أكد أن النهج المتوازن للسياسة النقدية ساهم في احتواء التضخم والتخفيف من تأثيراته على الاقتصاد المحلي
«المركزي» يرفع سعر الخصم 25 نقطة أساس
- الهارون: نسعى إلى الإبقاء على هامش فائدة مقبول لصالح العملة المحلية ضد الأجنبية لجذب الودائع الدينارية
- رفعنا منذ مارس 2022 سعر الخصم تسع مرات بواقع 275 نقطة أساس
أعلن بنك الكويت المركزي رفع سعر الخصم بواقع 25 نقطة أساس ليصبح 25ر4 في المئة بدلا من 4 في المئة اعتبارا من يوم غد الخميس.
وقال محافظ بنك الكويت المركزي ورئيس مجلس إدارته باسل الهارون في تصريح صحافي اليوم الأربعاء إن القرار يأتي في إطار المتابعة المتواصلة لتطورات الأوضاع الاقتصادية والنقدية والمصرفية المحلية والعالمية واتجاهاتها المتوقعة.
وأضاف أنه يأتي في إطار جهود بنك الكويت المركزي للمحافظة على الاستقرار النقدي والمالي والحرص على تعزيز الأجواء الداعمة للنمو الاقتصادي لمختلف القطاعات خصوصا غير النفطية واحتواء الضغوط التضخمية المحلية والمحافظة على تنافسية العملة الوطنية وجاذبيتها كوعاء للمدخرات المحلية باعتبارها ثوابت راسخة للتوجهات الأساسية للسياسة النقدية التي تستهدف تعزيز الاستقرار النقدي.
وذكر أن القرار يرتكز على دراسة وتحليل أحدث البيانات والمعلومات الاقتصادية والنقدية والمصرفية المتوافرة بما في ذلك مستويات النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم التي شهدت أخيراً بعض الارتفاع بعد استقرارها خلال الفترة السابقة ومؤشرات السيولة المحلية وحركة الودائع والائتمان المصرفي وأسعار الفائدة على الدينار وعلى العملات الرئيسية بما يعزز جاذبيته.
وأكد الهارون مواصلة (المركزي) متابعته الحثيثة لتطورات ومستجدات الأوضاع الاقتصادية والنقدية والمصرفية والاستعداد للتحرك عند الحاجة لتوجيه مختلف أدوات السياسة النقدية من أجل تكريس الأجواء الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام والمحافظة على تنافسية وجاذبية العملة الوطنية كوعاء للمدخرات المحلية وفي إطار المحافظة على الاستقرار النقدي والاستقرار المالي.
يأتي ذلك، فيما أصدر الهارون بياناً صحافياً يوضح أبرز المستجدات النقدية والمصرفية المحلية، وجهود بنك الكويت المركزي استجابةً للاضطرابات في الأسواق الدولية والتطورات الجيوسياسية الأخيرة وأثرها على الأوضاع الاقتصادية الوطنية.
وقال محافظ بنك الكويت المركزي باسل الهارون اليوم الأربعاء إن قرارات (المركزي) بشأن رسم وتنفيذ السياسة النقدية تأتي في إطار نهج متدرج ومتوازن يستهدف تكريس الاستقرار النقدي والمالي والمحافظة على تنافسية العملة الوطنية وجاذبيتها كوعاء مجز وموثوق للمدخرات المحلية وتعزيز الأجواء الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام.
جاء ذلك في تصريح صحفي حول أبرز المستجدات النقدية والمصرفية المحلية وجهود (المركزي) في الاستجابة لاضطرابات الأسواق الدولية وأثرها على الأوضاع الاقتصادية الوطنية.
وأفاد بأن (المركزي) وفي إطار متابعته المتواصلة للمؤشرات والبيانات الاقتصادية والنقدية والمصرفية محليا وعالميا إضافة إلى التداعيات الجيوسياسية والتوجهات العالمية لأسعار الفائدة قام منذ مارس 2022 برفع سعر الخصم تسع مرات بإجمالي 275 نقطة أساس.
وأضاف أنه تقرر رفع سعر الخصم بواقع 25 نقطة أساس ست مرات متتالية وذلك خلال الأشهر مارس ومايو ويونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر 2022 ليصبح عند 3 في المئة.
وأوضح أنه تقرر أيضا رفع سعر الخصم بواقع 50 نقطة أساس في 6 ديسمبر 2022 و25 يناير 2023 ليصبح عند 4 في المئة فيما أعلن في وقت سابق من اليوم رفعه بواقع 25 نقطة أساس ليصبح عند 25ر4 في المئة.
وحول أدوات وأهداف السياسية النقدية قال الهارون إنه منذ الربع الأول من العام الماضي تعرض الاقتصاد العالمي إلى تحولات جوهرية في ضوء ما يشهده من أحداث أثرت بشكل أساسي على ارتفاع معدلات التضخم في العديد من الدول ما ساهم في تحول السياسة النقدية في أغلب الاقتصادات إلى السياسة التشددية.
وأوضح أن من هذه السياسات التشددية استخدام البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة بغرض تحقيق مجموعة من الأهداف الوسيطة المتمثلة في الحد من تسارع الائتمان وتخفيض المعروض النقدي وبالتالي تحقيق الأهداف الرامية لمكافحة التضخم وتخفيض الطلب الكلي في الاقتصاد وهو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي.
ولفت إلى أن طبيعة إدارة تلك السياسة تتفاوت من دولة إلى أخرى بحسب ما تقتضيه الطبيعة الاقتصادية وخصوصيتها.
وأفاد بأن ما يعرف بقنوات انتقال آثار السياسة النقدية يكتسب أهمية كبرى لجهة تقييم فاعليتها في تحقيق الأهداف النهائية إذ يجب أن تكون السلطات النقدية على دراية كافية وتقدير دقيق لتوقيت تأثير قراراتها على المتغيرات الاقتصادية الاسمية والحقيقية.
وذكر أن الكتلة النقدية أو عرض النقد بمعناه الضيق (إن 1) شهد تراجعا سنويا قيمته 3ر1 مليار دينار ( نحو 2ر4 مليار دولار) وبنسبة 1ر10 في المئة ليصل إجمالي قيمته إلى نحو 4ر11 مليار دينار (نحو 6ر37 مليار دولار) في نهاية شهر يونيو نتيجة انخفاض رصيد ودائع تحت الطلب بالدينار بنسبة 12 في المئة خلال الفترة المذكورة حيث تشكل ما نسبته 1ر84 في المئة من التراجع في الكتلة النقدية (إن 1).
واستطرد الهارون قائلا إنه مقابل ذلك شهدت السيولة المحلية أو عرض النقد بمعناه الواسع (إن 2)ارتفاعا بنحو 7ر1 مليار دينار (نحو 6ر5 مليار دولار) وبنسبة 4ر4 في المئة على أساس سنوي لتبلغ نحو 7ر39 مليار دينار (نحو 131 مليار دولار) في يونيو الماضي وقد جاءت هذه الزيادة كمحصلة لارتفاع رصيد شبه النقد وانخفاض رصيد الكتلة النقدية (إن 1).
وأوضح أنه في إطار متابعة (المركزي) للتضخم باعتباره ضمن مؤشرات الاستقرار النقدي المرتبطة إلى حد كبير ببنية الاقتصاد وانفتاحه على الخارج واعتماده على تلبية احتياجاته الاستهلاكية على الأسواق الخارجية فإن البنك يسعى بما يملكه من أدوات نقدية إلى إبقاء معدلات التضخم في حدودها الدنيا وغير ضارة ولا تؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية.
وأشار إلى أن قناة سعر الصرف المستندة إلى نظام ربط سعر صرف الدينار الكويتي بسلة عملات تخدم الاقتصاد المحلي وتمنح المركزي مرونة نسبية في إدارة السياسة النقدية مقارنة بالدول التي ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي مباشرة.
وذكر أن النهج المتوازن والمتدرج الذي يتبعه البنك لسياسته النقدية الهادفة إلى تكريس الاستقرار النقدي والمالي إلى جانب السياسات الحكومية الأخرى قد أسهما في احتواء التضخم والتخفيف من تأثيراته على الاقتصاد المحلي.
وأردف قائلا إن معدل التضخم السنوي تباطأ من أعلى معدل له في أبريل 2022 عند نحو 71ر4 في المئة وصولا إلى 8ر3 في المئة خلال يونيو الماضي ورغم ذلك يلاحظ استقراره عند حدود 7ر3 في المئة خلال أشهر مارس وأبريل ومايو ليرتفع قليلا إلى 8ر3 في المئة في شهر يونيو الماضي.
وأفاد بأنه عند مقارنة معدل التضخم المحلي مع معدل التضخم لأهم الشركاء التجاريين مع الكويت يتبين الاستقرار النسبي للأسعار المحلية وسعر صرف الدينار الكويتي مقابل العملات الرئيسية.
وعن قناة سعر الفائدة أوضح محافظ البنك المركزي أنها تعتبر آلية انتقال رئيسية تؤثر فيها التغيرات على السياسة النقدية وعلى تكاليف الإقراض و قرارات الاستهلاك والاستثمار وكذلك مستوى الودائع.
وأضاف أن الهوامش بين الفائدة على العملة المحلية (الدينار الكويتي) والعملة الأجنبية (الدولار الأمريكي) تلعب دورا هاما في توجيه المدخرات لافتا إلى سعي (المركزي) إلى الإبقاء على هامش مقبول لصالح العملة المحلية بهدف جذب الودائع الدينارية.
وأفاد بأن الهامش القائم بين المتوسطات المرجحة لأسعار الفائدة على ودائع العملاء لدى البنوك المحلية بكل من الدينار والدولار للودائع لأجل شهر قد بلغ 6429ر0 نقطة مئوية في يونيو الماضي مقابل 5830ر0 نقطة مئوية في يونيو 2022 في حين بلغ هامش الودائع لأجل ثلاثة أشهر 6424ر0 نقطة مئوية مقارنة بـ 3824ر0 نقطة في الفترة نفسها.
وفيما يتعلق بقناة الائتمان لنقل أثر السياسة النقدية التشددية الهادفة إلى تخفيف الطلب الكلي قال محافظ (المركزي) إنه رغم أثر زيادة أسعار الفائدة على نمو التسهيلات الائتمانية إلا أن هذا الأثر كان طفيفا على محفظة القروض لدى البنوك المحلية إذ سجلت أرصدة التسهيلات الائتمانية تباطؤا في النمو السنوي من أعلى مستوى عند نحو 1ر11 في في أبريل 2022 إلى نمو بنسبة 9ر3 في المئة في نهاية يونيو الماضي.
واعتبر أن محصلة الضوابط والتعليمات الرقابية الحصيفة التي تنظم التسهيلات الائتمانية الشخصية قد انعكست في استقرار درجة الانتظام بشكل عام في هذه المحفظة إذ وصل رصيد القروض المنتظمة إلى 5ر98 في المئة من إجمالي المحفظة كما في شهر ديسمبر 2022.
وأشار إلى أن بفضل السياسات التحوطية والاحترازية استطاع (المركزي) توجيه البنوك لتعزيز مصداتها المالية وتحصين القطاع المصرفي لزيادة قدرته على مقاومة الصدمات الخارجية ليظل قادرا على مواصلة خدمة الاقتصاد الوطني بكفاءة عالية حتى في ظل أوضاع ضاغطة.
وبين الهارون أن هذه السياسات تعكسها مؤشرات السلامة المالية للبنوك الكويتية كما في نهاية مارس 2023 من قوة وسلامة أوضاعها المالية المتمثلة في المعدلات المرتفعة لمعيار كفاية رأس المال عند 19 في المئة وتغطية السيولة البالغ 1ر158 في المئة وصافي التمويل المستقر عند 7ر113 في المئة بنسب تفوق متطلبات الحدود الدنيا وهي مؤشرات تدعمها معايير جودة الأصول إذ حافظت نسبة القروض غير المنتظمة على مستواها المتدني تاريخيا البالغ 5ر1 في المئة.
وأفاد بأن أرصدة ودائع القطاع الخاص المقيم شهدت ارتفاعا بنحو 7ر1 مليار دينار ( 1ر5 مليار دولار) بنسبة نمو سنوي 7ر4 في المئة لتصل إلى نحو 9ر37 مليار دينار (نحو 125 مليار دولار) في نهاية يونيو الماضي مبينا أن أغلب الزيادة جاءت من الودائع بالدينار التي شكلت ما نسبته 6ر95 في المئة من ودائع القطاع.
وتابع الهارون أن الودائع بالعملات الأجنبية تشكل ما نسبته 4ر4 في المئة من ودائع القطاع الخاص إذ انخفضت بنسبة 7ر0 من 68ر1 مليار دينار (نحو 1ر6 مليار دولار) في نهاية يونيو 2022 إلى 67ر1 مليار دينار (نحو 5ر5 مليار دولار)
وبالنسبة للنهج المتوازن والمتدرج للسياسة النقدية للمركزي اعتبر المحافظ أنه لم يجار البنوك المركزية العالمية في قرارات الرفع المتسارعة لأسعار الفائدة خلال دورة التشديد النقدي التي بدأت منذ مارس 2022 والتي انعكس أثرها على تهديد الاستقرار المالي.
وقال إنه في ضوء الاضطرابات التي اجتاحت القطاع المصرفي في بعض الدول ذات الاقتصادات المتقدمة وتداعياتها على توجهات السياسة النقدية العالمية في النصف الثاني من العام الجاري والتي تشير بشكل واضح إلى قرب انتهاء دورة التشديد النقدي في بعض الاقتصادات العالمية "يواصل المركزي النهج المتوازن لسياسته النقدية".
وأضاف أن هذا النهج يستهدف تكريس الاستقرار النقدي والمحافظة على جاذبية العملة الوطنية كوعاء موثوق للمدخرات المحلية وتعزيز الأجواء الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام مع الاستمرار في التركيز على تعزيز الاستقرار المالي لوحدات القطاع المصرفي وهو الاهتمام القائم والمستمر للفترة المقبلة مع المراجعة المستمرة للمؤشرات الاقتصادية والنقدية والمصرفية الداعمة للمسار الحالي للسياسة النقدية وذلك في ضوء الأثر المتأخر للقرارات السابقة على تلك المؤشرات.
وأكد أن السياسية النقدية للمركزي تأخ في عين الاعتبار المفاضلة بين هدفي الاستقرار النقدي والمالي وتعتمد النهج المتوازن والمتدرج في تشديد السياسة النقدية من خلال ضبط المتغيرات والمجاميع النقدية المرتبطة بتنامي معدلات الطلب المحلي والسيولة والائتمان بما يساعد على الحفاظ على الدخل المتاح للمواطنين دون إبطاء معدلات النمو الاقتصادي والخطط التنموية للدولة وعدم الإخلال بنمو الودائع.
ونوه الهارون إلى إشادة صندوق النقد الدولي بفعالية السياسة النقدية لبنك للمركزي لا سيما أن الإجراءات الرقابية الحصيفة ساهمت في المحافظة على الاستقرار المالي للنظام المصرفي الكويتي مؤكدا مواصلة البنك مساعيه الرامية إلى تعزيز ممارسات الإفصاح والشفافية التي دأب على اتباعها في كل أعماله بصفة عامة إذ أعلن بوضوح الأهداف التي يعمل على تحقيقها والأسس التي استند عليها في اتخاذ قراراته من خلال إصدار تسعة بيانات صحفية تخص قرارات سعر الخصم منذ مارس 2022 تم نشرها على موقعه الإلكتروني وعبر وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
وأكد الهارون استعداد بنك الكويت المركزي للتحرك عند الحاجة لتوجيه مختلف أدوات السياسة النقدية لتكريس الأجواء الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام والمحافظة على تنافسية وجاذبية العملة الوطنية كوعاء للمدخرات المحلية وفي إطار المحافظة على الاستقرار النقدي والاستقرار المالي.