الأجوبة المفيدة عن أسئلة العقيدة

تصغير
تكبير
زاوية نعرض من خلالها لكل ما يعن لقراء «الراي» الأعزاء من أسئلة تتعلق بالعقيدة الاسلامية، وتحتاج الى توضيح وبيان، يجيب عنها الأستاذ الدكتور وليد محمد عبدالله العلي، امام وخطيب المسجد الكبير، واستاذ العقيدة بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت.

وللتواصل أرسلوا بأسئلتكم عبر إيميل الجريدة

(w-alali@hotmail.com) أو فاكس رقم: (24815921)





أثر الإيمان في بناء الإنسان (2 من 2)



وإن من آثار الإيمان، في بناء الإنسان: إقامته للصلاة على أحسن حال، لأنها صلة بين المصلي وبين الكبير المتعال، فقد أخرج أبوداود في سُننه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُصلي وهو حقن حتى يتخفف، ولا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قوماً إلا بإذنهم، ولا يختص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم).

فالمؤمن حريص أشد الحرص على إقامة الصلاة بخشوع، وعلى الوقوف بين يدي الله تعالى بخضوع، فلا يأتي الصلاة وهو منشغل بما يؤذيه، أو متفكر بما يتمناه ويشتهيه.

وإن من آثار الإيمان، في بناء الإنسان: مجانبة المؤمن لكبائر الذنوب، وابتعاده عن الموبقات الحوب، فقد أخرج أحمد والترمذي عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر: فلا يدخل الحمام بغير إزار، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر: فلا يدخل حليلته الحمام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر: فلا يجلس على مائدة يُدار عليها الخمر، ومن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان).

فالمؤمن لا يذهب عقله بالمسكرات، ولا يهتك عفته مع المومسات، فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن).

وإن من آثار الإيمان، في بناء النسوان: حملهن على الحياء لأنه واسطة عقد الجمال، والباعث على العفة وغض البصر عن الرجال، فقد أخرج أحمد وأبوداود عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر: فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رؤوسهم، كراهة أن يرين من عورات الرجال).

فالمؤمنة تغض بصرها في كل حال، لا سيما عن عورات الرجال، فإذا كانت المرأة مخاطبة بغض بصرها في مواطن الطاعة: فحري بها أن تغضه في مواطن اللهو والاضاعة.

وإن من آثار الإيمان، في بناء الإنسان: مجانبة المؤمن لكل لباس حرام، ونأيه عن التشبه بأعداء الإسلام، فقد أخرج أحمد في مسنده عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر: فلا يلبس حريراً ولا ذهباً).

فالمؤمن لا يجعل الحرير في الثوب والكساء، لما في ذلك من التشبه بالنساء، فقد أخرج البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما يلبس الحرير في الدنيا: من لا خلاق له في الآخرة).

وكذلك يجتنب المؤمن لباس الذهب، لأن لبسه يورده النار مورد العطب، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل، فنزعه فطرحه، وقال: يعمد أحدكم

إلى جمرة من نار فيجعلها في يده. فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به. قال: لا والله، لا آخذه أبداً، وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم).

والأحاديث في أثر الايمان في بناء الإنسان كثيرة، والاثار والاخبار الدالة على ذلك شهيرة، ولكن حسبك أيها المؤمن: أن يأمنك الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فقد أخرج أحمد في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن من أمنه الناس، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السوء، والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه). إن في مطالعة اثر الايمان على المؤمنين، عبرة للمعتبرين، وعظة للمتعظين، فقد أخرج البيهقي في شعب الايمان عن الفضل بن موسى رحمه الله تعالى قال: (كان الفضيل بن عياض شاطراً يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينما هو يرتقي الجدران اليها اذ سمع تالياً يتلو: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله)؟ فلما سمعها قال: بلى يا رب قد آن، فرجع فآواه الليل الى خربة، واذا فيها سابلة، فقال بعضهم: نرتحل؟ وقال بعضهم: حتى نصبح، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا. قال: ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين هنا يخافونني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام).

قال إبراهيم بن الأشعث رحمه الله تعالى: (ما رأيت أحداً كان الله في صدره أعظم من الفضيل، كان إذا ذكر الله أو ذكر عنده أو سمع القرآن: ظهر به من الخوف والحزن، وفاضت عيناه، وبكى حتى يرحمه من يحضره، وكان دائم الحزن، شديد الفكرة، ما رأيت رجلاً يريد الله بعلمه وعمله، وأخذه وعطائه ومنعه وبذله، وبغضه وحبه، وخصاله كلها غيره، كنا إذا خرجنا معه في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكي، كأنه مودع أصحابه، ذاهب الى الآخرة، حتى يبلغ المقابر، فيجلس مكانه بين الموتى من الحزن والبكاء، حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها).

هكذا ياعباد الله المسلمين، يفعل الايمان اذا خالطت بشاشته قلوب المؤمنين، فهذا الفضيل الذي كان يسعى في الأرض فساداً، جاور في بيت الله الحرام وجاهد في الله جهاداً.

وأنتم ياعباد الله ألم يأن لكم أن تعدوا للتوبة عتاداً، لتسلكوا من الايمان طريقاً سداداً؟{ فقد أخرج أحمد في مسنده عن رفاعة بن عرابة الكهني رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم حمد الله وقال خيراً ثم قال: أشهد عند الله - وكان إذا حلف قال: والذي نفس محمد بيده -: ما من عبد يؤمن بالله واليوم الآخر ثم يسدد: إلا سلك في الجنة).
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي