من 7.5 في المئة العام الماضي
«S&P» تتوقّع انخفاض النمو خليجياً إلى 1.5 في المئة في 2023
- اقتصادات الخليج تتأثر سلباً بضعف الطلب العالمي وانخفاض إنتاج النفط
- أموال النفط كافية لمضي دول المنطقة في المشاريع الاستثمارية كلما دعت الحاجة
- احتياطيات العملات الأجنبية عزّزت قدرة بلدان الخليج على الإنفاق لتنويع اقتصاداتها
- أداء قوي للاقتصاد غير النفطي وتعاف كبير للنشاط السياحي
- قطاع الإنشاء سيتباطأ و2.9 في المئة التضخم المتوقع خليجياً
رغم الأداء الممتاز بفضل تدفقات البترودولار في عام 2022، توقع تقرير صادر عن «ستاندرد آند بورز غلوبل ماركت إنتلجنس» التابعة لوكالة ستاندرد آند بورز (S&P) أن يتأثر الاقتصاد الخليجي بضغوط ضعف الطلب العالمي، وارتفاع معدلات الاقتراض، وانخفاض إنتاج النفط بما يتماشى مع قرارات «أوبك+».
ورجح التقرير أيضاً أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في دول مجلس التعاون الخليجي من 7.5 في المئة في عام 2022 إلى 1.5 في المئة في 2023 قبل أن يتعافى بشكل طفيف إلى 2.1 في المئة في 2024، عازياً هذا الانخفاض في الغالب إلى تراجع أداء مستوى الاقتصاد الهيدروكربوني الحقيقي، والذي سينكمش قليلاً على المدى القريب، ما يعكس انخفاض إنتاج النفط.
تنويع الاقتصاد
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من تراجع أسعار الطاقة، إلا أن الحكومات الخليجية ستستمر في الاستفادة من أموال النفط الكافية للمضي قدماً في المشاريع الاستثمارية كلما دعت الحاجة، مضيفاً أن الكمية الهائلة من احتياطيات العملات الأجنبية المتراكمة منذ عام 2022 عززت من مصدات السيولة وقدرة دول المنطقة على الإنفاق لتنويع اقتصاداتها.
من ناحية أخرى، أوضح التقرير أن الاقتصاد الحقيقي غير النفطي مستمر في أدائه القوي وأنه يشهد نمواً غير منقطع، لاسيما بعد التعافي الكامل من حالات عدم اليقين المرتبطة بجائحة كوفيد -19.
ولفت إلى أن النشاط السياحي تعافى بشكل كبير خلال العام الماضي، مع استئناف السفر عالمياً، وفتح البلدان حدودها، وتخفيف القيود الصحية، مبيناً أن معدلات إشغال الفنادق ارتفعت، فيما سجلت قطاعات النقل والخدمات الأخرى أداءً قوياً في الأشهر القليلة الماضية.
وتوقعت «ستاندرد آند بورز» أن تشهد قطاعات الخدمات، وخاصة السياحة والفنادق في 2023 عاماً آخر من النمو القوي.
قطاع الإنشاء
وبالنسبة لقطاع الإنشاء، رجّح التقرير أن يتباطأ نمو نشاط هذه الصناعة على المدى القريب، لكنه يظل مرضياً مع استمرار حكومات دول مجلس التعاون في الاستفادة من السيولة المرتفعة نسبياً ومتابعة محركات التنويع الاقتصادي الخاصة بها، منوهاً إلى أن مؤشر «S&P» العالمي لمديري المشتريات (PMI) للسعودية والإمارات وقطر، وهو مقياس للنشاط الاقتصادي غير النفطي، ظل في منطقة توسعية إلى حد كبير في يونيو الماضي.
وأفاد التقرير: «من المرجح أن يصل نمو الاستهلاك الخاص الحقيقي في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 6.9 في المئة في عام 2023، وهو أعلى من تقديرات عام 2022، قبل أن يتباطأ إلى مستوى يبقى قوياً في 2024»، مرجعاً ذلك جزئياً إلى اعتقاد الوكالة أن ضغوط أسعار المستهلكين المرتفعة أثّرت على القوة الشرائية إلى حد ما، وقلّصت نمو الاستهلاك الخاص العام الماضي.
وأضاف أنه مع تراجع الضغوط التضخمية تدريجياً في الأشهر القليلة الماضية، سيكتسب الإنفاق الاستهلاكي الخاص مزيداً من الزخم في 2023، عازياً تسارع نمو الاستهلاك الخاص الحقيقي أيضاً إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي في السعودية بسبب تطور أنماط المستهلكين وتعافي السياحة الدينية.
السياسة النقدية
في سياق آخر، رجحت «ستاندرد آند بورز غلوبل» أن يتوقف تشديد السياسة النقدية بعد المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة في النصف الثاني من 2023 بما يتماشى مع مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي، على الرغم من عدم توقع أي تخفيف قبل عام 2024، بحسب تقييم الوكالة.
وتوقعت أيضاً أن تؤدي معدلات الاقتراض المرتفعة، وانخفاض أسعار السلع الأساسية العالمية على أساس سنوي، وتحسن ظروف سلسلة التوريد العالمية، وضعف الطلب العالمي، إلى انخفاض تدريجي على المدى القريب في الضغوط التضخمية التي تشهدها منطقة الخليج، مرجحة أن ينخفض متوسط التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 2.9 في المئة في 2023 و2.5 في المئة في 2024.
وأوضحت أنه بعد تقفي سياسة «الفيديرالي» إلى حد كبير في رفع أسعار الفائدة لمكافحة الضغوط التضخمية المرتفعة، من المرجح أن تزيد البنوك المركزية الخليجية من رفع أسعار الفائدة، تماشياً مع «الفيديرالي».
وفي كل الأحوال، تعتقد الوكالة أن تخفيض أسعار الفائدة غير مرجح قبل عام 2024، متوقعة أن البنوك المركزية الخليجية ستكرر توجه «الفيديرالي» في المستقبل القريب بسبب سياسات ربط العملات طويلة الأمد.
وذكرت أنه على الرغم من أن التضخم سيتجه نحو الانخفاض تدريجياً، إلا أنه لا يقترب من الأرقام الفردية المتوسطة إلى العالية المسجلة في بعض الاقتصادات المتقدمة إلى حد كبير، بسبب سياسات دعم الطاقة التي تتبعها الحكومات الخليجية.
نظرة مستقبلية مشوبة بالمخاطر المتطرّفة
أفادت «ستاندرد آند بورز غلوبل ماركت إنتلجنس» بأن النظرة المستقبلية لمنطقة الخليج على المدى القريب مشوبة بالمخاطر المتطرفة، التي تتكون في الغالب من تداعيات جيوسياسية مثل انهيار محادثات الصفقة السياسية بين إيران ومجموعة (5 + 1)، وانخفاض مستمر وملحوظ في أسعار الطاقة العالمية بحيث يضغط على السيولة في جميع أنحاء الخليج، واستمرار مستوى التضخم إما في الولايات المتحدة أو محلياً.
وأوضحت أن ذلك يجبر البنوك المركزية لمزيد من التشديد مع تداعيات سلبية على زخم نمو الاقتصاد الحقيقي.