«الجمعية» أشارت إلى أن تكلفة تسييس الاقتصاد تتضخم بما يضرّ بالتنمية وتنويع الموارد

«الاقتصادية» لرئيس الوزراء: وقت الديبلوماسية انتهى... لا تلتفت لنافخي الكير

تصغير
تكبير

- الكويت بحاجة لقرار حازم وجريء لاجتياز حقبة النفط ورسم مسار اقتصادي أكثر تنوعاً واستدامة
- 200 مليار دولار تم حرقها في 10 سنوات نتيجة تصرفات هوجاء
- إعادة النظر بدرجة تدخل السياسيين في الاقتصاد وربط مصيره بأصحاب الاختصاص
- مازلنا بعيدين عن الرغبة والإرادة السياسية للبدء بالإصلاحات ومحاربة الفساد
- الكويت تخلفت خليجياً في تنويع اقتصادها بسبب سنوات من تسييس الاقتصاد
- لابد من إعفاء من لا يستطيع تحمل المسؤولية وإفساح المجال للقادرين
- «توزيع الثروة» هدف قد يكون نبيلاً لكنه يحوّل الاستثمار إلى استنزاف
- نية الكويت الاستثمار في أراضٍ زراعية بالخارج كـ «الإسرائيليات»
- 7.5 إلى 28 في المئة ارتفاعاً بأسعار العديد من السلع في «التعاونيات» والأسواق
- أولوية قصوى لمعالجة اختلالات المالية العامة وسوق العمل ورفع جاذبية القطاع الخاص
- الدولة مطالبة بتحمل تكلفة أي زيادات بأسعار السلع الأولية
- الشفافية والحوكمة غائبتان عن الصناديق السيادية

أكدت الجمعية الاقتصادية الكويتية بأن الكويت تواجه مشاكل اقتصادية عميقة بسبب زيادة ارتباط الشأن الاقتصادي برجال السياسة وليس الاقتصاد.

وأشارت الجمعية الاقتصادية، في بيان لها حمل عنوان «وقت الديبلوماسية انتهى»، إلى أنه عادة ما يطرح السياسيون أو النواب أو المتنافسون على مجلس الأمة حلولاً سياسية لمعالجة مشكلات الاقتصاد، ما أدى إلى تضخم تكلفة تسييس الاقتصاد وتضرره بسياسات معيقة للتنمية ولجهود تنويع موارد البلاد.

ولفتت إلى وجود رغبة شديدة لاستمرار منظومة الريع القائمة على توزيع عائدات الثروة النفطية، لكن سوق النفط العالمية ستتعرض في المستقبل القريب على الأرجح لتحولات ضخمة قد تحد من عوائد البترول ليطل شبح العجز المالي مستقبلاً وتظهر فزاعة التقشف التي تقلق المواطن الكويتي.

ودعت الجمعية في بيانها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح لتفادي مثل هذه المخاطر، مشيرة إلى أهمية إعادة النظر في درجة تدخل السياسيين في الاقتصاد، وتعزيز التكوين الاقتصادي لرجال السياسة وحل مشكلة بيروقراطية صنع القرار، ومبينة أنه أصبح من المهم تقليص ارتباط الاقتصاد برجال السياسة وربط تقرير مصيره أكثر بأصحاب الاختصاص، إلا أن ذلك لا يخلو من أهمية وجود إرادة سياسية داعمة.

وذكرت أنه «بسبب سنوات من تسييس الاقتصاد، أصبحت الكويت الأخيرة خليجياً في تنويع الاقتصاد وإيرادات البلاد غير النفطية، والأكثر خليجياً في الاعتماد على صادرات النفط الخام، وبين الأكثر خليجياً في التضرر من صناعة النفط، والأكثر هشاشة على مستوى حجم التعرض لتقلبات أسعار الطاقة، والأكثر مواجهة لاحتمالات العجز، والأقل انفتاحاً على مستوى الشركاء التجاريين في العالم، والأكثر اعتماداً على الأسواق الآسيوية»، حيث تخلفت الكويت بشكل واضح عن ركب الدول الخليجية في تنويع أنشطة اقتصادها وصادراتها، منوهة إلى أن كلها تصنيفات اقتصادية حديثة عكست فشلاً حكومياً متعاقباً في تنويع صادرات الكويت أو إيراداتها التي تعوّل بشكل مخيف على النفط.

كما دعت الجمعية سمو رئيس الوزراء إلى «عدم الالتفات لنافخي الكير في الكويت ممن دأبوا لمدة 10 سنوات سابقة على نفث أفكارهم الرجعية في مفهوم (الله لا يغيّر علينا) وأن (الكويت دانة وسط رمال متحركة)»، موضحة أن ذلك هو بداية الحلول، فيما وجهت رسالة لمن أسمتهم بنافخي الكير أن «يتقوا الله في بلدهم الذي يتجه للهاوية بسبب تصرفات هوجاء، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي في قضايا تبديد الثروة، إذ إنه في آخر 10 سنوات تم حرق ما يقارب 200 مليار دولار فائضاً في الميزانية».

وأشارت «الاقتصادية» إلى أن سيطرة الجرعة السياسية على القرارات الاقتصادية لاتزال أحد أكبر العراقيل التي تواجه الكويت، مؤكدة أن العملية الاقتصادية تحتاج إلى حصافة بالإدارة ولا مجال فيها للقرارات الارتجالية غير المدروسة.

ولفتت إلى أن «الكويت اليوم بحاجة لقرار حازم وجريء من قبل سمو رئيس الوزراء لاجتياز حقبة النفط ورسم مسار جديد للاقتصاد الوطني أكثر تنوعاً، صلابة واستدامة»، مشيرة إلى أننا «مازلنا بعيدين كل البعد عن الرغبة والإرادة السياسية للبدء فعلاً بالإصلاحات الضرورية ومحاربة الفساد وتحويل الشلل الاقتصادي إلى فرصة للتغيير».

وطالبت الجمعية في بيانها بإعفاء من لا يملك القدرة على تحمل المسؤولية الوطنية من موقعه وإفساح المجال لمن يملك العلم والقدرة على التصدي للتحديات.

«البديل الإستراتيجي» أعمق من تعديل للرواتب

لفت بيان «الاقتصادية» إلى أنه عندما نتطرق في هذه الظروف لفكرة «البديل الإستراتيجي»، فهي باختصار هيكل جديد للرواتب والمستحقات المالية والمزايا الوظيفية، مبيناً أن القانون- حين تم طرحه سابقاً- هدفه تعديل سلم الرواتب، والتدرج الوظيفي في جميع الجهات الحكومية والمؤسسات التابعة لها، والتي تنطبق أحكام وقوانين الخدمة المدنية عليها، كما يهدف إلى زيادة العدالة والشفافية، وإدارة النمو في مصروفات الرواتب، وتشجيع مستوى الأداء العالي.

وذكر أنه ليس مقبولاً أن يكون لدينا موظفون بالمؤهلات نفسها ويحصل أحدهم على راتب يفوق الآخر، مشيراً إلى أن التعامل مع مسألة البديل الإستراتيجي يجب أن يكون أعمق بكثير من مجرد تعديل الرواتب والأجور، بحيث تُعالج مجموعة من اختلالات سوق العمل في البلاد، فتكون الأولوية القصوى لمعالجة اختلالات المالية العامة وسوق العمل وتحقيق الاستدامة المالية للدولة.

ولفت البيان أيضاً إلى ضرورة ألا نغفل عن أن كل حل لا يرفع جاذبية العمل في القطاع الخاص يمثل عبئاً على الدولة.

الفساد المالي... ازدياد مضطرد

ذكرت «الاقتصادية» أنه كان لآخر 10 سنوات جانباً أكثر ظلامية، حيث انتعشت جيوب المفسدين التي تصاعدت بنسب مخيفة من انتعاش الخزينة العامة للدولة، جرّاء ما شهدته أسواق النفط العالمية من أكبر حركة صعود في الأسعار امتدت إلى أعوام عديدة.

