اتصالات وصلت «الليل بالنهار» لاستمالة الرماديين فـ... يا أبيض يا أسود

جلسة «رئاسية» لاهبة للبرلمان اللبناني اليوم فهل تنفجر «طنجرة الضغط»؟

 البرلمان اللبناني ينعقد اليوم في جولةِ «لا انتخاب» رئاسية تحمل الرقم 12
البرلمان اللبناني ينعقد اليوم في جولةِ «لا انتخاب» رئاسية تحمل الرقم 12
تصغير
تكبير

- نولاند اتصلت ببري وتفعيل التواصل الفرنسي. السعودي عشية بدء لودريان مهمته

... غداً يوم آخَر. شعارٌ ظلّل المشهدَ السياسي في بيروت عشية مكاسرة «الصندوقة الزجاجية» في البرلمان الذي ينعقد اليوم في جولةِ لا انتخاب تحمل الرقم 12 في ما تَحَوَّلَ «فيلماً رئاسياً طويلاً» سينفتح في ضوء نتائج أربعاءِ تظهيرِ الأحجام والأوزان على أجزاء جديدة من مسلسل الاستعصاء المتمادي منذ نحو 9 أشهر.

ولا يقلّل هذا الشعار الذي بات مُلازِماً لجلسة البرلمان اليوم من الأبعاد والخلاصات التي ستترتّب عليها في ظل رصْد دقيق لـ «الرسائل الرقمية» التي ستتطاير منها، وذلك بمعزلٍ عن أنها لن تضع النقطة في آخِر سطر استحقاقٍ صار أسير «متلازمة التعطيل» التي أُخذ معها عند كل موعد دستوري منذ 2007 مروراً بـ 2014 وصولاً إلى 2022 رهينةَ الصراع السياسي الكبير الذي وَضَع لبنان منذ 2005 على خط الزلزال الإقليمي وفي فوهة براكين المنطقة.

وأصبح مسلَّماً به أن جلسة 14 يونيو التي يُتوقَّع أن تكون «لاهبةً» وأشبه بـ «طنجرة ضغط»، ستُفتَتح في دورةٍ أولى ستشهد فرْزاً للنواب بين مرشّحْين معلَنيْن، وهي سابقةٌ لم تعرفها الجولات الـ 11 التي انطلقت في سبتمبر 2022 وانطبعتْ بمواجهةِ مرشح المعارضة آنذاك ميشال معوّض مع «مرشّح شبح» أي الورقة البيضاء التي توارى خلفها فريق الممانعة والتيار الوطني الحر للتعمية على عدم قدرته على التوافق على اسمٍ واحد لخوض المطاحنة به.

ومرشّحا «موْقعة الأربعاء» هما:

* الوزير السابق للمال جهاد أزعور (مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي منذ 2017)، المدعوم من تَقاطُع أحزاب المعارضة ومستقلّين وتغييريين مع «التيار الوطني الحر» الذي افترَقَ عن حليفه «حزب الله» في المشوار الرئاسي بعدما اختار الأخير السير حتى النهاية بمرشحٍ واحد وحيد رَفَع النائب جبران باسيل بإزائه «لا مهما كان الثمن».

* والمرشح الثاني هو زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية الذي يؤيّده «حزب الله» والرئيس نبيه بري وحلفاؤهما بوصْفه «مرشح المقاومة» الذي يريد خصومُها إقصاءه من المعركة عبر «مرشح المناورة والمؤامرة والعزل».

وفي موازاة «الرسم التشبيهي» للأرقام التي سينالها كل من المرشّحيْن والقابلة للارتفاع أو التراجع في اللحظات الأخيرة قبل إسقاط الأوراق في الصندوقة، فإن الأكيد أن أياً من أزعور لن ينال غالبية الثلثين (86 نائباً من أصل 128) الشَرْطية لفوز أي اسم في الدورة الأولى، والأكيد أكثر أن نوابَ «الممانعة» سيضغطون «على زناد» تطيير نصاب الدورة الثانية (يحتاج فيها اي اسم لأكثرية النصف زائد واحد أي 65 صوتاً ليُعلن رئيساً) في استنساخٍ لسيناريو كل الجلسات السابقة وبما يُبقْي لهذا الفريق أن يحدّد «المكان والزمان المناسبيْن» للمعركة الحاسمة وأدواتها.

على أن الأفقَ المسدود لجلسة اليوم، لا يُلْغي بأي حال الوقْعَ السياسي والنيابي الذي سيتركه الـ «سكور» الذي سيحصل عليه، أولاً فرنجية الذي يَخشى أن يتجرّع للمرّة الثالثة «الكأس المُرّة» بابتعاد الرئاسة عنه وسحْب ملعقتها من فمه، في المرتين الأولييْن من «حزب الله» وقيادته (في 2004 ثم 2016) وهذه المَرة بيدٍ مباشرة من باسيل.

وثانياً أزعور الذي يحظى بشبهِ إجماع مسيحي على ترشيحه وبدعْمٍ درزي (من كتلة النائب تيمور وليد جنبلاط) ومن بعض النواب السنّة في المعارضة ومن المجتمع المدني، وهي «السيبة» التي بدا أنها قادرة على أن تخلط الأوراق والتوازنات في سياقِ «هدف أول» تَقاطعت عليه غالبية المعارضة والتيار الحر وهو نسف حظوظ زعيم «المردة».

ومن هنا حفلت الساعات الماضية باتصالات ولقاءات يُفترض أن تكون استمرّت حتى فجر اليوم و«وصلتْ الليل بالنهار» في سياق عملية «الحشد النيابي» للمرشّحيْن بهدفٍ واضح للمعارضة – التيار الحر هو ضمانُ فوزِ أزعور على فرنجية بفارقٍ يُعتدّ به (نحو 10 أصوات) ولمَ لا بلوغه عتبة الـ 65 في الدورة الأولى، وهو ما يَعتقد هؤلاء أنه سيدفع «حزب الله» إلى مراجعة حساباته في ما خص ترشيحٍ بات أشبه بـ«ورقة منتهية الصلاحية» وتالياً منْحهم أفضلية على طاولة التفاوض للمرحلة اللاحقة حين يدقّ جرس الخيار الثالث الذي يُشترط لبلوغه اقتناع الحزب بالتخلي عن زعيم «المردة»، قبل الحديث عن مدى قدرة التجمُّع الداعم لأزعور على البقاء «كتلة واحدة» في معركة البدائل إذا تحوّلت أمراً واقعاً في ضوء امتلاك كلاً من غالبية المعارضة والتيار الحر أوراقاً مستورة و... متعارضة.

أما «حزب الله» فيضع نصب عينيْه أن «يَحمي» ترشيح فرنجية معنوياً ومحاولة تضييق الفارق الرقمي بينه وبين أزعور، رغم اقتناعه بأن مجرّدَ مرورِ جلسة اليوم سيجعل «عشاق الصدفة يتفرّقون» ليعود الميزان ليميل لمصلحة زعيم «المردة» على قاعدة أنه مازال قادراً على أخذ بعض داعمي الوزير السابق للمال «بالمفرّق» بمَن فيهم «التيار الحر» بحال ارتأى الحزب في نهاية المطاف الذهاب الى تسوية.

وهذه الأبعاد التي تكتسبها جلسة اليوم تفسّر المناخ المحموم الذي ارتسم في بيروت على خطين:

- الأول عبّرت عنه مخاوف أثيرت من توترات أو مخاطر أمنية استوجبت أن يتخذ بعض نواب المعارضة وكتلها احتياطاتٍ مثل عقد اجتماعات عن بُعد، وصولاً للبلبلة التي أحدثها ما نُقل عن العثور على قنبلة قرب منزل نائب «الكتائب اللبنانية» نديم الجميل (من المعارضة) في الأشرفية، قبل أن يعلن الأخير «أن الخبر لا يمت بصلة لي شخصياً وأن مكان وجودها خارج نطاق منزلي وتبيّن أنها مجسّم قنبلة غير صالحة للتفجير».

- والثاني ارتسم من خلف مواقف حضّت النواب الرماديين أو المترددين (نحو 20 نائباً) داخل المعارضة على الخروج من منطقة الحياد على قاعدة أنها «مرحلة يا أبيض يا أسود». وقد تصدّرت أحزاب المعارضة هذه الدعوات وآخرهم رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل الذي توجّه إلى هؤلاء بأن «خياركم سيحدد مسار المرحلة المقبلة، فنحن نرفض لغة العنف مقابل العنف والسلاح مقابل السلاح ولدينا فرصة لوضع حد لكل هذا المسار الانحداري واستعادة التوازن في لبنان سلمياً وديموقراطياً (...) وهناك مجموعة كبيرة من النواب سيقولون كلمتهم الأربعاء، ليس للتحدّي، كما يصوّر البعض، بل للمطالبة بالشراكة والحرية ومنْع تكريس هيمنة حزب الله على لبنان».

وعشية الجلسة، لم يكن عابراً ما أوردتْه قناة «الحدث» عن أن وكيلة وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند اتصلت برئيس مجلس النواب نبيه برّي، وأن متحدث باسم وزارة الخارجية أكد حصول الاتصال من دون الإدلاء بكثير من التفاصيل «لكن ما تَسَرَّب يشير إلى أن المسؤولة رقم 3 في الخارجية الأميركية دعت بري إلى قيادة العملية الانتخابية مشددة على أن الولايات المتحدة تتمنّى أن يحدث هذا الأمر من دون عراقيل».

ووفق هذه المعلومات «كان بري في الاتصال متفائلاً بأن العملية الانتخابية ستحصل، ولم يتضح إن كان التزم بمتابعة الجلسات الانتخابية من دون فقدان النصاب، أو إن كان التزم بعقد الجلسات الانتخابية إلى أن تصل إلى نتيجة»، مع العلم أن إشارات أميركية كانت وصلتْ في الأيام الأخيرة إلى احتمال فرض عقوبات على معطّلي الاستحقاق الرئاسي بمن فيهم بري.

في موازاة ذلك، استوقف أوساطاً سياسية، تفعيل التواصل الفرنسي - السعودي حول الملف اللبناني عشية بدء الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المعيّن حديثاً لمتابعة الملف اللبناني الوزير السابق جان – ايف لودريان مهمته عبر زيارةٍ متوقعة لبيروت في الأيام القليلة المقبلة أو مطلع الأسبوع كحدّ أقصى وسط تقارير رجّحت أن يبقى في العاصمة اللبنانية لأيام متتالية ساعياً لشقّ الطريق نحو مخرج صعب على وهج ما ستفرزه جلسة اليوم من تكريس «توازن الردع» الرئاسي بين طرفيْ ليّ الأذرع الرئاسي.

الرسم التشبيهي لأرقام الجلسة الرئاسية

| بيروت - «الراي» |

عشية «موقعة الأربعاء» الرئاسية، بقيت الأرقام المتوقَّعة للوزير السابق جهاد أزعور تراوح عند حدود 60 نائباً أو أكثر بقليل (باعتبار أن الاتصالات كانت مستمرة)، يمثلون:

«الجمهورية القوية» (19 صوتاً)، تكتل «لبنان القوي» (12 نائباً مرجَّحين من أصل 17 في ظل توقُّع تمرُّد 5 نواب على قرار باسيل التصويت لأزعور)، كتلة «اللقاء الديموقراطي» (8 نواب)، كتلة «الكتائب» (4 نواب)، كتلة «تجدد» (4 نواب:ميشال معوض، أشرف ريفي، فؤاد مخزومي وأديب عبد المسيح)، مستقلّون (3 نواب: بلال الحشيمي، غسان سكاف وميشال ضاهر)، تغييريون (5 نواب: ميشال دويهي، وضّاح صادق ومارك ضو بولا يعقوبيان ونجاة صليبا مع إمكان انضمام 3 آخَرين تحت ستار الاقتراع السري).

في المقابل كان محسوماً لزعيم «المردة» سليمان فرنجية نيْله أصوات نحو 44 نائباً (كان العمل مستمراً لضمان ما لا يقل عن 50 له)، هم كتلة «التنمية والتحرير» (16 نائباً)، كتلة «الوفاء للمقاومة» (15 نائباً)، تكتل «الوفاق الوطني» (5 نواب: فيصل كرامي، حسن مراد، محمد يحيى، عدنان طرابلسي وطه ناجي) «التكتل الوطني» (4 نواب: طوني فرنجية، فريد الخازن، ملحم طوق وميشال المر)، مستقلون (4 نواب: جهاد الصمد، حيدر ناصر، جورج بوشكيان وعبدالكريم كبارة).

أما تكتل «الاعتدال الوطني» (6 نواب: أحمد الخير، وليد البعريني، محمد سليمان، سجيع عطية، عبدالعزيز الصمد وأحمد رستم) ونائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت وبعض المستقلين مثل عبدالرحمن البزري ونبيل بدر وجميل عبود، فكانوا يحاولون حسم هل يصوّتون لاسم ثالث مثل زياد بارود أو يكتفون بوضْع شعار يميّزهم عن أي اصطفاف أو عن الأوراق البيض التي قد يستخدمها النواب الرماديون، علماً ان بارود (الذي يُعتبر مرشح الخطة ب للتيار الحر) طلب ممن راجعوه عدم وضع اسمه في هذه المرحلة، وهو ما اعتبره بعض الأوساط في سياق رفضه أن يُستخدم في إطار إضعاف «سكور» أزعور ولأن «كل شيء بوقته حلو".

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي