«وول ستريت جورنال» تتحدّث عن إبطاء وتيرة التخصيب وطهران تؤكد أن لا تغيير في نشاطاتها
إيران تسعى لإجهاض العقوبات بموازاة المسار «النووي»
- اتفاق تبادل السجناء بين واشنطن وطهران استغرق عامين ونصف العام... بوساطة قطرية
- لقاء أميركي / إيراني مُرتقب في نيويورك بحال أثمرت جهود خفض التصعيد
بعد عامين ونصف العام على تولي جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة وديبلوماسية حثيثة مع القيادة الدينية في إيران، توصلت إدارته لأول اتفاق معها، هو الإفراج عن خمسة سجناء أميركيين.
ويؤذن الاتفاق الحساس بتخفيف حدة التوتر بين الخصمين، ويعتقد خبراء وديبلوماسيون أنه قد يفضي إلى مزيد من الجهود الهادئة للرد على مخاوف منها ما يتعلق بالنشاط النووي الإيراني.
غير أن عدداً قليلاً من الأشخاص يتوقعون اتفاقات كبرى وشيكة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2024.
في السياق، وفي حين قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إن بلاده «لم تترك طاولة المفاوضات»، أكد مصدر مطلع، أمس، أن «البرنامج النووي السلمي مستمر في كل القطاعات من دون توقف أو تغيير بناء على الخطط السابقة لمنظمة الطاقة الذرية، ووفقاً لقانون المبادرة الإستراتيجية»، في رد على صحيفة «وول ستريت جورنال»، التي تحدثت عن أن طهران أبطأت وتيرة تخزين اليورانيوم المخصب.
ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مصادر مطلعة، الجمعة، أن إيران أبطأت بشكل كبير وتيرة مراكمة اليورانيوم المخصب بدرجة قريبة لتصنيع الأسلحة، في خطوة قد تساهم في تخفيف التوترات مع الولايات المتحدة واستئناف محادثات أوسع نطاقاً في شأن برنامجها النووي.
وأوضحت أن كمية احتياطيات اليورانيوم انخفضت بنسبة 60 في المئة، مضيفة أن طهران خفضت معدل تراكم اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة أيضاً.
ونقلت عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين، أنه تم إبلاغ إيران بأنها إذا خفضت التوترات خلال الصيف، فإن الدول الغربية على استعداد لإجراء محادثات موسعة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالبرنامج النووي.
ورغم نفي طهران وواشنطن وجود أي مفاوضات لإبرام «اتفاق موقت» بينهما، فإن التسريبات الإعلامية من جهة والوساطات الإقليمية من جهة أخرى، تشيران إلى تحريك المياه الراكدة في عدد من الملفات.
وبحسب مصادر «وول ستريت جورنال»، فإن الجانبين قد يلتقيان في سبتمبر المقبل، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حال أثمرت جهود خفض التصعيد.
من جابه، قال الناطق باسم البيت الأبيض جون كيربي، إنه لا يمكنه تأكيد تقرير الصحيفة. لكنه أشار إلى أن «أي خطوات قد تتخذها إيران لإبطاء وتيرة التخصيب ستكون بالتأكيد موضع ترحيب».
وأضاف «لسنا في مفاوضات جدية حول البرنامج النووي. لكن مثل هذه الخطوات هي بالتأكيد، في حالة صحتها، موضع ترحيب».
«مناورات معقدة»
وفي خطوة أولى في ما يمكن أن يكون «مجموعة معقدة من المناورات»، التي من المحتمل أن تستغرق أسابيع، سمحت إيران بالإفراج عن 4 أميركيين محتجزين في سجن إيفين في طهران الخميس، وقررت وضعهم قيد الإقامة الجبرية.
وكان هناك أميركي خامس قيد الإقامة الجبرية بالفعل. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن الاتفاق لا يعني تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.
وفي طهران، كتب محمد جمشيدي المساعد السياسي للرئيس إبراهيم رئيسي، أن طهران لم تسمح للخمسة بالمغادرة حتى تتسلم أموالها المجمدة في كوريا الجنوبية كاملة، التي تقدر بستة مليارات دولار.
وأكد كيربي أنه ستكون هناك قيود على ما يمكن لإيران فعله بأي أموال يفرج عنها.
وقال «في الأساس، لا يمكن الوصول إلى الأموال إلا من أجل الحصول على الأغذية والأدوية والمعدات الطبية التي ليس لها استخدام عسكري مزدوج. وستكون هناك عملية صارمة تحظى بالعناية الواجبة والمعايير المطبقة بمدخلات من وزارة الخزانة الأميركية».
وساطة قطرية
وأمس، كشف مسؤولون أميركيون تفاصيل المفاوضات الأميركية - الإيرانية في فندقين منفصلين في الدوحة.وأبلغ المسؤولون شبكة «سي إن إن»، أن «الديبلوماسيين القطريين لعبوا دوراً في الحفاظ على المفاوضات وإنجاحها وعملوا كوسيط لنقل الرسائل بين الطرفين».
وأضافوا أن «اتفاق تبادل السجناء استغرق عامين ونصف العام... والتوصل لاتفاق كان قبل 6 أشهر».
وتابع الديبلوماسيون، أن «واشنطن تحفظت على الإعلان (عن اتفاق) حتى اتخاذ الخطوة الأولى من جانب إيران بنقل السجناء».
وأوضحوا أن «سفير سويسرا في طهران زود واشنطن بتحديثات أولية في شأن وضع السجناء حتى نقلهم».
من جانبه، قال علي فايز، مدير مشروع إيران لدى مجموعة الأزمات الدولية، التي تسعى لحلول للنزاعات، «أعتقد أن كلا الجانبين لهما مصلحة في استخدام هذه الاتفاقية الأولية بوابة للعودة إلى الحوار ولكن ليس بالضرورة إلى اتفاق».
وأعلن مصدر قريب من المفاوضات ان الاتفاق في شأن السجناء منفصل عن الملف النووي. لكنه قال أيضاً إن الديبلوماسية أظهرت فعالية في خفض التوتر، مشيراً إلى هدنة لا تزال صامدة منذ أكثر من عام في اليمن حيث تدعم طهرا، المتمردين الحوثيين.
ويبدو أيضاً أن هجمات فصائل مرتبطة بإيران على القوات الأميركية تراجعت في العراق، كما يشير ديبلوماسي من دولة حليفة للولايات المتحدة.
وقال إن «التوتر لا يزال قائماً لكن الحكومتين تتواصلان وهذا يحدث فارقاً».
وترى هولي داغريس، الزميلة غير المقيمة في معهد أتلانتيك كاونسل، ان الاتفاق المتعلق بالسجناء هو بمثابة «إجراء لبناء الثقة ويمكن أن يحيي المحادثات في شأن برنامج إيران النووي».
وتضيف «لكنه أيضاً مؤشر لطهران إلى أن بإمكانها الاستفادة من نموذج احتجاز رهائن، ما قد يدفعها إلى مواصلة الوضع الراهن بالنظر إلى أنها تستطيع أيضاً بيع النفط بسبب ضعف تطبيق العقوبات المفروضة».
وطرحت أيضاً تساؤلات في شأن توقيت الاتفاق. فتاريخ 16 سبتمبر، يصادف مرور عام على وفاة الشابة الكردية مهسا أميني عقب توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران.
وأضافت داغريس أن «إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة في فترة حساسة كهذه، هو في جوهره، بمثابة القول للمتظاهرين إن واشنطن غير مهتمة بمحنتهم».
أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين، عن الإفراج عن جميع موارد العملة الأجنبية الإيرانية المصادرة في كوريا الجنوبية.
وأشار فرزين إلى أنه «سيتم إيداع جميع هذه الأصول باليورو قريباً في حسابات 6 بنوك إيرانية في قطر، وسيجري استخدامها كمدفوعات مصرفية لشراء سلع غير خاضعة للعقوبات».
وأضاف: «سنصل خلال الفترة المقبلة إلى جزء آخر من أموالنا المجمدة في بعض الدول».
طهران: الظروف مُهيّأة لبدء الاستثمارات السعودية
اعتبر مسؤول إيراني، أن الظروف مُهيّأة لبدء الاستثمارات السعودية في البلاد، معرباً عن أمله في تسريع التقدم في هذا المجال مع بدء مهام السفير الإيراني الجديد في المملكة.
ولفت مهدي صفري، مساعد شؤون الديبلوماسية الاقتصادية في وزارة الخارجية، إلى زيارة وزير الاقتصاد إحسان خاندوزي إلى السعودية، قائلاً «من وجهة نظرنا فإن الأجواء مناسبة جداً ونأمل في تسريع التقدم».
وأكد في المقابل أن هناك العديد من مصانع الصلب الإيرانية أيضاً تتطلع للاستثمار في السعودية بصورة مشتركة.
وقال: «بإمكان إيران تصدير منتجات الصلب، والفواكه، والخضراوات، والسيراميك والبورسلان، ومواد البناء إلى السعودية، إذ إن البلاد تتمتع بقدرات وإمكانيات جيدة في مجال الصلب وإنتاج الأدوية النانوية والبايوتكنولوجيا، والمعدات الطبية وغيرها».
وأشار إلى أن «الظروف مُهيّأة أيضاً في إيران للاستثمار في مجال بناء الفنادق وغيرها».
وتابع: «بشكل عام فإن الأجواء مواتية للتجارة وتصدير الخدمات الهندسية».
وفي 10 مارس الماضي، أعلنت السعودية وإيران الاتفاق برعاية صينية، على استئناف علاقاتهما الديبلوماسية المقطوعة منذ 7 سنوات.