جعبة المقاومة وحكايا الإجماع الدولي على نصرة المظلوم مازالت باقية

33 عاماً... غصة الغزو وقصة الصمود

تصغير
تكبير

مع حلول الذكرى الـ 33 للغزو العراقي الغاشم، تستعيد الأذهان حكايا الصمود والإجماع الدولي على نصرة المظلوم، لكن تبقى في القلب غصة لا تمحوها السنوات.

وسيظل يوم الثاني من أغسطس شاهداً على تلاحم أهل الكويت ووقوفهم في وجه المعتدي، رغم فداحة الجرم وبشاعة الممارسات التي تمت.

وفي موازاة مع مشهد الصمود، كان هناك مشهد التأييد الدولي للحق المغتصب. وشكل هذا المشهد لوحة سياسية يصعب تكرارها فقلما نجد هذا العدد الهائل من دول العالم يتفقون على رأي واحد، لكن الحق الكويتي وحد القاصي والداني وجعل المجتمع الدولي في حالة استنفار لتحرير الأراضي الكويتية وعودتها لأهلها.

تضامن خليجي - عربي مع الكويت

في ثاني أيام الغزو، أصدر أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، أمراً أميرياً يقضي بأن تنعقد الحكومة بصفة موقتة في السعودية وأن يتولى الوزراء مباشرة أعمالهم.

أما على الصعيد العربي، فقد تم عقد مؤتمر القمة العربي الطارئ في القاهرة في 10 أغسطس 1990، كما عقد (المؤتمر الإسلامي العالمي) في مكة المكرمة في 10 سبتمبر.

وخاطب الشيخ جابر الأحمد في 27 سبتمبر 1990 أكثر من 60 رئيس دولة و90 رئيس حكومة ووزيراً وسفيراً في الدورة الـ45 للجمعية العمومية للأمم المتحدة في لحظة تاريخية مؤثرة.

وشارك في 22 ديسمبر 1990 في القمة الـ11 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي أكدت وقوف دول المجلس مع الكويت وتضامنها معها والتزامها بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن وإعلان أن علاقات دول المجلس مع دول العالم المختلفة ستتأثر سلباً أو إيجاباً بحسب مواقف تلك الدول من تنفيذ قرارات مجلس الأمن.

وتشكل ائتلاف عسكري لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بانسحاب القوات العراقية من الكويت دون قيد أو شرط، مدعوماً بقوة إيمان دول التحالف بعدالة القضية الكويتية.

وفي 17 يناير 1991، بدأت أول غارة جوية شنتها قوات التحالف الدولية إعلاناً لبدء عمليات «عاصفة الصحراء» لتحرير دولة الكويت، فيما لعبت القوات العربية دوراً بارزاً في إنجاز مهمة تحرير الكويت.

اللسان الدولي تحدث كويتياً

وكما كانت المواقف الخليجية والعربية والإسلامية مؤيدة للحق الكويتي، فقد كانت الأصوات الدولية كذلك داعمة للكويت وأهلها، ففي 3 أغسطس 1990، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بناء على طلب عدد من الدول أصدر في ختامها قراره الشهير (660) دان فيه الغزو العراقي الغاشم داعياً إلى انسحاب العراق فوراً ودون قيد أو شرط من الأراضي الكويتية وعودة الشرعية إلى الكويت.

وأعلنت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي تنديدهما بالغزو وطالبا العراق بسحب قواته فوراً، كما أصدرت الدورة التاسعة عشرة لوزراء خارجية الدول الإسلامية خلال انعقادها بالقاهرة بياناً طالبت فيه بانسحاب القوات العراقية من الأراضي الكويتية في حين أجمع سفراء مجموعة دول عدم الانحياز خلال اجتماعهم في نيويورك على إدانة الغزو ومطالبة العراق بالانسحاب الفوري.

وتقدمت الولايات المتحدة بمشروع قرار جديد إلى مجلس الأمن يقضي بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية شاملة ضد العراق لإجباره على الانسحاب من الكويت دون قيد أو شروط.

واستدعت التطورات فتح الباب أمام الدول المحبة للسلام لإرسال قوات إلى المنطقة، وعلى الفور جرت اتصالات بين مختلف العواصم العالمية لحشد تحالف دولي.

جيش الديبلوماسية الكويتية

كان أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يتولى حقيبة الخارجية إبان الغزو، وأدت الديبلوماسية الكويتية بقيادته دورا مهما في حشد الرأي العام الدولي لدعم ومساندة الشرعية الكويتية، مستندا في ذلك إلى خبرته الكبيرة وأثمرت تلك الجهود كسب الكويت مساندة عالمية وأممية لم يسبق لها مثيل من خلال توافق الإرادة الدولية مع قيادة قوات التحالف الدولي وإصرارها على دحر المعتدي وتحرير الكويت.

ورتّبت الديبلوماسية الكويتية عقد العديد من المؤتمرات التي أسهمت في كسب الرأي العام الدولي الداعم للقضية.

ونجحت الجهود الديبلوماسية في كسب الكويت مساندة دولية، ووقف العالم أجمع مناصرا للحق في وجه الغزو، والذي أثمر في 29 نوفمبر 1990 بصدور قرار مجلس الأمن رقم 678 الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية لتحرير الكويت.

الخداع العراقي

ترأس سمو الأمير الوالد الراحل (سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء آنذاك) الشيخ سعد العبدالله وفد الكويت في اجتماع جدة نهاية مايو 1990، بينما ترأس الجانب العراقي عزة إبراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي، إلا أن الاجتماع واجه صعوبات تمثلت في جمود الموقف العراقي، ورفضه مناقشات واقتراحات الجانب الكويتي حول مسألة الحدود وطلبه تأجيل المحادثات لحين العودة إلى القيادات العراقية.

وعاد الوفدان إلى بلديهما يوم الأربعاء 1 أغسطس على أن يتم لقاء آخر لاستكمال المباحثات. وكان الرئيس العراقي الذي حشد قواته على الحدود الكويتية ـ العراقية قد تعهد إلى خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري بعدم استخدام القوة ضد الكويت أو التهديد بها.

وفوجئ العالم بأسره باجتياح القوات العراقية للأراضي الكويتية في صبيحة يوم 2 أغسطس 1990، فتوجه سمو ولي العهد إثر سماعه خبر دخول القوات العراقية الأراضي الكويتية إلى غرفة العمليات برئاسة الأركان العامة للجيش الكويتي وكان معه سمو الأمير (وزير الدفاع آنذاك الشيخ نواف الأحمد) لمتابعة التحركات العراقية التي ازدادت كثافتها وتحركها تجاه مدينة الكويت.

وعندما أدرك سموه أن هذه التحركات تستهدف القضاء على الشرعية الكويتية، اقترح مغادرة سمو الأمير الشيخ جابر قصر دسمان كإجراء احتياطي ووافق سمو الأمير بعد إلحاح شديد.

إذاعة الكويت السرية

في التاسعة صباحاً من يوم الخميس الثاني من أغسطس 1990 بدأ بث إذاعة وتلفزيون الكويت السري، واستطاعت بث كلمة لسمو ولي العهد آنذاك المغفور له الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، وواصل فريق الإذاعة بثه حتى بعد منتصف الليل وتوقف البث التلفزيوني بعد نهاية نشرة أخبار منتصف الليل، واستمرت الإذاعة السرية في بثها حتى التاسعة من صباح اليوم التالي، حيث توقف البث بعد استيلاء القوات الغازية على محطة بث فيلكا المرتبط بها استوديو الدسمة، ومع ذلك واصلت إذاعة الكويت صوتها ونداءات استغاثتها للعالم.

واستمرت في الإرسال من محطة كبد مجددا، وتوجه بعض أفراد فريق الدسمة إلى كبد لمتابعة عملهم رغم سوء الأوضاع حولهم، وعند اقترابهم من المحطة شاهدوا آليات العدو تدخل المحطة لينقطع الإرسال فعليا نحو الساعة الثانية إلا ربع ظهرا، وعاد الفريق الإذاعي أدراجه إلى منطقة صباح السالم وهم أكثر إصرارا على عودة صوت إذاعة الكويت، فقام فريق منهم باقتحام مسجد الدولة الكبير وتوصلوا لفكرة البث عبر موجات اللاسلكي.

بيت القرين... أيقونة المقاومة

ضم بيت القرين مجموعة من31 شاباً اتخذوا من منطقة القرين مقراً لعملياتهم، حيث قامت المجموعة بجمع السلاح واستخدامه في محاربة القوات العراقية عن طريق قنص أفراد من الجيش أو تدمير الآليات العسكرية، ودارت معركة بين المقاومة الكويتية والجيش العراقي، وبدأت أحداث المعركة في صباح يوم 24 فبراير 1991 عندما قامت مجموعة من الجيش العراقي والاستخبارات العراقية بطرق باب بيت القرين بغرض تفتيشه أو سرقة محتوياته، وعندما لم يستجب أحد للطرق قام أحد الجنود بالقفز فوق سور المنزل محاولاً الدخول، فقام أحد أفراد مجموعة المسيلة المتواجدين في المنزل بإطلاق النار على الجندي، فقام الجيش العراقي بمحاصرة المنزل وفتح النار على أفراد المقاومة، وكان الجيش العراقي مدعوماً بالدبابات و قذائف آر بي جي مقابل تسليح خفيف لمجموعة المسيلة، ومع هذا استمرت المعركة حتى السادسة مساءً، وكان في المنزل 19 شخصاً من المجموعة من أصل 31 شخصا، انتهت المعركة بمقتل 3 من أفراد المقاومة وأسر 9 آخرين وجِدت جثثهم مُلقاة في أماكن متفرقة بعد تعذيبهم، واستطاع 7 من أفراد المجموعة النجاة.

وشكلت تلك الملحمة التي وحدت جميع أطياف المجتمع الكويتي صورة وطنية لا تنسى، ولهذا قام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بتحويل المنزل إلى متحف بأمر من الأمير الراحل المغفور له بإذن الله الشيخ جابر الأحمد، لتخليد ذكرى الشهداء وهذه الملحمة.

6 عمليات سرقة ونهب كبرى

رغم أن عمليات السرقة والنهب التي قامت بها قوات الاحتلال، إلا أن بعض هذه السرقات ستظل علامة بارزة على فداحة ما أقدمت عليه قوات الغزو العراقي الغاشم، ومن بينها:

1- تخريب متحف الكويت الوطني، وحرق مقتنيات نادرة يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد وللعصر الإغريقي والحضارة الإسلامية.

2- تدمير متحف دار الآثار الإسلامية وسرقة مجموعات نادرة من كنوز التاريخ الإسلامي ذات صناعة دقيقة ومتقنة.

3- سرقة مجموعة أثرية للفن الإسلامي والكتب النادرة.

4- تخريب معهد الكويت للأبحاث العلمية، وتدمير مختبراته ومعامله.

5- تدمير مختبر التحليل المركزي، ومحطة الدوحة لتحلية المياه وسفن الأبحاث وغطاسة تسجيل البيانات البحرية.

6- الاستيلاء على مختبر مرافق البترول، ومختبر التكنولوجيا الحيوية، ومحطة أبحاث المراعي والإنتاج الحيواني.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي