نقص المهارات سيرفع تكاليف اليد العاملة وينفّر الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويحدّ من النمو

«إيكونوميست»: سيعوق الكويت اقتصادياً... تقليص الوافدين دون تعزيز للمواطنين في القطاع الخاص

تصغير
تكبير

- التكويت فرصة لزيادة الاستهلاك الداخلي ووسيلة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط
- تسريع تكويت القطاع النفطي سيُحدث نقصاً بالمهارات ويؤخر خطط توسيع الإنتاج
- مواصلة توفير وظائف حكومية للمواطنين سيفاقم ضغوط الميزانية خلال 2023 / 2027
- احتمال ضعيف... انتقال الكويت إلى مسار مالي مستدام على المدى البعيد
- رواتب القطاع العام تمتص 56.7 في المئة من مسودة ميزانية 2023 / 2024
- النظام التعليمي قديم ولا يلبي احتياجات سوق العمل المتطورة
- غياب تحسين تعليم وتدريب المواطنين يجعلهم يتجهون للعمل نحو القطاع العام

تناولت وحدة «إيكونوميست إنتلجنس» في تحليل صدر عنها أخيراً موضوع التكويت وأثره على سوق العمل المحلي، مؤكدة أن مساعي الحكومة لتقليص العمالة الوافدة من دون تعزيز كبير للعمالة الكويتية في القطاع الخاص ستشكل عائقاً كبيراً للأداء الاقتصادي في الأعوام 2023-2027، مع نقص في المهارات سيؤدي إلى رفع تكاليف اليد العاملة بالنسبة للأعمال وينفّر الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويعوق الجهود الضرورية للتنويع ويحد من النمو.

وأوضحت الوحدة أنه في ظل غياب استثمار كبير بتحسين تعليم وتدريب المواطنين سيواصل معظمهم التوجه نحو القطاع العام، وستجد الحكومة نفسها مضطرة لمواصلة توفير وظائف لهم في القطاع لكي تحافظ على «العقد الاجتماعي»، ما سيؤدي بدوره إلى تفاقم الضغوط على الميزانية خلال 2023-2027، وإلى التقليل من احتمال أن تنتقل الكويت إلى مسار مالي مستدام في المدى البعيد.

ونوهت «إيكونوميست إنتلجنس» إلى أنه منذ عام 2018، تسعى الحكومات الكويتية المتعاقبة إلى تسريع الجهود لمعالجة الخلل السكاني طويل الأمد في البلاد، حيث يشكل الأجانب نحو 70 في المئة من السكان، لافتة إلى أنه في ذلك العام وضعت الحكومة لنفسها هدف حلحلة الخلل السكاني، على أن يشكل الوافدون نسبة 50 في المئة من السكان بحلول عام 2025، فيما اعتُبر ذلك وسيلة لتشجيع المواطنين على العمل في القطاع الخاص بهدف تقليص تكاليف دولة الرفاه وأجور القطاع العام.

وأشارت إلى أن رواتب القطاع العام المتوقعة تمتص 56.7 في المئة من مشروع الميزانية العامة للدولة 2023/ 2024، متوقعة أن يعود الميزان المالي عندئذ إلى العجز مع تراجع أسعار النفط واستمرار مجلس الأمة في عرقلة إصلاحات مثل تخفيض الدعم المالي وزيادة الضرائب.

وذكرت الوحدة أن التكويت يعتبر أيضاً وسيلة لتحقيق الأهداف طويلة الأمد في تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على القطاع النفطي الذي يشكل حجر الأساس للاقتصاد، ويمثل أدنى بقليل من نصف إجمالي الناتج المحلي وأكثر من 80 في المئة من دخل الميزانية، مشيرة إلى أن «تقليص المستويات العالية للخمول الاقتصادي للمواطنين (حيث إن 32 في المئة فقط من الكويتيين في سن العمل يعملون أو مسجلون كراغبين في العمل) يعد فرصة سانحة لزيادة الاستهلاك الداخلي، نظراً لأن الوافدين ذوي الأجور المنخفضة يحوّلون أجزاء كبيرة من دخلهم الى أوطانهم».

لا إستراتيجية

وكشفت الوحدة عن أن مساعي التكويت وجدت محفّزاً لها عام 2020 نتيجة مواقف مناهضة للأجانب برلمانياً وشعبياً أججتها جائحة كورونا، مبينة أنه في ظل هذا المناخ تبنت الحكومة رسمياً هدف تعديل التركيبة السكانية متعهدة بوضع إستراتيجية لذلك لكي تصد مطالب أعضاء في مجلس الأمة بفرض قيود فورية وضارة اقتصادياً على العمالة الأجنبية، لكن لم يتم حتى الآن تبني أي استراتيجية لأسباب في مقدمها تعاقب الحكومات منذ 2020.

ولفتت إلى أن التوازن السكاني في البلاد بقي على حاله بشكل عام، منوهة إلى أن بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية تُظهر أنه بنهاية 2022 شكل الوافدون أقل بقليل من 70 في المئة من إجمالي السكان البالغ عددهم 4.7 مليون نسمة ونحو 80 في المئة من القوة العاملة، حيث ارتفع الرقمان سنة بعد سنة مع توليد النمو غير النفطي السريع لوظائف متدنية المهارة في قطاعات مثل البناء والتجزئة والتصنيع التي يشغلها الوافدون بشكل كلي تقريباً.

وأضافت الوحدة أن موازين العمالة الهيكلية بقيت أيضاً على حالها تقريباً، حيث يواصل الوافدون هيمنتهم على العمالة في القطاع الخاص مشكلين نحو 95 في المئة منها، في حين أن نحو 80 في المئة من الكويتيين الموظفين يعملون في القطاع العام حيث الرواتب أعلى والمزايا أكبر.

وأوضحت أنه من المرجح أيضاً أن تؤدي ضغوط أعضاء مجلس الأمة لتسريع عملية التكويت في القطاع النفطي الذي تحتكره الدولة، وهي ضغوط تركزت بشكل رئيس في بادئ الأمر على المناصب الإدارية، إلى إحداث نقص في المهارات، سيؤدي إلى مزيد من التأخير في خطط توسيع إنتاج النفط.

اختلال وتوترات

وذكرت الوحدة أن عدم إحراز تقدم في معالجة الاختلال الديموغرافي في الكويت يعكس إلى حد كبير اشتداد التوترات المزمنة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث أدت المواجهات المتكررة واستقالات الحكومة إلى شل صنع السياسات، ما حال دون إحراز تقدم ملموس في معالجة أوجه القصور الهيكلية في الكويت، ولا سيما تنويع اقتصادها.

وذكرت أنه نتيجة لذلك، لايزال الجزء الأكبر من الوظائف غير الحكومية يتركز في الأعمال التي تتطلب مهارات منخفضة نسبياً وقليلة الأجر، حيث لا يستطيع أصحاب العمل دفع أجور أعلى لتوظيف العمالة المحلية التي لا تستسيغ العمل في تلك الأعمال لأسباب مادية واجتماعية على حد سواء.

وأضافت الوحدة: «بالنسبة للوظائف التي تستدعي مهارات أعلى، لا يزال فارق الأجور مؤثراً، حيث فشلت الحكومة في معالجة جانب العرض بشكل كافٍ، وتم تخصيص 12 في المئة للتعليم من ميزانية 2022/ 2023 بأكملها، لكن الرواتب امتصت أكثر من 70 في المئة من الميزانية، بينما النظام التعليمي هو نفسه لايزال قديماً وغير مصمم بشكل جيد لتلبية احتياجات سوق العمل المتطورة».

وأشارت إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، اتبع نواب المعارضة سياسات شعبوية إلى حد كبير كوسيلة لتعزيز الدعم الانتخابي في انتخابات الكويت المتكررة، والتي ركزت بشكل متزايد منذ الجائحة على تعزيز السياسات المصممة لتقليل عدد العمالة الوافدة.

نطاق محدود

وبينت «إيكونوميست إنتلجنس» أنه نظراً لوجود نطاق محدود لوضع سياسات طويلة الأجل لمعالجة أوجه القصور الهيكلية في الكويت، تتوقع الوحدة أن تستمر الحكومة في إعطاء الأولوية لخفض عدد الوافدين كوسيلة لتحقيق أهداف التكويت خلال الدورة البرلمانية الحالية (2023/ 2027)، منوهة إلى أنه في السنوات الأخيرة، شمل ذلك تدابير مثل حظر تجديد التأشيرات أو النقل لغير الخريجين الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً (على الرغم من إلغاء هذا القرار العام الماضي بعد شكاوى حول فقدان الخبرة القيّمة)، والقيود المفروضة على إصدار رخص القيادة والحصول على الرعاية الصحية، ومتطلبات التأشيرة الصارمة بشكل متزايد.

وتابعت: «أعطت هذه السياسة الأولوية أيضاً لاستبدال الوافدين في القطاع العام بالكويتيين بشكل منهجي، حيث يشكل الكويتيون الآن 77 في المئة من القوى العاملة في القطاع، ارتفاعاً من 71 في المئة عندما دخل النظام حيز التنفيذ»، متوقعة أن تؤدي التغييرات الأخيرة في السياسة إلى تثبيط هجرة الوافدين إلى الكويت وتسريع مغادرتهم بالفعل.

نقص اليد العاملة في الرعاية الصحية والتعليم

توقعت «إيكونوميست إنتلجنس» أن يؤدي تقليص أعداد الوافدين العاملين لدى الحكومة إلى نقص في اليد العاملة والمهارات في قطاعي الرعاية الصحية والتعليم، حيث يعمل الجزء الأكبر من الوافدين. كما رجحت أن يفاقم إجراء مزيد من التخفيضات في أعداد العاملين الأجانب في الأعوام 2023- 2027 جوانب الضعف الهيكلي القائمة في تقديم الخدمات في تلك القطاعات بعد سنوات من الانسداد السياسي والتأخير في تنفيذ المشاريع.

تسابق خليجي على العمالة الوافدة الماهرة

أفاد تحليل الوحدة بأن التأثير الاقتصادي السلبي للمناخ المعادي لعمل الأجانب محلياً يتفاقم بفعل المنافسة المتزايدة بين دول مجلس التعاون الخليجي على اليد العاملة الوافدة الماهرة، مع تسابقها على تطوير قطاعاتها غير النفطية بعيداً عن النفط.

وأشارت «إيكونوميست إنتلجنس» إلى أنه بينما تطبق نظيرات الكويت سياسات هادفة إلى توطين يدها العاملة، فإن هنالك توازناً في مساعيها من حيث الحوافز مثل تأشيرات الدخول المديدة والإقامة الدائمة وحقوق تملك العقارات ومرونة أكبر في تبديل رب العمل، بهدف اجتذاب الاستثمارات والخبرات المطلوبة لتحقيق أهداف التنمية الأبعد، كما أنها تطبق إصلاحات تعليمية لتحقيق تناسب أفضل بين قدرات المواطنين ومتطلبات أصحاب العمل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي