«أبو الفنون» دخل غيبوبة

صالح الدويخ
صالح الدويخ
تصغير
تكبير

معظم كتّاب المسرح في الكويت من الرواد تأسسوا ووضعوا لأنفسهم أرضية صلبة انطلاقاً من بداياتهم مع المسرح. كافحوا بفضل إصرارهم على إبراز المسرح الكويتي في المرتبة الأولى، وكان شغفهم الشرارة الأولى التي ولدت وراء ستارة خفيفة الملمس خبأت خلفها إبداعات لا حصر لها ترجمت على الخشبة، وكان أبطالها أسماء تركت إرثاً فنياً نتباهى ونتفاخر فيه حتى هذه اللحظة.

وبعد رحيل بعض الكتّاب وابتعاد البعض الآخر ممن كان لهم دور في نهضة المسرح وانتشاره عربياً، انكشفت عورة مسرحنا وبدا واضحاً تحكم بعض المنتجين وأبطال العمل في حيثيات أي نص مثلما يريدون.

ففي أعمالنا السابقة، كان يتم التغيير في بعض الحوارات بالتوافق مع المؤلف من دون الانتقاص منه وترهيبه بعدم التعاون معه مستقبلاً، لكن لا يتم نسف السيناريو أو النص بأكمله كما هو حاصل الآن، وهذا يعود إلى ضعف شخصية معظم الكتّاب الذين يعملون على إرضاء المنتجين وكسب ودّهم من دون الالتفات إلى تبعات هذا الأمر على مسيرتهم لاحقاً.

أذكر صدفة، حين وقع بين يديّ نص لمسرحية جماهيرية عرضت قبل ثلاث سنوات تقريباً، وعندما قرأته لم أجد ما هو مطابق للعرض غير اسم المؤلف واسم العمل، لذلك مسرحنا يعاني الأمرّين ودخل غيبوبة بسبب استهتار البعض، واستسهال تقديم أي مادة على خشبة المسرح لا تمت له في الحقيقة بأي صلة، فشهدنا أعمالاً بلا محتوى وبلا هوية واضحة، اعتمدت على تكرار المجاميع والأداء و«القطاّت» الفارغة واستجداء الضحك بأي طريقة.

كما تقع المسؤولية كذلك على الجمهور الكويتي الذي يخافه القاصي والداني، وعتبنا لتشجيع هذه الأعمال بحجة «وين نروح؟»، وبعد خروجهم من العروض يعبّرون عن استيائهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، كما لا نريد تكرار ما يقوله بعض الفنانين الحاليين «احنا الأفضل في المنطقة!»، والصحيح «احنا أفضل السيئين».

المسرح أبو الفنون، وهو الأصعب والأقدر على إيصال ما يريده المجتمع، وعلى من يقف على خشبته أن يكون مؤتمناً لما يقدم من أعمال امتداداً لسلسلة نجاحات قدمها الأولون وأمست وجهاً حضارياً لتاريخنا وإرثنا الفني.

مسرح مصر ومسرحيات 2000

قد يكون توارد خواطر وقد تكون فكرة تم تطويرها واستغلالها بشكل ذكي، أتحدث عن مسرحيات 2000 التي قدمها النجم طارق العلي في أواخر سنة 1999 وبداية 2000، عندما كان يمتعنا يومياً بعرض مسرحي مختلف بقصته ونجومه وشخصياته وديكوراته.

وبعدها في 2014، رأينا النجم أشرف عبدالباقي يؤسس فرقة مسرح مصر، ويجمع فريقاً من الفنانين الشباب الذين يبحثون عن فرصة لتكون انطلاقتهم ونجوميتهم من خلال هذا المسرح بعروض مختلفة وصلت إلى ما يقارب تسعين مسرحية.

وأتوقع لو طبقت هذه التجربة لدينا، فستكون الفرص كبيرة لخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية وللمواهب، ونستطيع أن ننشئ جيلاً جديداً منافساً وقادراً على استكمال مسيرة المسرح الكويتي بحلوها ومرها... فمن هو المنتج الجهبذ الذي سيتبنى هذا المشروع ؟

نهاية المطاف: لامبالاة بعض المنتمين للمجال الفني... أحد أشكال العقوق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي