قضية وجود أهداف في حياة الإنسان، من القضايا الكبرى التي لا تحتمل التأخير. وإذا كان الهدف الأكبر هو الفوز بالجنة فإنّ ذلك الهدف لا يتم بلوغه إلّا من خلال القيام بأوامر الله - تعالى - واجتناب نواهيه، وما يستتبعه ذلك من أخلاق وآداب... وحتى يقوم الإنسان بالأوامر وينتهي بالنواهي ويتحلّى بالأخلاق الحميدة والآداب الشرعية، لابد من القيام بوسائل وأساليب وآليات تحقّق الهدف الأكبر.
كل هدف كبير، هو غاية لهدف أصغر منه. ووضوح الهدف الأكبر، يعني أن كل الأهداف الصغرى، يجب أن تسهم في الاقتراب منه والوصول إليه، وهذا وحده هو الذي يضفي على أهدافنا الصغرى المشروعية، ويضفي على مناشطنا المختلفة المنطقية والانسجام.
إنّ مجرد تحديد الهدف على نحو جيد، يستنفر الطاقات الكامنة، ويوجه إرادة المرء وأنشطته.
من السهل على الإنسان أن يخطّط المشاريع، ويرسم الأهداف بحماس وانفعال، لكن عندما يحين موعد التنفيذ يتلاشى الكثير من تلك الأهداف والخطط، ويشعر المرء بأنه كان في وهم، أو يشعر بالعجز والاكتئاب. ولذا فإنه لابد من أن تكون الأهداف ممكنة التحقق وقريبة المنال، بمعنى أن تكون الفجوة التي بينها وبين إمكانات من يرسمها فجوة، يمكن قطعها، وإلا فإن تلك الفجوة يمكن أن تكون مصدر شقاء.
ومن وجه آخر فإن الصعاب التي تعترض الواحد منا في حياته، قد تصرفه عن أهدافه، وهذا في الحقيقة يشكّل أزمة كبيرة لكثير من الناس. وعلينا أن نتكيّف مع الظروف الصعبة وبدلاً أن نتخلّى عن أهدافنا نجدد عزيمتنا. وإذا اكتشفنا أن أهدافنا، لا تتلاءم مع ما لدينا من قدرات فيمكن أن نجري نوعاً من التعديل عليها.
ونختم بدرس من دروس مُعلّم البشرية النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يُبشّر أصحابه بظهور الإسلام في أصقاع الأرض في ظروف بالغة القسوة. وحين ساومته قريش وعرضت عليه الجاه والمال والنساء، قال لعمه أبي طالب: (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله، أو أهلك دونه). إنّ هذا درس بليغ جداً في الثقة بالوصول إلى الهدف، وفي الإصرار عليه، مهما كانت المُغريات الصارفة عنه.
M.alwohaib@gmail.com
mona_alwohaib@