قائد «فاغنر» لم يفقد دعم زعيم الكرملين بالكامل... بعد
بين شويغو وبريغوجين... بوتين يُدافع عن القرارات العسكرية
بعد نزاع بين قادة الجيش النظامي وزعيم مرتزقة «فاغنر» يفغيني بريغوجين، كشف الرئيس فلاديمير بوتين، عن دعمه مسعى لإخضاع القوات الروسية غير النظامية المقاتلة في أوكرانيا لسلطة وزارة الدفاع.
وقال الرئيس الروسي لمجموعة من المدونين المؤيدين للحرب، الثلاثاء، إنه دعم مبادرة وزير الدفاع سيرغي شويغو، التي تم الكشف عنها في نهاية الأسبوع الماضي، لوضع الجماعات غير النظامية تحت السيطرة المركزية، وهو مرسوم رفض بريغوجين الانصياع له، وفقاً لصحيفة «فاينانشال تايمز».
ويبدو أن بوتين يقف إلى جانب الجيش في نزاع طويل مع المجموعة شبه العسكرية، حيث يقوض القرار بشدة بريغوجين، الذي حول دور «فاغنر» في الاستيلاء على باخموت إلى أداة يستخدمها لتوبيخ جنرالات بوتين وترقية نفسه، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وظاهرياً، تهدف خطوة طلب العقود مع وزارة الدفاع إلى تزويد أفراد الكتائب المتطوعين والميليشيات شبه الخاصة الروسية بالمزايا المتاحة حاليا لأفراد الجيش فقط.
وقال بوتين «هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان الضمانات الاجتماعية، لأنه إذا لم يكن هناك عقد مع الدولة، ولا عقد مع وزارة الدفاع، فلا يوجد أساس قانوني للضمانات الاجتماعية من الدولة»، مضيفاً «نحن بحاجة إلى القيام بذلك والقيام به في أسرع وقت ممكن».
لكن دعم بوتين يزيد من الصعوبات التي يواجهها بريغوجين، بعد أن تعهد عدم العمل تحت قيادة شويغو، وتحدث عن رغبة الجيش في إبعاد «فاغنر» عن ساحة المعركة في أوكرانيا.
توبيخ نادر
في وقت سابق، أمر شويغو، جميع مفارز المتطوعين بتوقيع عقود مع وزارته بحلول نهاية يونيو، وهي خطوة ينظر إليها على أنها محاولة للسيطرة على بريغوجين، من خلال دمج فاغنر.
وقال بريغوجين رداً على ذلك «لن توقع فاغنر أي عقود مع شويغو»، منتقداً وزير الدفاع لفشله في «إدارة التشكيلات العسكرية بشكل صحيح».
وأعلن أن مجموعته ستواصل الرد على بوتين مباشرة.
وعندما طُلب من مؤسس وقائد «فاغنر»، التعليق على تصريحات بوتين يوم الأربعاء، شدّد موقفه.
وقال في توبيخ مباشر نادر لزعيم الكرملين: «عندما بدأنا المشاركة في هذه الحرب، لم يقل أحد إننا سنضطر إلى إبرام اتفاقيات مع وزارة الدفاع... ولا أحد من مقاتلي فاغنر مستعد للسير في طريق العار مرة أخرى، ومن ثم لن يوقع أحد على العقود»، بحسب ما نقلت «الغارديان» عن قائد المجموعة شبه العسكرية الروسية.
وأكد بريغوجين أنه يعتقد أن الرئيس الروسي سيجد «الحل الوسط (لفاغنر)، لتمكين مقاتلي المجموعة من الحصول على ضمانات اجتماعية ووضع معتمد كمقاتلين».
لكن مثل هذا النقد غير معتاد في بلد يُعاقب فيه على «تشويه سمعة القوات المسلحة» بالسجن لمدة 15 عاما كحد أقصى.
وكشف ذلك عن انقسامات عميقة بين القوات الروسية ودفع العديد من النخبة إلى الشك في قدرة بوتين على إدارتها، وفقاً لما ذكره شخص مقرب من الكرملين لـ «فاينانشال تايمز».
دفعة لوزارة الدفاع
يمثل دعم بوتين دفعة كبيرة لوزارة الدفاع التي تعرضت لهجمات علنية نادرة من فصيل متشدد بقيادة بريغوجين لفشلها في تحقيق نصر في أوكرانيا، بحسب «فاينانشال تايمز».
ويُنظر إلى تدخل بوتين على أنه دفعة كبيرة لشويغو، الحليف القديم للرئيس الذي واجه ضغوطاً سياسية بسبب جهود موسكو المتعثرة في أوكرانيا، وفق «الغارديان».
كما أن تدخل بوتين وضع بريغوزين في أخطر وضع له منذ بدء الغزو.
واقترح بعض المحللين أن بوتين ربما اتخذ قراراً للحد من نفوذ «فاغنر» في أوكرانيا.
وقالت تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة التحليل السياسي «آر بوليتيك»، إنه«تم اتخاذ القرار في يناير، لكنهم كانوا ينتظرون فاغنر لتولي (أمر) باخموت»، بحسب تصريحاتها لـ«الغارديان».
وأضافت «تقرر أنه على الأقل على أراضي أوكرانيا، يجب إخضاع الجميع لهيئة الأركان العامة».
ورغم أن الوزارة لديها بالفعل سلطة واسعة على العمليات والإمدادات، إلا أنها تؤكد ان أكثر من 40 مجموعة غير نظامية قد ظهرت خلال الحرب في خليط من الميليشيات.
ونشرت الوزارة منذ ذلك الحين، مقاطع فيديو تظهر قادة كتائب متطوعين يوقعون عقوداً، وأعلنت أن الآخرين سيحذون حذوهم حتماً.
وكان أول من فعل ذلك قوات من الشيشان، دخل حاكمها القوي رمضان قديروف، في عداوة مع بريغوجين في الأسابيع الأخيرة بعد أن دعم في السابق هجماته على وزارة الدفاع.
ومع قوة تصل إلى 50 ألف عنصر، تم تجنيدهم إلى حد كبير من السجون، برزت«فاغنر»كواحدة من أكثر الوحدات الروسية فاعلية وسيئة السمعة.
وبتكلفة باهظة، ساعدت في الاستيلاء على مدينة باخموت ذات الأهمية الإستراتيجية.
من جانبه، قال مسؤول دفاع سابق عمل معه: «بريغوجين ليس لديه وضع رسمي، لكنه يعلم أن بوتين يفضل الاستقرار ولن يرغب في إحداث فوضى من خلال السماح للآخرين بمطاردة مثل هذه الشخصية العامة».
وعادة ما يطلق بريغوجين تصريحات لاذعة ينتقد فيها هيئة الأركان العامة التي يتهمها خصوصا بعدم توفير ذخيرة كافية لمقاتلي «فاغنر» الذين كانوا في الخطوط الأمامية في المعارك حول باخموت.
ووصل الخلاف بين بريغوجين والجيش إلى مستويات جديدة، عندما اتهم قائد روسي، «فاغنر» بخطف وتعذيب جنوده.
حتى عندما زود الجيش «فاغنر» بالتمويل والإمدادات، قال بريغوجين إن شويغو كان يتعمد تجويع مجموعته من الذخيرة، واتهمه بخيانة المجهود الحربي.
ومنذ تسليم باخموت، لقوات الجيش الروسي، شرع بريغوجين، في جولة عامة غير عادية للغاية، حيث عقد لقاءات في المدن الإقليمية في كل أنحاء روسيا جنباً إلى جنب مع زملائه المتشددين، مثل تاجر الأسلحة السابق سيئ السمعة، فيكتور بوت، بحسب «فاينانشال تايمز».
وفي حديثه في منطقة أوليانوفسك (وسط) الثلاثاء، ألقى بريغوجين، بظلال من الشك على تأكيد بوتين وشويغو أن هجوم أوكرانيا المضاد قد فشل، وحذّر من أن روسيا «لا تفعل ما يكفي لمواجهة الخصم».
وقال«إنهم (أوكرانيا) يقاتلون بشكل صحيح»، مؤكداً أن موسكو لم تفعل ما يكفي «لمواجهة الخصم».
وتبقى الأسئلة حول ما إذا كان يمكنه الحفاظ على مكانته من خلال جولة دعائية بمفرده.
وقالت ستانوفايا: «لا أعتقد أنه سيكون له نفس تأثير معركته من أجل باخموت، تم دفع بريغوجين، إلى الزاوية قليلاً ويحاول معرفة كيفية تحقيق أهدافه».
ومع ذلك، يعتقد البعض أن من السابق لأوانه التكهن بسقوط بريغوجين. وذكر مسؤول الدفاع السابق: «شويغو له اليد العليا حاليا، ولكن إذا فشل الهجوم المضاد الأوكراني، فمن المحتمل أن يتم استدعاء بريغوجين، مرة أخرى»
وأشار المسؤول السابق أيضاً إلى أن بوتين ألمح الثلاثاء، إلى أن بعض انتقادات قائد «فاغنر» للجيش، كانت مبررة، وهي علامة محتملة أن «فاغنر لم يفقد دعمه بالكامل بعد».
وأكدت ستانوفايا، أن مستقبل قائد «فاغنر» قد يعتمد على نجاح أو فشل هجوم أوكرانيا المضاد.
وقالت «إنه ينتظرهم ليروا أنه من دون قدراته ومهاراته، فإن الجيش الروسي سيفقد الأراضي وسيأتي بوتين أو شويغو لطلب المساعدة»، مضيفة أن «بريغوجين يحلم بذلك».