انتهت الانتخابات ونبارك لكل الفائزين وحظاً أوفر لكل من لم يحالفه النجاح، والمرحلة المقبلة قد تكون من أهم المراحل في تاريخ الكويت في ضوء ما مررنا به خلال السنوات الفائتة، وهي مرحلة حساسة تتطلب من الغالبية التعاون مع الحكومة ووضع مشاريع إصلاحية وتعاون بين السلطتين، وعنوان المرحلة المقبلة يجب أن يكون هو تهدئة النفوس... وجمع الكلمة.
خلال السنوات الماضية حُرِمت الكويت من الاستقرار لأسباب عدة، وأكثرها ضرراً على العمل البرلماني هو العمل الفردي والبحث عن التصريحات الشعبوية مثل إسقاط القروض وبعض المطالب الضيقة، والنتيجة جمود المشاريع وتعطل مصالح البلاد والعباد وغياب العمل الجماعي.
لعل من أهم أولويات الغالبية هو وضع خارطة الطريق للعمل المشترك بين النواب والحكومة، والاتفاق على مشاريع محددة وهي فرصة في ظل حكومة متعاونة، مثل تشكيل هيئة عُليا للانتخابات، وتعديل قانون الانتخاب المجحف حيث رقم العاشر بالدائرة الخامسة أعلى من الأول في الدائرة الأولى، وعندما سوّقت الحكومة في 2012 لهذا النظام قالت إنه سيحل الكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية، ولكن بعد كل هذه السنوات شاهدنا عكس ذلك على الحياة السياسية الكويتية، حيث جذر المشاكل الانتخابية أكثر، وتسبب بخلل كبير في مخرجات النواب وعمل المجلس، وعمل مجلس الأمة الأساسي هو للرقابة والتشريع، ولكن بسبب الصوت الواحد طغت الرقابة على التشريع.
خلال المرحلة الماضية كانت مرحلة شد وجذب بين مختلف الأطراف، وهي قد تكون مقبولة أثناء فترة الانتخابات، ولكن بعد هذه النتائج يجب أن تتوقف عقلية الصراخ غير المنطقية، وتقديم مصلحة وذات الوطن على المصلحة الشخصية الضيقة.
ومالم تتفق الغالبية على برنامج عمل متفق عليه فما هي إلا أشهر وستبدأ الأزمات ونجني النتائج السابقة نفسها، فأهل الكويت لا يستحقون أن يعيشوا في حالة قلق دائم على وطنهم وأبنائهم، على وطنهم مما آلت إليه الأمور والشلل في مختلف الجهات والمؤسسات، والتفكير بمستقبل أبنائهم والبحث عن عيشة كريمة لهم، مع أن الكويت تمتلك الإمكانات كافة للانطلاق مثل بقية دول الخليج.
الآن، مطلوب كذلك من الحكومة اختيار الوزراء بناء على الكفاءة، ومن الواضح أن الحكومة لديها رغبة جادة لتصحيح المسار والإصلاح، ومطلوب من الأعضاء الاستفادة من هذه النوايا ورد التحية بأحسن منها، لتبحر سفينة الوطن بعيدة عن أمواج الأزمات والمشاكل والتأزيم.
وللعلم مسألة الإصلاح الكل شريك ويجب أن يساهم فيها، الوزير الذي لا يتحرك بمسؤولية ويحارب الفساد في وزارته تقع عليه مسؤولية، والنائب الذي لا يحضر لجان مجلس الأمة أو بعضها، بلا أي إنجاز والتي تعتبر مطابخ صنع القرار عليه مسؤولية أكبر وأعظم لأنه ممثل الأمة، المواطن الذي ينتقد عمل الحكومة، وهو لا يعمل ولا يؤدي عمله بكل أمانة، ويعطّل مصالح الآخرين كذلك هو شريك في سوء الإدارة، وكذلك المعلم والتاجر والمهندس، وكل على حسب موقعه ومكانه.
وأتمنى أن يعود دور الكتل السياسية من جديد، ودورهم كان شبه غائب عن الحياة السياسية خلال الفترة الماضية، ويجب أن يكون لهم دور في تطوير التجربة الديموقراطية، حتى لو طُلب ذلك بمؤتمر وطني بمشاركة مجموعة من الخبراء الدستوريين أو الذين لديهم تجارب سياسية، وتكون مهمة هذا المؤتمر تقديم تصور تقييم التجربة الديموقراطية السابقة مع المتغيرات الجديدة وإشراك مجموعة من الشباب في هذا الحوار، والوقوف على مناطق الخلل وتقديم مقترحات للنواب والحكومة لحل هذه المشاكل.