هجمات المستوطنين في الضفة «مُستمدة من دعم حكومي»
3 قتلى من «الجهاد» و«فتح» في ضربة «مسيّرة» نادرة شمال جنين
- «هآرتس»: خلافات وتقديرات مختلفة في شأن عملية عسكرية واسعة في الضفة
- هدم منزل فلسطيني متهم بقتل جندي إسرائيلي
في ضربة نادرة بطائرة مُسيّرة، قتل الجيش الإسرائيلي، ثلاثة شبان فلسطينيين، مساء الأربعاء، عند حاجز الجلمة شمالَ جنين في الضفة الغربية، وذلك للمرة الأولى منذ العام 2006.
وذكر الجيش في بيان، أن قواته رصدت «سيارة مشبوهة كانت تستقلها خلية مخربين وذلك بعد أن قامت بتنفيذ عملية إطلاق نار بالقرب من منطقة الجلمة قرب مدينة جنين (...) وقامت طائرة مُسيّرة باستهدافها والقضاء عليها» في ضربة أوقعت ثلاثة قتلى.
وقال ناطق عسكري، إن «آخر مرة استخدمت فيها طائرة مسيّرة بهذه الطريقة كان في العام 2006»، مشيراً إلى أن المُسيّرة من طراز «هيرمس 450».
من جانبه، أكد وزير الدفاع يؤاف غالانت، «سنتخذ نهجاً هجومياً، وسنستخدم كل الوسائل المتاحة لنا... سيدفع كل مخرب أو من يرسله ثمناً باهظاً للغاية».
والفلسطينيون الثلاثة هم، أشرف السعدي (17عاماً)، صهيب الغول (27 عاماً)، ومحمد عويس (28 عاماً).
وفي غزة، قال الناطق باسم حركة «حماس» حازم قاسم، إن «جريمة اغتيال لن تمر من دون رد وعقاب»، مضيفاً «استخدام جيش العدو الصهيوني للطائرات في اغتيال أبناء شعبنا، تصعيد خطير».
وذكرت «كتيبة جنين»، التي تضم مسلحين من فصائل مختلفة، أن «اثنين من القتلى ينتميان إلى حركة الجهاد الإسلامي، والثالث من جماعة فتح».
وتابعت في بيان أن إسرائيل «لا بد الآن أن تنتظر العقاب بعد القرار الأحمق لقيادة العدو واستهداف ثلة من مجاهدينا باستخدام طائراته المُسيّرة واحتجاز جثامين مجاهدينا».
وفي سياق ثانٍ، هدم الجيش الإسرائيلي في نابلس شمال الضفة، منزل فلسطيني اتهمه بقتل جندي في أكتوبر 2022.
ودخل الجنود ليل الأربعاء - الخميس إلى المدينة وغادروها فجراً، بعدما هدموا شقة كمال جوري الواقعة في مبنى سكني.
وأكد الجيش في بيان، عملية الهدم، وأشار إلى أنه هدم في 15 يونيو في نابلس أيضاً، منزل أسامة الطويل الذي تتهمه تل أبيب بالمشاركة مع جوري في هجوم قتل فيه الجندي إيتو باروخ في أكتوبر 2022.
وذكر بيان الجيش أنه خلال العملية «فتح مثيرو شغب النار على الجنود ما ألحق أضراراً بآلية عسكرية».
وجوري والطويل معتقلان في السجون الإسرائيلية.
عملية عسكرية واسعة!
وفي خضم التوتر والتصعيد الأمني، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الضغط الذي يمارسه بعض وزراء وأعضاء الكنيست من اليمين، على الأجهزة الأمنية والعسكرية للشروع في عملية عسكرية واسعة النطاق شمال الضفة، يخلق حالة من التوتر الشديد.
وترى المؤسسة الأمنية، أن سلوك بعض الوزراء في ما يتعلق بقضايا أمنية حساسة يفتقر إلى المسؤولية ولا يسمح بإجراء مناقشة أولية متعمقة قبل اتخاذ القرارات.
وتعتبر أن القرارات التي تتخذها الحكومة في ما يتعلق بتعزيز البناء في المستوطنات، والسماح للمستوطنين بدخول البؤر الاستيطانية التي تم إخلاؤها، لا يساهم في إعادة الهدوء إلى الضفة.
وبعد عملية مستوطنة عيلي، التي قتل فيها 4 مستوطنين وأصيب 4، ارتفعت أصوات وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المال بتسلئيل سموتريتش، بدعوات لتنفيذ عملية واسعة النطاق، وسط خشية من المؤسسة الأمنية من أن هؤلاء الوزراء سيجدون صعوبة في التراجع عن تصريحاتهم التي صدرت بشكل عاطفي بعد الهجوم.
وقال مسؤولون أمنيون كبار، إنه لا يوجد إجماع واسع في الجيش في شأن الحاجة إلى عملية عسكرية، مشيرين إلى أن قيادة الجيش في الضفة تؤيد إطلاق عملية واسعة، لكن رئيس الأركان هيرتسي هاليفي، يؤيد موقف الاستخبارات والعمليات، من أن شن مثل هذه العملية «سيكون خطأ»، وأن هناك احتمالاً كبيراً بانزلاقة إلى جبهات أخرى، مع التركيز على قطاع غزة.
وبحسب «هآرتس»، فإن قيادة الجيش في الضفة، تميل لمثل هذه العملية تحت ضغوط من وزراء الحكومة، الذين يريدون التصرف بدافع الحاجة إلى توفير رد تكتيكي فوري ضد المسلحين الذين ينفذون هجمات إطلاق النار، بينما تبحث شعبة الاستخبارات عن حل استراتيجي.
ويعتقد المسؤولون في المؤسسة الأمنية، ممن يعارضون العملية الواسعة، أنه يجب اتخاذ إجراءات ضد المسلحين بناءً على معلومات استخبارية دقيقة وبطريقة محددة، كما تم القيام به من أجل تفكيك «عرين الأسود» في نابلس، ولتجنب إلحاق الأذى ببقية السكان.
وتضيف الصحيفة نقلاً عن مصادر أمنية، أن في قضية «عرين الأسود»، عمل «الشاباك والجيش والشرطة بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، التي تمكنت من تجنيد بعض عناصر التنظيم في أجهزتها الأمنية، بينما اعتقل آخرون وسجنوا في إسرائيل والضفة، وتمت تصفية عدد آخر».
وتقول المصادر الأمنية ذاتها، إنه باستثناء مخيم جنين وعدد قليل من الأماكن الأخرى في الضفة المعروفة للمؤسسة الأمنية، فإن السلطة تسيطر على معظم المدن، وهناك هدوء نسبي من الناحية الأمنية، ولذلك فإن العملية العسكرية المكثفة ستؤدي حتماً إلى حقيقة أن سكان المدن الأخرى في كل أنحاء الضفة سيدخلون على خط الصراع، وتنفيذ هجمات على طرقها ومستوطناتها.
وفي التقييمات الاستخباراتية التي جرت أخيراً، قال مسؤولون أمنيون كبار، إن الشروع في عملية عسكرية واسعة سيعتبر إنجازاً مهماً لـ«حماس».
وتظهر التقديرات الاستخباراتية، أن «حماس»، ستجد صعوبة في تجنب الرد على عملية كبيرة. وتخشى المؤسسة الأمنية من أن تستغل الحركة القتال في مدن الضفة، لتعزيز قوتها ضد السلطة، وإضعاف الرئيس محمود عباس، وزيادة الدعم للتنظيم من أجل الوصول إلى السلطة كما حدث في غزة، بحسب «هآرتس».
«أعمال انتقامية»
وفي تقرير آخر، أوردت «هآرتس» أن هجمات المستوطنين العنيفة في الضفة، تعيد إلى الأذهان ما قاموا به في حوارة في فبراير الماضي، وتظهر عدم تحسن الاستعدادات الأمنية في أوساط الجيش والشرطة، لمنع تكرارها رغم توقع حصول «أعمال انتقامية».
وأشارت الصحيفة، إلى أن الجيش ركز على نشر مزيد من قواته بهدف تحسين حماية حركة المستوطنين على الطرق، وتجاهل مرة أخرى التوقعات الواضحة لتكرار مذبحة حوارة، كما وصفتها.
ورأت أن تصرفات المستوطنين خصوصاً من نشطاء «شبيبة التلال»، بهذا الشكل «المتوحش»، مستمدة من دعم بعض وزراء ونواب الجناح اليميني المتطرف، والذين كرروا مجدداً مواقفهم المتطرفة تجاه الفلسطينيين بعد هجوم مستوطنة عيلي قبل يومين.
إلى ذلك، ذكر موقع «واي نت»، أن القوات الأمنية لم تعتقل أي مستوطن حتى اللحظة ممن شاركوا في الاعتداءات على القرى والبلدات الفلسطينية، وخصوصاً في ترمسعيا، أول من أمس.
وبحسب الموقع، فإنه في حال لم تقم الشرطة بأي اعتقالات في صفوف نحو 400 مستوطن أحرقوا عشرات المنازل والسيارات الفلسطينية، فمن الممكن أن تلجأ المؤسسة الأمنية إلى إصدار أوامر اعتقال إداري بحق بعض المستوطنين الذين ينشطون في المنطقة.