No Script

جودة الحياة

ذوو الاحتياجات الخاصة وتأهيل الأسرة

تصغير
تكبير

لست في حاجة لإبداء مشاعر الشفقة كلما صادفت في طريقي أحد ذوي الاحتياجات الخاصة أو الهمم حسب التعريف الشائع لهذه الشريحة في الأوساط الاجتماعية، بالنسبة لي تتجاوز المسألة الشفقة وإظهار المواساة والعطف أو إلى خاصية التعاون والنظرة الإيجابية لهذه الفئة التي يعلم الله وحده معاناتهم من قلة الحيلة وضيق أفق الحياة الناتج عن الإعاقة، واذا أخذنا بعين الاعتبار الأثر السلبي للإعاقة حركية كانت أو عقلية، يصبح الاهتمام بهذه الفئة فرض عين على المستويات كافة.

ذوو الاحتياجات الخاصة موجودون بالطبع في أرجاء المعمورة كافة، غير أن طريقة تعاطي المجتمعات مع مشكلاتهم هي المحك، فثمة مجتمعات تقدم كل أشكال الدعم، الاهتمام والرعاية لهذه الفئة عبر منظومة قوانين وتشريعات خاصة لضمان حقهم في العيش الكريم وإدماجهم في المجتمع، في المقابل وفي أماكن أخرى من العالم لا سيما بعض الدول التي فيها مشاكل ونزاعات يعيش ذوو الاحتياجات الخاصة في ظل أوضاع مضطربة، بائسة، لا توافر أدنى درجات الرعاية الصحية والاجتماعية، بل يُعتبرون عالة على أسرهم والمجتمع، ولا يخفى أن النظرة السلبية لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة لا تقتصر على مجتمعات دون أخرى.

ومقالتي هنا أخص بها «الأسرة» باعتبارها اللبنة الأساسية في التنشئة ودورها الكبير في صناعة الأجيال، فثمة اُسر وللأسف الشديد لا تهتم برعاية أبنائها من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة وتعدهم عبئاً على حياة أفراد الأسرة، ويرجع ذلك لعدم تقبل الوالدين إعاقة الطفل منذ ولادته وبعضهم قد يصل إلى رفض حقيقة الإعاقة، واخفاء الطفل عن المجتمع المحيط به خوفاً من الانتقادات وخجلاً من معرفة الآخرين واكتشاف حقيقة وجوده ضمن كيان الأسرة اعتقاداً منهم بأن ذلك قد يؤثر على مستقبل بقية الأبناء وخاصة في موضوع زواجهم، فيسعون إلى علاج أبنائهم بسرية تامة، ويصرون أن تتم عملية علاجهم داخل المنزل حتى لا ترصدهم الأعين حتى وإن كان ذلك يؤثر سلباً على تنشئة الطفل واحساسه بالعزلة وعدم الانتماء لمحيطه وبأنه غير مرغوب بين الأخرين.

وهنا يتضح جلياً دور الوالدين المهم في التنشئة الصحيحة لهم، إن معرفة الوالدين مواطن القوة لدى ذوي الاحتياجات الخاصة والعمل على صقلها وتشجيعها حتماً سيكون له الأثر الكبير في اظهار مواهبهم وتنميتها في جوانب مختلفة، ولا ينبغي التقليل بأي حال من احتمالية تمتع الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة بمواهب وعقليات جبارة، والنماذج على مواهب ذوي الاعاقة الذين استطاعوا تسخيرها لخدمة البشرية أكثر من أن تحصى بمقال.

فمنهم المبتكرون والمبدعون والعباقرة الذين تجاوزوا حدود الإعاقة وأثبتوا أنها لا تحد من مقدراتهم وملكاتهم ولن تحول دون تفجير طاقاتهم الإبداعية والاستمتاع بما وهبهم الله من مقدرات.

إن تأهيل وتثقيف وارشاد الأسرة وتقديم العون لها أمر في غاية الأهمية لتمكينها من القدرة على التعامل السليم مع أبنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة ومواجهة المواقف المحرجة ونظرات الآخرين للأبناء، كذلك العمل على زيادة وعي المجتمع بتلك الفئة للتعامل اللائق معهم وبهم بعيداً عن نظرات الاستغراب والفضول والاستعطاف والتقليل منهم، وادماج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع ومساعدتهم على الانخراط فيه والتفاعل معه بالشكل الذي يجعلهم متكافئين مع الآخرين مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويشعرهم بأهمية دورهم في المجتمع والحياة بشكل عام، فذوو الاحتياجات الخاصة لهم الحق في الرعاية والتأهيل والتوظيف والتعامل على قدم المساواة مع الأصحاء من أقرانهم بما يعني ضمنياً إدماجهم في المجتمع.

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

Email: talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي