فيصل بن فرحان يدعو البرهان و«حميدتي» إلى تغليب المصلحة الوطنية
حرب السودان... مليونا نازح ونصف مليون لاجئ وطرق دارفور تعجّ بالجثث
شرّدت الحرب المستعرة منذ شهرين في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، أكثر من 2،5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور حيث الشوارع ملأى بالجثث.
وأوقعت المعارك الدائرة بين الجيش بقيادة الجنرال عبدالفتّاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) أكثر من ألفي قتيل، وفقاً لتقديرات يرى خبراء أنّها أقلّ بكثير من الواقع.
واذا كان الهدوء يخيّم حالياً على العاصمة الخرطوم، فإنّه في الجنينة، المدينة الأكثر تضرراً من الحرب والواقعة في إقليم دارفور (غرب) حيث تدور أعنف المعارك، الشوارع المهجورة ملأى بالجثث والمتاجر تعرّضت للنهب.
ومنذ أيّام يفرّ سكّان الجنينة سيراً على القدمين في طوابير طويلة، حاملين معهم ما تيسّر، على أمل الوصول إلى تشاد الواقعة على بُعد 20 كيلومتراً إلى الغرب.
ويقول الفارّون من أتون المعارك إنّهم يتعرّضون لإطلاق نار ويتمّ تفتيشهم مرّات عدّة على الطريق.
وبحسب منظمة «أطباء بلا حدود»، فإنّ «15 ألف سوداني، من بينهم نحو 900 مصاب، فرّوا باتّجاه تشاد تحت وابل من النيران التي يطلقها الجيش وقوات الدعم السريع ومقاتلون قبليون ومدنيّون مسلّحون».
وتؤكّد الأمم المتّحدة أنّ أكثر من 150 ألف لاجئ سوداني موجودون الآن في تشاد.
- «مستويات قياسية»
وحذّرت الأمم المتّحدة والاتّحاد الأفريقي ومنظمة «إيغاد» من أنّ النزاع «اكتسب الآن بُعداً عرقياً» مع «هجمات على الهوية».
كذلك فإنّ الأمم المتّحدة تتحدّث عن احتمال وقوع «جرائم ضدّ الإنسانية».
وفي مختلف أنحاء السودان، بلغ عدد النازحين «مليوني شخص»، وفقاً للمفوضية العليا للاجئين.
من جهتها، أحصت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من نصف مليون لاجئ سوداني. وتابعت أن «550 ألف شخص فرّوا إلى الدول المجاورة».
وكان المجتمع الدولي تعهّد خلال اجتماع عقد في جنيف الإثنين، تقديم 1،5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاجه المنظمات الانسانية وفقاً لتقديراتها الميدانية.
ويعتمد 25 مليون شخص، اي أكثر من نصف سكّان السودان، على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة «غير مسبوقة»، وفق تعبير الأمم المتّحدة.
وحذّر مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إدي راو، أمس، من أنّ «الاحتياجات الإنسانية بلغت مستويات قياسية في وقت لا تبدو فيه أيّ مؤشّرات على نهاية للنزاع».
وفي بداية الحرب، أكدت المنظمات الإنسانية انّها لم تحصل سوى على 15 في المئة من الأموال اللازمة لعملياتها. واذا ما تمّ الالتزام بتعهّدات جنيف فستحصل هذه المنظّمات على نصف ما تطلبه.
ويقول ألكسندر كييروم، من مجلس اللاجئين الدنماركي إنّ «مستوى التمويل في السودان مخزٍ».
ويضيف أنّه في أوكرانيا، بعد شهرين من الحرب، «كانت 68 في المئة من الأموال اللازمة لمواجهة الأزمة متوافرة».
وعلى الأرض، توقفت منذ صباح الأحد، الغارات الجوية والقصف المدفعي في العاصمة حيث يعيش ملايين السكّان في درجات حرارة عالية بلا كهرباء وأحيانا كثيرة من دون ماء.
- فوضى
وبعد قرابة عشرة هدن تمّ انتهاكها كلّها، تنتهي الهدنة الحالية صباح اليوم في الساعة السادسة بالتوقيت المحلي (04،00 ت غ).
ودانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر «خرق» الهدنة، الإثنين، عندما منع إطلاق نيران «نقل جنود مصابين» كانوا لدى قوات الدعم السريع إلى الجيش.
واتّهم «حميدتي»، الجيش بالقيام بـ «انتهاكات مستمرة» للهدنة.
في المقابل اتّهم الجيش قوات الدعم بـ«خرق» وقف إطلاق النار وقتل «15 مدنياً واصابة العشرات» في بلدة طويلة في دارفور.
وأكّد مصدر طبي لـ «فرانس برس»، سقوط هذا العدد من الضحايا في «هجوم لقوات الدعم السريع».
من ناحيته، حذّر الأمين العام للأمم المتّحدة انطونيو غوتيريس من أنّ السودان يمكن أن «يتحوّل سريعاً إلى مكان للفوضى ما سيؤدّي إلى زعزعة الأمن في المنطقة بأسرها».
ومع حلول موسم الأمطار فإنّ خطر تفشّي الأوبئة يتزايد.
وتخشى اللجنة الدولية للصليب الأحمر من النفايات التي تتراكم والجثث التي تتعفّن تحت أشعة الشمس الحارقة.
وتحذّر اللجنة من أنّ كثيرين يضطرون إلى شرب مياه غير صالحة من النيل مباشرة أو من مصادر أخرى.
تغليب المصلحة الوطنية
من جانبه، جدّد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، دعوة المملكة للتهدئة وتغليب المصلحة الوطنية، وذلك خلال اتصالين هاتفيين منفصلين مع البرهان و«حميدتي».
وأعلنت الخارجية السعودية في بيان، أن الوزير دعا إلى «وقف كل أشكال التصعيد العسكري واللجوء إلى حل سياسي يضمن عودة الأمن والاستقرار للسودان وشعبه».
وأكد أهمية التزام جميع الأطراف «من أجل استعادة مجريات العمل الإنساني، وحماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة، وسلامة الممرات الإنسانية لوصول المساعدات الأساسية».