ثاني بنك أجنبي يسعى لغلق فرعه في السوق المحلي
«بي إن بي باريبا»... يخطّط للانسحاب من الكويت
- 10 أسباب حفّزت المجموعة الأم الفرنسية لترك الكويت
- فرع خليجي يخفّض موظفيه منذ فترة فهل يلحق «بي إن بي باريبا»؟
- تراجع شهية المستثمر الأجنبي محلياً شجّعه للهجرة العكسية
- المجموعة تعيد تموضعها خارجياً وخروجها يشمل أكثر من سوق
- استمرار بقاء الفرع لا يُعزّز خطوط البنك للتوسع أو المنافسة
- ضعف البيئة التشغيلية يخفّض جاذبية السوق المحلي
- تفرّد المصارف الأجنبية بإدارة الثروات الخاصة عُقدة تجاوزتها بنوك كويتية
كشفت مصادر مسؤولة لـ «الراي»، أن بنك بي إن بي باريبا الفرنسي أفاد الجهات الرقابية برغبته بالانسحاب من الكويت، وبأنه يحضّر مع بنك الكويت المركزي لترتيب إجراءات خروجه خلال الفترة الزمنية المقبلة والتي ستتحدد وفقاً لخطة الانسحاب التي سيقدّمها ويقتنع بها الناظم الرقابي.
و«بي إن بي باريبا» أول بنك دولي يُمنح ترخيصاً من بنك الكويت المركزي في عام 2004 للعمل في السوق المحلي، حيث تأسس في 2005، ويدير فرعاً تجارياً يقدّم الخدمات المصرفية للشركات والمؤسسات، فضلاً عن حلول الاستثمار.
وأوضحت المصادر أن «المركزي» بحث مع مسؤولي «بي إن بي باريبا» أسباب قرارهم وما إذا كان مبنياً على اعتبارات تتعلّق بالسوق المحلي، وحفزتهم لاتخاذ هذا القرار، مشيرة إلى أن جميع الإفادات الواردة في هذا الخصوص من المجموعة الفرنسية تشي بأن انسحاب فرعها من الكويت يأتي تنفيذاً لسياسة المجموعة الأم، التي تسعى لإعادة تموضع جديدة بالأسواق الخارجية.
تحرك معاكس
وأفادت بأن التحرك المعاكس للمجموعة لجهة مخالفة خططها السابقة للتوسع والتواجد بالكويت ينسجم مع مستهدفاتها للمرحلة المقبلة تقليصاً للمصاريف في ظل تراجع العوائد التشغيلية وارتفاع تكلفة الأموال، ما قلل كثيراً معدل الربحية الذي يتعيّن تحقيقه، كاشفة أن انسحابات المجموعة لا يقتصر على الكويت بل يشمل أسواقاً أخرى لا يتواكب الاستمرار فيها مع خططها للمرحلة المقبلة.
يذكر أنه في الكويت يوجد 12 فرعاً مرخصاً لبنوك أجنبية، وأنه في 2005، سجل بنك الكويت المركزي في سجلاته أول بنك أجنبي يفتتح فرعاً له في السوق المحلي، في خطوة كان يعوّل عليها كثيراً في فتح المجال أمام الاقتصاد الكويتي عموماً والقطاع المصرفي خصوصاً، والذي شهد تطورات عدة في الأعوام الأخيرة.
وبيّنت المصادر أن التعقيدات المالية التي طالت غالبية الأسواق في العالم دفعت المجاميع المصرفية العالمية لهيكلة عملياتها في الأسواق الخارجية، مدفوعة بأن الفترة الحالية والمقبلة لا تحتمل التوسع المجاني أو انتظار النتائج لفترات أطول، مبينة أن فرعاً لبنك خليجي يعمل بالكويت يخفض موظفيه منذ فترة ما يطرح السؤال حول إمكانية أن يلحق بـ«بي إن بي باريبا»
توجهات المجاميع
ونوهت إلى أن توجه صانعي السياسة لـ «بي إن بي باريبا» خلصوا إلى أن بقاء فرعهم في الكويت لا يُعزّز خطوط المجموعة الرئيسية لجهة عوائده المحققة، موضحة أن بعض الفروع الأجنبية في الكويت كانت تحافظ على مراكزها محلياً لأسباب إستراتيجية فقط، تتعلق بتوجهات مجاميعها الرئيسية وتتجاوز مفاهيم الربحية التقليدية، إلا أنه نتيجة للمتغيرات التي طرأت على الأسواق، وما أفرزته من حاجة مالية لتقليص المصاريف وإغلاق النوافذ غير المربحة، تحفز بعض البنوك الرئيسية لترشيد تواجدها الخارجي.
مقر وحيد
ومصرفياً، لا يعد «بي إن بي باريبا» الفرع الأجنبي الأول الذي يخطط للانسحاب من الكويت حيث سبقه فرع لبنك خليجي، بحث العام الماضي مع «المركزي» سيناريو انسحابه من السوق المحلي.
وعموماً، يوجد أكثر من اعتبار يذكي انسحاب البنوك الأجنبية من الكويت، لعل أبرزها:
1 -لا يعدّ سراً أن أفرع البنوك الأجنبية العاملة تعمل محلياً من خلال مقر وحيد، ما يجعلها غير قادرة على منافسة البنوك الكويتية على استقطاب عملاء التجزئة الأفراد، سواء لجهة ودائعهم أو تمويلاتهم، ما يضعف كثيراً نشاطهم التشغيلي، وعوائدهم وتدفقات السيولة، ومن ثم تراجع شهيتهم للمنافسة والاستمرار محلياً.
2 - نتيجة للسبب السابق ينصب تركز الأفرع الأجنبية على الخدمات المصرفية للشركات، ورغم ذلك لم تفلح في جذب شريحة التُجّار ذات الوزن الكبير أو المتوسط وشركاتهم، حتى في ما يتعلق بفتح الاعتمادات، ما أضعف خطوط الائتمانية مع الشركات الكبرى، وبالتالي كانت عوائدها المسجلة لا تغطي المستهدف من استمرار وجود فرعها محلياً.
3 - تتمتّع البنوك المحلية باعتبار جذب إضافي بالنسبة للعملاء مقابل الأفرع الأجنبية يتعلق بالدورة المستندية الأسرع والأيسر بالنسبة لبنوك الكويت، والتي تستغرق وقتاً أكبر للأفرع الأجنبية كونها تحتاج إلى موافقة من المكتب الرئيس.
4 - قوة البنوك الكويتية رأسمالياً وانتشاراً، ولجهة العلاقة التاريخية مع العملاء، وفهم متطلباتهم وتطلعاتهم أكثر جعل الأفرع الخارجية غير قادرة على تغيير شكل المنافسة المصرفية بالكويت، ولم يكن لحضوره انعكاسات في تحفيز المنافسة داخل القطاع.
5 - تحرك البنوك المحلية القوي والسريع نحو التحول الرقمي، مع صرفها العالي على التقنية جعل البنوك المحلية سباقة في تقديم خدمات متنوعة ومتميزة وبتكلفة مناسبة.
6 - نجحت بنوك محلية عدة في تجاوز عقدة القدرة الأكبر للبنوك الأجنبية على الخدمات المصرفية الاستثمارية، وإدارة الثروات الخاصة، ومع ذلك فقدت الأفرع الأجنبية ميزة الاتصال المباشر السهل بأثرياء الكويت او أقله شريحة واسعة منهم بعد استقطابها من بنوك محلية، ما انعكس إيجاباً على الحصص السوقية التي تغيرت كثيراً لصالح مصارف محلية.
7 - منذ حصلت الأفرع الأجنبية على تراخيصها للعمل محلياً بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية في العام 2008 تواجه الأسواق أزمة تلو الأخرى آخرها الحرب الأوكرانية - الروسية وقبلها جائحة كورونا، وجميعها أزمات زادت معدلات المخاطر ورفعت الحاجة لتقليل الانكشاف المتفائل.
8 - ضعف المشاريع التنموية في الكويت وضبابية المشهد الاقتصادي محلياً والتجاذبات السياسية المتتالية بالسنوات الماضية دفعت بنوكاً أجنبية لتفضيل وقف نشاطها محلياً على أساس أن المستقبل غير واضح بالتحديد.
9 - فورة التنمية ببعض أسواق الخليج المجاورة خصوصاً بالسعودية تدفع البنوك والشركات العالمية إلى تفضيل التمركز فيها عن الكويت، مدفوعة بخطط هذه الدول التشغيلية والتي بدأ بالفعل تنفيذها على أرض الواقع.
10 - مع تركز غالبية الودائع المحلية في المصارف الكويتية، وارتفاع تكلفة الأموال بعد زيادة أسعار الفائدة يصعب المحافظة على نسب السيولة الرقابية وتعويض الضعف التشغيلي، في وقت يُلزم «المركزي» البنوك الأجنبية باستثمار ودائعها محلياً وعدم نقلها للخارج، وتنظيم ضخ سيولتها الدولارية في خزينة المجموعة لأدنى مستوى ما قلل قدرتها على المنافسة حسب رأي مسؤولين بهذه الأفرع.
«المركزي» يحاول التمسّك بالأفرع الأجنبية بتسهيل متطلباتها الرقابية
أفادت مصادر بأن البنك المركزي حريص على بقاء البنوك الأجنبية العاملة في الكويت، وأنه يحاول تعويضها عن تراجع إيراداتها التشغيلية محلياً بمنحها تسهيلات محفزة لبقائها، من قبيل تخفيف القيود الرقابية المقررة عليها، وعلى رأسها نسب السيولة مقارنة بالبنوك الكويتية، وعدم إلزامها برفع رؤوس أموالها فوق 15 مليون دينار، مقابل 75 مليون دينار حداً أدنى لرؤوس أموال المصارف المحلية.
وأضافت أن من التسهيلات أيضاً عدم إلزامها بنسب العمالة الوطنية المقررة في المصارف المحلية، والسماح لها بافتتاح أكثر من فرع بدلاً من الاعتماد على فرع واحد، والموافقة على افتتاح مكاتب تمثيل للبنوك الأجنبية، مشيرة إلى أن أن هذه الاستثناءات يبدو أنها لم تعوض هذه الأفرع عن ضعف إيراداتها المحققة تشغيلياً من السوق المحلي.
الخروج قد يستغرق بين عامين و4
لفتت المصادر إلى أن طلب «بي إن بي باريبا» الانسحاب من الكويت لا يعني تحقق خروجه قريباً من السوق المحلي، منوهة إلى أنه في حال توصله لاتفاق نهائي مع البنك المركزي، سيلغى دفترياً من السوق المحلي وفقاً لخطة زمنية يحددها البنك تضمن الحفاظ على جميع حقوق الأطراف ذات العلاقة سواء لجهة المودعين أو المقترضين وكذلك الموظفين.
ورجحت المصادر استمرار بقاء «بي إن بي باريبا» بالسوق المحلي بين عامين و4 سنوات، وهي الفترة التي يتعيّن عليه توفيق أوضاعه رقابياً، وفي مقدمة ذلك ضمان الإيفاء بجميع المطلوبات المسجلة عليه، سواء للعملاء أو الموظفين، أخذاً بالاعتبار أن البنك قد يتخلى عن خططه في هذا الاتجاه، وأن النقاشات المفتوحة منذ فترة قد تُغلق لاعتبارات يمكن أن تستجد لدى المجموعة الأم.
ووفقاً للمصادر، تشمل إجراءات إنهاء الفرع لعلاقته المصرفية محلياً تسديد الودائع لأصحابها، والذي سيكون على الأرجح بانتهاء آجالها، فضلاً على دفع الاستحقاقات المترتبة عليه لجميع الأطراف ذات العلاقة، وسداده جميع رواتب ومستحقات العاملين لديه، فيما سيسمح له بتكوين مراكز جديدة من الودائع خلال الفترة الأولى من تنفيذ قراره، على أن تكون متوسطة الأجل وتتماشى مع جدوله للانسحاب، وبما يساعده في استيفاء نسب السيولة الرقابية المقررة من «المركزي»، فيما سيسبق إنهاء أعمال الفرع تحصيله للقروض التي منحها لعملائه.
240 مليون دينار سندات وتورقاً بـ 4.25 في المئة
أعلن بنك الكويت المركزي بأنه خصص آخر إصدار لسندات وتوّرق بقيمة 240 مليون دينار لأجل 3 أشهر وبمعدل عائد 4.25 في المئة.