المال قِوام الحياة الإنسانية، به تنهض الأمة وترتقي وتصلح أحوالها، وتتوافر حاجات كل فرد في المجتمع؛ فهو وسيلة لدعم قضايا الوطن وتيسير شؤون الناس، فإذا استخدم في الصلاح كان نعمة، وإذا استخدم في الفساد كان شقاءً.
وقد أوصت شريعتنا بحماية المال وتحريم الاعتداء عليه، وأوجبت على كل فرد حماية ماله الخاص، والمال العام أشد حُرمة لما يترتب عليه من ضرر أكبر، ولكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له؛ فالحفاظ على الملكية العامة مسؤولية الناس كافة؛ لأن منفعتها تعود علينا جميعاً، فلا يحق التطاول عليها من أي أحدٍ كان، مهما ارتفع منصبه وزادت نفوذه، وللأسف اعتبر بعض الفئات أن الاستيلاء على المال العام ذكاء وفوز بغنيمة، وينسى أنه خسارة عظيمة لمجتمعه.
ومن صور ذلك في مجتمعنا مَن يسطو على المال العام بتزوير أوراق رسمية، أو الموظف الذي يتقاضى البدلات بالتحايل على القانون ومن دون وجه حق، أو مسؤول يُعيّن موظفاً بمجرد كتابة اسم الموظف في جهة أو أكثر من جهة بالتلاعب بالملفات فيأخذ راتباً شهرياً لوجود اسمه في ملف لا بوجوده هو!
ولو رأينا المجتمعات الأخرى من الدول الأوروبية وغير المسلمة نجدها تنظر إلى المال العام أنه أشد خصوصية من المال الخاص، فإنها لا تمسه وهكذا تتقدم تلك الدول وتتطور بالحفاظ على مالها.
حماية المال العام واجب شرعي ووطني وإنساني، والاعتداء عليه اعتداء على الجميع؛ لأن من سرق من المال العام يسرق من الأمة كلها؛ فسرقته أعظم جُرماً مِن سرقة المال الخاص؛ لأنه آكل لأمول الناس بالباطل، وحتى يسود النظام في حياتنا يجب الوقوف أمام أصحاب الفتن ومحاربة هذه الفئة التي تسبّبت في فساد جوانب عديدة من بلدنا، وجعلت أمتنا ترجع إلى الوراء وتزداد ضعفاً أمام دولٍ قوية متسلطة، وهو ما نراه اليوم لكثرة المعتدين الذين يأكلون مال الناس علانيةً، وضعف الأفراد وخوفهم من مواجهة كبار المتسلّطين.
aalsenan@hotmail.com
aaalsenan @