القصف الصاروخي ينهي وجود ميناء أوديسا الإستراتيجي
أوكرانيا تعطي «دفعة جديدة» لهجومها المضاد وروسيا تستهدف مدرّجات طيران ومخازن أسلحة
أعطت القوات الأوكرانية «دفعة جديدة» لهجومها المضاد، خلال الأيام الماضية، بحسب ما نقل صحيفة «واشنطن بوست»، عن مسؤولين أميركيين وأوكرانيين، وذلك بعد أسابيع من عدم تحقيق أي «اختراقات كبرى».
وفي حين، أفادت وزارة الدفاع الروسية في بيان، أمس، باستهداف «مدرجات طيران ومراكز إشراف ونشر تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية ومشاغل تجميع ومواقع تخزين للمسيّرات البحرية كما للصواريخ، وأسلحة ومعدات عسكرية تم الحصول عليها من بلدان أوروبية والولايات المتحدة»، تحدث شهود في أوديسا، عن أنه «لم يعد هناك وجود» لميناء المدينة التاريخية الجنوبية.
من جانبها، حققت كييف، «تقدماً تدريجياً»، في جنوب أوريكيف في منطقة زابوريجيا (جنوب)، وفق مسؤولون، أشاروا إلى أن الهدف الأساسي، يبقى الوصول إلى بحر آزوف، وقطع الجسر البري الذي يربط موسكو بشبه جزيرة القرم، الطريق الاستراتيجي للأمدادات الروسية.
وأوضحت «واشنطن بوست»، أن القوات الأوكرانية البعيدة عن البحر، الذي يقع على بعد نحو 96 كيلومتراً جنوب أوريكيف، تسعى إلى الوصول إلى مدن ساحلية.
ورغم أن هذا التحرك قد يكون «خدعة تكتيكية»، وكلتا الحكومتين الأوكرانية والروسية، سبق أن استخدمتا المعلومات المضللة لتحقيق مكاسب في ساحة المعركة، فإن مناورة كهذه تتماشى مع ما توقعه بعض المحللين، الذين تصوروا هجوماً مضاداً يسعى لاختراق الممر البري بين روسيا والقرم، متجهاً نحو ميليتوبول، القريبة من ساحل بحر آزوف.
هذا الاختراق، قد يؤدي إلى تقسيم القوات الروسية، وقطع خطوط الإمداد عن الوحدات المنتشرة في الغرب.
وفي السياق، أفاد معهد دراسات الحرب الأميركي، بان القوات الأوكرانية شنت «عملية هجومية ميكانيكية مضادة كبيرة في منطقة غرب زاباروجيا»، الأربعاء، مضيفاً «يبدو أنها اخترقت مواقع دفاعية روسية معدة مسبقاً».
واستند المعهد في تقريره إلى مصادر روسية، بما في ذلك وزارة الدفاع والعديد من المدونين العسكريين البارزين.
«قتال عنيف»
وجرى الإبلاغ عن قتال عنيف بالمدفعية والغارات الجوية طيلة يوم الأربعاء، في منطقة زابوريجيا، وبالقرب من باخموت وأفدييفكا في الشرق.
وأقر مسؤولون روس وأوكرانيون بوجود معارك عنيفة حول بلدة روبوتين، لكنهم قدموا روايات مختلفة حول الأوضاع.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية ان قواتها صدت الهجوم، مشيرة إلى تدمير 20 دبابة أوكرانية و10 ناقلات جند مدرعة، ومقتل 100 جندي أوكراني.
بالمقابل، يؤكد مسؤول أوكراني، رفض كشف هويته، تكبد القوات الأوكرانية «بعض الخسائر»، نافياً أن تكون المدفعية الروسية قد دفعتهم إلى التراجع.
وأعلنت وزارة الدفاع انها أجهضت هجمات روسية على طول الجبهة التي يبلغ 960 كيلومتراً، وأنها حققت مكاسب واستعادت أراضي محتلة في منطقة زابوريجيا، كجزء من «عملية هجومية في اتجاهات ميليتوبول وبيرديانسك».
وقالت نائبة وزير الدفاع هانا ماليار، إن الجيش «يتقدم تدريجياً» في اتجاه مدينتي ميليتوبول وبيرديانسك الساحليتين، لكنها لم تذكر المسافة التي قطعتها.
ورغم المساعدات العسكرية الغربية المنتظمة، لا تزال روسيا متفوقة في المدفعية والدبابات والقوات.
وقال نائب رئيس الوزراء الأوكراني ميخايلو فيدوروف، إن 1700 طائرة مسيرة في طريقها إلى الخطوط الأمامية للمساعدة في الهجوم الذي بدأ في الرابع من يونيو الماضي.
وجربت كييف تكتيكات مختلفة للقضاء على المدفعية والدفاعات الجوية ومستودعات الذخيرة والخطوط اللوجستية الروسية، وفقاً لـ «رويترز».
ومنذ بدء هجومها المضاد، في يونيو الماضي، لم تحرز القوات الأوكرانية سوى «تقدم بطيء»، غير أنها تسعى خلال الأيام الأخيرة إلى تعزيز هجومها وتحقيق مكاسب مهمة، بحسب شبكة «سي أن أن».
وقال مسؤولان في «البنتاغون»، الأربعاء، إن القوات الأوكرانية شرعت في «تنفيذ أقوى هجماتها المضادة»، في الجنوب الشرقي، مع تدفق تعزيزات كبيرة إلى جبهات القتال الأمامية.
وكشف أحد المسؤولين بأن الهجوم المضاد، اخترق بعض عناصر الخطوط الدفاعية الروسية في الجنوب الشرقي، وتمت الاستعانة بوحدات من الاحتياط لـ «الاستفادة من هذه الفرصة».
من جهته، اعترف إيغور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، بشن القوات الأوكرانية هجوماً «واسعاً»، ومعارك ضارية جنوب أوريكيف.
تدمير ميناء أوديسا
وفي أوديسا، أعلن الحاكم المحلي أوليغ كيبر عبر «تليغرام»، أمس، مقتل رجل وتضرّر منشآت في أحد الموانئ جراء ضربات ليلية.
ووفقا لوسائل إعلام روسية، فإن المعطيات الميدانية تؤكد أن سلسلة الضربات الصاروخية الثلاث ضد موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، بعد الهجوم الذي تعرّض له جسر القرم، حققت أهدافها.
وتعرّضت البنية التحتية البحرية في مدينة أوديسا (جنوب)، والمدن المجاورة لأضرار بالغة، كما تم تدمير قاعدة للمرتزقة الأجانب والمطار العسكري في نيكولاييف.
ووفقاً للمعطيات الأوكرانية، استهدف الجيش الروسي خلال الساعات الماضية، المناطق المذكورة بـ 16 صاروخاً مجنحاً من طراز «كاليبر»؛ 8 صواريخ مجنحة من طراز «خا-22»؛ 6 صواريخ «أونيكس» تم إطلاقها من منظومة «باستيون» الساحلية؛ صواريخ «خا-59» الجوية الموجهة (لم يحدد العدد) وعشرات المسيرات الجوية الهجومية.
وخلال ذلك تم مجدداً استهداف الموانئ والمراسي وأنظمة الدفاع الجوي التابعة للقوات الأوكرانية ومنشآت عسكرية أخرى خصوصاً في أوديسا.
وتم تدمير 26 منشأة للبنية التحتية في الموانئ وتضرر 5 سفن مدنية تضررت خلال 9 أيام من الضربات الروسية.
ووفقاً لشهود تحول مبنى إدارة ميناء أوديسا وكذلك مصرف «فوستوك» المجاور، لكومة من الحجارة وأنقاض الهياكل الخرسانية، ولم يعد هناك وجود لميناء أوديسا.
وكتب شاهد في مواقع التواصل الاجتماعي: «انتهى كل شيء. لم يعد هناك ميناء. هناك أنقاض الخرسانة المسلحة ولكن لا فائدة منها. ميناء أوديسا تحول إلى نفايات».
وأعلنت أجهزة الأمن في بيان، أمس، أنها «أحبطت محاولة للأجهزة الخاصة الأوكرانية لتنفيذ هجوم إرهابي على إحدى سفن أسطول البحر الأسود التي كانت تنقل صواريخ عالية الدقة».
وأوضحت أنه اعتقل «جندي في البحرية الروسية جندته الأجهزة الخاصة الأوكرانية» وكان يحمل عبوتين ناسفتين.
وتابع المصدر أن الرجل متهم «بمحاولة تنفيذ هجوم إرهابي» وتهريب متفجرات والخيانة العظمى وإفشاء أسرار دولة.
وكان الأسطول الروسي في البحر الأسود استهدف مرات عدة منذ بدء موسكو عمليتها العسكرية في أوكرانيا في فبراير 2022، لكن الهجمات تكثفت في الأسابيع الأخيرة.
وأعلنت روسيا الثلاثاء أنها صدت هجوماً بمسيرة على زورق دورية عسكري في جنوب غرب سيباستوبول في شبه جزيرة القرم. الأسبوع الماضي ألحقت مسيرات تابعة للبحرية أضراراً بجسر شبه جزيرة القرم.
وأوضح جهاز الأمن الفيديرالي في بيان، أمس، «في 26 يوليو عثر على آثار متفجرات في مركب إنقاذ تابع لسفينة الشحن بي ام او ريفر» موضحاً أن السلطات الروسية منعت السفينة من دخول «المياه الإقليمية الروسية».
وأضاف أن السفينة أبحرت من مرفأ سينوب في تركيا وكانت متجهة عبر مضيق كيرتش الفاصل بين روسيا وشبه جزيرة القرم، إلى مرفأ روستوف-نا-دونو الروسي لتحميل حبوب.
وتابع جهاز الأمن «تبين أن السفينة توجهت مرتين في يونيو ويوليو إلى مرفأ ريني الأوكراني».
واستهدف هذا المرفأ الواقع على نهر الدانوب في منطقة أوديسا بضربات روسية.
وأضاف المصدر، أن العملية أتت خلال تدابير متخذة في إطار مكافحة الإرهاب وقد تكون السفينة استخدمت «لنقل متفجرات إلى أوكرانيا».
وكان سبق للجهاز أن أعلن الإثنين أنه عثر في 22 يوليو على آثار متفجرات في سفينة شحن أخرى أبحرت من تركيا وكان يفترض أن تصل إلى مرفأ روستوف-نا-دونو عبر مضيق كيرتش.