وهذا لم نرَه في البرنامج بتاتاً».
الهرم مقلوب
وعن أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالنسبة إلى الهيكل الاقتصادي للدول، قال معرفي إن «المتابع للشأن الاقتصادي العالمي يرى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي أساس بناء كل الاقتصادات الدولية».
وأضاف: «لكن للأسف في الكويت (الهرم مقلوب) في ما يتعلق بالشأن الاقتصادي، حيث نعمل على تأسيس الشركات التي عادة ما تكون حكومية لعدم ثقتنا في القطاع الخاص، لأنه عادة في الكويت القطاع الخاص هو قطاع يعمل ويعيش على العمولات، بحيث يكون هو (الوكيل) وفي المقابل يجعل الشركات الخارجية هي من تنفذ أو الشركات في الداخل، إذ إن تنفيذ المشاريع يكون (شركة ببطن شركة) وهذا ما يهدد الاقتصاد بشكل واضح».
وأشار إلى أن الاقتصاد الكويتي يعتمد على القروض والتسهيلات المقدمة من البنوك من ناحية وهناك أيضاً شركات الاتصالات التي تقدم خدمات من جهة ثانية، وشركات المقاولات التي تتغذى على العمولات من جهة ثالثة.
وأكد ضرورة إصلاح قانون المناقصات، لافتاً إلى أن «الاهتمام بالمشاريع الصغيرة يخلق بيئة اقتصادية واعدة في توفير فرص وظيفية، والكويت فيها الكثير من الارتباطات الدولية التي يمكن أن تفيد هذه المشاريع وتُصدّرها إلى الخارج في أي قطاع، لكن هذا الاهتمام غير موجود حالياً».
تخريب بيئة العمل الصناعي
انتقد معرفي الاعتماد فقط على المورد الأوحد وهو النفط، قائلاً «نسمع عن تنويع مصادر الدخل لكن هذا الأمر عارٍ عن الصحة ولا نراه على أرض الواقع، والدليل على ذلك محاربة الصناعيين في الكويت، فهناك مصانع في الكويت تُقدّر بنحو 1100 مصنع والفعلي على أرض الواقع والذي لديه منتجات في حدود 300 مصنع»، مبيناً أن «هذا القطاع مهمش ويُدمّر في حزمة القوانين التي يعتقدون أنهم يزيدون إيرادات الدولة (من خلالها) لكن في نفس الوقت (يخربون) بيئة العمل الصناعي... وهذا ما لا نقبله».
إنقاذ المشاريع الصغيرة... قضيتي الأولى
عن أول قانون تقدّم به لـ«إنقاذ المشروعات الصغيرة»، بيّن معرفي أن «أزمة كورونا مرّت على المشاريع الصغيرة والمتوسطة وكانت تشكل هاجساً لصاحب المشروع، وأصبحت هذه البيئة غير مشجعة وطاردة، وأصبح التوظيف في الحكومة أكثر أماناً من التفكير في فتح مشروع».
وأضاف: «ما حصل خلال أزمة كورونا هو خذلان من الحكومة في ذلك الوقت، حيث أغلقت الأنشطة وألزمت أصحاب المشاريع أن يدفعوا الرواتب والإيجارات، على أن تتحمل المشروعات الصغيرة وحيدة تبعات الكارثة، على الرغم من أن الدستور كفل أن يكون هناك حق مجتمعي على الدولة أن تعوّض أصحاب المشاريع».
وتابع: أن «سبب وجودي في مجلس الأمة اليوم هو المطالبة من خلال الشارع في تلك الفترة، والتقينا بالعديد من النواب في ذلك الحين وجلسنا مع رئيس مجلس الأمة ورئيس غرفة التجارة وكل قياديي الدولة لإسعاف هذا القطاع... لكن للأسف لم أرَ أي أحد تبنى هذا الأمر، وبما أنني كنت من الداعمين لهذه القضية فهي تعتبر قضيتي الأولى خصوصاً في بداية انطلاقتي في المجلس».
التعويض من الصناديق الحكومية
تحدث معرفي عن تفاصيل المقترح بقانون لإنقاذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مبيناً أن «القانون قُدّم في أكثر من مجلس، لكن عدم استمرارية المجالس كان التحدي الكبير الذي واجه القانون ولم يرَ النور، فهذا القانون يتعلق في تعويض المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الإيجارات والرواتب خلال فترة الإغلاقات من قبل الحكومة، والتي يجب أن تتحمل من خلال صناديقها في تعويض أصحاب المشاريع كما عوضت في الكثير من القضايا، مثل المدن السكنية التي غرقت وعوضتهم الدولة، والأمر يسري على المشاريع الصغيرة والمتوسطة في شأن تعويضهم بالإيجارات والرواتب».
رواد الأعمال... «أكثر الناس مظلومين»
أشار معرفي إلى المقترح الثاني في شأن التعديل على قانون التأمينات الاجتماعية في الباب الخامس، قائلاً إن «رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة المسجلين في الباب الخامس للتأمينات (هم أكثر الناس مظلومين) في الشرائح الموجودة ما بين الباب الأول والثالث للعاملين في الحكومة والخاص، وفي التعديل المُقدّم نساويهم مع نظرائهم في البابين الثالث والأول، سواء في ما يتعلق بموضوع سقف التقاعد بالنسبة للرجل والمرأة، أو سقف أعلى راتب يحصل عليه، أو القسط الذي يمكن أن يتحمله، إذ إنه حالياً تصل قيمة القسط إلى 16 - 17 - 18 في المئة من إجمالي الراتب المسجل الذي يدفع عليه تأمينات، لأنه يتحمل نصيبه كمؤمن ومؤمن عليه، فيتحمل نصيبين، أما في الحكومة فهي تتحمل جزءاً والموظف يتحمل جزءاً آخر وفي القطاع الخاص كذلك، لكن في القطاع الحر يتحمل كامل نصيبه، لذا جاء المقترح من باب التشجيع للتخفيف عليهم، ووضعنا مجموعتين: الأولى تضم من هو رابته أقل من 1000 فتكون نسبة الاستقطاع 5 في المئة، وأكثر من 1000 تكون النسبة 10 في المئة».
الأجهزة الحكومية لا تتعاون مع بعضها
تطرق معرفي إلى مقترحه الثالث بتعديل قانون الصندوق الوطني لرعاية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وقال: «(آخ) على صندوق المشروعات الصغيرة، أنا كنت أحد أعضاء مجلس الإدارة في المجلس التأسيسي للصندوق في 2013 حتى 2017... هذا القانون كان يحمل في طياته العديد من الخدمات التي يمكن أن تُقدّم للمبادرين وتحفز القطاع».
وأضاف «عندما شكلنا الصندوق في البداية كان يتناسب مع احتياجاتنا، لكن بعد عمل الصندوق أخذ 3 سنوات للتأسيس وسنة واحدة تشغيليه في فترتنا كعضو مجلس إدارة غير متفرغ بدأ سنته الأولى، وعمل على تمويل 245 مشروعاً في ذلك الحين، وبعض المشاريع إلى اليوم يتميّز الصندوق بأنه يظهرها إعلامياً ويفتخر بها».
وكشف أن أبرز التحديات والعراقيل كانت تتمثل بالربط بين الأجهزة الحكومية.
وقال «أكبر المصاعب أن توفق بين حكومة وحكومة... الأجهزة الحكومية لا تتعاون مع بعضها البعض، والكل يريد أن يفرض (رأيه) لتكون لديه القوة في التحكم بكل شيء».
وأضاف: «الصندوق يكفل لنا من خلال القانون أخذ أراضٍ زراعية وصناعية، لكن للأسف هذه الجهات كانت تتعسف أحياناً... إلا إذا كان معك في اللجنة وتبيّن له أهمية الموضوع... لكن للأسف في حقبة من الزمن جاء وزير وغيّر قانون الصندوق (وحلاوته) ونسف استقلاليته».
التعديلات جعلت «صندوق المشاريع»... مُسيّساً
وكشف أنه في السابق كان الصندوق عبارة عن مجلس إدارة مستقل، ويكون الوزير المساءل حسب ما يختاره مجلس الوزراء، وكان عادة وزير التجارة، مشيراً إلى أنه «عندما تكون هيئة مستقلة تكون بعيدة عن أي أداة سياسية، لا يكون هناك ضغط سياسي مباشر على المؤسسة... للأسف في 2018 جاء التعديل على القانون ونسف كل ما يحمله هذا القانون من جمال».
وأوضح أن «مجلس الإدارة أصبح مكوناً من الوزير المعني بالإضافة إلى ممثلين عن جهات حكومية وعدد من أعضاء الخبرة، وتغيّر نظام المجلس وآلية اتخاذ القرارات فيه... حتى الموافقة على المشاريع كانت بيد مجلس الإدارة، أما الآن فأصبحت بيد مدير عام واحد وهو الذي يقرر أن يموّل أو لا يموّل وهذا أمر خطير، لأن هذا الصندوق أصبح مسيساً... اليوم أي عضو في مجلس أمة يستطيع أن يضغط على الوزير لتمويل بعض المشاريع والمدير العام لديه هذه الصلاحية... وهذا من أخطر التغييرات التي حصلت على تاريخ ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة».
وأشار إلى أنه منذ فترة «كورونا» توقف التمويل «ومو عارفين يعالجون المشاكل... الناس دشت في مشاكل كبيرة وبدأ الكثيرون بمرحلة التعثر... هناك بعض الشباب قد يذهبون إلى السجون في حال عدم إيجاد حلول لهذه المشكلة، وسبق أن تحدثت عن عنبر المبادرين لأصحاب الأعمال»، محذراً من أنه إذا لم نعالج هذه المشكلة فستخاف الناس من المبادرات، وستفضل الذهاب إلى القطاع الحكومي بدلاً من أن يكون الأمر معاكساً.
وأضاف أن تعديله المقدم يهدف إلى عودة استقلالية مجلس الإدارة وإعطاء صلاحيات أكبر لمجلس الإدارة مقابل المدير العام، مشيراً إلى أن الموافقة يجب ألا تكون من قبل شخص واحد بل من صلاحيات مجلس الإدارة.
ولفت إلى أن التعديل يشمل أيضاً أن يكون هناك 5 أعضاء (3 غير متفرغين من عناصر الخبرة - و2 متفرغان هما الرئيس ونائب الرئيس)، كي لا يكون هناك تعارض مع قوانين الحوكمة.
«الناس غرقانة»
وأوضح معرفي سبب تبنيه لهذه المشاريع بالقول: «أنا لست مُمَوَلاً... كنت عضو مجلس إدارة لكني لست مُمَوَلاً، وماعندي مصلحة شخصية لكن أرى الآلام الموجودة في الشارع... ورأيت (الناس غرقانة)... أنا لا أتكلم عن شخص... هناك أسر سوف تتشتت إذا لم يُعدّل القانون»، مشدداً أن «هذا القانون يجب أن يُعالج... بسبب كثرة التأجيلات على أقساط المبادرين غير المتعثرين... هناك 74 متعثراً... لكن إذا حل عليهم أول قسط فسيزيد الرقم إلى 4 أضعاف لأن القسط الأول سيحل عليهم شهر سبتمبر المقبل... وهذا يجب أن يكون أولى الأولويات في المجلس خلال دور الانعقاد القادم».
وإذ اعتبر أن الحكومة ليست لديها رؤية في هذا الشأن، اختتم بالقول: «إذا الحكومة مو عارفة شلون تشتغل نساعدها... ما لازم نتحلطم دوم لازم نصلح ونقدم الاقتراحات التي نتمنى أن تأخذ بها الحكومة».