عشية مؤتمر «الاستجابة الإنسانية» في جنيف
هدنة الـ 72 ساعة... مُتنفس للسودانيين
دخلت هدنة جديدة لمدة 72 ساعة، حيز التنفيذ في السودان صباح أمس، عشية انعقاد مؤتمر لتنسيق المساعدات الانسانية التي يحتاج إليها نحو نصف سكان البلاد.
وسبق للجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن أبرما، غالباً بوساطة سعودية - أميركية، أكثر من هدنة منذ اندلاع النزاع بينهما في 15 أبريل الماضي، لكن لم يتمّ الالتزام بها كليا على الأرض.
الا أن الطرفين التزما الى حد بعيد بالهدنة الأخيرة التي سرت نهاية الأسبوع الماضي لمدة 24 ساعة.
وأكد شهود لـ «فرانس برس» في حينه أن الهدنة وفّرت هدوءاً لم يعهدوه منذ بدء القتال، الا أن المعارك استؤنفت فور انتهاء وقت اتفاق وقف النار.
ودخلت الهدنة الجديدة حيز التنفيذ عند السادسة بالتوقيت المحلي (04.00 ت غ). وبعد ساعة على بدئها، أفاد شهود في الخرطوم بأن الأوضاع لا تزال «هادئة».
وأبدى سكان في العاصمة رغبتهم في أن تكون اتفاقات وقف النار أطول.
وقالت هناء حسين، التي تقطن وسط الخرطوم «مشكلتنا أن الأيام التي تلي الهدنة تكون قاسية جداً كأنما المقاتلون يريدون تعويض أيام الهدنة».
من جهته، قال سامي عمر الذي يقطن ضاحية أم درمان شمال العاصمة «نريد وقفاً شاملاً لإطلاق النار».
وأضاف «الهدنة لا تكفى لكي نعود الى الحياة. قد يتوقفون عن القتال، لكن الدعم السريع لن تغادر المنازل (التي سيطر عناصرها عليها)، كما المرور عبر نقاط التفتيش في ذات الصعوبة أيام القتال».
وأعلنت السعودية والولايات المتحدة ليل السبت، عن «اتفاق ممثلي القوات المسلحة وقوات الدعم على وقف إطلاق النار في كل أنحاء السودان لمدة 72 ساعة، اعتباراً من تاريخ 18 - 21 يونيو».
وأكد البيان أن الطرفين تعهدا أنهما «سيمتنعان عن التحركات والهجمات واستخدام الطائرات الحربية أو الطائرات المسيرة أو القصف المدفعي أو تعزيز المواقع أو إعادة إمداد القوات»، وسيسمحان «بحرية الحركة وإيصال المساعدات الإنسانية في كل أنحاء السودان».
وأكد الجيش موافقته على الهدنة، لكنه أشار الى «أننا سنتعامل بالرد الحاسم حيال أي خروقات يقوم بها المتمردون خلال مدة سريانها».
وأكدت قوات الدعم التزامها «ما يخدم أغراض الهدنة الإنسانية لاسيما تسهيل إيصال المساعدات (...) وفتح الممرات الآمنة للمواطنين».
ودعت الرياض وواشنطن، طرفَي النزاع إلى «النظر في المعاناة الكبيرة التي يعاني منها الشعب السوداني، وضرورة الالتزام التام بوقف إطلاق النار وتوقف حدة العنف».
مؤتمر في جنيف
وتتزامن الهدنة المعلنة مع مؤتمر لتنسيق الاستجابة الإنسانية ينطلق اليوم في جنيف.
ووفق تقديرات الأمم المتحدة، يحتاج 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد السكان المقدّر بـ45 مليوناً، للمساعدة في بلد كان يعد من أكثر دول العالم فقراً حتى قبل النزاع.
وتسببت المعارك بنقص في المواد الغذائية والخدمات الأساسية. وتؤكد مصادر طبية أن ثلاثة أرباع المستشفيات الواقعة في مناطق القتال، باتت خارج الخدمة.
وأعلنت السعودية التي تترأس المؤتمر بالشراكة مع دول وأطراف أخرى، أن المؤتمر هدفه «إعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة».
وأشارت الأمم المتحدة هذا الشهر، الى أن خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدتها نالت 16 في المئة فقط من التمويل المطلوب.
وقال الناطق باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك «من إجمالي 2.6 مليار دولار مطلوبة للاستجابة الإنسانية هذا العام، لم نتلق سوى 400 مليون».
وأتى الإعلان عن الهدنة الجديدة في يوم شهد تصعيداً في القصف الجوي والمدفعي على مناطق مختلفة في الخرطوم، بينما تدفع أعمال العنف في إقليم دارفور (غرب)، أعداداً متزايدة للنزوح نحو تشاد.
وكان موقع الرئاسة التشادية أفاد في بيان بقيام الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي بتفقد مدينة أدري الحدودية مع السودان (شرق) من أجل «الوقوف على أحوال اللاجئين السودانيين الفارين من ويلات الحرب ودور المنظمات الإنسانية والدولية العاملة في مجال الإغاثة».
وتسبّب النزاع بمقتل أكثر من 2000 شخص، وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أنّ الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير.
كذلك، تسبّبت المعارك بنزوح أكثر من 2.2 مليون شخص، لجأ أكثر من 528 ألفاً منهم الى دول الجوار، وفق المنظّمة الدوليّة للهجرة.
وعبر أكثر من 149 ألف شخص نحو تشاد الحدوديّة مع إقليم دارفور حيث تثير الأوضاع قلقاً متزايداً خصوصاً في الجنينة، مركز ولاية غرب دارفور، إحدى الولايات الخمس للإقليم.
وحذّرت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، من أنّ ما يشهده الإقليم قد يرقى إلى «جرائم ضدّ الإنسانيّة».