رؤية ورأي

نقص المناعة ضد الشلل النيابي

تصغير
تكبير

تميّز الاجتماعان التنسيقيان اللذان عقدهما نواب المجلس خلال الأسبوع الجاري بجزئيّتين إيجابيتين. الأولى، نقل الاجتماعات إلى مبنى المجلس عوضاً عن ديوانيّات النوّاب، لما قد يقترن بتلك الديوانيّات من رسائل نيابية مبطّنة مُقلقة. والجزئية الثانية هي استحضار الأولويات في المناقشات التنسيقية لاختيار رئيس المجلس ونائبه، وما يلحق بهما من مناصب مكتب المجلس وعضويات اللجان البرلمانية.

وكذلك البيان الذي أصدره المجتمعون بعنوان «الخارطة التشريعية» إيجابي من حيث المبدأ، وتحديداً من منطلق وضع الخارطة «تحت نظر ومتابعة الأمة وبرقابة المهتمين والرأي العام» كما جاء في ديباجة البيان. ولكن في المقابل، يشوب البيان التغافل عن متطلبات تحصين المجلس ضد الشلل النيابي الذي أُصيب به إبّان المجلس المبطل الثالث، فضلاً عن الفقرة التطفُّلية التي غُرِست في البيان لترميم وتحسين صورة المجلس المبطل الثالث، الذي هتكت الحكومة هيبته.

إعداد الخارطة التشريعية السليمة – غير الانشائية – يتطلب المزيد من الاجتماعات، وقد يستنزف العطلة الصيفية بأكملها. لذلك، كان الأولى استثمار الاجتماعات التنسيقية الطارئة لتحقيق الأولوية الأقصى، وهي توفير الجرعات اللازمة لتفادي تكرار حالة الشلل النيابي، وذلك من خلال المفاضلة الموضوعية بين المرشحين لمنصبي الرئيس ونائبه، بل حتى من خلال ترشيح أسماء جديدة للمنصبين إذا كان المرشحون دون متطلبات المرحلة، مرحلة التعافي من حالة «نقص المناعة ضد الشلل النيابي».

حكم إبطال مجلس 2022 كان بمثابة إعلان وفاة مريض كان متوفّياً سريرياً منذ أشهر. حيث كان بلا حركة وبلا استجابة للصدمات النيابية والفحوصات السياسية التي كانت تطبّقها الحكومة عليه كل أسبوعين، على مدى أشهر. بل كان المجلس بلا استجابة قبل ذلك، عندما انسحبت الحكومة من جلسة إسقاط القروض، وكان أيضاً بلا استجابة عندما ردّت الحكومة قانون التأمين الصحي لربّات البيوت.

هناك بون شاسع بين الممارسات الإصلاحية وبين النشاط الغوغائي والتكسّب الانتخابي في مجلسٍ مشلول نيابياً، لا يراه المغيّب بالزخم الإعلامي. والشواهد على ذلك كثيرة، إلا أنني سأكتفي بعرض اثنين منها. أحدهما في شأن مشروع قانون ورد ذكره في بيان الخارطة التشريعية، يخشى تمريره بصيغة مشوّهة. والثاني في شأن قضية مصيرية لم يشر إليها في البيان، مقلق تجاهلها.

فمن جانب، يخشى أن موافقة الحكومة على مشروع قانون المدن الإسكانية – في المجلس المبطل الثالث – كانت مناورة لكسب الوقت المتاح لمعالجة الأزمة الإسكانية المتفاقمة. فالحكومة وافقت عليه بالرغم من عدم موافقة وزارة الكهرباء والماء، ورغم تحذير بلدية الكويت من أن القانون تكرار لتشريعات نافذة مثل باب «المدن السكنية» في قانون الرعاية السكنية، وبالرغم من كثرة الملاحظات الجوهرية من الهيئة العامة للاستثمار، وأهمّها أن مشروع القانون يحتوي على «العديد من العوامل التي تقلل من الجدوى الاقتصادية وتزيد من مخاطره على المستثمر الإستراتيجي».

المراد أن الحكومة سوف تكسب المزيد من الوقت لأنها غير ملزمة بتطبيق القانون إذا لم يتقدّم مستثمرون إستراتيجيون، أو إذا تقدّموا بتكلفة باهظة على المال العام بسبب ارتفاع المخاطر عليهم. والشاهد أن المجلس الذي كان متعطّشاً لإنجاز تشريعي، تجاهل تناقض الموقف الحكومي ووافق على مشروع القانون. لذلك استعجاله – كما في بيان الخارطة التشريعية – أمر مريب.

ومن جانب آخر، تَجاهُل البيان قرار إيقاف ابتعاث طلبة التخصصات الطبية إلى كل من مصر والأردن، مثير للقلق لأن القرار مرتبط بمحورين مفصليّين هما التعليم والصحة، ومثير للشكوك حول مصداقيّة النوايا الإصلاحية لدى النوّاب، وبالأخص الأطبّاء والأكاديميين منهم، الذين تجاهلوا أو أعلنوا مواقفهم من القرار وفق معادلة المكاسب والخسائر الانتخابية وليس الصالح العام.

الخلاصة، أن لا هكذا بيان ولا هكذا نوّاب سيعزّزون مناعة المجلس ضد الشلل النيابي... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي