No Script

الرأي اليوم

هَلْ ستُشارك... مَنْ سَتَنْتَخِب؟

تصغير
تكبير

... ونحن على أبواب الانتخابات، كلام مباشر وصريح للإخوة الناخبين مُنطلقاته مُختلفة عن بعض الحملات المُوجّهة بهدف تلميع أداء حكومي أو مواقف نيابيّة. كلام يتجاوز «الاستعراض الإعلاني» الحاصل إلى لُبّ المُشكلة السياسيّة في الكويت التي لن تحلّ إلا بأصواتكم.

اعلم يا أخي الناخب، أنك إذا رفضت المُشاركة في التصويت فإنك تتخلّى عمليّاً عن دورك في المُشاركة السياسيّة وبالتالي القرار، وقد يكون ذلك مطلباً حكوميّاً خفيّاً أو هدفاً لمجموعة في إحدى السلطات لتحييدك وتهميش حقّك.

لا تتخلّى عن دورك مهما كانت الأسباب والمُبرّرات، ولا تتنازل عن مُشاركتك بِحُجَجٍ مُختلفة أهمها اليأس من تصحيح الانحراف الخطير في المشهد السياسي وغياب رجال الدولة وانعدام أفق التغيير والإصلاح. هذه العناصر هي التي يجب أن تدفعك دفعاً إلى الذهاب إلى مقر الاقتراع والتصويت لأنّ الصوت أمانتك ومسؤوليتك مِنْ جِهة ولأنّ تراجعك يعني أنّ غيرك سيُقرّر عنك.

عدم مُشاركتك في التصويت يعني مُوافقتك الضمنية على ما حدث ويحدث ولا يعني اليأس من التغيير، والفراغ الذي ستتركه سيملؤه سواك، وتحديداً الأطراف الحكومية والنيابيّة التي كانت مصدر شكواك. وبالتالي يصبح استسلاماً اعتبارك لتردّي المشهد السياسي نوعاً من الحقيقة المُستمرّة... وهذا غير صحيح. الديموقراطية تُطوّر نفسها بالخيارات الحُرّة والإصرار ونحمد الله أنّنا في الكويت حيث لا عسكرة للحياة السياسية ولا زوّار فجر ولا فرض قرار أو رأي بقوة الأمن، بل نحن في موطن يجمع بين القانون والحريات والتوافق والاختيار مدخلاً لتجديد المقاعد في السلطتين.

ستقول إنّ الحكومات منذ عقودٍ تعتمد نفس وسائل العمل والمناورات وآلية التعامل مع مجلس الأمة. ستقول إن الخلاف بين الحكومة والمجلس مُصيبة لأنه يُعطّل التنمية وبالتالي تتجمّد كلّ المشاريع، وستقول إن الاتفاق بين الحكومة وبعض النواب مُصيبة أيضاً لأنّه يُكرّس نزعات المُحاصصة والصفقات والواسطة والفساد الإداري... وهذا الأمر أيضاً مَدعاة للمشاركة لأن الاستنكاف سيُكرّس وضع «ما بين المُصيبتين».

أخي الناخب، تعرف تماماً أن تراجع العمل الحكومي لا يعود فحسب إلى غياب الرؤية الخلّاقة وضعف التخطيط وسوء التنفيذ، بل إلى غياب رجال الدولة عن مجالس الأمة وغياب القامات التشريعيّة الوطنيّة ما أدّى إلى تقلّص دور هذه السلطة المُمَثّلة للأمّة وبالتالي جعل الأداء الحكومي من سيئ إلى أسوأ... ولا يفوتك أن سوء الأداء الحكومي ينعكس سلباً على كل القطاعات العامة بأنواعها ويُؤدّي إلى تردّي الخدمات في كلّ المرافق، ولذلك فإنّ مُشاركتك تخدم في الوقت نفسه هدف تقويم عمل الحكومة ووقف تردّي أدائها.

وإذا اتفقنا على المدخل، أي ضرورة المشاركة، ننتقل إلى نوعيّة هذه المُشاركة، فأنت يا أخي الناخب لا تضع فقط ورقة فيها اسم مُرشّحك للمجلس الجديد، بل ترسم هوية مُستقبل لأولادك من خلال حسن الاختيار الفعلي. هل ستضع ورقة فيها اسم من خَدمك بوظيفة لقريب لك أم اسم من تعهّد في برنامجه الانتخابي بتغيير وتحديث القوانين التي تفتح سوق العمل للخرّيجين من دون واسطات أو طلبات استرحام.

هل ستنتخب من وقف مع ابن جارك لأنه يريد أن ينجح في المدرسة أو الجامعة من دون جهد أو كفاءة فهدّد وزير التربية بالاستجواب؟ أم مَنْ سيُكرّس غالبية وقته تحت قبة عبد الله السالم لتطوير المناهج التعليمية لتصبح بمستوى مُتقدّم ينقل الطلاب إلى مرحلة عليا في التفكير والتحليل والحفظ والتألّق والإبداع؟ هل ستنتخب من ضَغَطَ على وزير لترقية شخص أو تعيين مدير أو وكيل؟ أم مَنْ سيضع خُطّة إصلاح إداري شاملة تبدأ من هرميّة العمل وتنتهي بالتطوير الآلي لكل شيء؟ هل ستنتخب مَنْ يُشرّع ويقترح قوانين مُفيدة للبلاد والعباد أم مَنْ لا يعرف مِنَ الرقابة سوى أنها تسيير معاملات «اللا مانع»؟ هل ستنتخب شخصاً لأنه من مذهبك وقبيلتك ومنطقتك؟ أم ستذكر مَنْ نسي من النواب أنه مُمَثّل للأمة جمعاء وليس لجزء من الدائرة وجزء من الشعب؟ هل ترضى بأن تبقى معايير الخطاب الانتخابي لدى البعض قائمة على التجييش المذهبي أو القبلي أو المناطقي؟ إِنْ رضيت فأنت ستترحّم بعد سنوات على ظواهر الانقسام هذه لأنها ستدخل مراحل التفتيت... وحينها لا تلومَنّ إلا نفسك ولا «تتحلطم» لأن غيرك قرّر عنك.

أخي الناخب، لست أنا في موضع إعطاء الدروس ولست أنت في موضع المُتلقّي. الكويتيون أصحاب خبرة طويلة في التجربة والتحليل واستنباط النتائج، ومع ذلك فإن التخلّي عن المسؤوليّة الفرديّة يضرب ركائز المسؤولية المُجتمعيّة حتى ولو كان السير في دروب الإصلاح شائكاً. صوّت لبلدك ومُستقبلها. صوّت لمجلس يُمثّل الأمة ويقود خطاها في التشريع والرقابة. صوّت لتقويم عمل الحكومات وإخراجها من دوائر الجمود والعجز والتراجع إلى رحاب التنمية والإنجاز. صوتك سلاحُك قدّمه في خدمة الكويت... فمن دون هذا السلاح سنتجرّد لا مِنْ صوتنا فحسب بل مِنْ دورنا وحقّنا في الشراكة السياسيّة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي