الإصدارات الجديدة لن تشكل تداعيات سلبية أو إيجابية على الأصول القديمة
رفع سقف الدّين الأميركي يهدّد باستنزاف «وول ستريت» فهل تهتز فائدة الكويت من السندات؟
- «جي بي مورغان»: 1.1 تريليون دولار خفضاً متوقعاً بسيولة سوق الأسهم العالمية
مع اتفاق سقف الديون الذي وقّعه الرئيس جو بايدن السبت الماضي، فإن وزارة الخزانة الأميركية على وشك إطلاق موجة جديدة من السندات لإعادة ملء خزائنها بسرعة.
وتأتي خطوة إقرار رفع سقف الدين الأميركي في وقت تحذّر فيه «وول ستريت» من عدم جهوزية الأسواق لها بعد، وسيكون هذا استنزافاً آخر للسيولة المتضائلة، فيما يقدر بنك جي بي مورغان أن مقياساً واسعاً للسيولة سينخفض 1.1 تريليون دولار من نحو 25 تريليون دولار في بداية 2023 (العربية).
ويمكن أن يؤدي التأثير السلبي بسهولة إلى تقزيم الآثار اللاحقة للمواجهات السابقة حول سقف الديون.
وتحليلياً يبرز السؤال حول ما إذا كانت الكويت ستتأثر استثمارياً لجهة سندات الخزينة الأميركية التي تحوزها بنحو 40 مليار دولار، بسبب الإصدارات الجديدة التي ستصدر عقب اتفاق سقف الدين العام الأميركي والمرجح أن تكون بفائدة أعلى من مستويات الأسعار القديمة وسط ارتفاع فائدة الودائع؟
وإلى ذلك أفادت مصادر ذات صلة لـ»الراي» أن هذه الخطوة لن تشكل أي تغيير يذكر على السندات الأميركية المحازة كويتياً سواء بالسلب أو بالإيجاب، وأن ذلك يشمل جميع سندات الخزينة الأميركية والتي تتجاوز حالياً 7.5 تريليون دولار.
وبينت المصادر أن أصول الهيئة العامة للاستثمار التي تشمل هذه السندات مسعرة بالفعل في السوق، وأي إصدارات جديدة من السندات الأميركية لن يحمل تحولاً كبيراً في منحنى فائدتها، بخلاف أسواق الأسهم العالمية التي ستتأثر قيمها بفعل خروج الأموال من أسواقها إلى سوق السندات مع عودة المستثمرين جزئياً إلى زيادة استثماراتهم في السندات الأميركية بعد تبدد المخاوف من احتمالية عدم التوصل لاتفاق بخصوص سقف الدين الأميركي.
ولفتت المصادر إلى أن محركات التسعير في سوق السندات الأميركية تختلف عن الأسهم، كما أنها تخالف سوق الودائع التي كلما ارتفعت فائدتها انخفض العائد على السندات لضعف الإقبال عليها من المستثمرين الذين يفضلون العائد الأعلى.
ما يعني أن ما يؤثر على أسعار «وول ستريت» سلباً لن يحمل بالضرورة فوائد إضافية لسوق السندات الأميركية.
وحسب التقرير أدى برنامج الاحتياطي الفيديرالي للتشديد الكمي بالفعل إلى تآكل احتياطيات البنوك، بينما كان مديرو الأموال يكدسون النقد تحسباً للركود.
وقدّر المحلل الاستراتيجي في «جي بي مورغان» تشيس وشركاه نيكولاوس بانيجيرتزوغلو، أن تدفق سندات الخزانة سيضاعف تأثير التشديد الكمي «QT» على الأسهم والسندات، ما يقلل من أدائها المجمع بنسبة 5 في المئة تقريباً هذا العام.
ويقدم المحللون الاستراتيجيون لبنك سيتي غروب حسابات تفاضلية مماثلة، حيث يظهر انخفاض متوسط قدره 5.4 في المئة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على مدى شهرين يمكن أن يتبع تراجع السيولة بهذا الحجم، و37 نقطة أساس لفروق الائتمان ذات العائد المرتفع.
وستنطلق المبيعات، المقرر أن تبدأ يوم الاثنين في كل فئة من فئات الأصول وسط ادعاء بأن المعروض النقدي يتقلص بالفعل.
استنزاف للسيولة وقال بانيجيرتزوغلو: «هذا استنزاف كبير للسيولة. نادراً ما رأينا شيئاً كهذا.حدث فقط في الانهيارات الخطيرة مثل أزمة بنك ليمان».
وسيمثل هذا الحدث اتجاهاً قلما حدث، فجنباً إلى جنب مع تشديد بنك الاحتياطي الفيديرالي، سيدفع مقياس السيولة إلى الأسفل بمعدل سنوي يبلغ 6 في المئة، على عكس النمو السنوي لمعظم العقد الماضي، وفقاً لتقديرات «جيه بي مورغان».
وكانت الولايات المتحدة تعتمد على إجراءات استثنائية للمساعدة في تمويل نفسها في الأشهر الأخيرة حيث تشاجر القادة في واشنطن. الإجراء الذي تم التوسط فيه بين بايدن ورئيس مجلس النواب كيفين مكارثي يحد من الإنفاق الفيديرالي لمدة عامين ويعلق سقف الديون حتى انتخابات عام 2024.
ومع تجنب التخلف عن السداد بصعوبة، ستبدأ وزارة الخزانة فورة اقتراض قد تصل حسب بعض تقديرات وول ستريت إلى تريليون دولار بحلول نهاية الربع الثالث، بدءاً من مزادات أذون الخزانة عدة اليوم الاثنين والتي يبلغ مجموعها أكثر من 170 مليار دولار.
وليس سهلاً التنبؤ بما يحدث عندما تشق المليارات طريقها عبر النظام المالي. إذ ان هناك العديد من المشترين لأذون الخزانة قصيرة الأجل مثل: البنوك وصناديق أسواق المال ومجموعة واسعة من المشترين غير الماليين، وتشمل هذه الفئة الأسر وصناديق التقاعد وخزائن الشركات.
وقد لا تكون لدى البنوك شهية لأذون الخزانة في الوقت الحالي؛ ذلك لأنه من غير المحتمل أن تكون العائدات المعروضة قادرة على التنافس مع ما يمكنهم الحصول عليه من احتياطياتهم الخاصة.
ولكن، حتى لو تركت البنوك مزادات الخزانة، فإن التحول من الودائع إلى سندات الخزانة من قبل عملائها يمكن أن يؤدي إلى إحداث فوضى.
بدوره، قال رئيس استراتيجية الماكرو العالمية في «سيتي غروب»، ديرك ويلر:«أي تراجع في احتياطيات البنوك ينذر بكارثة».
أوعية النقد
ويرى التقرير أن السيناريو الأكثر اعتدالاً أن تغطي العروض من مشتريات الصناديق النقدية المشتركة أو ما تعرف بـ «money-market mutual funds» هذه الفجوة، حيث من المفترض أن مشترياتهم، من أوعية النقد الخاصة بهم، ستترك احتياطيات البنوك كما هي.
ولكن، من الناحية التاريخية، فإن المشترين الأكثر بروزاً لسندات الخزانة، تراجعوا أخيراً لصالح عوائد أفضل معروضة من تسهيلات اتفاقيات إعادة الشراء العكسي لبنك الاحتياطي الفيديرالي.
وهذا يترك الجميع: غير البنوك – متسوقون في مزادات الخزانة الأسبوعية، ولكن ليس دون تكلفة إضافية على البنوك. فمن المتوقع أن يقوم هؤلاء المشترون بتحرير الأموال لمشترياتهم عن طريق تصفية الودائع المصرفية، ما يؤدي إلى تفاقم هروب رأس المال والذي أدى إلى انهيار المقرضين الإقليميين وزعزعة استقرار النظام المالي هذا العام، وفقاً لما ذكرته «بلومبرغ»، واطلعت عليه «العربية.نت».
وكان اعتماد الحكومة المتزايد على ما يسمى بالمزايدين غير المباشرين واضحاً لبعض الوقت، وفقاً لمحلل الدخل الثابت في «ساكسو بنك» ألثيا سبينوزي، التي قالت: «بالأسابيع القليلة الماضية، شهدنا مستوى قياسياً من مقدمي العطاءات غير المباشرة خلال مزادات الخزانة الأميركية».«من المحتمل أنهم سيستوعبون جزءاً كبيراً من الإصدارات القادمة أيضاً».
هزة ارتدادية في الوقت الحالي، أدى ارتياح الولايات المتحدة في شأن تجنب التخلف عن السداد إلى صرف الانتباه عن أي هزة ارتدادية وشيكة للسيولة. في الوقت نفسه، أدت إثارة المستثمرين في شأن آفاق الذكاء الاصطناعي إلى وضع مؤشر S&P 500 على أعتاب سوق صاعدة بعد 3 أسابيع من المكاسب. وفي الوقت نفسه، كانت السيولة للأسهم الفردية تتحسن، مخالفة الاتجاه الأوسع.
لكن هذا لم يهدئ المخاوف في شأن ما يحدث عادة عندما يكون هناك انخفاض ملحوظ في احتياطيات البنوك: تنخفض الأسهم ويتسع هوامش الائتمان، مع تحمل الأصول الأكثر خطورة وطأة الخسائر.
وقال ويلر من «سيتي غروب»: «هذا ليس الوقت المناسب لمؤشر S&P 500».
ويرى رئيس استراتيجية الأصول المتعددة في«Berenberg» أولريتش أوربان: «نعتقد أنه سيكون هناك انخفاض طاحن في الأسهم بسبب استنزاف السيولة». «لدينا مؤشرات داخلية سيئة في السوق، ومؤشرات قيادية سلبية وانخفاض في السيولة، وكل ذلك لا يدعم أسواق الأسهم».