وأضافت: «المؤلم في كل هذا أن نسب الفساد المالي في ازدياد مضطرد، ولم تؤثر فيه أزمة اقتصادية ولا أزمة صحية، والأكثر ألماً أننا كشعب تعايشنا مع الفساد وتغيّرت نبرتنا تجاهه من عدم المهادنة إلى الإنكار على الفساد، وهو أضعف الإيمان. ولم يردع تلك الممارسات الفاحشة بالتعدي السافر على الأموال العامة ومقدرات البلد تلك المؤسسات الرقابية التي أُنشئت أخيراً. ففي آخر سنة فقط تفجرت 6 قضايا كبيرة لها علاقة بالمال العام وشبهات فساد وغسل أموال».

وذكرت الجمعية أنه من المؤسف أن يتصدر اسم الكويت صفحات صحف عالمية مثل «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» ليس بغرض إنجاز مالي محقق أو استثمار إستراتيجي بل لارتباطها بفضائح وجرائم مالية دولية تنعكس سلباً على مركزها المالي وعلى سمعتها.

محاسبة القياديين المتجاوزين

أشارت «الاقتصادية» إلى أن هدف الدولة الرئيسي هو الرقابة الفاعلة على المال العام وليس إدارته، مؤكدة أن هذه الرقابة تُحتم وجود تمثيل لنسبة المال العام المستثمر من الدولة.

وأوضحت أنه لذلك وجب علينا للمحافظة على المال العام وجود تمثيل حقيقي للنسب المعلنة بكامل هيئاتها، منوهة إلى وجود كرسي أو كرسيين في مجلس الإدارة لا يعني بأن الجهات الحكومية ممثلة، في حين أنه لكل جهة منها اهتماماتها وكذلك رقابتها الفاعلة.

ودعت الجمعية مجلس الوزراء إلى سرعة تمثيل المال العام بنسب حقيقية في مجالس الإدارة تعكس نسبة الدولة، وذلك من باب الضمان لأموال الشعب ولنا جميعاً على عدم استخدام مسألة المراكز المالية للضغوط غير الاقتصادية.

وأفادت بأن هناك حالة من اللامبالاة تسيطر على المشهد الاقتصادي وتدخله في دهاليز السياسة إلى حالة من الركود غير المسبوق، مضيفة: «لذلك ليس غريباً أن يصب الرأي العام غضبه على الحكومة ونواب المجلس من جراء التأخر وعدم الاكتراث في تطبيق تغييرات هيكلية اقتصادية، وكذلك من التصريحات التي تستخف بعقول الناس ومشاعرهم. وأكثر ما يشعر الناس بأن الجهود الحكومية والرقابة النيابية غير حقيقية هي عدم محاسبة القياديين الذين عاثوا في المال العام».

ونوهت «الاقتصادية» إلى أن القيادات التي فشلت وعجزت عن تقديم ما يلبي طموحات الشعب بل وصارت حجر عثرة وُوضعت في مكان لا تستحقه ووصلت إلى الإفلاس في القيادة، تم منحها راتباً استثنائياً كصك براءة على عملهم بدل محاسبتهم، داعية ليس لتغيير القيادات فقط بل لمحاسبتهم، فـ«الهروب من محاسبة قياديين يغلب عليهم صفة (البراشوتيين) هو هروب من المواجهة».

كما دعت الجمعية سمو رئيس الوزراء للرجوع للوراء والكشف عن القياديين الذين كلفوا المال العام وكانت لهم تجاوزات جسيمة، وألّا يفلتوا من المحاسبة، مؤكدة أنه لن ينصلح الحال للشعب وللحكومة إذا لم يؤمن أي منهم بمبدأ الثواب والعقاب.

تبني المشاريع الصغيرة لبناء اقتصاد متنوع ومستدام

بيّنت «الاقتصادية» أن استمرار القطاع العام عالي التكلفة وضعيف الإنتاجية في الهيمنة على أكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، يجعل الأداء الاقتصادي التاريخي للدولة غير موفق.

وأكدت أن الاعتماد على النفط لا يشكل المشكلة الوحيدة التي تعاني منها الكويت إذ لا يزال القطاع الخاص غير قادر على المنافسة بالمعايير العالمية والإقليمية، متكلاً بصورة أساسية على العقود الحكومية والمناقصات لكي ينمو ويكبر، موضحاً أن هذا يأتي في ظل تراجع نسبة العمالة الوطنية منذ الثمانينات إلى اليوم، فالقطاع العام يساهم بنحو 70 في المئة تقريباً من حجم الناتج المحلي الاجمالي، وهو ما ليس له مثيل إذا ما قارناه في دول العالم المتقدم «اقتصادياً»، ما يدعونا لضرورة تغيير الفكر الاقتصادي في البلاد والتفكير بمزيد من المساندة للقطاع الخاص.

وذكرت الجمعية أن الحاجة الملحة لتبني ودعم المشاريع الصغيرة هي ذات الحاجة الملحة لبناء اقتصاد وطني جديد متنوع ومستدام في حقبة ما بعد النفط، مشيراً إلى أن تلك المشاريع بحاجة لأن يُفتح لها المجال والأفق في الصناعة والزراعة والنقل وصولاً إلى التصدير، بحيث تصبح مجدية وجاذبة لآلاف الخريجين للتوجه إلى الأعمال الحرة وخلق رأسمال منتج بدلاً عن الراتب الحكومي، الأمر الذي يقابله تخلي الدولة عن هيمنتها على الأراضي والرخص والبيروقراطية القاتلة للطموح والأحلام.

وأضافت: «لا نطالب الدولة في ضمان نجاح المشاريع الصغيرة أو تحمل خسارتها، بل نطالب بالعمل على إخراجها من حلقة التكرار الدوري القاتلة لكي تصبح مشاريع أكبر يبنى من خلالها الاقتصاد الجديد أياً كانت ملامحه».

تضارب أرقام البطالة بين «الإحصاء» و«المعلومات المدنية»

أشارت «الاقتصادية» إلى أن «نجاح الحكومات في معظم الدول يُقاس بقدرتها على خلق فرص عمل وفق خطط اقتصادية ملموسة ومستدامة، إلا أن هذا المعيار المهم لا يمثل أي همّ لدى الحكومات المتعاقبة في الكويت غير آبهة بمعدلات البطالة المتزايدة»، موضحة أن «ما يجعلنا في حيرة هو تضارب الأرقام الرسمية حول نسبة البطالة في الكويت، حيث إن الإدارة المركزية للإحصاء أصدرت في سبتمبر 2022 تقريراً حول المتعطلين الكويتيين عن العمل، وفق بيانات ديوان الخدمة المدنية، كما في 2021، وبلغ عددهم 7668 متعطلاً، وتقدر نسبتهم إلى إجمالي عدد العاملين الكويتيين، وفق أرقام الهيئة العامة للمعلومات المدنية، والبالغ عددهم 455.7 ألف، كما في 30/ 06/ 2021، بنحو 1.7 في المئة، وهي نسبة بطالة مقبولة عالمياً، لكن الغريب في الأمر هو أن رقم العاطلين لدى (المعلومات المدنية) في تقريرها حول السكان والقوى العاملة والصادر أيضاً في سبتمبر 2021، ويغطي الفترة نفسها، يبلغ 32851 عاطلاً، أي أن نسبة البطالة بلغت 7.2 في المئة أو أكثر من 4 أضعاف أرقام العاطلين عن العمل وفق أرقام (الإحصاء)، فأي أرقام نصدق؟!».

«هيئة الاستثمار»... القوة الناعمة

أوضحت الجمعية الاقتصادية أن المسألة المهمة في مفهوم الصناديق السيادية المعتبرة عالمياً، ليست كم ربحت وكم خسرت على المدى القصير، فهي أكبر من ذلك بكثير وتشمل أهدافاً إستراتيجية، من بينها الاقتصاد السياسي.

وأفادت بأنه على الرغم من أن الكويت هي الأولى عالمياً في تطبيق فكرة الصناديق السيادية، فإن مرور أكثر من 60 عاماً لم يفلح في إنقاذ الاستدامة المالية العامة التي مازالت تعتمد على النفط كمورد أساسي، مبينة أن الكويت استخدمت على مدى 50 سنة ماضية جزءاً كبيراً من إيرادات الخزينة العامة بشكل جيد في الاستثمار في البنية التحتية والتعليم، إلا أن جزءاً كبيراً يذهب إلى المصروفات التشغيلية، وإلى كثير من الإسراف والتبذير عن طريق ما يسمى توزيع الثروة على المواطنين.

وذكرت الجمعية أن الهدف قد يكون نبيلاً، لكنه يحوّله من استثمار يضيف قيمة، إلى استنزاف، مشيرة إلى أن ذلك يفرض علينا سؤالاً أخلاقياً: هل من حق هذا الجيل أن يتصرف بهذه اللامسؤولية؟

وأوضحت أن مبدأ الشفافية والحوكمة يعد «أحد أهم ركائز الاستثمار الغائبة عن الصناديق السيادية، فهذه الأموال العامة المقدرة بمئات المليارات لا رقيب واضحا عليها، تُعرض أمام مجلس الأمة مرة واحدة في السنة فيما تظل ملاحظات ديوان المحاسبة معلقة دون رد. فـ(هيئة الاستثمار) منذ بدء أعمالها في سبعينيات القرن الماضي تتسم بالغموض، ولا تقدم تقارير وافية عن الصفقات التي تبرمها، أو حتى التي أبرمتها منذ عشرات السنين، والمكاسب والخسائر التي تحققت منها».

وتابعت الجمعية في بيانها: «نحن لسنا بصدد اتهام أحد ولكن في الفترة الحالية ومع ما نسمعه من اختلاسات صناديق سيادية فمن الواجب علينا اليوم أن نتحدث عن موضوع الإفصاحات والشفافية الغائبة عن (هيئة الاستثمار) منذ عقود تحت ذريعة عدم سماح القانون بإفشاء المعلومات. دائماً ما ينظر إلى الصندوق السيادي النرويجي بأنه المقياس في شفافية الصناديق السيادية وحوكمتها، إلا أننا مؤمنون بعدم قدرتنا على المقارنة بين الدول الاسكندنافية ودول المنطقة، فالإفصاح عن الأصول المدارة بالكامل يحمل في طياته مخاطر «جيوسياسية» على حد زعم الحكومة في منطقة سريعة التقلبات والاشتعال، لكن بالمقابل هنالك حق أصيل للشعب في معرفة كيف تدار أمواله، وأين ذهبت، وما المكاسب أو الخسائر التي حققتها، كما قال المغفور طيب الله ثراه حاكم الكويت عبدالله السالم: (إن ثروة الكويت ملك للشعب، وأنا حارسها)».

وأشارت إلى أننا «دولة حبانا الله بنعمة يجب علينا حسن استخدامها في عالم متحول ومنطقة رمال متحركة، فنحن كدولة صغيرة لا نملك جيشاً جرّاراً لنفاوض على القرار ولا قوة طبية ضاربة لتكون لنا مسند للتفاوض، ولا حتى مساحة جغرافية شاسعة تعطينا ثقلاً سياسياً أُممياً، لذلك ما نملكه هو (القوة الناعمة) باستثماراتنا الإستراتيجية»، داعية رئيس الوزراء أن تكون لـ«هيئة الاستثمار» استثمارات إستراتيجية جديدة تواكب المتغيرات الإقليمية والدولية، إذ إن ميزان القوى قد تغير وما كان إستراتيجياً البارحة قد يكون تضاعف وزاد في مناطق جغرافية أخرى من جارٍ قريب أو حليف دولي بعيد.

ما يحدث مقبرة للطبقة المتوسطة... العمود الفقري لأي اقتصاد

ذكرت «الاقتصادية» أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية دفع التضخم الإجمالي في الكويت إلى أعلى مستوى له في 3 سنوات، نتيجة لمزيج من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الدولية، المرتبط جزئياً بانخفاض الدولار، وإطالة أمد مشكلات سلسلة التوريد وارتفاع الأسعار من قبل تجار التجزئة المحليين أثناء تمريرهم لأسعار شراء أعلى.وبيّنت أنه في المقابل لا نرى أي دور يذكر من قبل السلطة التنفيذية ولا السلطة التشريعية، معبرة عن اعتقادها بأن النظرة المستقبلية لأسعار المواد الغذائية لا تزال غير معلومة لصناع القرار.

وأضافت: «منذ فترة، والحكومة تواجه موجة غلاء الأسعار، ونعي تداعيات الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا التي تلقي بظلالها سلباً على كثير من الدول العربية، لكن معدلات التضخم في الكويت سجلت ارتفاعاً غير مسبوق بنهاية الربع الأول من هذا العام مدفوعاً بغلاء الأسعار بالأسواق العالمية وتبعته القفزة الكبيرة في الأسعار، والتي انعكست على الشأن المحلي»، منوهة إلى أن اللافت في الأمر أن الكويت شهدت تضخماً في أسعار المواد الغذائية منذ بداية عام 2020 على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية، وأن معدلات التضخم السنوي في الكويت لتلك الفترة هي الأعلى مقارنة بالدول الخليجية على الرغم من الدعم الحكومي لبعض المواد الغذائية الأساسية!

وأفادت الجمعية بأنه في الوقت نفسه «تحاول تلك الدول باستثناء الكويت تقليل اعتمادها على الغذاء من خلال الاستثمار في الأراضي الزراعية والتكنولوجيا داخلياً وفي الدول الأجنبية، أما في الكويت، فنسمع دائماً أن (هيئة الاستثمار) تعتزم الاستثمار في أراضٍ زراعية بالخارج منذ سنوات ولكنها أصبحت (كالإسرائيليات لا نصدقها ولا نكذبها)»، مستغربة «صمت أهل العزم الذين اقتنعوا بمصلحة عامة، وآمنوا بطريق للإصلاح وتوكلوا وعقلوها من نواب مجلس الأمة بتفعيل دورهم التشريعي والانصياع للعبة الكراسي عن هموم الناس!».

وأوضحت أن «ما يجعلنا في حالة ريبة من أن الإجراءات الحكومية المحلية لن تجدي نفعاً هو انكشاف الاقتصاد الكويتي الذي يلامس حدود 75 في المئة، لتكون الكويت بذلك من أكثر الدول اعتماداً على الاستيراد في سد معظم احتياجاتها من السلع. ونعتقد أنه يجب الذهاب لإجراءات أوسع تشمل مكافحة ارتفاع تكاليف الموانئ وإجراءات التخليص الجمركي وتبعات النقص الكبير في مساحات المخازن والتخزين».

وأكدت الجمعية أن على الدولة تحمل تكلفة أي زيادات مقبلة في أسعار السلع الأولية، فيما تظهر تقارير أن العديد من السلع في الجمعيات التعاونية والأسواق ارتفعت ما بين (7.5- 28 في المئة)، وبات معها كل مواطن مطالباً بأن يدفع 28 ديناراً إضافياً على كل 100 دينار ينفقها، لذا أصبح من الضروري إعادة صياغة إستراتيجية الأمن الغذائي والقومي في ما يخص التضخم ودخل الفرد، لأن ما يحدث هو مقبرة للطبقة المتوسطة، التي تعتبر العمود الفقري لأي اقتصاد محلي.

ولفتت إلى أن ما نعانيه هو ترهل جهاز إداري لا تليق كفاءته بكفاءة المتغيرات الدولية التي تحدث في عالم الاقتصاد والسياسية والأمن الغذائي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي